هل جربت يوما أن تضع حزنك في صندوق... وتضع الصندوق فوق ظهرك وتجوب بلدان
الحزن.... وتزور مدائن الحنين.....
أنا فعلت ذلك....
هل جربت يوما أن تسير فوق الشاطئ وحيدا وتحاور القمر وحيدا....وتستقبل الشمس وحيدا
... وتبكي تحت المطر وحيدا كي لا يلمح اللآخرون غزارة دموعك.....
أنا فعلت ذلك.....
هل جربت يوما ان تقف أمام مرآتك كي تتذكر ملامح وجهك....وتتفقد جيوش الحزن في عينيك...
وتتبع آثار البكاء عليهم فوق وجنيتك....
أنا فعلت ذلك.......
هل جربت يوما ان تفر من ذاكرتك وتسافر إلى البيعد.... إلى وجه لا تعرفها ....وأعين لا تعرفك
ومكان لم يشهد يوما فصول حزنك......
أنا فعلت ذلك.......
هل جربت يوما أن ترسم وجوههم فوق الرمال.... وتحت صورهم فوق الجبال ....وتحاور
بقاياهم بسذاجة الأطفال .... وتصافح طيفهم بجنون العشاق.....
أنا فعلت ذلك.........
هل جربت يوما انا تتدثر بالشوق.... وترتدي ملابس الحنين وتجلس بجانب الهاتف مساءا
.... ترجوه أن يأتيك بصوت تشتاقه... وتغمض عنيك على أمل ان يوقظك رنينه......
وتستيقظ على وجه الشمس وهي تخرج لك لسانها ساخرة ......
أنا فعلت ذلك........
هل جربت يوما ان تختنق بالهواء.... وتغمر بالماء...
وتبحث عن بقعة أمل تتنفس عليها... وتكذب على قلبك كي تسمتر بك وبه الحياة....
أنا فعلت ذلك.......
هل جربت يوما أن تتذوق طعم الدموع ليلة العيد... وتتذكر الذين تسللوا منك رغما عنك وعنهم... وتأوي إلى فراشك مبكرا وتستقيظ متأخرا... وتفنن في هروبك من واقع لايحتويك....
أنا فعلت ذلك......
هل جربت يوما أن يرتعش قلبك كالطفل الذبيح... ويموت لسانك في فمك وتخذلك قدماك في الوقوف وتتوه بينهم كالمجنون الاعمى.... وتتخبط في زحامهم وضياعهم... ويستعمرك الخوف من كل جانب....
أنا فعلت ذلك........
هل جربت يوما أن تسير في البلاد غريبا برغم ألفة المكان.... ودفْ الطرقات وحميمة الذكريات...تتغرس في وجه وطنك وكأنك تراه للمرة الأولى وكأنه يلدك للمرة الأولى...
أنا فعلت ذلك.........
هل جربت يوما أن تطفئ أنوار غرفتك.... وتجلس في الظلمه كالطائر الصغير.... وتتذكر تفاصيلهم الصغيرة معك وتضع رأسك بين يديك وتبكي بكاء الأطفال.... وتوصي الليل أن يستر لحظات ضعفك.....
أنا فعلت ذلك.........
هل جربت يوما أن تتحول إلى طائرصغير ... تفرد جناحيك كل يوم فتطير بحثا عنهم وخوفا عليهم... ولهفة إليهم ويخذلك جناحيك ,انت في أعلى قمة الحنين.....
أنا فعلت ذلك........
هل جربت يوما أن تتحول إلى طائرة ورقيه... يسرقك هواء الذكرى من نفسك... وتأخذك رياح الشوق إلى البعيد... ويقذف بك حنينك فوق أطلالهم ... فتستنشق المكان والبقايا والآثار....
وتتمنى أن يعود بك الزمن لحظة واحدة كي تراهم أمامك
أنا فعلت ذلك.......