التقنية الجديدة، قادرة على معالجة المعلومات بطريقة أكثر بكثيرمن أجهزة استشعار اللمس الحالية، التي ترصد الترددالأحادي
تقنية متطورة للتفاعل باللمس مع البشروالشاشات والسوائل
تدرك التكوينات المعقدة للأصابع والأيدي والجسم البشري
نحن نستخدم بالفعل تقنية الاتصال باللمس في أجهزة الكومبيوتر الشخصية والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، ولكن هل يمكن أن يكون لأجسامنا ولكل شيء في المنزل وفي حياتنا اليومية مثل مقابض الأبواب والأطباق والأرائك والمياه والسوائل، خاصية الاستشعار باللمس؟
في الواقع، الإجابة هي نعم، من خلال تقنية ثورية باللمس تعرف بـ«توش»(Touche) أعلن عنها مؤخرا علماء من كل من شركة «ديزني» الأميركية للبحث في بيتسبيرغ، بولاية بنسلفانيا، وجامعة كارنيغي ميلون الأميركية، في 7 مايو (أيار) الحالي، ضمن دراسة حصلت على جائزة أفضل بحث، خلال مؤتمر بعنوان «العوامل البشرية في أنظمة الحوسبة»، الذي عقد في أوستن بولاية تكساس الأميركية في الفترة من 5 إلى 10 مايو الحالي، ونظمته مجموعة (Special Interest Group on Computer-Human Interaction/SIGCHI)، وهي مجموعة دولية للاهتمامات البحثية الخاصة بمجال تفاعل التكنولوجيا مع البشر والتفاعل بين أجهزة الكومبيوتر والبشر، وهي جمعية تابعة لجمعية الحوسبة الآلية، وهي أكبر جمعية عالمية للحوسبة العلمية والتعليمية.
وشركة «ديزني للبحث»هي جزء من شركة «والت ديزني» الرائدة في الابتكار وتطوير تكنولوجيا الترفيه، وقد تم إطلاقها في عام 2008، بوصفها شبكة غير رسمية لمختبرات البحوث. وهي تتعاون بشكل وثيق مع المؤسسات الأكاديمية مثل جامعة كارنيغي ميلون الأميركية والمعهد الفيدرالي السويسري للتقنية في زيورخ، كما أنها تعمل على مجموعة واسعة من البحوث ذات الأهمية التجارية، من خلال الجمع بين أفضل الأوساط الأكاديمية والصناعية.
فمن خلال هذه التقنية الجديدة، للتعرف على الإشارات والإيماءات، ستتمكن جميع الأشياء المستخدمة في الحياة اليومية من معرفة لمسات الأصابع والأيدي، فمقابض الأبواب سوف تعرف ما إذا كان يتم غلقها أو فتحها، وسيمكن التحكم في الهواتف الذكية بواسطة الإشارات، فالهاتف الذكي سوف يصمت من تلقاء نفسه، بمجرد وضع المستخدم أصبعه على شفتيه، كما أن الكرسي يقوم بنفسه بتعديل وضعه بمجرد جلوسك عليه، وتضيء الغرفة فور استلقائك على الأريكة.
وتقنية (Touche)، هي شكل من أشكال مبدأ استشعار اللمس بالسعة ، وهو المبدأ نفسه وراء أنواع شاشات اللمس المستخدمة في معظم الهواتف الذكية، التي تقوم على ظاهرة «الاقتران بالسعة» ، ففي شاشات اللمس بالسعة، يكون السطح مغلفا بموصل شفاف يحمل إشارة كهربائية، هذه الإشارة يتم تعديلها عندما يتم لمس السطح بأصابع الشخص المستخدم، حيث يتم توفير مسار بديل للشحنات الكهربائية. فمن خلال رصد التغير في الإشارة الكهربائية، يمكن للجهاز تحديد حدوث اللمس للشاشة. ولكن بدلا من استشعار الإشارات الكهربائية في تردد أحادي أو واحد مثل الشاشة التي تعمل باللمس النموذجي، (التردد هو قياس الأحداث المتكررة بالنسبة للزمن، والإشارات وحيدة التردد هي إشارات يتم فيها نقل النبضات بتردد واحد، وشاشة اللمس النموذجية تقبل الأوامر باستخدام تردد كهربائي واحد أو أحادي، مما يساعد الشاشة على التمييز بين اللمس وعدم اللمس)، وتختلف تقنية (Touche) الجديدة، عن ذلك، في أنه يمكنها قراءة تكوينات معقدة على نطاق أوسع بكثير من تردد السعة، حيث يمكنها الكشف عن إشارات وإيماءات الجسم.
ففي هذه التقنية، تقوم الأنواع المختلفة من اللمسات، بتسجيل توقيعات كهربائية متميزة، تشير إليها شركة «ديزني» للبحث، بأنها «مظهر أو صورة السعة» ، فهذه التقنية تستخلص معلومات أكثر بكثير من مجرد رصد مجموعة من إشارات الترددات، فأنسجة الجسم المختلفة لها خصائص مختلفة من ترددات السعة، ورصد تلك الترددات يكشف عن عدد من المسارات المختلفة من شحنات كهربائية في الجسم البشري، فمثلا، لمس مقبض الباب بأصبع واحد، يخلق مظهرا أو صورة سعة تختلف عن التحكم في الباب بقبضة اليد بأكملها.
وتجدر الإشارة إلى أن التقنية الجديدة للاستشعار، التي تقوم على مبدأ «الاستشعار بتردد السعة الممتدة أو الشاملة أو الواسعة»، لا يمكنها فقط الكشف والتعرف على الأشياء التي يتم لمسها، ولكنها في الوقت نفسه، تدرك التكوينات المعقدة لأصابع وأيدي وجسم الإنسان بأكمله أثناء عملية التفاعل مع الأشياء، حيث يمكن للشيء الذي يتم لمسه أن يحس بالكيفية التي يتم بها اللمس والنقر على الأشياء، كما يستشعر هيئة جسم الشخص الذي يقوم باللمس، وهذا سيسمح إلى حد كبير بتعزيز «واجهات اللمس» ، في مجموعة واسعة من التطبيقات بدءا من شاشات اللمس التقليدية إلى تصميم أساليب تفاعل لمواد وسياقات فريدة مثل جسم الإنسان والسوائل، فسوف يمكنها أن تعزز أشياء الحياة اليومية باستخدام مجرد إلكترود (قطب كهربائي) استشعار واحد ، كما في حالة مقبض الباب أو أشياء موصلة أخرى، فالأشياء بنفسها سوف تعمل أجهزة استشعار (مستشعرات)، ولن يكون هناك حاجة لإدخال تعديلات عليها، فالجسم البشري والمياه والسوائل، يمكنها أن تعمل أجهزة استشعار.
وتتوقع «ديزني للبحث» في نهاية المطاف أن تكون هناك «واجهات تفاعل»، على سبيل المثال في الهواتف الذكية ومشغلات الموسيقى (MP3)، سوف يمكن التلاعب بها من خلال سلسلة من الإشارات أو الإيماءات مثل نقر اثنين من الأصابع على راحة كف اليد، للتحكم في مستوى الصوت مثلا، كما أنه يوما ما، لن يكون للأجهزة المحمولة، أي شاشات أو أزرار، فسوف يتم التخلص من شاشات اللمس التقليدية ولوحات المفاتيح، التي سوف تعتمد فقط على الجسم البشري ومدخلات سطوح هذه الأجهزة.
ويقول إيفان بوبريف، الباحث في شركة «ديزني» للبحوث، إن «مبدأ تردد السعة الأحادي الممتد، قد تم استخدامه على مدى عقود في مجال الاتصالات اللاسلكية، ولكن في حدود علمنا، لم يحاول أحد في السابق، أن يقوم بتطبيق هذه التقنية في عملية التفاعل باللمس».
فالتقنية الجديدة، قادرة على معالجة المعلومات بطريقة أكثر بكثير من أجهزة استشعار اللمس الحالية، التي ترصد التردد الأحادي، للكشف عن حركات الأصابع الواحدة والمتعددة، فتقنية (Touche)، يمكنها أن ترصد ترددات متعددة، وفهم قبضات الأيدي والإشارات المعقدة للأصابع وكذلك وضعية الجسم البشري بأكمله، ويمكن استخدامها في أي شيء، لأنها تتطلب فقط موصلا كهربائيا أحاديا يتم دمجه على أنه جزء لا يتجزأ من الأشياء، ثم اتصالا سلكيا ولاسلكيا إلى وحدة تحكم بالاستشعار.
فطبقا لشريط فيديو من إنتاج شركة «ديزني للبحث»، عن مثال لقدرة هذه التقنية، على تحويل المياه إلى سطح لمسي، يظهر خزان مياه منزلي مزود بقطب كهربائي موضوع في الجزء السفلي منه، ويمكن لجهاز الاستشعار باللمس أن يتعرف على ما إذا كان المستخدم قد لمس المياه بالأصابع أو بالأيدي ككل، وكذلك التمييز بين اللمس على سطح المياه أو بغمر الأصابع أو الأيدي.
وتتخيل شركة «ديزني للبحث»، أن يكون لديك غرفة معيشة يتم التحكم فيها بهذه التقنية، فبمجرد أن تجلس على الأريكة، يتم تشغيل التلفزيون تلقائيا، وبينما تستمتع بالعرض، ستصبح الأضواء خافتة في الحجرة، وعندما تغفو، سوف تتعرف أجهزة الاستشعار في الأريكة على ذلك، وتقوم بإغلاق جهاز التلفزيون لراحة أفضل. كما أنه بوضع أجهزة اللمس الحساسة في مقبض الباب، سوف يتم غلقه على أساس كيفية مسك مقبض الباب، وفتحه عن طريق كلمة سر بالإشارة أو الإيماءة.
مكونات تقنية (Touche) اللاسلكية الجديدة، سوف يمكنها تحويل الجسم البشري إلى جهاز استشعار يعمل باللمس، عن طريق ربط إلكترودات (أقطاب كهربائية) على معصميك، تقوم بإرسال إشارات الأيدي إلى وحدة تحكم بالاستشعار.