|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
موقف الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) من الخلفاء الغاصبين
بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 05:34 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
موقف الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) من الخلفاء الغاصبين
سوف نتعرف على موقف الشهيد الصدر اعلى الله مقامه الشريف من الخلافة والخلفاء من خلال مطالعة سريعة لكتاب فدك في التاريخ، نجده رحمه الله تعالى يسمي موقف الزهراء سلام الله عليه بالـ (الثورة).
ويعنون أول فصول كتابه (على مسرح الثورة) ثم يختار عناوين فرعية داخل الموضوع (مستمسكات الثورة) (طريق الثورة) ..
ويفرز صفحة اول الكتاب لمقطع من خطبتها سلام الله عليه:
فدونكها مخطومةً مرحولةً تلقاك يوم حشرك، فنِعم الحَكَم اللَّه، والزعيم محمّد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون.
ثم يبدأ بتمهيد كتابه بلغة ادبية رصينة لم تخف الجوانب العلمية في طياتها، وهذا النوع من الكتابات كان رائجا في تلكم الفترة كما هو ملاحظ على كتب العقاد وغيره من الباحثين.
يقول رحمه الله تعالى في التمهيد:
وقَفَتْ لا يخالجها شكّ فيما تُقدِم عليه، ولا يطفح عليها موقفها الرهيب بصبابةٍ من خوفٍ أو ذعر، ولا يمرّ على خيالها الذي كان جدّياً كلّ الجدّ تردّدٌ في تصميمها، ولا تساورها هاجسة من هواجس القلق والارتباك، وها هي الآن في أعلى القمّة من استعدادها النبيل، وثباتها الشجاع على خطّتها الطموح واسلوبها الدفاعي، فقد كانت بين بابين لا يتّسعان لتردّدٍ طويل ودرسٍ عريض، فلا بدّ لها من اختيار أحدهما، وقد اختارت الطريق المتعِب من الطريقين، الذي يشقّ سلوكه على المرأة بطبيعتها الضعيفة؛ لما يكتنفه من شدائد ومصاعب تتطلّب جرأةً أدبيّة، ومَلَكةً بيانيةً مؤثّرة، وقدرةً على صبّ معاني الثورة كلّها في كلماتٍ، وبراعةً فنيّةً في تصوير النقمة ونقد الأوضاع القائمة تصويراً ونقداً يجعلان في الألفاظ معنىً من حياة وحظّاً من خلود، لتكون الحروف جنود الثورة الخيّرة، وسندها الخالد في تأريخ العقيدة، ولكنّه الإيمان والاستبسال في سبيل الحقّ الذي يبعث في النفوس الضعيفة نقائضها، ويفجّر في الطبائع المخذولة قوّةً لا تتعرّض لضعفٍ ولا تردّد.
ولذا كان اختيار الثائرة لهذا الطريق ممّا يوافق طبعها، ويلتئم مع شخصيّتها المركّزة على الانتصار للحقّ والاندفاع في سبيله.
وانت ترى هذا الوصف الدقيق لوقفة الزهراء سلام الله عليها وخطبتها في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم امام ابي بكر.
وكانت حولها نسوة متعدّدات من حفدتها ونساء قومها كالنجوم المتناثرة يلتففن بها بغير انتظام، وهنّ جميعاً سواسية في هذا الاندفاع والالتياع، وقائدتهنّ بينهنّ تستعرض ما ستقدم عليه من وثبةٍ كريمةٍ تهيّئ لها العدّة والذخيرة، وهي كلّما استرسلت فياستعراضها هذا ازدادت رباطة جأشٍ وقوّة جنان، وتضاعفت قوّة الحقّ التي تعمل في نفسها، واشتدّت صلابةً في الحركة، وانبعاثاً نحو الدفاع عن الحقوق المسلوبة، ونشاطاً في الاندفاع، وبسالةً في الموقف الرهيب، كأ نّها قد استعارت في لحظتها هذه قلبَ رَجلها العظيم، لتواجه به ظروفها القاسية وما حاكت لها يد القدر. أستغفر اللَّه، بل ما قدّر لها المقدِّر الحكيم من مأساةٍ مروّعةٍ تهدّ الجبل وتزلزل الصعب الشامخ.
وهنا يشير رحمه الله الى ان هناك حقوقا مسلوبة، ومنها فدك وليس كلها... ويشرك في موقفها روح زوجها عليه السلام اشارة لحقه المسلوب في الخلافة.
ثم يكمل رحمه الله واصفا حالتها الصحية والجسمية :
وكانت في لحظتها الرهيبة التي قامت فيها بدور الجندي المدافع شبحاً قائماً ترتسم عليه سحابة حزن مرير، وهي شاحبة اللون، عابسة الوجه، مفجوعة القلب، كاسفة البال، منهدّة العمد، ضعيفة الجانب، مائعة الجسم، وفي صميم نفسها وعميق فكرها المتأمّلة إشعاعة بهجة، وإثارة طمأنينة، وليس هذا ولا ذاك استعذاباً لأملٍ باسم، أو سكوناً إلى حلمٍ لذيذ، أو استقبالًا لنتيجةٍ حسنةٍ مترقّبة، بل كانت الإشعاعة إشعاعة رضاً بالفكرة، والاستبشار بالثورة، وكانت الطمأنينة ثقةً بنجاح، لا هذا الذي نفيناه، بل على وجهٍ آخر، وإنّ في بعض الفشل الآجل إيجاباً لنجاحٍ عظيم، وكذلك وقع، فقد قامت امّة برمّتها تقدّس هذه الثورة الفائرة، بل تستمدّ منها ثباتها واستبسالها في هذا الثبات.
ثم يقارن حالها آنذاك وحالها حينما كان ابوها صلوات الله عليه على قيد الحياة..
ودفعتها أفكارها في وقفتها تلك إلى الماضي القريب؛ يوم كانت موجات السعادة تلعب بحياتها السعيدة، ويوم كان نفس أبيها يصعد ونسمه يهبط. وكان بيتها قطب الدولة العتيد ودعامة المجد الراسخة المهيمنة على الزمن الخاشع المطيع.
ولعلّ أفكارها هذه ساقتها إلى تصوّر أبيها صلى الله عليه و آله وسلم وهو يضمّها إلى صدره الرحيب، ويحوطها بحنانه العبقري، ويطبع على فمها الطاهر قُبلاته التي اعتادتها منه، وكانت غذاءها صباحاً ومساءاً.
ثمّ وصلت إلى حيث بلغت سلسلة الزمن، فيواجهها الواقع العابس، وإذا بالزمان غير الزمان، وها هو بيتها - مشكاة النور، ورمز النبوّة والإشعاعة المتألّقة المحلّقة بالسماء - مهدَّد بين الفَينة والفَينة، وها هو ابن عمّها الرجل الثاني في دنيا الإسلام - باب علم النبوّة، ووزيرها المخلص، وهارونها المُرجَى، الذي لم يكن لينفصل ببدايته الطاهرة عن بداية النبوّة المباركة،
فانت ترى ولو ان الكلمات خرجت كلغة ادبية لكنها في طياتها تحمل العلم، لاحظ:
باب علم النبوّة: ففي الحديث النبويّ المشهور: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها». الرياض النضرة 2: 159، وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 64، وصحّحه السيوطي في جمع الجوامع، وأخرجه الترمذي في صحيحه بلفظٍ آخر. وراجع التاج الجامع للُاصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله و سلم للشيخ منصور علي ناصف 3: 337، قال: رواه الترمذي والطبراني وصحّحه الحاكم. وفي بعض هذه المصادر: «أنا دار الحكمة ...»
ووزيرها المخلص: إشارة إلى قوله صلى الله عليه و آله وسلم- في حديث الدار أو الإنذار- المشهور: «إنّ هذا- والإشارة إلى عليّ- أخي ووزيري وخليفتي فيكم ...». راجع الحديث بكامله في تأريخ الطبري 3: 218- 219، تفسير الخازن 3: 371
وهارونها المُرجَى: ورد في الحديث النبويّ المتواتر: «أمَا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّاأ نّه لا نبيّ بعدي» راجع صحيح البخاري 5: 128، وصحيح مسلم 4: 1873، والتاج الجامع للُاصول 3: 333، والصواعق المحرقة: 187
الذي لم يكن لينفصل ببدايته الطاهرة عن بداية النبوّة المباركة: راجع نهج البلاغة (ضبط الدكتور صبحي الصالح): 300- 301 خطبة 192، قال الإمام عليّ عليه السلام: «وقد علمتم موضعي من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وَلَدٌ ... ولم يجمع بيتٌ واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي وأشمّ رِيحَ النبوّة ...»
ثم يكتب وما اروع ما خطه قلمه:
فهو ناصرها في البداية، وأملها الكبير في النهاية- يخسر أخيراً خلافة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، وتقوَّض معنويّاته النوريّة التي شهدت لها السماء والأرض جميعاً، وتُسقط سوابقه الفذّة عن الاعتبار ببعض المقاييس التي تمّ اصطلاحها في تلك الأحايين.
وهل هناك اروع من هذا الكلام وما يأتي بعده الذي يفهمه حتى عوام العوام..
يقول رحمه الله:
وهنا بكت بكاءاً شقيّاً ما شاء اللَّه لها أن تبكي، ولم يكن بكاءاً بمعناه الذي يظهر على الأسارير ويخيّم على المظاهر، بل كان لوعة الضمير، وارتياع النفس، وانتفاضة الحسرات في أعماق القلب، وختمت طوافها الأليم هذا بعَبرتين نضّتا من مقلتيها.
ثمّ لم تطل وقفتها، بل اندفعت كالشرارة الملتهبة - وحولها صويحباتها - حتّى وصلت إلى ميدان الصراع، فوقفت وقفتها الخالدة، وأثارت حربها التي استعملت فيها ما يمكن مباشرته للمرأة في الإسلام، وكادت ثورتها البِكر أن تلتهم الخلافة لولا أن عاكسها شذوذ الظرف، وتناثرت أمامها العقبات.
تلك هي الحوراء الصدّيقة، فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، ريحانة النبوّة، ومثال العصمة، وهالة النور المشعّة، وبقيّة الرسول بين المسلمين - في طريقها إلى المسجد - وقد خسرت ابوّةً هي أزهى الابوّات في تأريخ الإنسان، وأفيضها حناناً، وأكثرها إشفاقاً، وأوفرها بركة.
وهذه كارثة من شأنها أن تذيق المصاب بها مرارة الموت، أو أن تظهر له الموت حلواً شهيّاً وأمَلًا نيّراً.
وهكذا كانت الزهراء حينما لحق أبوها بالرفيق الأعلى، وطارت روحه الفرد إلى جنان ربّها راضيةً مرضيّة.
ثم انه رضوان الله عليه يتطرق الى حال الزهراء صلوات الله عليها وحال الخلفاء المزعومين الجدد:
ثمّ لم تقف الحوادث المرّة عند هذا الحدّ الرهيب، بل عَرَّضَت الزهراء لخَطْبٍ آخر قد لا يقلّ تأثيراً في نفسها الطَهور، وإيقاداً لحزنها، وإذكاءاً لأساها عن الفاجعة الاولى كثيراً، وهو خسارة المجد الذي سجّلته السماء لبيت النبوّةعلى طول التأريخ، وأعني بهذا المجد العظيم: سيادة الامّة وزعامتها الكبرى، فقد كان من تشريعات السماء أن يسوس آل محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم امّته وشيعته؛ لأنّهم مشتقّاته ومصغّراته، وإذا بالتقدير المعاكس يصرف مراكز الزعامة عن أهلها، ومناصب الحكم عن أصحابها، ويرتّب لها خلفاء وامراء من عند نفسه.
وبهذا وذاك خسرت الزهراء أقدس النبوّات والابوّات، وأخلد الرئاسات والزعامات بين عشيّةٍ وضحاها، فبعثتها نفسها المطوَّقة بآفاقٍ من الحزن والأسف إلى المعركة ومجالاتها، ومباشرة الثورة والاستمرار عليها.
والحقيقة التي لا شكّ فيها أنّ أحداً ممّن يوافقها على مبدئها ونهضتها لم يكن ليمكنه أن يقف موقفها، ويستبسل استبسالها في الجهاد إلّا وأن يكون أكلةً باردة، وطعمةً رخيصةً للسلطات الحاكمة التي كانت قد بلغت يومذاك أوج الضغط والشدّة. فعلى الإشارة عتاب، وعلى القول حساب، وعلى الفعل عقاب، فلم يكن ليختلف عمّا نصطلح عليه اليوم بالأحكام العرفية، وهو أمر ضروري للسلطات يومئذٍ في سبيل تدعيم أساسها وتثبيت بنيانها.
أمّا إذا كان القائم المدافع بنت محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وبضعته وصورته الناضرة، فهي محفوظة لا خوف عليها بلا شكّ، باعتبار هذه النبوّة المقدّسة، ولِما للمرأة في الإسلام عموماً من حرماتٍ وخصائص تمنعها وتحميها من الأذى.
فهل ترى الوصف الدقيق لتلك الايام، وهل يبقى هناك قول لمعنى انه يطلق عليهم (خلفاء) وهو يصفهم الآن بـ(السلطات الحاكمة) وما هي عليه واصطلح عليه بالاحكام العرفية...
ثم يذهب الصدر الى عنوان آخر:
مستمسَكات الثورة:
ارتفعت الزهراء بأجنحةٍ من خيالها المطهَّر إلى آفاق حياتها الماضية ودنيا أبيها العظيم، التي استحالت - حِين لحق سيّد البشر بربّه - إلى ذكرى في نفس الحوراء متألّقةٍ بالنور، تمدّ الزهراء في كلّ حينٍ بألوانٍ من الشعور والعاطفة والتوجيه، وتشيع في نفسها ضروباً من البهجة والنعيم، فهي وإن كانت قد تأخّرت عن أبيها في حساب الزمن أياماً أو شهوراً ولكنّها لم تنفصل عنه في حساب الروح والذكرى لحظةً واحدة.
وإذن ففي جنبيها معين من القوّة لا ينبض، وطاقة على ثورةٍ كاسحةٍ لا تخمد، وأضواء من نبوّة محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ونفس محمّدٍ تنير لها الطريق، وتهديها سواء السبيل.
وتجرّدت الزهراء في اللحظة التي اختمرت فيها ثورة نفسها عن دنيا الناس، واتّجهت بمشاعرها إلى تلك الذكرى الحيّة في نفسها؛ لتستمدَّ منها قبساً من نورٍ في موقفها العصيب، وصارت تنادي:
إليَّ يا صورَ السعادةِ التي أفقتُ منها على شقاءٍ لا يصطبر عليه ...
إليَّ يا أعزَّ روحٍ عليَّ، وأحبّها إليَّ ...، حدّثيني وأفيضي عليَّ من نورك الإلهي كما كنتِ تصنعين معي دائماً.
إليَّ يا أبي اناجيك إن كانت المناجاة تلذُّ لك، وأبثّك همومي كما اعتدتُ أن أفعل في كلّ حين، واخبرك أنّ تلك الظِلال الظليلة التي كانت تقيني من لهيب هذه الدنيا لم يعدْ لي منها شيء.
قد كان بعدك أنباءٌ وهنبثةٌ - - لو كنت شاهدها لم تكثر الخُطُب إليَّ يا ذكريات الماضي العزيز، حدّثيني حديثك الجذّاب، وردّدي على مسامعي كلَّ شيء؛ لُاثيرَها حرباً لا هوادة فيها على هؤلاء الذين ارتفعوا أو ارتفع الناس بهم إلى منبر أبي ومقامه، ولم يعرفوا لآل محمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم حقوقهم، ولا لبيتهم حرمةً تصونه من الإحراق والتخريب، ذكّريني بمشاهد أبي وغزواته، ألم يكن يقصّ عليَّ ألواناً من بطولة أخيه وصهره واستبساله في الجهاد، وتفوّقه على سائر الأنداد، ووقوفه إلى صفّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في أشدّ الساعات وأعنف المعارك التي فرَّ فيها فلان وفلان وتقاصر عن اقتحامها الشجعان؟! أيصحّ بعد هذا أن نضعَ أبا بكر على منبر النبيّ وننزل بعليٍّ عمّا يستحقّ من مقام؟!
بالله عليك هل بقت لابي بكر قيمة بعد هذا الكلام؟
ام هل تراه يذكر قضية احراق الدار واعتبرها من المسلمات لا بل اضاف لها عبارة (التخريب).
راجع لقضية اخراق الدار الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 19، وتأريخ الطبري 2: 233، وشرح نهج البلاغة 6: 47- 48، فقد روي أنّ عمر بن الخطّاب جاء إلى بيت فاطمة عليها السلام في عصابةٍ في رجالٍ من الأنصار ونفرٍ من المهاجرين، فقال: «والذي نفسي بيده لَتَخرجنَّ إلى البيعة أو لُاحرِقنّ البيت عليكم»
|
|
|
|
|