كثيرا ما نقرأ في كتب السيرة والتأريخ حدوث أختلاف في الرأي بين
النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وبين عمر بن الخطاب
ولا يهمنا مبررات اتباع عمر لأفعال أمامهم وسيدهم
ودفاعهم المستميت دونه.
وأنا أطالع أحدى حالات الاختلاف هذه وقفت عند مقولة قالها عمر
بعد ان تبين له بالدليل القاطع والبرهان الساطع
ان قول النبي ورأيه وحكمه من عند عزيز حكيم .
قال عمر :قد علمت والله لأمر الرسول (ص) أعظم بركة من أمـري.
تجد هذه المقولة في كتب السيرة والتواريخ في باب غزوة بني المصطلق.
مايهمني هنا ان عمر قال : قد . والله . علمت
ولمن لايعرف العربية نقول: قد + فعل ماض = التحقق
ثم انه أقسم على ذلك
و أطلق الأمر ولم يقيده بقيد وهذا يفيد العموم.
والمعنـى:
ان عمر يقسم بالله انه تحقق عنده يقينا
ان البركة العظمى هي في كل أمر للرسول الأكرم(بغض النظر عن أي شيء)
فمتى ما أمر النبي بشيء فلابد ان تكون في أمره البركة العظمى.
فلنرى هذه العقيدة العمرية المتحققة في نفسه ماذا أنتجت
على مستوى سلوكه تجـاه الأوامر النبوية.
ولنأخذ موردا واحدا نراه اهم وأخطر الأحداث وأكثرها تأثيرا
على مسيرة الامة في رحلتها في تكاملها
وهدايتها لصراط ربها المستقيم.
حصل ذلك في رزية الخميس
فهذا النبي الأكرم يأمــر أصحابه (وفيهم عمر) أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب لهم
مايضمن هدايتهم ويمنع ضلالهم بعده أبـــدا .
الآن وعمر يسمع هذا الأمر من النبي الأكرم.
وعمر يعتقد يقينا ان البركة كل البركة العظمى في أمر النبي.
فما المتوقع ان يكون رد فعل عمر؟!
اليس المفروض والمنطقي ان يكون عمر أول المؤيدين لأمر النبي وأشد المدافعين
لأنفـاذ أمره (ص) سعيا لحصول البركة العظمى والهداية الكبرى؟؟؟
ولكن الواقع يخالف المفروض والمنطق
لان عمر كان أول من منع تنفيذ أمر النبي ووضع بديلا عنه وفتح بابا لمن اراد
مخالفة النبي والسير خلفه بهذا التيار المناويء
للنبي ومشروعه الأصلاحي.
ومهما كانت مبررات اتباع عمر فهي لا تنفي أستيقان نفسه
على مستوى العلم ببركة امر النبي
وفعله المخالف لعقيدته تماما.
فلقد جحد عمر( بركة أمر النبي) الذي أستيقنته نفسه كما جاء تصريحه به بمقولته آنفة الذكر
ولم يكن جحده هذا ألا
ظلما لنفسه ولغيره
و طلبا للعلو وروما للخلافة
وكلنا مدعوون للنظر الى كيفية عاقبة المفسدين
كما قال صدقا رب العالمين.