العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي مقال مهم جدا: ماذا تعرف عن عروبة التشيع؟!!
قديم بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 01:02 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

عروبة التشيع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
كثيرا ما وصفنا بأننا صفويون وإيرانيون.
ويتناسى الآخرين أن أصول رؤساء مذاهبهم من أين أتوا وإلى ما ينتمون؟!
هذا المقال نشر في مجلة الإيمان الصادرة في النجف الأشرف في ستينيات القرن الماضي نورده هنا للفائدة، وهو مقال جدير بالقراءة بتمعن ولعل الله يوفق من يبحث في الموضوع أكثر .
وبالله تعالى نعتصم وبه نستعين.
مجلّة الإيمان
مجلة دينية تأريخية أدبية
صاحبها ومديرها المسؤول رئيس التحرير
موسى اليعقوبي وهادي الطباطبائي الحكيم
السنة: الأولى
صدر العدد بتاريخ 15 / 9 / 1964م

عروبة التشيّع
بقلم : فضيلة العلاّمة الكبير الشيخ عبد الواحد الأنصاري

ماذا يضرّك وأنت مسلِم تدين الله على مَذهب أهل البيت ـ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ـ أن تكون أعجميّاً شعوبيّاً أو تُتّهم بهما ؟! وهل تُجديك العروبة نفعاً إن أنت عبدّت الشيطان على طريقة آل أبي سفيان ( يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ ) ؟!
قلت هذا لمحدّثي ، وكان الهياج قد طغى عليه والثورة تحرق ما في أعماقه ؛ لأنَّ أحدهم قد اتّهمه بالعجمة ووصفه بالشعوبية ؛ لأنّه شيعي جعفري يتولّى آل الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، ويتشيّع لعلي وأولاده المعصومين . فالتفتَ إليّ والحدّة لا تفارق لهجته ، وقال : لو أنَّ الذي اتّهمني كان مِن خصوم الشيعة لما تأثّرت ؛ لأنَّ منطق الخصم معروف ، والشيعة كانوا ولا يزالون هدفاً لأغراض المناوئين لهم ، وقد تعوّدت كما تعوّد أسلافي مِن قَبل سماع مختلف التهم والأباطيل ، لكنّ الذي اتّهمني هو من أعرف الناس بحَسبي ونسَبي وعشيرتي التي كانت تسدي إليه الخير الكثير يوم كان يستدر عطف الناس ومبرّات المحسنين !!
كنت كغيري أعرفه ملحِداً متذبذباً انتهازياً بمعنى الكلمة ، إلاّ أنّه خدعني كما خدعَ غيري يوم راح ينشد الإصلاح ، ويبكي على فساد الأوضاع وضياع الدِّين والقيم الإنسانية في المدّ الأحمر . وأيّ واحد يا تُرى كان لا يبارك موقفه ويشدّ من أزره يوم ذاك !! فحملته كما حمله المؤمنون على الأكتاف كبطل مجاهد ، حتّى انحسر المدّ وأصبح مِن المرموقين في دولة ( الزعاطيط ) ، ثُمّ تدرّج وأصبح شيئاً مذكوراً ، ولمّا استوى على عرشه كفَر بكلّ القيم الإنسانية ، وراح يسعى في قطْع الأكفّ التي حمَلته إلى مقامه الرفيع !
فرحت أهدّئ مِن ثورته ، وخفّفت مِن هياجه ، وقلت له : إنِّي لا أنكر عليك عروبتك الأصيلة ، ولا أشكّ في حسَبك ودِينك وتقواك ، إلاّ أنَّني أنكر عليك ثورتك العارمة وعصبيّتك المقيتة ، ولا أرضي أن تفقد رشدك واتّزانك ، فلو اختلّت الموازين وفُقدت المقاييس وساد منطق الباطل في يوم مِن الأيام ، فلا يمكن أن تبقى الأوضاع شاذّة والمقاييس مفقودة والدنيا يسودها منطق الباطل ، وإنَّ حكْم التاريخ ومنطق الصلحاء يكفي لإرجاع الحقّ إلى نصابه وتعديل المنطق المعوّج .
وإنَّ اتّهامك بالعجمة والشعوبية ـ وفي الأعجام أمثال : سلمان الفارسي ، وعبد الله بن مسعود ، وبلال الحبشي ، وصهيب الرومي ، وأبي حنيفة ، والبخاري ، وابن سينا ، وغيرهم مِن أساطين العِلم ومشاعل الحكمة وفقهاء الدِّين ، وعلام الأدب والمنطق واللغة والتاريخ ، ممّن أنجبتهم بلاد فارس ( بلخ ، وبُخارى ، وسمرقند ) ـ لا يسبّب لك وهناً ولا يحطّ مِن قدرك ومنزلتك ، ولو كنت منحدراً مِن صُلب الگيلاني ، والبخاري ، والترمذي ، والسهروردي ، وغيرهم .
فالقومية العربية بمفهومها الحديث ، تَعتبر هؤلاء جميعاً أكثر عروبة وقومية مِن أبي سفيان ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وآل أُميّة ، ومَن لَفّ لفّهم واحتطب بحبلهم وجاهد في إطفاء نور الله .
فالقومية العربية ـ على حدّ تَعبير دعاتها اليوم ـ لا تتعدّى وحدة الشعور ، ووحدة اللغة ، ووحدة الوطن ، ووحدة التاريخ ، ووحدة الآمال . أو هي : مجموعة صفات خيّرة وأخلاق سامية ، تتوحّد في أهداف الأمّة التي تسعى لإسعاد أفرادها ، وتكوين حضارتها وإشادة مجدها ، كما يراد منها اليوم .
إنَّ شعورك أيّها الأخ ، منبثق مِن تعاليم الإسلام ، وهُدى محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، وآل بيته ( عليهم السلام ) الذين أوجب الله محبّتهم وفرَض على المسلمين مودّتهم ـ ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ، وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنِّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) ـ وإنَّ محافظتك على اللغة العربية والتمسّك بها ، فرض مِن فروض مذهبك ، إذ لا تصحّ صلواتك فرْضاً ونفْلاً إلاّ بأدائها على اللغة العربية ، فإذا تسامحت فيها المذاهب الأخرى وأجازت أداءها على لغة أخرى ، فإنَّ مذهبك لا يجيز لك ذلك ، ويعتبر فرضك باطلاً .
وإنَّ جهادك تحت راية الإسلام بقيادة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، في سبيل نشر الحقّ والعدل والفضيلة ، وتطهيراً للجزيرة العربية مِن دنس الشرك وعبادة الأوثان ، كان جهاداً عظيماً باركه الله في كتابه المجيد . وإنَّ دفاعك وتفانيك تحت راية الإمام علي ( عليه السلام ) ، في جهاد المنحرفين عن الإسلام ـ الذين سمّاهم الله في قرآنه الكريم بالناكثين والقاسطين والمارقين ـ كان دفاعاً مشكوراً وجهاداً عظيماً . وإنّ مَن يقلّب صفحات تاريخنا المجيد لا يجد على صفحاته إلاّ العمل الصالح والجهاد المشرِّف، وما هي إلاّ صفحات تاريخ محمّد وآل محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) ، وتاريخ جهادك في سبيل الإمام علي ( عليه السلام ) وتعاليم الإسلام ، والدفاع عن الفضيلة والسيْر في ركْب الأولياء والصالحين . وهل آمالك وأمانيك وأنت تريد الخير والهُدى تختلف عن آمال وأماني المؤمنين الأحرار والصلحاء من المسلمين ؟ وهل للعرب المؤمنين اليوم آمال غير تحرير البلاد الإسلامية مِن شرّ المستعمرين وفساد العابثين وكيد الظالمين ، وإسعاد الأمّة والخير للجميع ؟
إنَّ مفهوم القومية العربية التي ينادي بشعاراتها اليوم دعاة القومية ، لا تختلف عن مفهومها في الجاهلية والإسلام ، وقد أوضحه الإمام الحسين ( عليه السلام ) قَبل ( 1324 ) عاماً في نهضته المباركة ، وثورته على الظلم والشرّ والعدوان . خاطب قِوى البغي والفساد ودعاة الكفر والجور والإلحاد : ( يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لَم يكن لكم دِين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم ، وأرجعوا إليَّ أحسابكم وأنسابكم إن كنتم عرُباً كما تزعمون ) .
لقد عبّر الإمام الحسين ( عليه السلام ) عن القومية العربية ومفهوم العروبة تعبيراً صادقاً ، أنكر على العربي الحرّ أن يكون عوناً للظالمين ، ومسخَّراً لأطماع الخونة ، وآلة بيد الغاصبين . واعتبر ـ أبو الشهداء ـ السائرين في ركْب المنحرفين عن الإسلام ، والخاضعين لسيطرة الخارجين على الخُلق العربي الكريم مارقين عن العروبة ، كما اعتبر قيود الإنسانية ـ وموانعها مِن الانحطاط إلى درك الوحشية ـ ثلاثة أمور : الدِّين ، والخوف مِن المعاد وخشية المصير ، والتمسّك بالحرّية العربية والمُثل العليا التي وِجدت في الخُلق العربي وأقرّها الإسلام .
فإذا كان التاريخ قد طعَن في عروبة الكثير مِن أتباع الأمويين ، وفي بعض أنساب الأمويين بالذات كآل بني معيط ( ابان بن ذكوان ) العبد الصفوري الذي تبنّاه أميّة بن عبد شمس ، فإنَّ التاريخ لَم يطعَن في عروبة شيعة علي ومَن والاه مِن كبار الصحابة والتابعين ، وإذا كان ما بأيدي غير الشيعة مِن الفقه والحديث والتاريخ والتفسير ، هو مِن تدوين وتفسير واجتهاد غير العرب ، فإنَّ ما بأيدي الشيعة الجعفرية مِن الفقه والحديث والتفسير ، هو مِن تدوين واجتهاد الأئمّة مِن آل الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) المنحدرين مِن صُلْب هاشم .
وأنقل إليك أيّها الأخ الثائر ـ مِن باب المثال لا مِن باب الدعوة إلى العنصرية والفاشية ـ ما يقوله التاريخ في عروبة التشيّع .
لقد أثبت خصوم الشيعة جهلهم بالحقائق ، فزعموا أنَّ التشيّع لعلي ( عليه السلام ) مذْهب ابتدعه الفُرس ؛ كيداً للإسلام الذي قضى على عبادتهم وأخذاً بالثأر لعرش الأكاسرة ، حتّى أصبح الشيعي العربي مِن وِلْد قحطان فارسيّاً رُغم أنفه ، والهندي والفارسي مِن غير الشيعة وإن وَلَده بوذا وكسرى عربي الأصل والنسَب ، وخرجوا بهذه القاعدة على التاريخ الذي يصرخ في وجوههم بأنَّ التشيّع عربي الأصل ، عربي البيت ، عربي التربة ، عربي التشريع ، يجري في عروقه الدم العربي الذي ظهَر في مدينة الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، واعتنقه العرب في صدْر الإسلام منذ عهْد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، وترعرع في القبائل العربية : طيّ ، همْدان ، تميم ، مذحج ، كِندة ، رَبيعة ، مُضر ، وغيرها مِن القبائل العربية في الحجاز ونجْد والعراق واليمن ، وانتشر إلى البلاد غير عربية ومنها فارِس التي كانت حتّى سنة 917ﻫ سنّية ، وإلى سنة 1160ﻫ متكوّنة مِن أكثرية سنّية ، يَشَهد بذلك التراث العلمي لإخواننا السنّة . فأئمّة الفقه والتفسير والتاريخ واللغة إن لَم يكن كلّهم فأكثرهم مِن أبناء فارِس وملحقاتها مِن بلاد آسيا الوسطى ، منهم : الإمام أبو حنيفة ، والبخاري ، والترمذي ، وابن ماجة ، والزمخشري ، والنسائي ، والتفتازاني ، والبيهقي ، والنقشبندي ، والسهروردي ، والگيلاني ، والقفّال ، والمروزي ، والشاشي ، الجرجاني ، والراغب الأصفهاني ، وأبو القاسم البلخي ، وغيرهم ممّا لا مجال لحصرهم وعدّهم . ولَم تخفَ هذه الحقيقة على مَن أراد الحقيقة وكتب في هذا الموضوع ، وإليك ما يقوله المستشرقون وغيرهم :
يقول المستشرق المعروف ( آدم منز ) في كتابه ( الحضارة الإسلامية ) ص102 : ( إنَّ مذهب الشيعة ـ كما يعتقد البعض ـ ردّ فِعل مِن جانب الروح الإيرانية تخالف الإسلام ، فقد كانت جزيرة العرب شيعية كلّها عدا المدن الكبرى كمكة ، وتهامة ، وصنعاء . أمّا إيران فكانت سنّية عدا ( قم ) ، وكان أهل أصفهان يغالون في معاوية ، حتّى اعتقد بعضهم أنَّه نبيّ مرسَل ـ كما نقل المقدسي ـ ) .
ويقول المستشرق ( جولد تسهير ) في كتابه ( العقيدة والشريعة ) ص204 : ( إنَّ مِن الخطأ القول : بأنَّ التشيّع في منشئه ومراحل نموّه يمثّل الأثر التعديلي الذي أحدثته أفكار الأمم الإيرانية في الإسلام ، بعد أن اعتنقته أو خضعت لسلطانه عن طريق الفتح والدعاية ، وهذا الوهم شايع مبني على سوء فهم الحوادث التاريخية ، فالحركة العلوية نشأت في أرض عربية بحتة ) .
ويقول المستشرق ( فلهوزن ) في كتابه ( الشيعة والخارج ) ص241 : ( أمّا آراء الشيعة تلائم الإيرانيين فهذا لا شكّ فيه ، أمّا كون هذه الآراء قد انبعثت مِن الإيرانيين فليست تلك الملائمة دليلاً عليه ، بل الروايات التاريخية تقول عكس ذلك ، إذ تقول : إنَّ التشيّع الواضح الصريح كان قائماً ـ أولاً ـ في الدوائر العربية ثُمّ انتقل منها إلى الموالي ) .
لقد عزَم السلطان خدابنده ـ حفيد هولاكو ـ على أن يحمل الناس على التشيّع في مطلع القرن الثامن ، كما يقول الرحالة ابن بطّوطة ـ في رحلته ص128 ، الجزء الأول ، طبُع بيروت ـ ما هذا نصه باختصار :
( كان السلطان خدابنده حاكم العراق ، قد صحب أحد الزنادقة الروافض يُدعى بجمال الدين بن المطهّر ـ أي : العلامة الحلي قدّس سرّه ـ أيّام كفره وأسلم على يده وأسلم معه التتر ، وجنّد إليه مذهب الروافض إلى أن يقول الرحالة : ( وعزم السلطان على حمْل الناس على الرفض ، فكتب السلطان إلى بلاد أذربيجان ، وكرمان ، وأصفهان ، وخراسان ، وشيراز ، والعراق ، بإدخال اسم علي ومَن تبعه ـ كعمّار ـ في خطبة الجمعة ، وعدم ذِكر الصحابة فيها . وكان أوّل بلاد وصل إليه أمر السلطان : بغداد وشيراز وأصفهان ، أمّا أهالي باب الأزج ـ أي باب الشيخ حالياً ـ في بغداد فقالوا : لا سمعاً ولا طاعة ، وتسلّح منهم اثناعشر ألف رجل ، وجاؤوا إلى المسجد وكان فيه مأمور السلطان فقالوا للخطيب : إن غيّرت أو بدّلت قتلناك ، فخاف منهم ولَم يغيّر في الخطبة ، وهكذا فَعل أهل شيراز وأصفهان ، وبلغ السلطان ذلك فأحضر القضاة الثلاثة ، وكان أوّل مَن وصل إليه قاضي شيراز جلال الدِّين ، فأمر السلطان بإلقائه إلى كلابه وكانت كلاباً شرسة مفترسة ، ولمّا وصلت إليه الكلاب راحت تبصبص وتتمسّح بأذياله ولم تمسّه بأذى . ولمّا ظهرت للشيخ جلال الدِّين هذه الكرامة وسمع بها السلطان جاء مهرولاً إليه ، وخلَع عليه ثيابه ـ وهو غاية الإكرام ـ وأدخله إلى حريمه وأمر نساءه وأهله باحترامه ، وعَدَل عن مذهب الرفض إلى مذهب أهل السنّة ، وأمر بإلغاء ما كتبه إلى الآفاق ) .
فالتشيّع في بدء تكوينه ، والشيعة في ظهورهم كجماعة موالية لعلي ( عليه السلام ) ، وبروزهم كفرقة إسلامية كبيرة ـ قاتلت تحت راية الإمام علي ( عليه السلام ) الناكثين في البصرة ، والقاسطين في صفين ، والمارقين في النهروان ـ لم يُعرف عنهم أنَّهم كانوا مِن عنصر غير عربي ، أو كان فيهم مَن يفكّر تفكيراً أجنبياً عن الإسلام ومبادئه ، ولم يكن في وِسع المناوئين للشيعة مدّة الحُكم الأموي والعباسي أن تتّهمهم بأنَّهم مِن عنصر غير عربي ، أو أنَّهم يعتنقون مبدأً فارسياً غريباً عن الإسلام ، أو أنَّهم كانوا يسعون في إعادة المجوسية على الرغم مِن أنَّ خصومهم لم يتركوا تهمة باطلة إلاّ وألصقوها بهم ، ولم يدعو صفة قبيحة إلاّ ونعتوهم بها ، حتّى استيلاء الأتراك على الخلافة الإسلامية التي كان مِن شروط صحتها ـ كما زعموا ـ أن يكون الخليفة ( قرشياً ) ؛ للحديث الذي استدلّ به المهاجرون على الأنصار يوم ( السقيفة ) : الأئمّة مِن قريش . هذا الحديث الذي ولِد في يوم ( السقيفة ) وعاش حتّى اغتيال عمر بن الخطاب الذي قال ـ لمّا طُلب منه أن يعهد بالخلافة لأحدهم ـ : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لعهدت إليه .
ففي عهد الأتراك ـ أو الخلافة العثمانية ـ ظهر ما لَم يكن في حسبان خصوم الشيعة الجعفرية ، فقد ظهرت الدولة الصفوية ، وأعلن الشاه إسماعيل الصفوي مَذهب التشيّع في إيران ، واتّخُذ المذهب الجعفري مذهباً رسمياً للدولة عام 907ﻫ ، وحتّى هذا التاريخ كان الشيعة في إيران أقلّية يخشون بأس خصومهم مِن المذاهب الأربعة التي كانت منتشِرة في إيران ، الأمر الذي حمَل علماء الجعفرية أن يلتمسوا مِن الشاه العدول عن عزمه ، وطلبوا منه أن لا يتّخذ المذهب الجعفري مذهباً للدولة ؛ خشية عليه وخوفاً مِن إيقاظ الفتنة بين السنّة والشيعة . فلم يلتفت الشاه إلى طلب العلماء ونفّذ ما أراد .
كان إعلان المذهب الجعفري مذهباً رسمياً للدولة في إيران مفاجئة سيّئة في نفوس خصومهم ، ومثاراً لدهشة الخليفة العثماني والساعين في إبادة الشيعة والقضاء عليهم . ولم يكن في الحساب بعد أن فتَك ـ البطل الأوحد ـ صلاح الدِّين بشيعة حلب ، وأباد الفاطميين في مصر ، أن تقوم للشيعة قائمة أو يكون فيهم مَن يفكّر في جمْع شتاتهم .
ولا عجب إذا كانت خطوة الشاه هذه مثيرة للدهشة والانفعال ؛ لأنَّها كانت خطوة جبّارة لا مثيل لها حتّى في عهدِ البويهيين الشيعة ، الذين ملكوا البلاد وأخضعوا الخليفة العبّاسي لأوامرهم ، فلم يجرأ أحد منهم أن يعيد في الأذان ( حيّ على خير العمل ) ، كيف والشاه أعاده وأظهر الشهادة للإمام علي في فقرات الأذان ، وأزال منه ( الصلاة خير مِنَ النوم ) .
لقد حدث على أثر ذلك ما كان يخشاه علماء الشيعة ، فقامت في إيران المذابح المذهبية والمعارك الطائفية ، على نحو ليس له مثيل في الحروب الطائفية والمجازر المذهبية . وأعلن الكثير مِن بلاد إيران وملحقاتها الانفصال ، لا سيّما بلاد آسيا الوسطى وأفغانستان . وهاجمت الجيوش التركية البلاد الإيرانية ، وراح ضحيّة هذه المعارك خلقٌ كثير ، وكانت المعارك قاسية في سبيل الاستيلاء على العراق مِن الطرفين ، واشتدّ البلاء على الشيعة في البلاد الخاضعة لحكمِ الأتراك في عهد بايزيد الثاني وسلطان سليم الأوّل ، وقد بلغ عدد القتلى في تلك البلاد مِن الشيعة أربعين ألف شخص تتراوح أعمارهم بين السنة 7 و70 .
فإذا كانت المعارك النظامية قد حقّقت النصر للشاه الصفوي ، فإنَّ المعارك اللانظامية وثورات النفوس بقيت مشتعلة في نفوس السنّة والشيعة طيلة الحكم الصفوي في إيران ، وظهور الشاه الأفشاري ( نادرخان ) الذي قضى على حكمِ الصفويين ، وأعاد البلاد التي انسلخت مِن إيران في أواخر العهد الصفوي ، وفي احتفال رسمي طلب مِن الحاضرين أن ينتخبوا ملِكاً لإيران ، فأجمع الحاضرون على اختياره فلم يقبل إلاّ بشروط ، فيها : اعتبار المذهب الجعفري مذهباً خامساً . وبَعد المعارك الدامية التي حدثت بين نادرشاه والخليفة العثماني ؛ للاستيلاء على العراق ، تمّ عقْد الصلح بين الخليفة والشاه ، وكان مِن شروط الصلح : عدم الاعتراف بالمذهب الجعفري . وانحاز الشاه بعد توقيعه على وثيقة الصلح إلى التركمان والأزبك والأفغانيين ، وصمّم سرّاً على إبادة قوّاده مِن الإيرانيين ، وكان مِن حُسن الحظّ أن اطّلع أحدهم على سرّه فكمِن له وأرداه قتيلاً عام 1160 . وقد أرّخ بعضهم تاريخ وفاته ( نادر بدرك رفت ) .
إذا استثنينا العهد الصفوي ، وجدنا إيران منذ أن أسلمت كانت تدار مِن قِبل حكّام مِن غير الشيعة ، وكان سكّانها مِن الشيعة أقلّية ، وإنَّها لَم تنقلب إلى أكثرية شيعية ويتولّى حُكمها ملوك مِن الشيعة ، إلاّ في مطلع القرن الثالث عشر الهجري وظهور الدولة القاجارية .
بغداد / عبد الواحد الأنصاري
المصدر
توضيح:
المد الأحمر = المد الشيوعي
نادر بدرك رفت = الشاه نادر ذهب الى الجحيم


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 10:46 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية