لاشيء على الإنسان المؤمن أشد من الحط من قيمة مقدساته ولا شيء أقسى على المؤمن من الإنتقاص من كتابه المقدس القرآن الكريم وبحق أن المسلم الذي يتألم لهذه الأفعال الإجرامية فهو عمل بأضعف الإيمان...وإن كان المؤمن القوي أفضل من المؤمن الضعيف وأن أضعف الإيمان لم يعد يجدي وذلك لتكالب الغرب والدول الماسونية على الإسلام ومقدساته من خلال حراك إعلامي مبرمج للنيل من هذا الدين ونبيه وكتابه المقدس القرآن الكريم...!
وعند دخولي لأحد المواقع "المعروفة" وجدت مقالاً للأحدهم بعنوان(من الذي يسيء إلى المسلمين ومقدساتهم ..الغرب أم المسلمون.؟)
وبالرغم من أني توقعت ما في المقال...وكأني قرأت المقال من خلال العنوان..إلا أني آثرت كسر الشك باليقين وأن أحسن الظن بكاتب المقال..وفعلا كان توقعي في محله وهو ..أن الكاتب يحاول تبرير الاعتداء على القرآن الكريم ومقدسات المسلمين بسرده حوادث قام بها فلان وأفعال قامت بها جهات تدعي الإنتماء للإسلام والحقيقة انها صنيعة الغرب"وإنتاج الماسونية العالمية" ...! وسرد في مقاله الطويل أشياء يقف القارئ متحيراً أمامها وهل فعلا أن هناك أناس يفكرون بهذه الطريقة..! وعلى أي أساس برر كاتب هذا المقال ( لإرهابي الأمريكي تيري جونز ) الذي أحرق القرآن..؟! والمفاجأة أن الكاتب اخترع "عذراً" غريباً لهذا "القس هذا إن كان هذا الشخص فعلاً قسيس " حيث طرح نظرية مضحكة وهي أن "الإرهابي تيري جونز" لم يحرق القرآن إنما حرق "كتب تشبه كتب المسلمين" ...!
والظاهر أن الكاتب صاحب التخمينات البائسة لم يشاهد أن القس كان فعلا قد حرق القرآن الكريم ونقل الحدث مباشرة على الأنترنت..!
وأن هذا الإرهابي قام بالعمل عن سابق إصرار وتعمد للإنتهاك مقدسات المسلمين، وهذا ما يقوم به الكثير في أمريكا بسبب الحملات الإعلامية المتوالية حول مؤامرات الإرهابيين ومحاولاتهم لترهيب"الدولة الماسونية"..! وبما أن المجتمعات الغربية مرت بعملية غسيل الدماغ المنظم من الإعلام ترى الإنتهاكات للمسلمين في أمريكا بل وأوربا على قدم وساق، و إصرارهم على الإنتقاص من مكانة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن الكريم.
ولكن الكاتب طرح نقطة أجد نفسي أتفق معه فيها وهي أن المسلمين هذه المرة لم يصدر منهم رد فعل إتجاه ما قام به "تيري جونز"..لماذا؟!!!
والجواب على ذلك فيه عدت وجوه منها.. الشعوب الإسلامية أو الدول الإسلامية على كثرتهم إلا أنهم كالغثاء لانفع في وجودهم ووجودهم كعدمه..!
وأيضاً منها ما هو حاصل في العالم الإسلامي والعربي خاصة يمر بمرحلة تغيير أنستهم فيها ما يحدث حولهم من إنتهاكات....ومنها الخدر الذي اصاب الأمة بسبب التشرذم والنزاعات الطائفية التي يغذيها مشروع كبير تديره أياد خفية تعمل على إنهاء هذا الدين وتفكيكه للأبد..!
ومن وجهة نظري أن هذا "القس" ما قام بالفعل من تلقاء نفسه ولم يتجرأ على مقدسات المسلمين إلا لهدف مرسوم وأن فعله المتكرر هذا ليس اعتباطياً بل هو تأسيس لمرحلة قادمة خصوصاً وأن هذا القس يعيش في دولة تدعي أنها لاتسمح بالإعتداء على الأديان وأنها تحترم كل الديانات وأن فيها من الحرية ما يكفي لتمارس الديانات طقوسها وحفظ كرامة معتنقيها وكرامة مقداستهم..الدولة الإرهابية الماسونية او "الولايات المتحدة" لم تتخذ أي إجراء بحق هذا الشخص على الأقل لتري المسلمين أنها فعلا جادة في الوقوف بوجه "المتطرفين" ...!
لكن الأنكى هو موقف تلك الدول الأسلامية التي لم تتجرأ على اتخاذ إجراء بسيط حتى ولو برفع مذكرة إحتجاج لسفارة الدولة الإرهابية الماسونية
والاعتراض على هذا الفعل بأضعف الطرق وهو "القول باللسان" لكن حتى هذه عجزت عنها تلك الدول..وفضلوا السكوت ..!
ولم أجد أحد من الذين يتحرقون على الشخص الفلاني ولا الذين مستقتلين بالدفاع عن الجهة الفلانية بكتابة جملة ولو على سبيل الإستنكار
يستذكر بها هذا الفعل الإجرامي..ولو أن الأمر تعلق بشخصية معينة أو دولة كارتونية معينة لكتبت المواضيع وقامت الأقلام ونشرت الأعلام في الدفاع عن تلك الشخصية أو تلك الدولة..!
بل أننا رأينا كيف أن البعض ينصب نفسه محامياً عن مرجع أو شخصية سياسية أو أحد ما لمجرد أن شخصاً ما إنتقده إلا أن الأمر عندما يأتي
للقرآن الكريم ومقدساتنا تخرس الألسن وتتكسر الأقلام وتشل الأصابع وتعطب الذاكرة وتعمى الأبصار ...!!!! حتى لاينتقدنا أحد ويقول عنا أننا قد ساهمنا بفتح أبواب الصراع الديني والذي ربما يؤدي إلى ردود أفعال غير محمودة...!
ومن المؤسف أن يصل تفكير المسلمين بمقدساتهم لهذا الحد ومن المخزي أن يقوم شخص في دولة لها علاقات مع الدول الإسلامية ونرى من يمجدها ليل نهار ويحاول ان يجد الأعذار لها بححة عدم إعطاء أهمية والحل الأمثل هو تجاهل هذه الأفعال ...!! وقد تناسى المسلمين أن من الواجب عليهم الدفاع عن مقدساتهم على الأقل ((بالسان)) ولا أعتقد أن أحد عقد ألسنتهم عن الجهر بالإستنكار ولم يقم أحد بربط أرجلهم للخروج بمظاهرات إستنكار تشجب هذه الأفعال والضغط على الحكومات المتأسلمة باتخاذ موقف يشكل ضغط على الدولة الإرهابية الماسونية "الولايات المتحدة" وحتى يصحوا النائمين من غفلتهم وتنهض الكثرة التي هي كالغثاء سيجدون من يقف في شوارع مدنهم من يحرق القرآن ويشتم النبي (صلى الله عليه وآله) في العلن..لكن الحقيقة المرة هي أن المسلمين فعلا رموا بهذا الكتاب وراء ظهورهم ...فهذه مقدساتهم تحتقر وتشتم وتحرق ويعتدى عليها ..وهم سامدون.........!
ولم أجد في العراق خصوصاً من قام بالخروج ولو بمظاهرة بسيطة سوى التيار الصدري الذي خرج بمظاهرات خجولة بعد صلاة الجمعة في جميع مناطق العراق إستنكاراً لهذا الفعل الإجرامي ولم أرى أحداً من "الحمقى" الذي صوبوا سهامهم للناس وطعنوهم بعدم خروجهم بالتظاهر ضد تواجد الحكومات العربية في بغداد ..فأين هؤلاء "المتحذلقين أرباب النفاق والتقلبات في الآراء والأهواء"..! لم لا أرى لهم ذكراً ولا أحس لهم ركزا...؟!! وقد صدق الصادق الأمين محمد بن عبد الله النبي الأمي (صلوات الله وسلامه عليه وآله وسلم) في قوله
(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت) فياويل هذه الأمة الخامدة مما ينتظرها من محن ستحل بها وكل ذلك لتخليهم عن دينهم وتفريطهم في العمل بأبسط مبادئ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان). والظاهر أن المسلمين رضوا بأضعف الإيمان ....! وكم كنت أتمنى أن يقف أولئك المتحمسون والأحزاب والحكومات والطوائف بسنتهم وشيعتهم بموقف موحد وشعار موحد دفاعاً عن مقدساتهم وينبذوا خلافاتهم لساعة....لربما تكون سبب بنزول بركات السماء عليهم إلا أنهم دفنوا رؤوسهم في التراب فذلك أسلم لهم ولدولهم وطاعة لسادتهم وأن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه....!