بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابه العزيز
وقال: (ويومَ نبعثُ في كل أُمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء...)
النحل (16): 89 .
وكلمة الشهيد الثانية المقصود بها النبي محمد عليه الصلاة والسلام لأنه تمت مخاطبته بكاف الخاطبة
والشهيد الأول يجب أن يكون شخص غير النبي محمد عليه أفضل الصلوات
وقال تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)
الإسراء 71
فقد اتفق المسلمون على رواية: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة».
هذا الحديث بهذا اللفظ موجود في بعض المصادر، وقد أرسله سعد الدين التفتازاني إرسال المسلّم، وبنى عليه بحوثه في كتابه شرح المقاصد
(شرح المقاصد 5/239 وما بعدها) .
ولهذا الحديث ألفاظ أُخرى قد تختلف بنحو الاجمال مع معنى هذا الحديث، إلاّ أنّي أعتقد بأنّ جميع هذه الالفاظ لابدّ وأن ترجع إلى معنى واحد، ولابدّ أن تنتهي إلى مقصد واحد يقصده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فمثلاً في مسند أحمد: «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية»(مسند أحمد 5/61 رقم 16434)
وكذا في عدّة من المصادر: كمسند أبي داود الطيالسي(1) ، وصحيح ابن حبّان(2) ، والمعجم الكبير للطبراني(3) ، وغيرها.
(1) مسند أبي داود الطيالسي: 259 ـ دار المعرفة ـ بيروت.
(2) صحيح ابن حبّان 10/434 رقم 4573 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1418 هـ، وفيه: «من مات وليس له إمام».
(3) المعجم الكبير للطبراني 19/388 رقم 910.
وعن بعض الكتب إضافة بلفظ: من مات ولم يعرف إمام زمانه فليمتْ إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً
وقد نقله بهذا اللفظ بعض العلماء عن كتاب المسائل الخمسون للفخر الرازي.
إذن
اشتهر عند جميع الفرق الإسلامية حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية). أو كما جاء بألفاظ أخرى: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية) (1)، أو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) (2).
وصحة هذا الحديث تعد من البديهيات عند رجال الحديث دون خلاف بينهم.
ومع أن هذا الحديث قد ورد بألفاظ متعددة، إلا أنها تدور كلها حول معنى واحد وهو الخسران الأخروي لمن يموت دون مبايعة إمام المسلمين، لأن طاعته واجبة على كل مسلم، كونها امتداداً لطاعة الله ورسوله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (3) [ النساء / 59 ].
وسيكون هذا الحديث وما يحمله من معان هو المقياس الضابط في معرفة أئمة المسلمين واجبي الطاعة، والذين يصدق أن يكون مصير الخارج عن طاعتهم موتة جاهلية.
____________
(1) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، ج 4 ص 517.
(2) مسند أحمد، ج 3 ص 446.
(3) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ج 5 ص 382.
وسيتم شرح الحديث من الأحاديث الشريفة مثل حديث الثقلين وارتباطه بهذا الحديث وغيرها من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام التي تخفى على كثير من المسلمين
نبدأ في البحث الذي سيقوم بسرد الروايات التي تشرح الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والأدلة من أمهات الكتب
الشيخ أبو حسام خليفة الكلباني العماني
الذي قام بالبحث في الكتب المعتمدة عند المسلمين لرد هذه الشبهة وتبيين الأحاديث والروايات التي تحل هذه الشبهات
نقلاً من البحث الذي تمت من كتابته في هذا البحث في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك ليلة القدر 1425هجري
الموافق 6-1-2004ميلادي
ما أخرجه مسلم بإسناده عن زيد بن أرقم قال:
«قام رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ـ يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خماً بين مكّة والمدينة، فمحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد ألا يا أيّها الناس فإنما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فاُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهُدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي...»( صحيح مسلم 7/122.).
النقل كما هو موجود في البحث:
السؤال المطروح:
بقي الكلام في نقاط أخيرة ما هو الموقع لأهل البيت بالنسبة للأمة ؟
وهل أهل البيت هم الأئمة الاثنا عشر وما هو الدليل؟
الجواب : أهل البيت كما سوف يأتي في حديث الثقلين هما مرجع الأمة وخلفاء الأمة ويجب التمسك بهم لان النبي <ص> يقول لن تضلوا ما إن تمسكتوا بهما
راجع ذلك في المصادر التالية :
الدر المنثور ج:2 ص:285 والدر المنثور ج:7 ص:349 وتفسير ابن كثير ج:4 ص:114 والمستدرك على الصحيحين ج:3 ص:118
سنن الترمذي ج:5 ص:662 وسنن الترمذي ج:5 ص:663 والمعجم الأوسط ج:5 ص:89 والمعجم الصغير ج:1 ص:232 والمعجم الكبير ج:3 ص:65 والمعجم الكبير ج:3 ص:66 ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:3 ص:59 ومسند البزار ج:3 ص:89 وغيرها راجعوها في حديث الثقلين
ثم قال النبي هم الخلفاء بعدي
راجعوا المصادر التالية:
ابن أبي شيبة :<< حدثنا عمر بن سعد أبو دود الحفري , عن <شريك> عن الركين , عن القاسم بن حسان , عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله <ص> إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي : كتاب الله وعترتي أهل بيتي , وأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض>> المصنف ج11ص452حديث11725
وراجع الرواية في المصادر التالية :
ابن كثير في جامع المسانيد والسنن :ج4ص508 حديث 2847 وابن حنبل في فضائل الصحابة ج:2 ص:603
ومسند الإمام أحمد بن حنبل ج:5 ص:189 والألباني صحيح الجامع الصغير ج1ص482حديث2457 والآلوسي روح المعاني ج4 ص18والبسوي المعرفة والتاريخ ج1ص537
وعلى هذا يتبين لنا بان التمسك بهم واجب وأنهم خلفاء النبي <ص> وبما أن خلفاء النبي <ص> اثنا عشر كما هو في الصحاح البخاري ومسلم وغيره
---------------------------------------------------
ما سيأتي حتى الفاصل المنقط هو إضافة وليس من البحث وذلك لذكر المصادر التي تذكر لفظ الأثنا عشر
الأدلة على ذكر النبي لعدد الأئمة بعده
قال رسول الله (ص) في حديث متواتر روته كل المذاهب الإسلامية: "الأئمة من بعدي اثنا عشر".
أخبر الرسول أنّ عدد الأئمة الذين يلون من بعده اثنا عشر، كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد الآتية:
أ ـ روى مسلم عن جابر بن سمرة أنّه سمع النبي يقول:
"لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش".
وفي رواية:
"لا يزال أمر الناس ماضياً ...".
وفي حديثين منهما:
"إلى اثني عشر خليفة ...".
وفي سنن أبي داود:
"حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة".
وفي حديث:"إلى اثني عشر"(1).
وفي البخاري، قال: سمعت النبيّ (ص) يقول:
"يكون اثنا عشر أميراً"، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: قال: "كلّهم من قريش".
وفي رواية:
ثمّ تكلّم النبيّ (ص) بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله (ص)؟ فقال: "كلّهم من قريش"(2).
وفي رواية:
"لا تضرّهم عداوة من عاداهم"(3).
____________
1- صحيح مسلم 3 : 1453 ح1821 بباب الناس تبع لقريش من كتاب الإمارة. واخترنا هذا اللفظ من الرواية لأنّ جابراً كان قد كتبها. وفي صحيح البخاري 4 : 165 كتاب الأحكام. وسنن الترمذي، باب ما جاء في الخلفاء من أبواب الفتن. وسنن أبي داود 3 : 106 كتاب المهدي. ومسند الطيالسي ح767و1278. ومسند أحمد 5 : 86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108. وكنز العمال 13 : 26 ـ 27. وحلية أبي نعيم 4 : 333.
وجابر بن سمرة بن جنادة العامري ثمّ السوائي، ابن أخت سعد بن أبي وقاص، وحليفهم، مات في الكوفة بعد السبعين، وروى عنه أصحاب الصحاح 146 حديثاً، ترجمته بأُسد الغابة. وتقريب التهذيب. وجوامع السيرة : 277.
2- فتح الباري 16 : 338. ومستدرك الصحيحين 3 : 617.
3- فتح الباري 16 : 338.
ب ـ وفي رواية:
"لا تزال هذه الأُمّة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ يكون المرج أو الهرج"(1).
ج ـ وفي رواية:
"يكون لهذه الأُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم كلّهم من قريش"(2).
د ـ "لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا"(3).
هـ ـ وعن أنس:
"لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها"(4).
و ـ وفي رواية:
____________
1- منتخب الكنز 5 : 321. وتاريخ ابن كثير 6 : 249. وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 10. وكنز العمال 13 : 26. والصواعق المحرقة : 28.
2- كنز العمال 13 : 27، ومنتخبه 5 : 312.
3- صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 202. والصواعق المحرقة : 18. وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 10.
4- كنز العمال 13 : 27.
"لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلّهم من قريش"(1).
ز ـ وروى أحمد والحاكم وغيرهما واللفظ للأول عن مسروق قال:
كنّا جلوساً ليلة عند عبد الله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمّة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك، قال: سألناه فقال: "اثنا عشر عدّة نقباء بني اسرائيل"(2).
____________
1- كنز العمال 13 : 27 عن ابن النجار.
2- مسند أحمد 1 : 398 و 406.
قال أحمد شاكر في هامش الأول: اسناده صحيح.
ومستدرك الحاكم، وتلخيصه للذهبي 4 : 501. وفتح الباري 16 : 339 مختصراً. ومجمع الزوائد 5 : 190. والصواعق المحرقة لابن حجر : 12. وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 10. والجامع الصغير له 1 : 75. وكنز العمال للمتقي 13 : 27.
وقال: أخرجه الطبراني ونعيم بن حمّاد في الفتن.
وفيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي 2 : 458. وأورد الخبرين ابن كثير في تاريخه عن ابن مسعود، باب ذكر الأئمة الاثني عشر الّذين كلّهم من قريش 6 : 248 ـ 250.
ح ـ وفي رواية قال ابن مسعود: قال رسول الله:
"يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى"(1).
قال ابن كثير: وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس(2).
ولست أدري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكاني عن ابن عباس أو غيره.
نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر وأنّهم من قريش، وقد بيّن الإمام عليّ (عليه السلام) في كلامه المقصود من قريش وقال:
"إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم"(3). وقال:
"اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته ..."(4).
____________
1- ابن كثير 6 : 248. وكنز العمال 13 : 27. وراجع شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 455 ح626.
2- ابن كثير 6 : 248.
3- نهج البلاغة، الخطبة 142.
4- ينابيع المودّة للشيخ سليمان الحنفي في الباب المائة : 523. وراجع إحياء علوم الدين للغزالي 1 : 54. وفي حلية الأولياء 1 : 80 بإيجاز.
بحث منقول للفائدة !