مرآة الجزيرة - الخميس, 23 كانون2/يناير 2014
كتبه عدنان الساحلي
ليست “الوهابية” السعودية في أحسن حالاتها، على الرغم من لعب قادتها بمئات مليارات الدولارات، حاولت أن تأخذ حصتها من “ثمار” الفوضى الأميركية الخلاقة، فكانت كالفيل الذي دخل منزلاً من زجاج؛ دمّرت وأحرقت وقتلت، لكنها لم تحظَ بغير افتضاح حقيقة مشروعها، رغم نثرها مليارات الدولارات يميناً وشمالاً..
هي دعوة تلبّست برداء الإسلام زوراً، عملت وتعمل على تخريب وتدمير المجتمع العربي والإسلامي، ودفعه إلى الخلف؛ إلى غياهب التخلّف والبدائية، خدمة للمشروع الصهيوني الذي يترسخ في فلسطين، فيما آل سعود ووهابيوهم يحضرون الساحة للتكامل مع هذا المشروع، وما دعوتهم إلى التحالف مع “إسرائيل” إلا جزءاً صغيراً من جبل جليد العلاقات القديمة التي تربط الجهتين.
الوجه الصهيوني لـ”الوهابية” ليس مجرد ادعاء أو افتراء، وهي باتت مؤخراً لا تخجل به، فهذه الحركة التي خرجت من رحم النفوذ البريطاني البروتستانتي التلمودي المتهوّد، وخُصِّصت للسيطرة على العالميْن العربي والإسلامي، مثلها مثل “البهائية” و”الكسروية” التي صنعها الإنكليز لاختراق النسيج الإسلامي الشيعي في إيران، حيث شكلت “البهائية” النخبة الحاكمة خلال العهد البهلوي فيها، وتولّت الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الخميني الراحل القضاء عليها وكنسها من المجتمع الإيراني المسلم.
هي كذلك مثل “القاديانية” التي صنعها الإنكليز في القارة الهندية لتشويه الإسلام، وحرف المسلمين عن جادة الحق والصواب، والتي أشعلت نيران الحروب بين المسلمين والهندوس، وبين المسلمين بعضهم بعضاً. هذه الحركات صنعتها ذات اليد الشريرة التي استعمرت بلادنا وسرقت خيراتها، وزرعت فيها الكيان الصهيوني المجرم، الذي اغتصب فلسطين وشرّد أهلها، وما يزال يهدد بشره كل العرب والمسلمين، خصوصاً في ظل حكم المتواطئين معه لبعض بلادنا.
كثيرون نظروا بعين الشك خلال العقود الماضية إلى ما كتبه المعارض العربي الحجازي ناصر السعيد، الذي اختطفه السعوديون من بيروت وقتلوه بكل حقدهم على الحق والحقيقة، من أن مشروع “الوهابية” السعودية هو مشروع يهودي – صهيوني، لكن هذا الأمر لم يعد مدعاة للشك، خصوصاً إذا ما تمعنّا في الدور الذي لعبته مملكة التخريب والإرهاب خدمة للمشروع الصهيوني، إذ إن العرب اشتبكوا في حروب شرسة مع العدو الصهيوني، ابتداء من ثورة 1936، مروراً بعام النكبة 1948 وعدوانيْ 1956 و1967، وصولاً إلى عدوانيْ تموز 2006 على لبنان، و2008 على غزة، وما بينها من مجازر ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
على مدى تلك الحروب التي سقط فيها مئات آلاف الشهداء، لم نرَ تحشداً لـ”الوهابيين” والسعوديين دفاعاً عن الأمة والدين، ولا عن الأرض والكرامة والعرض.. فقط احتشد “الوهابيون” في أفغانستان عندما تطلبت ذلك مصلحة الإمبريالية الأميركية، وفي سورية اليوم يحتشدون بالآلاف بهدف تخليص “إسرائيل” من مشروع المقاومة الذي يهدد وجودها واستمرارها. وتقدر وسائل الإعلام الغربية أعدادهم بأكثر من أربعة آلاف مقاتل من المملكة وحدها، وهم بعشرات الآلاف من مختلف أصقاع العالم.
هذه “الوهابية” التي تدعي الانتماء إلى “السلف الصالح” تكفّر كل أتباع هذا السلف الصالح، خصوصاً أن لكل فئة أو جهة تكفّرها “الوهابية” سلفها الصالح، فكيف يستقيم هذا الادعاء الكاذب؟ كيف تؤمن جماعة وتكفّر بالمفرق؟ وكيف تنتمي مثل هذه الحالة إلى “السلف الصالح” وهي التي تمارس من الفساد والإفساد وتسرق أموال وخيرات شعبها، بدرجة لم تتوصّل إليها أفسد ملكيات العالم وأكثرها شروراً؟
“الوهابية” اليوم باتت مكشوفة لكل ذي عين بصيرة، هي حركة قتل وإجرام بحق المسلمين في كل مكان وُجدت فيه، وهي باتت مطلوبة لعدالة الشعوب والحكومات محلياً وإقليمياً ودولياً، ومطاردتها مع تكفيرييها باتت شرطاً لأمن البلدان الأوروبية، وهدفاً للجهود السياسية العالمية لحل الأزمة السورية، ومواجهتها عنوان إعادة بناء كل البلدان العربية التي تتعرض لأعمالها التخريبية؛ في العراق واليمن ومصر وتونس وليبيا وغيرها، حتى تشكيل الحكومة في لبنان لن يستقيم ولن يأتي بأي نفع ما لم يكن عنوانه الأساس إعلان الحرب على التكفيريين أبناء المدرسة “الوهابية” المنحرفة.