استاذن استاذي الكريم الطالب 313 بالمشاركة بهذا التعقيب المتواضع .
» رحاب عاشوراء
الحسين في الفكر الانساني
عبدالله العلايلي.. الحسينُ وسموّ المعنى
العالم المعروف الشيخ عبدالله العلايلي (مواليد بيروت 1914)
من الرعيل الكبير الذي صرف جهده العلمي نحو الدراسات الموضوعية والنقدية، فُعرف باحثاً من الطراز الأول، وكتب في جملةٍ من الموضوعات التاريخية والدينية واللغوية، وكان في ذلك كلّه علاّمة وصاحب رأي سديد. وقد كتب في الإمام الحسين بن علي كتابين، أحدهما بعنوان ‘’سمو المعنى في سمو الذات أو أشعة من حياة الحسين’’ (1939)، والآخر بعنوان ‘’تاريخ الحسين’’ (1940).
يتوقف العلايلي أمام عظمة الإمام الحسين من خلال تتبّعه لخطاباته ونصوصه البليغة التي ألقاها في مختلف المواقف وأثناء مضيّه إلى كربلاء. يستلهم من هذه النصوص ملامح من عظمة هذه الشخصية الكبيرة، ومنها عظمة المبدأ التي يلتمسّها العلايلي في وصية الإمام لأخيه محمد بن الحنفية، حيث يقول ‘’إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين.’’ وفي تصريحه الخطير في بيت الإمارة وفي حظيرة الحكم ورواق السلطة الذي ‘’أعلن فيه رأيه من دون مبالاة ولا وجل ولا خوف، وردّ على الوليد وملء قوله جأش رابط وشجاعة نادرة واعتداد بالمبدأ واستحكام في العقيدة’’. كما يتطلع العلايلي إلى عظمة الإباء التي تجلى فيها الإمام كلّ التجلي عندما لم ينحنِ لكبرياء الظالم، فقال ‘’لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد، يا عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب’’. أما البطولة فهي صورة الحسين التي ينبهر بها العلايلي في الإمام وهو يقول ‘’قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم’’. ويقول ‘’اشتدّ غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتد غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر من دونه، واشتد غضبه على قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم، أما والله لا أجيبهم إلى شيء مما يريدون حتى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي’’.
يقول العلايلي إن الإمام ضرب لنا ‘’مثالاً في كيف نخدم قضايانا المقدسة، وهذا الجانب يدخل في أمس حاجاتنا، فنحن في مرحلتنا الجهادية التي نشمّر فيها عن ساق، حريّ بنا أن نعرف أولاً كيف تُخدم القضايا العامة. وهذا الدرس لن نعرفه على وجهه إلا عند الحسين، فإن جميع من يعرفنا التاريخ بهم مناشئ الرجالات في شتى الأمم، لا نجد بينهم من يجيء مع الحسين قريناً .
ولن نجد في التاريخ له مثلاً ولا نظيراً، وإنما نجد إنساناً يندفع على الموت كما يندفع الطفل على الحياة بكل جوارحه واستعداداته، فهي تجتمع عند الطفل لكي تحيا، وتجتمع عند البطل لكي تموت، وفي حيوانية حياة الطفل سر الموت، وفي موت البطل سرّ الحياة..
إنه أعطانا شكلاً للزعيم المكافح الذي إذا خاضَ معركة الحق والباطل فإنه لا يعود إلا بأن ينتصر به الحق أو بأن ينتظر، وانتصار الحق مما ليس منه بد، وإن كان للباطل صولة، وللمبطل دولة، ولكن إلى حين.’’