: أنتم معشر الشيعة ***** ، وال***** في الدنيا يشملهم العار ، وفي الاخرة مقرهم النار وبئس القرار.
أجاب الشيعي بكل هدوء وسكون :
عافاك الله يا أخي أليس من العدل والانصاف أن لا يحكم العاقل على غيره بدون دليل ولا برهان ، فما دليلك على أننا ***** ؟ وعلى تقدير صحة ما تقول ، ما هو برهانك على أن علينا في الدنيا العار ، ومصيرنا في الاخرة إلى النار وبئس القرار ؟
قال السني :
أما كونكم معشرَ الشيعة ***** لانكم ترفضون خلافة خلفاء رسول الله الراشدين ، وهذا أمر لا يمكن لكل شيعي إنكاره ، وهذا من أكبر العار عليكم.
وأما كونكم مقركم النار وبئس القرار ، لانه قد قام الاجماع على أن كلّ من امتنع عن الاقرار بخلفاء رسول الله الراشدين ، فهو بمثابة الخروج من الدين ، وهذا أيضا لا يتمكن كل شيعي من إنكاره.
فقال الشيعي :
عافاك الله يا أخي ، ها أنا شيعي وأنا أتبرؤ من كلّ من رفض خلفاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، وأنا أشهد على كل شيعي قد فهم حقيقة التشيع أنه أيضا يتبرء مثلي من كل من رفض خلفاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، فدعواك هذه على الشيعة ظلم وافتراء ، وعار على أمثالك من أهل العلم والفضل أن يتصفوا بهذه الصفات الذميمة التي قد يتحاشاها أبسط الجهال والعوام ، وحينئذ لا يبقى لحكمك يا أخي على الشيعة بالنار وبئس القرار أدنى قيمة أو اعتبار.
فأين دليلك وبرهانك اللّذان قد اعتمدت عليهما في حكمك هذا الجائر الباطل ، وأرجو المسامحة فأنت أحوجتني لهذا المقال ؟!
قال السني ـ
وقد استشاط غضبا وغيظا ـ : ألستم معشر الشيعة ترفضون خلافة أبي بكر وعمر وعثمان أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وخلفائه الراشدين ، وكيف يمكنك أو يمكن لكل شيعي أن ينكر هذا الامر الذي هو أشهر من نور الشمس عند كل من عرف الشيعة حتى من غير المسلمين ، فما جوابك إن كنت من المنصفين ؟
فقال الشيعي :
عافاك الله يا أخي ما ذكرت غير الذي به حكمت ، وبين الموضوعين بون بعيد وفارق عظيم قد كان حكمك السابق مستندا إلى أن الشيعة ترفض خلفاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، والان تثبت لهم رفضهم لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، وهذا موضع آخر غير ما ذكرته سابقا.
لان نفس هؤلاء الخلفاء الثلاثة وجميع أتباعهم وأشياعهم يستنكرون على كل من يقول : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، قد استخلف وعيّن له خليفة من بعده أو نصّ عليه وأخذ له على الناس الخلافة والولاية ، وكلّهم يشهدون ويجزمون على أن رسول الله قد مات ولم يعين له خليفة ، وهذا شيء كاد أن يكون من خصائص أبي بكر وعمر وعثمان وأشباههم في ذلك العصر ، والباقي أتباعٌ لهم وعنهم قد أخذوا بهذا القول والدعوة التي يدّعونها حتى عصرنا الحاضر.
فقولك : إن الشيعة ترفض أو رفضت خلفاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، هذا قد تسالم جميع السنّة على إنكاره ورفضه ، فمتى صار أبو بكر وعمر وعثمان خلفاء لرسول الله وهم أشد المنكرين على الشيعة الذين يدّعون أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، قد أوصى في حياته ونصّ على خليفته وعيّنه بشخصه وذاته وأخذ له من جميع المسلمين على مشهد مائة ألف أو يزيدون يوم غدير خمّ بعد رجوعه من حجة الوداع.
ولو نظرت يا أخي بعين الانصاف لكان عنوان الرافضة يصدق على جماعة السنّة بالخصوص دون سواهم ، لانهم هم رفضوا وصيّة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وخالفوه مخالفة صريحة ، وهذه كتبهم وصحاحهم تشهد بذلك بأوضح ما يكون ، وإذا أردت فهم ذلك جليّا فعليك بكتاب الغدير للشيخ النجفي حتى تعرف الحقيقة إذا كنت تجهلها ، وأبو بكر وعمر هما أوّل من بايع خليفة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في غدير خمّ وعمر هو الذي أعلنها صرخة مدوّية في ذلك المكان وهو يقول : بخ بخ لك يابن أبي طالب لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (1) ، حتى قام حسان بن ثابت وأنشد في ذلك الموقف أبياته التي قَلّ أن يخلو منها كتاب مؤرخ من محدثيهم وصحاحهم وإليك بها :