2656 - قوله
: ( كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة ، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع ، وكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها ،فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ، فجاءت زينب فمد يده إليها ، فقالت : هذه زينب فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده فتقاولتا حتى استخبتا ، فمر أبو بكر على ذلك فسمع أصواتهما فقال اخرج يا رسول الله إلى الصلاة واحث في أفواههن التراب )
/
وأما مد يده إلى زينب وقول عائشة : ( هذه زينب ) فقيل : إنه لم يكن عمدا بل ظنها عائشة صاحبة النوبة لأنه كان في الليل وليس في البيوت مصابيح .
وقيل : كان مثل هذا برضاهن .
وأما قوله : ( حتى استخبتا ) فهو بخاء معجمة ، ثم باء موحدة مفتوحتين ، ثم تاء مثناة فوق . من السخب وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها ، ويقال أيضا : صخب بالصاد هكذا هو في معظم الأصول ، وكذا نقله القاضي عن رواية الجمهور . وفي بعض النسخ ( استخبثتا ) بثاء مثلثة ، أي قالتا الكلام الرديء ، وفي بعضها ( استحيتا ) من الاستيحاء . ونقل القاضي عن رواية بعضهم ( استحثتا ) بمثلثة ثم مثناة ، قال : ومعناه إن لم يكن تصحيفا أن كل واحدة حثت في وجه الأخرى التراب .
/
وفي هذا الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق وملاطفة الجميع .
وقد يحتج الحنفية بقوله : ( مد يده ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ) ولا حجة فيه فإنه لم يذكر أنه لمس بلا حائل ، ولا يحصل مقصودهم حتى يثبت أنه لمس بشرتها بلا حائل ، ثم صلى ولم يتوضأ وليس في الحديث شيء من هذا .
وأما قوله : ( احث في أفواههن التراب ) فمبالغة في زجرهن وقطع خصامهن . وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وشفقته ونظره في المصالح ، وفيه إشارة المفضول على صاحبه الفاضل بمصلحته والله أعلم .