العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العام

المنتدى العام المنتدى مخصص للأمور العامة

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العام
افتراضي عندما يحب اللهُ أحدا
قديم بتاريخ : 30-12-2012 الساعة : 03:23 AM


عندما يحب اللهُ أحدا
بدر شبيب الشبيب

أن تكون محبوبا عند الله، فذلك بلا شك غاية آمال العارفين، ومنتهى طلبة الطالبين، وأعلى رغبة الراغبين. والإنسان كائن «حُبي» يحيا بالحب قبل الخبز، وينمو بالحب وفي بيئة الحب وإن كانت فقيرة في جانبها المادي من طعام وشراب وكساء وغيرها، فالحب يُعوض هذا الفقر ويشبعه بغناه المعنوي الواسع. أما الماديات فإنها مهما تكاثرت، فلا يمكنها أن تعوض لحظة حب حقيقية، أو أن تغني عن بيئة حب حاضنة.

الإنسان كائن «حُبي»، وهذا ما ينبغي أن ننتبه له في علاقاتنا مع أهلنا وأولادنا وبناتنا وكل من حولنا. قد نغرق أبناءنا أو بناتنا في الماديات، ونبخل عليهم بكلمة حب، مما قد يجعلهم عرضة للابتزاز من قبل الآخرين باسم الحب، إذ المتاجرون باسم الحب كثيرون، خصوصا في زمننا هذا.

الإنسان كائن «حُبي» يبحث عن الحب ليُحِب ويُحَب. وكما قلنا فإن أسمى الحب أن يشملك الحب الأسمى، وهو حب الله تعالى.

وعندما يحب الله أحدا، فإن تعبيرات الحب الإلهي ستغمره بإشراقاتها وتجلياتها.

يتحدث صاحب تفسير الفرقان عن آثار الوصول لمقام محبوبية الله في قوله تعالى «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ»، فيقول: والذين يحبهم اللّه لا تخلج فيهم خالجة كفر أو فسوق لمكان الحب الطليق دون طليق الحب، فقد تقدم حبّه إياهم على حبهم إياه، مما يدل على بالغ الحب.

أما صاحب تفسير الميزان فيتحدث في نفس الآية مفصلا عن لازم حب الله للمستحقين من عباده تعالى، والذي يتلخص في «براءتهم من كل ظلم، وطهارتهم من كل قذارة معنوية من الكفر والفسق بعصمة أو مغفرة إلهية عن توبة». ثم يشرع في بيان طويل جميل لشرح كيفية تحقق هذا اللازم عند المحبوبين لله، فيقول: وذلك أن جمل المظالم والمعاصي غير محبوبة لله كما قال تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ»: «آل عمران: 32» وقال: «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ»: «آل عمران: 57» وقال: «إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»: «الأنعام: 41» وقال: «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ»: «المائدة: 64» وقال: «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ »: «البقرة: 190» وقال: «إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ»: «النحل: 23» وقال: «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ»: «الأنفال: 58» إلى غير ذلك من الآيات.

وفي هذه الآيات جماع الرذائل الإنسانية، وإذا ارتفعت عن إنسان بشهادة محبة الله له اتصف بما يقابلها من الفضائل لأن الإنسان لا مخلص له عن أحد طرفي الفضيلة والرذيلة إذا تخلق بخلق. فهؤلاء هم المؤمنون بالله حقا غير مشوب إيمانهم بظلم وقد قال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ»: «الأنعام: 82» فهم مأمونون من الضلال وقد قال تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ»: «النحل: 37» فهم في أمن إلهي من كل ضلالة، وعلى اهتداء إلهي إلى صراطه المستقيم، وهم بإيمانهم الذي صدقهم الله فيه مهديون إلى اتباع الرسول والتسليم التام له كتسليمهم لله سبحانه قال تعالى: «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً»: «النساء: 65».

وعند ذلك يتم أنهم من مصاديق قوله تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ»: «آل عمران: 31» وبه يظهر أن اتباع النبي ص ومحبة الله متلازمان فمن اتبع النبي أحبه الله ولا يحب الله عبدا إلا إذا كان متبعا لنبيه ص.

وإذا اتبعوا الرسول اتصفوا بكل حسنة يحبها الله ويرضاها كالتقوى والعدل والإحسان والصبر والثبات والتوكل والتوبة والتطهر وغير ذلك قال تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ»: «آل عمران: 76» وقال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»: «البقرة: 195» وقال: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ»: «آل عمران: 146» وقال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ»: «الصف: 4» وقال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»: «آل عمران: 159» وقال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»: «البقرة: 222» إلى غير ذلك من الآيات.

هكذا يتجلى حب الله لعبده في عبده حتى يكون منزها عن كل رذيلة جامعا لكل فضيلة. فهل هناك أمسى من هذا التعبير عن الحب.

للحديث بقية نتركها للجمعة القادمة بإذن الله.
أحبكم جميعا.. جمعة مباركة.. دمتم بحب.

عندما يحب اللهُ أحدا «2»

ما أجمل أن نمتلك أدوات نستطيع من خلالها معرفة محبوبية أحد عند الله تعالى كي نحب محبوب المحبوب سعيا للمحبوب ذاته، ورغبة في الالتحاق بمحبوبي المحبوب. هذا ما يعلمنا إياه الحبيب المصطفى ص وهو أقرب المحبوبين للمحبوب الحق. فقد روى قطب الدين الراوندي في كتابه الدعوات أن النبي ص دعا ربه فقال: يا رب وددتُ أني أعلم من تحب من عبادك فأحبه. قال: إذا رأيتَ عبدي يكثر ذكري فأنا أذنتُ له في ذلك وأنا أحبه، وإذا رأيتَ عبدي لا يذكرني فأنا حجبته عن ذلك وأنا أبغضته.

إذن ذكر الله تعالى كثيرا هو من العلامات الفارقة المهمة على نيل الشخص لدرجة المحبوبية عند الله، وما أعظمها من درجة، وما أعلاها من شهادة، تصغر عندها الدرجات، وتتطلع إلى علوها الشهادات.

ولأن كثرة ذكر الله تعالى هو مفهوم مشكِّك كما يقول المناطقة، فهو في ذاته درجات أيضا. تماما كما اللون الأبيض مثلا - وهو من المفاهيم المشككة - درجات تختلف في النصاعة والنقاوة. وهذا يعني أن بلوغ درجة المحبوبية يستدعي السير المتواصل وزيادة الكثرة من أجل الارتقاء لدرجة أسمى، وهكذا.

لذا فقد صرح النبي موسى ع أن الغاية من سؤاله اللهَ تعالى جعل أخيه هارون وزيرا له، هي كما قال تعالى على لسان موسى في سورة «طه»: ﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً «33» وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً «34» .

يقول السيد محمد الشيرازي «قده» في تفسيره «تقريب القرآن إلى الأذهان»: في تفسير قوله ﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً حتى تشتد الصلة ويكون الله هو المتجلي الوحيد في النفس.

ويقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره «الأمثل» في قول الله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ : أجل .. إنّ هؤلاء يجب أن يكونوا مع اللّه ويذكروه في كلّ حال، وفي كلّ الظروف، وأن يزيحوا عن قلوبهم حجب الغفلة والجهل، ويبعدون عن أنفسهم همزات الشياطين ووساوسهم، وإذا ما بدرت منهم عثرة فإنّهم يهبون لجبرانها في الحال لئلّا يحيدوا عن الصراط المستقيم.

ولعل البعض يعتقد خطأ أن ذكر الله كثيرا هو من أسهل الأمور، إذ لا يحتاج المرء إلا لتحريك لسانه بذكر الله تسبيحا وتحميدا وتهليلا وتكبيرا. ولذا تأتي الروايات الشريفة لتدفع هذا الوهم عن الأذهان، ولتضع الذكر في سياقه الصحيح، ولتصفه بأنه من أصعب المهمات.

فقد ورد عن الإمام الصادق ع أنه قال: «من أشد ما فرض الله على خلقه، ذكر الله كثيرا، ثم قال ع : لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان منه، ولكن ذكرُ الله عندما أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها».

فذكر الله كثيرا - بحسب هذه الرواية - هو من أشد الفروض الإلهية على العباد، لأنه يقتضي عدم الغفلة عن الله تعالى وعن حضوره الدائم الذي ﴿ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ .

وهذا يستدعي من الإنسان معرفة حلال الله وحرامه والوقوف عند حدود الله في كل صغيرة وكبيرة. وما أصعب وأشد ذلك خصوصا في زمننا الراهن، حيث القابضُ على دينه كالقابض على الجمر، لكثرة دواعي الغفلة والانحراف، والعياذ بالله.

وفي رواية أخرى عن أبي بصير عن الإمام الصادق ع قال: «من أشد ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كل حال. قال قلتُ: أصلحك الله وما وجه ذكر الله على كل حال؟ قال ع : يذكر الله عند المعصية يهُم بها، فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية، وهو قول الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ .

نسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، حتى نرتقي لدرجة المحبوبية عنده.
جمعة مباركة.. دمتم بحب.. أحبكم جميعا.

عندما يحب الله أحدا «3»

المعلم المتمرس يعلم أي تلاميذه يستحق أي درجة، ولكنه ومن أجل إقامة الحجة التامة على الجميع يقوم بامتحانهم، ومن ثم إظهار النتائج بناء على ما قدموه في الامتحان.

وكلما كانت أسئلة الامتحان أصعب، استطاع الامتحان أن يكشف الفروق الفردية بين التلاميذ. فالعبقري مثلا لا تظهر تمام عبقريته وتنكشف للآخرين إلا من خلال الأسئلة غير العادية، الأسئلة التي تعصر الذهن وتستنفر أقصى الطاقات. ودرجات الشرف العليا في الجامعات العريقة لا تُمنح حقيقة إلا لمستحقيها الذين اجتازوا أصعب الامتحانات وأبلوا أحسن البلاء.

في ضوء هذه المقدمة ربما نستطيع إدراك علاقة حب الله تعالى لأحد عباده المخلصين وبين شدة الابتلاء الذي يتعرض له في حياته، في نفسه أو ماله أو أهله أو ولده أو صديقه أو غير ذلك. كما نستطيع فهم الكثير من الأحاديث والروايات التي تجعل العلاقة بين الحب والابتلاء علاقة طردية.

فعن رسول الله ص : إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فإذا أحبه الله الحب البالغ اقتناه. قالوا: وما اقتناؤه؟ قال: لا يترك له مالا وولدا.

إن نبي الله أيوب ع هو من الأمثلة الواضحة الحاضرة في الأذهان. فقد كان بلا شك محبوبا عند الله، ومن المصطفَين الأخيار، ومع ذلك تعرض لشتى أنواع البلاء من ذهاب ماله وفقد أولاده ثم صحته أيضا، حيث ابتلي بمرض شديد في بدنه.

وفي تفسير للعلاقة الطردية التي ذكرناها يبين الإمام موسى الكاظم ع سبب ذلك، فيقول: مثل المؤمن مثل كفتي الميزان: كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه، ليلقى الله عز وجل ولا خطيئة له.

ويقسم الإمام علي ع الابتلاء إلى ثلاثة، لكل واحد منها غاية مختلفة. يقول ع : إن البلاء للظالم أدب، وللمؤمن امتحان، وللأنبياء درجة.

ويكشف لنا النبي ص في الحديثين التاليين أن البلاء يستهدف فيما يستهدف أن يحب المؤمن لقاء الله تعالى، وأن لا يركن للدنيا، لأنها بالنسبة له سجن يقيد حريته وانطلاقه للعالم الأسمى. يقول ص : هَبَطَ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ ع فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ الْحَقُّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ إِنِّي أَوْحَيْتُ إِلَى الدُّنْيَا أَنْ تَمَرَّرِي‏ وَتَكَدَّرِي وَ تَضَيَّقِي وَتَشَدَّدِي عَلَى أَوْلِيَائِي حَتَّى يُحِبُّوا لِقَائِي، وَتَيَسَّرِي وَتَسَهَّلِي وَتَطَيَّبِي لِأَعْدَائِي حَتَّى يُبْغِضُوا لِقَائِي فَإِنِّي جَعَلْتُ الدُّنْيَا سِجْناً لِأَوْلِيَائِي وَجَنَّةً لِأَعْدَائِي.

وعَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص : ‏ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا دُنْيَا تَمَرَّرِي‏ عَلَى عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ بِأَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَضَيِّقِي عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ وَلَا تَحْلَوْلِي فَيَرْكَنَ إِلَيْكِ.

وفي بيان آخر للإمام الصادق ع يوضح فيه خيرية ابتلاء المؤمن، يقول ع : فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ع أَنْ يَا مُوسَى مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ وَإِنِّي إِنَّمَا أَبْتَلِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأُعْطِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَزْوِي عَنْهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ عَبْدِي فَلْيَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي وَلْيَرْضَ بِقَضَائِي وَلْيَشْكُرْ نَعْمَائِي أَكْتُبْهُ‏ فِي‏ الصِّدِّيقِينَ‏ عِنْدِي إِذَا عَمِلَ بِرِضَائِي وَأَطَاعَ أَمْرِي.

وفي نفس السياق يقول الإمام الباقر ع : «إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - إِذَا أَحَبَّ عَبْداً غَتَّهُ‏ بِالْبَلَاءِ غَتّاً، وَثَجَّهُ بِالْبَلَاءِ ثَجّاً، فَإِذَا دَعَاهُ، قَالَ: لَبَّيْكَ عَبْدِي، لَئِنْ عَجَّلْتُ لَكَ مَا سَأَلْتَ، إِنِّي عَلى‏ ذلِكَ لَقَادِرٌ؛ وَلَئِنِ ادَّخَرْتُ لَكَ، فَمَا ادَّخَرْتُ لَكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

الابتلاء إذن عطية كريمة من العطايا الإلهية العظيمة التي تكشف محبوبية المؤمن عند الله تعالى، بل هو - أي الابتلاء - هدية ربانية؛ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَ جَلَّ - لَيَتَعَاهَدُ الْمُؤْمِنَ‏ بِالْبَلَاءِ، كَمَا يَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِالْهَدِيَّةِ مِنَ الْغَيْبَةِ، وَيَحْمِيهِ الدُّنْيَا، كَمَا يَحْمِي الطَّبِيبُ الْمَرِيضَ».

إن النظرة للابتلاء بهذه الطريقة سيجعلنا أكثر رضا بقضاء الله وقدره، وأكثر قدرة على امتصاص الصدمات وتحمل المصاعب والآلام، أملا في أن نكون مشمولين بمحبة الله تعالى.
دمتم بحب.. جمعة مباركة.. أحبكم جميعا.

عندما يحب الله أحدا 4

بقدر الحب تكون تعبيرات الحب. ولا أقصد بالتعبيرات هنا الكلمات الرومانسية التي تقال بين الحبيبين، وإن كانت منها. فالألفاظ والكلمات من التعبيرات، ولها أثرها الجميل البالغ في النفوس، ولا سيما في إطار العلاقات الأسرية. ويكفينا في ذلك ما رواه الإمام الصادق ع عن جده رسول الله ص أنه قال: قول الرجل للمرأة: إني أحبك لا يذهب من قلبها أبدا.

أقول بأني لا أقصد هنا التعبيرات اللفظية وحدها، بل أقصد مطلق البوح العاطفي النبيل سواء بين الزوجين، أو بين الآباء وأبنائهم، أو بين الأصدقاء، أو بين الأرحام، أو بين عامة الناس. والمقصود بالنبيل العفيف الملتزم بالضوابط الأخلاقية والشرعية، والمنبعث من المحبة الصادقة، لا رومانسيات المسلسلات والأفلام المروجة للعلاقات الزائفة غير المنضبطة بحدود الدين والأعراف والقيم.

البوح العاطفي النبيل يتجلى في أشكال عدة، ولا ينحصر بالكلمات. إذ يمكن أن يكون هدية أو مصافحة حارة، أو ابتسامة معبرة أو لمسة حانية. وهو - أي البوح العاطفي بكافة أشكاله - هو ما نؤكد عليه دائما وندعو إليه، خصوصا مع موجة الجفاف العاطفي التي تكتسح مجتمعاتنا كأنها تتناغم مع المناخ الصحراوي الجاف. سألتُ أحد الشباب في إحدى الدورات التدريبية: هل تستطيع أن تقول لزوجتك: أنا أحبك؟ فارتبك واحمر وجهه خجلا، وعبر عن صعوبة ذلك، مما يدل على ضعف انتشار هذا السلوك الحميد في مجتمعنا. بل ربما يعد البعض البوح اللفظي نقصا أو ضعفا أو عيبا يخدش رجولة الرجل وكبرياءه. وهو ما يترك آثارا سلبية مدمرة على المجتمع.

يؤكد المتخصص النفسي وليد الزهراني في دراسة له حول «تأثير الفراغ العاطفي في الأسرة السعودية» أن 95 % من مرتادي العيادات النفسية في السعودية هم ممن يعانون الفراغ العاطفي ويقعون تحت طائل الاكتئاب والرهاب الاجتماعي جراء علاقات عاطفية فاشلة أو تبعات علاقة زوجية غير ناجحة، مما يترتب عليه بحث المرأة عمن يعوضها ما فقدته من اهتمام واحتواء فتلجأ إلى أساليب غير صحيحة.

ووصف الحلول بأنها بسيطة وحددها في الإشباع العاطفي للطفل منذ الصغر وبناء لغة للتفاهم والحوار والنقاش والحب والاهتمام وأن تتبنى وسائل الإعلام والجهات المهتمة بهذه الظاهرة التنبيه إلى خطورة الجفاف العاطفي على أفراد الأسرة الواحدة وبالتالي على المجتمع. وطالب بأن يدرج منهج للتربية والثقافة العاطفية ضمن المناهج الدراسية تتضمن كيفية تهيئة الشباب والشابات لمرحلة ما بعد الزواج.

هذا عن تعبيراتنا نحن البشر لمن نحب. أما عن التعبيرات الإلهية لمحبوبيه فهي بالتأكيد أبلغ وأصدق وأبعد أثرا وأبقى.

ونذكر هنا بعضها حسب ما ورد في الروايات الشريفة نقتبسها من كتاب ميزان الحكمة:

- الإمام علي ع : إذا أحب الله عبدا ألهمه حسن العبادة.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا حبب إليه الأمانة.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا زينه بالسكينة والحلم.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا ألهمه الصدق.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا ألهمه رشده ووفقه لطاعته.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا وعظه بالعبر.
- عنه ع : إذا أحب الله سبحانه عبدا بغض إليه المال وقصر منه الآمال.
- عنه ع : إذا أحب الله عبدا رزقه قلبا سليما وخلقا قويما.

هذه بعض هدايا الرب لمحبوبيه، والتي ينبغي أن تدعونا وتحفزنا للسير في الطريق المؤدي إلى الكون في جملة هؤلاء الفائزين بحب الله تعالى.
دمتم بحب.. جمعة مباركة.. أحبكم جميعا.


توقيع : kumait


يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام وخمسين ليتعلم الصمت
إرنست همنغواي
من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:10 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية