رحم الله شهداء فلسطين في غزة ورحم الله شهيدنا الهُمام"أحمد الجعبري"..لا أكاد أصدّق أن من انتفضوا لتطبيق الشريعة منذ أيام هم أنفسهم من يحمون إخواننا من بطش الصهاينة، فهم لا يُفلحون إلا في سياسة التفرقة بين أبناء الأمة إما لدواعي طائفية أو عِرقية، أما أن يكون لهم دوراً فاعلاً في حماية الشعب الفلسطيني فلن يكون، حتى تبرعاتهم التي صدّعوا بها رؤوسنا في الماضي لم تكن إلا جزءاً من تاريخ ولّى وانتهى، وأن القادم لا مكان له للتبرعات بل لاتخاذ مواقف جريئة وشجاعة سيعجزوا عنها حتماً، وأن القادم على السعودية وقطر وحلفائهم من الإسلاميين هو العمل لصالح السياسة الأمريكية ابتداء ، فبينما تتوحد جهودهم لدعم المعارضة السورية بالمقاتلين والمال والسلاح ويرفضون السلام ويصرون على تدمير سوريا وشعبها.... نراهم وقد أغمضوا أعينهم عن مجازر الكيان الصهيوني في غزة،وأن قادة المقاومة أصبحوا كالنعاج يُحدد لهم الصهاينة ميعاد وطريقة الذبح.
بأي منطق تجتمع الجامعة العربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة 100 مرة لأجل الحرب على سوريا وتدمير بنيتها التحتية ولرفض السلام ولإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد..بينما يغضون الطرف عن ما يحدث في فلسطين وما يحدث في سيناء بل ولتبرير جرائم الاحتلال..بأي منطق يحتشد الإسلاميون للجهاد في سوريا والتبرع والدعم بكافة أشكاله بينما يتعامون عن حصار غزة وسياسة الطرد المُمنهج للفلسطينيين من غزة وتوطينهم في سيناء، إن معنى أن يعيش الفلسطيني في غزة مُهدداً وفي إمكانه الدفاع عن نفسه بالهجرة هو عين وصلب هذه السياسة الحمقاء التي رعتها أكبر أساطين السياسة في العهد الشاروني البائد، ولم لا والساحة العربية تغص بهؤلاء الساسة ممن أدمنوا الكذب على أنفسهم وشعوبهم حتى صدّقهم ذوي العقول الضحلة بأنهم ينصرون الشعوب وحريتهم بينما العقل يرفضهم لأن فاقد الشئ لا يُعطيه.
على الجانب الآخر يصر البعض على القول بأن ما يحدث في غزة هو مسرحية لتمكين حماس والإخوان من غزة ومصر، وأن خطاب مرسي لبيريز وسلام حماس مع الكيان قد أحط من منزلتهم في الشارع العربي، وأنه آن الأوان لحذف هذه الصورة واستبدالها بالصورة القديمة..وهؤلاء لا يقلون حماقة عن قُرنائهم من الإسلاميين..فما يحدث ليس في صالح كلا حماس والإخوان، وأن الشعور العام بات يضع الإسلاميين في صورة متناقضة ومتخاذلة عن نصرة قضايا الأمة، فما بالنا باتفاق-عمداً أو جهلاً-ينتج عنه تصفية أبرز القادة العسكريين لحماس ويضع الإخوان في حيص بيص...فهم لن يفعلوا شيئاً أكثر مما فعله مبارك من سحب وطرد السفراء، بل إن الجيش المصري على حافة الهاوية إن اعتقد آدمي أنه وبإمكانه خوض أي حروب في تلك المرحلة.. تلك المرحلة التي يكاد يكون فيها العسكر منقسمون إزاء ما يحدث في مصر من قلاقل سياسية وجمود عام تنحط فيه البلاد يوماً بعد يوم.
لقد بات من المؤكد أن استراتيجية الإسلاميين في سوريا وفلسطين باتت فاشلة، وأنهم لو كانوا يصدقون في دعواهم بحماية السوريين والفلسطينيين فعليهم عقد مراجعات مؤلمة..فالعقول تُقارن وهاهم باتوا يحصدون تحالفهم مع القوى الخليجية والغربية..لقد أصبحت الصورة المنطبعة عن الإسلاميين أنهم لا ينتفضون إلا على العرب بالعموم والشيعة بالخصوص، بينما يخشون مواجهة الكيان ،بل ويعملون على قطع الدعم القادم من إيران للمقاومة بحُجة الكرامة وهم من يقبلون السلاح الصهيوني والفرنسي والأمريكي والتركي في سوريا، فالكرامة لديهم مذهبية ودوافعهم طائفية في منتهى التخلف والتنطع..يتحدثون باسم الفاروق عمر والفاروق عمر من أعمالهم براء..من ذا الذي يرضى بالتفرقة وإشعال الحروب الأهلية بين المسلمين والعرب خدمةٌ لأعدائهم..من ذا الذي يرضى بذبح شعوب بأسرها فقط بمجرد انتمائها الديني أو القومي أو الأيدلوجي..من ذا الذي يرضى بانتصاره دون بذل الجهد والتضحية وسلوك مراتب العلم .
إن الأزمة في سوريا وفلسطين هي مُنتج طبيعي لمشكلة العقل العربي والتطرف الديني في المنطقة، حتى السودان باتت مُهملة وأن قضاياها الداخلية لم تعد في حُسبان أحد..السودان انقسمت وستنقسم وبنفس الخلفية والسلاح الذي استخدمه الإسلاميون ضد خصومهم في الفكر والسياسة، فمن كردفان إلى دارفور إلى مشاكل الحدود بين الشمال والجنوب وقع هذا البلد العزيز بين براثن الفتنة وبؤس التجاهل حتى أًصبحوا مُطية للعدو بأن يضربهم ومصانع سلاحهم وكأن طائرات العدو في نُزهة تدريبية..إنه الهوان الحقيقي الذي يشعر به كل عربي يرى السلام من وجه الحقوق، ويبحث عن المعارف والحق بنزعته التوحيدية، أما هؤلاء أصحاب النزعات التفريقية فلن يُبدعوا إلا في نشر الفتنة وسياسة الإقصاء والتهميش، ولن يبرعوا إلا في نشر الجهل بين ربوع المواطنين، وحال كحال هؤلاء لا يُنتظر منه خيراً ما دامت الشعوب في غفلة .