سبق وان بينا ان الاية الكريمة تخص النبي الاكرم صلى الله عليه واله لااحد غيره من حيث السكينة والتأييد ولاجدال في هذا لأن الضمائر كلها جاءت مفردة ..لذلك فالسكينة والتأييد كانت من خصوصيات النبي في الاية المباركة ..
ناتي الى ما ذُكر في الاية المباركة (ثاني اثنين) هل تُعد فضيلة لابي بكر كونه مرافق لرسول الله ؟!
نقول: ان الاية المباركة لاتعد فضيلة لابي بكر مطلقا فقد حسبته ثاني اثنين يعني جعلته تابعا لرسول الله صلى الله عليه واله غير مستقل لكسب الفضيلة وانما حصلها تبعا للنبي الاكرم وهي لاتعد فضيلة فلو لاحظنا الاية المباركة انها اشارت اشارة فقط ان مع النبي مرافق
ولو كان هناك فضل لهذه الرفقة لشملته بالتاييد والسكينة.. الى هنا انتهى كلامي بخصوص اية الغار لاني لااريد التعمق اكثر في الشرح فالقضية واضحة وقد اشرنا الى ما اشرنا اليه الان لارتباطه بالبحث..
قال تعالى"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ " نزلت هذه الاية المباركة في شأن الامام علي حينما بات على فراش النبي وقد سجلت له فضيلة مستقلة تُعد من اعظم مناقبه..
وقد ذكر جمع كثير من كبار علماء السنة ومحدثيهم ، خبرا هاما بهذه المناسبة، وإن كانت ألفاظهم مختلفة ولكنها متقاربة والمعنى واحد، ونحن ننقله من كتاب " ينابيع المودة " للحافظ سليمان الحنفي، الباب الحادي والعشرين ، وهو ينقله عن الثعلبي وغيره.
قال الحافظ سليمان: عن الثعلبي في تفسيره، وابن عقبة في ملحمته، وأبو السعادات في فضائل العترة الطاهرة، والغزالي في إحياء العلوم، بأسانيدهم، عن ابن عباس وعن أبي رافع وعن هند بن أبي هالة ربيب النبي (ص) ـ أمه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ـ أنهم قالوا:
قال رسول الله(ص): أوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه، فأيكما يؤثر أخاه عمره، فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: إني آخيت بين علي وليي وبين محمد نبيي، فآثر علي حياته للنبي، فرقد على فراش النبي يقيه بمهجته. إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه.
فهبطا، فجلس جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، والله عز وجل يباهي بك الملائكة!
فأنزل الله تعالى: (ومن الناس من يشري....).
والذين نقلوا هذا الخبر بألفاظ متقاربة وبمعنى واحد، جمع كبير من أعلام العامة، منهم: ابن سبع المغربي في كتابه " شفاء الصدور " والطبراني في الجامع الأوسط والكبير، وابن الأثير في أسد الغابة 4/25، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 33، والفاضل النيسابوري، والإمام الفخرالرازي، وجلال الدين السيوطي، في تفاسيرهم للآية الكريمة، والحافظ أبونعيم في كتابه " مانزل من القرآن في علي " والخطيب الخوارزمي في " المناقب "، وشيخ الإسلام الحمويني في " الفرائد " والعلامة الكنجي القرشي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين، والإمام أحمد في المسند ومحمد بن جرير بطرق متعددة، وابن هشام في " السيرة النبوية " والحافظ محدث الشام في " الأربعين الطوال " والإمام الغزالي في إحياء العلوم 3/223وأبو السعادات في " فضائل العترة الطاهرة " وسبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص: 21، وغير هؤلاء الأعلام.
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/262 ـ ط دار إحياء التراث العربي ـ قول الشيخ أبي جعفر الإسكافي، قال: وقد روى المفسرون كلهم أن قول الله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) أنزلت في علي(ع) ليلة المبيت على الفراش.
ففكروا بالايتين وتدبروا وقايسوا بينهما، وأنصفوا أيهما أفضل وأكمل، صحبة النبي(ص واله) ومرافقته أياما قليلة في سفر الهجرة، أم مبيت الإمام علي (ع) على فراش النبي (ص) واقتحامه خطر الموت، وتحمله أذى المشركين، ورميه بالحجارة طيلة الليل، وهو يتضور ولا يكشف عن وجهه، ليسلم رسول الله(ص) من كيد الأعداء وهجومهم، ومباهاة الله سبحانه ملائكته بمفاداة علي(ع) وإيثاره ثم نزول آية مستقلة في شأنه..
ولا يخفى أن بعض علماء السنة أنصفوا فأعلنوا تفضيل الإمام علي (ع) على غيره، وفضلوا مبيته على فراش رسول الله(ص) على صحبة أبي بكر ومرافقته إياه في الهجرة، منهم: الإمام أبو جعفر الإسكافي ـ وهو من أبرز وأكبر علماء ومشايخ أهل السنة المعتزلة ـ في رده على أبي عثمان الجاحظ وكتابه المعروف بالعثمانية.
لقد تصدى الإسكافي لنقضه بالبراهين العقلية والأدلة النقلية، وأثبت تفضيل الإمام علي(ع) على أبي بكر، وفضل المبيت على الصحبة، ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 13/215 ـ 295، .
ومما يذكره الشيخ أبوجعفر في مقاله، قال: قال علماء المسلمين: (إن فضيلة علي(ع) تلك الليلة لا نعلم أحدا من البشر نال مثلها) شرح ابن أبي الحديد 13: 260.
وبعد كلام طويل ـ قال : قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة في الغار بما هو واضح لمن أنصف، ونزيد هاهنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم فنقول: إن فضيلة المبيت على الفراش على الصحبة في الغار لوجهين:
أحدهما: إن عليا(ع) قد كان أنس بالنبي(ص) وحصل له بمصاحبته قديما أنس عظيم، وإلف شديد، فلما فارقه عدم ذلك الأنس، وحصل به أبوبكر، فكان ما يجده علي(ع) من الوحشة وألم الفرقة موجبا زيادة ثوابه، لأن الثواب على قدر المشقة.
وثانيهما: إن أبابكر كان يؤثر الخروج من مكة، وقد كان خرج من قبل فردا فازداد كراهيته للمقام، فلما خرج مع رسول الله(ص) وافق ذلك هوى قلبه ومحبوب نفسه، فلم يكن له من الفضيلة ما يوازي فضيلة من احتمل المشقة العظيمة وعرض نفسه لوقع السيوف، ورأسه لرضخ الحجارة، لأنه على قدر سهولة العبادة يكون نقصان الثواب.
وعالم آخر من علمائهم وهو ابن سبع المغربي، صاحب كتاب " شفاء الصدور " يقول فيه وهو يبين شجاعة الإمام علي (ع): إن علماء العرب أجمعوا على أن نوم علي(ع) على فراش رسول الله(ص) أفضل من خروجه معه، وذلك أنه وطن نفسه على مفاداته لرسول الله(ص) وآثر حياته، وأظهر شجاعته بين أقرانه. انتهى
فالموضوع واضح جدا بحيث لا ينكره إلا من فقد عقله بالتعصب الذي يعمي ويصم عن فهم الحق وإدراك الحقيقة! ونحن انما ذكرنا ماذكرنا ليس لتبيان شيء مبهم لا ابدا فالامر ثابت وواضح لكن لتبيان فضيلة عظمى من فضائل الامام علي التي
لاتعد ولاتحصى..
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين..