بعد أن خذلتها الولايات المتحدة في سورية، هل تقدم المملكة السعودية على الانتحار إذا تعذر عليها الانتصار؟
هذا ما يمكن استخلاصه من الأحداث التالية:
في 31 تموز 2013، قام الأمير بندر بن سلطان بزيارة إلى موسكو حيث استقبله الرئيس فلاديمير بوتين. على الرغم من قيام رئيس المخابرات السعودية بنشر نسخة من المقابلة لصالحه، إلا أن الروس ذكروا أنه هددهم، ومن ثم حاول رشوتهم.
في 30 أيلول، تم إدراج اسم الأمير سعود الفيصل على جدول أعمال النقاشات العامة للدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن، وبسبب غضبهم من عودة الدفء في العلاقات الأميركية- الإيرانية، انسحب وزير الخارجية السعودية دون تقديم اعتذار. وفي حمأة غضبه، رفض أيضاً أن يوزع خطابه المعد والمطبوع سلفا على باقي أعضاء الوفود.
في 11 تشرين أول، قام جيفري فيلتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة، والمسؤول السابق عن دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية باستقبال وفد لبناني، وجه بحضورهم نقداً لاذعاً للسياسة الخارجية السعودية القائمة على «الأحقاد»، العاجزة على التكيف مع العالم المتغير.
في 18 تشرين الأول، انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المملكة السعودية عضواً غير دائم لمدة عامين في مجلس الأمن، تبدأ اعتباراً من 1 كانون ثاني 2014.
وفي حين رحب السفير عبد اللـه المعلمي بهذا النصر الذي يعكس «فعالية السياسة السعودية المتميزة بالاعتدال» (كذا)، أصدر الأمير سعود الفيصل بعد بضع ساعات بياناً صحفياً، بنكهة ناصرية، يتحدث عن عجز مجلس الأمن، وقرار المملكة رفض أخذ مقعد فيه.
في 21 تشرين الأول، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال قيام الأمير بندر بن سلطان، بدعوة جميع الدبلوماسيين الأوروبيين العاملين في الرياض إلى منزله، ليعلن لضيوفه المندهشين من هذه الدعوة، عزم المملكة على اتخاذ إجراءات عقابية بحق «أميركا»!.
وفي محاولة لاحتواء التردد الذي حدث بسبب هذا الإعلان إثر التعليقات المطمئنة الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، أفاد الأمير تركي بن فيصل لوكالة رويترز أن تصريحات عدوه الشخصي بندر، تعبر عن موقف المملكة التي لن تراجع سياستها بهذا الخصوص. الأمر الذي يعني، ليس فقط، عدم وجود أي تصدع في السلطة بين الجناحين المتخاصمين ضمن العائلة الحاكمة، بل رؤية مشتركة بهذا الخصوص.
غير أن استمرار بقاء مملكة آل سعود صار على المحك منذ تعيين جون برينان على رأس وكالة الاستخبارات المركزية في شهر آذار 2013.
جون برينان، الذي كان يشغل نفس المنصب في السعودية، هو من أشد المعارضين لآليات العمل الاستخباراتي التي وضعها أسلافه مع الرياض.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الجهاد العالمي، هو السبب الوحيد لاستمرار بقاء مملكة آل سعود.
لم تعد واشنطن تحتاج المملكة لتمدها بالنفط، أو أن ترافع في قضية السلام مع إسرائيل. الأمر الذي يفسر عودة مخطط المحافظين الجدد إلى البنتاغون الذي يدعو صراحة إلى «طرد آل سعود خارج شبه الجزيرة العربية»، حسبما جاء تحت عنوان في ملف بأوروبوينت تم عرضه في شهر تموز 2002 أمام أعضاء المجلس السياسي لوزارة الدفاع.
بلجوئها إلى المواجهة مع الولايات المتحدة، تكون عائلة سعود قد ضيقت الخيارات أمامها. إذ ليس من المعقول أن تقبل واشنطن على نفسها إملاءات حفنة من أثرياء الخليج لما يجب وما لا يجب عليها فعله في سورية أو إيران.