قاب قوسين أو أدنى لنجاح عملية سحب الثقة من حكومة السيد المالكي لولا تدخل السيد عمار الحكيم ورئيس الجمهورية الطالباني في منع ذلك المشروع الذي وصفته الوسائل الإعلامية آنفا بالفشل والمؤامرة.
مشروع سحب الثقة لم يفشل بسبب عدم اكتمال التواقيع والانسحاب الأخير لبعضها، بل إجهاض المشروع بدأ منذ امتناع السيد عمار الحكيم حضور اجتماع اربيل الخماسي، وهو ما افقد المجتمعين
فرصة تاريخية في التقاء عمامتين شيعية تكفي لسحب ثقة التحالف الشيعي من مرشحه.
الطالباني وقف بدوره خارج تغريد شركائه في كردستان، ولم يكن حضوره لاجتماع اربيل الا تكتيكا سياسيا لامتصاص نقمة البارزاني الذي مازال مصمما على إقالة أو إضعاف حكومة المالكي.
السؤال عن الموقف الايجابي للحكيم والطالباني تجاه العملية السياسية رغم عدم اقتناع الأول والثاني بإدارة المالكي لحكومته وما سببه من أزمات سياسية كان من الممكن منع حدوثها بسلوك الحكمة ودبلوماسية الحوار الوطني.
المالكي كان (وسيبقى) يمثل الضد النوعي لمرشح المجلس الأعلى السيد عادل عبد المهدي، والذي كاد أن يصل لرئاسة الحكومة لولا تحالف الصدريين وحزب الدعوة قُبيل تشكيل الحكومة عام 2010 من اجل الإطاحة بترشيح عبد المهدي وتولي المالكي سدة الحكم.
ناهيك عن المقاطعة السياسية لأكثر من سنتين وجمود العلاقة (التاريخية) بين الدعوة والمجلس والتي وصلت إلى أن يصف المالكي المجلس الأعلى بأنه (منظمة مدنية) لن يصمد في العمل السياسي تحت قيادته الشابة أكثر من شهور.
كذلك الحال مع السيد الطالباني الذي شُنت عليه هجمات إعلامية شرسة من لدن ائتلاف المالكي، كان أخيرها محاولة إصدار مذكرة اعتقال بحق الطالباني تحت ذريعة إيوائه مجرما هاربا عن العدالة وهو نائبه الثاني طارق الهاشمي.
عمامة الحكيم وموقف الطالباني الدستوري يستحقان الشكر والتقدير الوطني لموقفهما الذي جاء بخلاف أجندتهم السياسية الخاصة، حيث كان من الممكن أن يغتنم المجلس الأعلى فرصته في إبراز مرشحه كبديل للمالكي كما أشار عليه الصدريون والقائمة العراقية.. أيضا ليس من المستبعد قانونيا أن يصطف الطالباني مع أبناء جلدته ويخضع لرغبة اربيل في الإقالة وتحقيق مكاسب سياسية يحلم بها الكرد لعقود طويلة.
إلا إن ذلك لم يحصل نتيجة إصرار الحكيم و الطالباني على ضرورة الحفاظ على مكاسب العملية السياسية وعدم الرجوع إلى المربع الأول من صراع البدلاء السياسيين على حساب المواطن وآماله التي مازالت معلقة على صندوق الانتخابات.
لن يستفيد الحكيم شيئا من المالكي، حيث سيبقى مرشح المجلس الأعلى في الانتخابات المقبلة خصما لدودا للمالكي وطموحه لولاية ثالثة. كما أن المالكي لن يغير من حساباته في تصفية خصومه وإضعافهم سياسيا وإعلاميا، وما يجري اليوم من لقاءات وتبادل للآراء والمشورة بين الطرفين، ما هو إلا زواجا منقطعا لن يدوم أمام عقد دائم لشهوة السلطة وتداعيات الحكم.