يزداد التخبط والتناقض في تصريحات كبار المتحدثين في البيت الأبيض، حول طبيعة السياسة الأمريكية المطلوبة تجاه الملف السوري. ففي وقت سابق أقر وزير الدفاع السابق ليون بانيتا وقائد القوات المسلحة الأمريكية الجنرال مارتن دمبسي الخميس بأنهما ساندا خطة هيلاري كلينتون والمدير السابق لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) ديفيد بترايوس اللذين إقترحا في تموز/يوليو تقديم أسلحة وتدريب معارضين سوريين. وخطة هيلاري كلينتون التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز في 2 شباط/فبراير رفضها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
إن التخبط في مراكز القرار لايزداد وحسب بل يفرض على كبار الساسة الأمريكيين- لضرورة استعادة أي توازن- التراجع عن الكثير من تصريحات وأفعال أسلافهم، وهو مانجده في أول حديث لجون كيري وزير الخارجية الأمريكي الجديد، حيث وعد بمبادرة «دبلوماسية» لمحاولة وقف النزاع في سورية، في أول مؤتمر صحافي له كوزير للخارجية، وأكد: « نجري الآن تقييماً للوضع في سورية، ونفكر ما هي الخطوات، إن كان ذلك ممكناً، الدبلوماسية بشكلٍ خاص، التي يمكن اتخاذها من أجل خفض ذاك العنف والتعامل مع ذاك الوضع المعقد والخطير».
ويأتي تصريحه بعد أن دافع البيت الأبيض عن موقفه المعارض لتسليح المعارضة السورية، ورفضه خطة بهذا المعنى أيدتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
ولم يشأ كيري الدخول في هذا الجدل قائلاً: إنه لم يكن على علم بالقرارات التي اتخذت قبل تولي منصبه، مؤكداً أنه يخطط للمضي قدماً. وأوضح «إنها حكومة جديدة وولاية ثانية للرئيس، وأنا وزير الخارجية الجديد وسنمضي قدماً إنطلاقاً من هنا».
إن هذه الوقائع تؤكد رؤية جريدة قاسيون حول تعمق الأزمة الرأسمالية الكبرى وتوسعها والتي أدت إلى تغييرات استراتيجية هامة في الميزان الدولي، ونجد اليوم أن التراجع الأمريكي المستمر بشكل دراماتيكي، يكثف عمق الأزمة التي تمر بها المنظومة الرأسمالية، فبعد التراجعات الكبرى في معدلات النمو والتي أوصلت الاقتصاد الأمريكي و الأوروبي إلى حد الركود، بدأت انعكاسات هذا الواقع جلية في مواقف الساسة الأمريكيين والأوروبيين على حدّ سواء.