مرحلة جديدة من الحرب الكونية على سوريا … تهويل اميركي لتحسين الشروط
[IMG]http://www.mepanorama.com/wp-*******/uploads/2013/03/mepanorama26937.jpg[/IMG]
حسين سلمان
مخطط كوني حيك للجمهورية العربية السورية انطلقت شرارته في الخامس عشر من اذار عام الفين واحد عشر. اختلفت العناوين والمسميات لكن الهدف واحد: اقصاء سوريا عن محور الممانعة، وشطب دورها الريادي من المعادلات الدولية، وتقطيع كيانها الى دويلات تتناتش وتتناحر وتدخل في نفق صراعات طائفية لا تبقي ولا تذر. وما بين المطالبة بالاصلاح وممارسات المجموعات المسلحة سقط القناع وتكشفت الحقائق وظهر الوجه الحقيقي لما دُبر لسوريا بعد أكثر من عامين على مرور أزمتها التي قسمت العالم أفقيا بين مؤيد للدولة وآخر للمسلحين، وكلما لاحت في الأفق بوادر حلحلة تسعى بعض الدول الى النفخ في هشيم المعركة وتسعير اوارها، إلا ان القراءات الميدانية تشير الى أن النظام قد استوعب المخططات واجاد مواجهة ضراوتها ودرء اهدافها الرامية الى تمزيق النسيج الداخلي.
ومع دخول الحرب الكونية عامها الثالث، دخلت الدول الراعية للمجموعات المسلحة مرحلة جديدة من التعاطي مع الأزمة بعد حيلولة السيناريوهات المتعددة وخرائط الطرق المتشعبة دون الوصول الى نتائج ملموسة في تحقيق الأهداف على الصعيدين السياسي والعسكري برغم تسخير أجهزة استخبارات عالمية تعمل على تدريب وتجهيز المقاتلين.
وتقول مصادر عسكرية رفيعة المستوى لـ”العهد” ان الجولة القادمة من الصراع ستكون الأعنف بعدما اقدم بعض الدول المعادية لسوريا على إمداد المجموعات الارهابية بالأسلحة الثقيلة لا سيما في حلب التي حقق الجيش العربي السوري انجازات نوعية في مناطقها، واستعاد مدناً وبلدات عدة في المدينة والريف الجنوبي، وعمل على تأمين طرق إمدادات للقوات العسكرية هناك، الامر الذي غير وجهة المعركة في الأيام الأخير.
وتشير المصادر الى ان الجيش العربي السوري يقوم بحشد قوات عسكرية كبيرة للدخول الى بعض المناطق الحساسة قرب الحدود مع تركيا لقطع طرق الإمدادات العسكرية والبشرية وتطويق المجموعات المسلحة في أماكن الاشتباك ومحاصرتهم ضمن بقع جغرافية تمهيداً للانقضاض عليهم في الوقت المناسب.
وتقول المصادر العسكرية السورية ان المخطط الاميركي العربي التركي الهادف الى إنهاك الجيش السوري وإدخاله في أتون نمط جديد من معارك استنزافية المترافق مع حملة تهويل بالتدخل العسكري، لا يعدو كونه أكثر من استهلاك كلامي في ظل قدرات الجيش العالية ورباطة جأشه وعزيمته على مواصلة القتال لاستعادة الأمن والاستقرار الى البلاد، مستبعدة التدخل العسكري في سوريا للأسباب التالية:
اولا: ان ثمة اوراقا كثيرة لم تكشف عنها الدولة السورية في حال التدخل العسكري من شأنها أن تغير معالم المنطقة وتعيد بعض الدول العربية المتآمرة الى عصر ركوب الجمال.
ثانيا: ان التوازنات السياسية القائمة والاصطفافات في العالم تحُول دون التدخل العسكري، وفي السياق تقول المصادر إن الرئيس الاميركي باراك أوباما تفاجأ في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين من حجم الدعم الروسي لسوريا، وقال هل الأمر يتطلب كل هذا الدعم الروسي الى دمشق؟ فأجابه الرئيس بوتين: “اقول لك بصراحة ان سوريا اليوم هي بالنسبة لروسيا ستالنغراد عندما هاجمها هتلر، وهي موسكو اليوم، ولذلك اتمنى ان تنصحوا الجيمع بأن لا يحاولوا الهجوم او التدخل في سوريا”، اضف الى ذلك ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تعتبر أن الاعتداء الخارجي على دمشق هو اعتداء على طهران.
ثالثا: ان الادارة الاميركية التي تعاني ظروفا اقتصادية حرجة، غير قادرة على شن حرب من شأنها أن تغرق الولايات المتحدة في ازمة حقيقية لا افق لنهايتها وتخلق شرخا اقتصاديا عميقا مع العملاقين الروسي والصيني على اعتبار ان محور الخلاف هو سوريا.
رابعا: لا يمكن للادارة الاميركية أن تخوض حربا غير محسوبة النتائج في ظل غياب المعلومات الحقيقية عن قدرات دمشق الدفاعية وامكانياتها الصاروخية، كما ان الكيان الصهيوني ومنشآته وترساناته في النقب وغيرها لن يكون بمنأى عن صواريخ الجيش العربي السوري.
وعليه تقول المصادر ان التهويل الاميركي على سوريا يأتي في اطار تحسين الشروط بعدما وجدت الادارة الاميركية نفسها أمام حائط مسدود في تحقيق اهدافها مع المفاوض الروسي، إذ ان واشنطن تسعى الى مناقشة ملفات عدة تتعلق بالشأن النووي الايراني والقضية الفلسطينية والتبادل الاقتصادي وآخرها الأزمة السورية، لكن موسكو ترى أن الازمة السورية هي الاولوية في المفاوضات لوقف نزيف الدم وجلوس السوريين الى طاولة حوار للتفاهم حول مستقبل بلادهم، ومن ثم تأتي مناقشة الملفات الأخرى التي تحتمل المزيد من الوقت للمناقشة. غير ان الادارة الاميركية التي لا تستعجل الحل السياسي سارعت الى رفع السقف وإطلاق تهديدات عالية النبرة وتصعيد اللهجة في المواقف الى حين القمة المرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما، وبانتظار ذلك تقول المصادر ان وطأة المعارك ستشتد في الفترة المقبلة مع مواصلة الدعم اللامحدود للمجموعات المسلحة، لكن القوات السوريّة لن تتوانى عن مواصلة مهماتها في القضاء على الإرهابيين وتطهير البلاد من تلك المجموعات لا سيما وان التكتيكات الجديدة التي يعتمدها الجيش السوري في المواجهة أظهرت نتائج إيجابية كبيرة في مناطق ريف دمشق وحلب وحمص.
على صعيد اخر قال ناشط سياسي بارز في “المعارضة السورية في الداخل” لـ”العهد”ان الازمة السورية تتطلب حواراً بناء يشارك فيه كافة اطياف المجتمع السوري باستثاء من وصفهم بالمرتهنين للخارج وعملاء قطر وتركيا وتجار دماء الشعب السوري، داعيا الى الجلوس على طاولة الحوار لايجاد مخرج سريع للازمة تجنبا للوقوع في حرب اهلية لا سيما وان من يصفون انفسهم بالثوار يعمدون بشكل عشوائي الى قتل ابنائنا من الشعب والجيش وقد باتوا اليوم أشد عداء للشعب السوري وأكثر ايذاء للدولة والمصالح العامة والخاصة، كما دعا الى مراجعة النفس والعودة الى الضمير الوطني، وقال من جهة ثانية ان النظام السوري اخطأ مرات عدة عندما رفض الاستماع الى اصوات المعارضة الوطنية ضاربا بعرض الحائط المطالب الاصلاحية، لكن المرحلة تتطلب بقاء النظام القائم ريثما يختار الشعب السوري حكومة تحقق اماله وتلبي رغباته من دون تدخل خارجي.
ويختم المصدر المعارض بالقول ان ادعاءات الولايات المتحدة الأميركية بالحرص على الشعب السوري ومطالبه هو محض كذب، لأن واشنطن التي قتلت الشعب العراقي والافغاني وتدعم “اسرائيل” في قتل الشعبين الفلسطيني واللبناني تضع دائما في اولوياتها المصالح الاميركية والاسرائيلية، ودعا إلى ما من وصفه بائتلاف البترودولار الى الاتعاظ من التجارب التي اثبتت ان الادارة الاميركية تتخلى عن حلفائها في أول مفترق طرق يؤدي الى تل أبيب.