لماذا ربح الحكيم والصــدر في الانتخابات المحلية ولو بتقدم قليل عما هو عليه سابقا ..!!!!
وسط كل الموت والبربرية، علينا ان نرى حقائق جديدة في السياسة الشيعية.
لقد حصد الحكيم والصدر تقريبا نصف اصوات الشيعة رغم انهم لم يستخدموا العواطف الطائفية الرخيصة ولم يقل احد منهما انه "مختار" لهذا العصر او زعيم لأمة "ما ننطيها".
هذا تسجيل لدردشة مع واحد من اصحابي الاذكياء. وهل هناك ألذ من دردشة مع الاذكياء؟ وهل كانت الهزائم ستتراكم حول السلطان لو كان معه بضعة عقول نظيفة؟
طيلة الشهور الماضية راهن المالكي على هزيمة الحكيم والصدر امام "مختار العصر" في اقتراع المجالس. لكن احلامه فسدت. شعر ان الحكيم والصدر سيعجزان عن ركوب الشعار الطائفي، فبطل طوزخورماتو وقمع المظاهرات واعدام الهاشمي ومطاردة العيساوي، هو المالكي وحسب. لكن الناخب الشيعي قال للمالكي وبمعدل يقرب من ٥٠ في المائة، ان حساباته خاطئة، فجزء كبير من الشيعة لايريدون حربا. وجزء كبير من الشيعة يدركون ان المالكي وفريقه العسكري والسياسي اهدروا ٧٠٠ مليار دولار وتركوا المدن الشيعية تعاني الفقر و٣٠ في المائة من سكانها يسكنون الحواسم والعشوائيات. الناخب الشيعي لم يتعرض للخديعة بنسبة كبيرة تثير الاعجاب.
ولقد فسدت احلام السلطان مرارا. كان بعد صولة الفرسان عام ٢٠٠٨ يريد ان يظهر كرجل عصري متصالح مع علمانيي الشيعة والسنة، كي يهزم مرجعيات دينية توصف بالتشدد.
لكننا اكتشفنا بعدها ان صولته تلك لم تكن انحيازا لمعايير الدولة الحديثة، بل برغبة اخضاع المنافس وحسب. لذلك راح يتورط بصولة اثر اخرى ويفضح معاني صولاته المكنونة المفرغة من كل معايير الدولة والقانون. صولته الاولى اربحته وجعلت كثيرين يرون فيه حامل لواء القانون، وصولاته اللاحقة فضحته وجعلته يظهر بصورته الصريحة متشبثا بالسلطة بأي ثمن، يريد من الناخب ان ينسى الفساد والفشل والفقر ويمنح صوته لحامي الحمى الذي يصنع خمسة اعداء جدد كل يوم في الداخل والخارج.
المهم في الامر ان الحكيم (وكذلك الصدر وطاقمه الشاب) يدرك انه ربح اصوات الشيعة، بسبب رفضه الصعود في مركب الطائفية الفاشية المحاربة التي سوقها المالكي. ولكي يبقى يكسب تلك الاصوات فان عليه ان يظل عنصر اعتدال وتصحيح ومراجعة وصولا الى حكومة ٢٠١٤.
الانتخابات اثبتت ان نصف الناخبين الشيعة على الاقل يقفون ضد الحرب. لذلك صوتوا للصدر والحكيم بوصفهم "شيعة ضد الحرب". شيعة حافظوا على تفاهم متين مع الاكراد والسنة، وراهنوا على شراكة مسؤولة تجنب البلاد المزيد من الدم.
هل سيتحالف الحكيم مع المالكي ويخرب اسباب فوزه؟ لا يعتقد المراقبون ذلك. فطاقم الشباب ومن تبقى من الحكماء، تصالحوا مع شرائح واسعة في المجتمع وراحوا يعملون بذكاء ويضخون دماء جديدة في فريقهم. ويكسبون ثقة الجميع ويحجزون مكانا في المستقبل. انه مستقبل يخلو من صورة المالكي اذ لا يوجد شريك شيعي او غير شيعي، يرغب بوجود شخص مختلق المشاكل على رأس السلطة بعد انتخابات ٢٠١٤.
في انتخابات البرلمان بات معقولا ان نرى نتائج اوضح سيحصدها تحالف "شيعة ضد الحرب" المكون من الصدر والحكيم وعبد المهدي والجلبي وآخرين مدعوما بمواقف مرجعية النجف ومراكز القوى الاجتماعية الكبرى من البصرة حتى بغداد. ومدعوما بتقاربه وتفاهمه مع محور اربيل النجف والعراقية. انه التحالف المدافع عن التعدد السياسي والشراكة المسؤولة وهو التحالف المعارض للولاية الثالثة. التحالف الذي سيفوز ثانية بشكل ابرز في انتخابات البرلمان، والمرشح للحصول على نحو ٨٠ الى ٩٠ مقعد يمثل الاعتدال الشيعي في البرلمان، وهذا ما يصيب المالكي بالجنون.
التحالف الشيعي المعارض للحرب هو طرف بات يراجع العلاقة مع ايران ايضا ويخوض معها حوارا مليئا بالعتاب المر. وطهران واميركا يراقبان، لا نتائج الحكيم والصدر وحسب، بل الاقتراع الذي اثبت ان نحو نصف الشيعة معارضون للولاية الثالثة ولحرب مختار العصر وزعيم "امة ما ننطيها".
وسط كل الموت والبربرية، علينا ان نرى حقائق جديدة في السياسة الشيعية. كل هذا سيعيد حسابات الجميع ويقلب بعضها رأسا على عقب.