قوله : ( إن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم ثوب حرير ، فأعطاه عليا ، فقال : شققه خمرا بين الفواطم ) أما الخمر فسبق أنه بضم الميم جمع خمار ، وأما الفواطم فقال الهروي والأزهري والجمهور : إنهن ثلاث : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفاطمة بنت أسد ، وهي أم علي بن أبي طالب ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي ، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب . وذكر الحافظان عبد الغني بن سعيد ، وابن عبد البر بإسنادهما أن عليا رضي الله عنه قسمه بين الفواطم الأربع ، فذكر هؤلاء الثلاث . قال القاضي عياض : يشبه أن تكون الرابعة فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عقيل بن أبي طالب [ ص: 243 ] لاختصاصها بعلي رضي الله عنه بالمصاهرة ، وقربها إليه بالمناسبة ، وهي من المبايعات ، شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا ، ولها قصة مشهورة في الغنائم تدل على ورعها . والله أعلم .
قال القاضي : هذه المذكورات
فاطمة بنت أسد أم علي كانت منهن ، وهو مصحح لهجرتها كما قاله غير واحد ، خلافا لمن زعم أنها ماتت قبل الهجرة . وفي هذا الحديث جواز قبول هدية الكافر ، وقد سبق الجمع بين الأحاديث المختلفة في هذا وفيه جواز هدية الحرير إلى الرجال وقبولهم إياه ، وجواز لباس النساء له .
لماذا لم تكن عائشة مع الفواطم اللواتي اختصهن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم بتقسيم ثوب الحرير بينهن في الهجرة و هي التي تدعي نزول حريرة بصورتها في المنام ؟
و لماذا هاجرت بصحبة طلحة و لم تهاجر مع الفواطم ؟!
الواقدي قال : حدثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خلفنا وخلف بناته ، فلما قدم المدينة ، بعث إلينا زيد بن حارثة وأبا رافع ، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها من أبي بكر ، يشتريان بها ما نحتاج إليه من الظهر . وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي ببعيرين أو ثلاثة ، وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وأنا وأختي أسماء ، فخرجوا ، فلما انتهوا إلى قديد ، اشترى زيد بتلك الدراهم ثلاثة أبعرة . ثم دخلوا مكة ،وصادفوا طلحة يريد الهجرة بآل أبي بكر، فخرجنا جميعا ، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة ، فاصطحبنا جميعا ، حتى إذا كنا بالبيض نفر بعيري وقدامي محفة فيها [ ص: 153 ] أمي ، فجعلت أمي تقول : وابنتاه ! واعروساه ! حتى أدرك بعيرنا ، فقدمنا ، والمسجد يبنى وذكر الحديث .