العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العام

المنتدى العام المنتدى مخصص للأمور العامة

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية حسين ال دخيل
حسين ال دخيل
شيعي فاطمي
رقم العضوية : 74854
الإنتساب : Oct 2012
المشاركات : 4,936
بمعدل : 1.11 يوميا

حسين ال دخيل غير متصل

 عرض البوم صور حسين ال دخيل

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العام
افتراضي الجاهلية الحديثة و الحاجة إلى المعنويات‏
قديم بتاريخ : 17-02-2014 الساعة : 06:28 PM


الجاهلية الحديثة و الحاجة إلى المعنويات‏
﴿ مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ * يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ 1 .
البشرية اليوم أشبه ما تكون بجسم عملاق رُكّب عليه رأس صغير ! إنك لو رأيت رجلاً ضخماً ؛ صدره عريض ويداه‏ طويلتان ورجلاه أطول ، ولكن رأسه رأس طفل صغير ، فلا شك أنك ستقول بأن خللاً كبيراً حاكم على خلقته منذ الولادة.
إننا اليوم نملك قدرات هائلة ، حتى استطاع الإنسان أن يفلق الذرة ويتحكم بالجنين ويهندس الوراثة ويجوب الفضاء ، وأصبحت الأرض التي كانت في يوم من الأيام عالماً مغلقاً أمام البشر ؛ أصبحت تمسح بالأقمار الصناعية مسحا ًجيولوجياً ليكتشف ما في أعماقها من معادن وآثار وأحواض مائية ونفطية وتيارات هوائية عالية التأثير قد تتسبب‏في وقوع الزلازل والبراكين . . وإنسان اليوم يستطيع التحكم حتى بالنباتات ، حيث أخذ هذا التحكم وما يقف وراءه‏من تقنية علمية بتوفير مواد غذائية جديدة ، واستطاع العلماء تحسين نطف الحيوانات ، فركّبوا بعضها على بعض . . . وهاهو العلم الحاضر يسعى إلى زرع خلايا الدماغ ، ويتجه إلى صنع أعضاء احتياطية حية لجسم الإنسان عبر الاستعانة بتحسين جينات الحيوانات الذكية .
وهذا التطور العلمي الحاصل لا يعني أن الإنسان قد وصل الذروة ، بل العكس هو الصحيح ، وفي ذلك إشارة واضحة ومباشرة إلى أن البشرية قد ضيعت مميزات أبلغ أهمية من التطور العلمي الذي حصلت عليه .
إن باستطاعة إنسان اليوم أن يجلس مستريحاً في بيته مطلق الاستراحة بفضل الخدمات التي ينفذها له الإنسان الآلي ،ويستطيع أيضاً تشييد مصنع معقد للسيارات المتطورة ، والتفرج على العقول الالكترونية وهي تعمل على قدم وساق لإ يعوزها نقص ؛ واحتمال ارتكاب الخطأ فيها واحد إلى المليون . . فالإنسان الآلي المبرمج من قبل الإنسان الطبيعي ينجز مسؤوليات صانعه بإتقان أشد . ولكن هذا التطور وهذا الإنجاز قد كلف البشرية الكثير الكثير من مصداقيتها و قابلياتها وروحياتها ومستقبلها .
إننا ؛ ومن منطلق مفاهيم ديننا الإسلامي لا نقول بأن السبب في تراجع البشرية هو التطور العلمي والاستفادة من‏ طاقات الأرض والكون ، بل العكس هو الأصح تماماً . فالنصوص الدينية الواردة فيها من التحريض على استثمار الطبيعة ما لم يأت لها شبيه في دين أو عقيدة أخرى ؛ لا كماً ولا نوعاً . إن نظرتنا الدينية تؤكد بأن العلة فيما وصلت إليه‏ البشرية من جاهلية وعدم تناسب ، هو التفكير المادي المتحكم في التعامل مع الإمكانات النهضوية .
فمن الملاحظ أن سجلات وأروقة الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية تزدحم بتسجيل براءات الاختراع‏ والاكتشاف ، وكل يوم تطالعنا الصحافة العالمية بعشرات ؛ بل بمئات الاختراعات العلمية الحديثة الغريبة بحق . ولكن ‏كل هذا وذاك لا يعني توفر السعادة للبشرية ، بل العكس هو الصحيح تماماً . إذ الجسم البشري أصبح كتلةً مشوهة لا تناسب فيها مطلقاً ، فالتفاوت كبير للغاية بين التطور العلمي وبين درجات كبح هذا التطور . وهناك اختلاف شاسع بين‏ الإمكانات الطبيعية للبشرية وبين مستوى الاستقلال الذاتي لأصحاب هذه الإمكانات والموارد الحقيقيين ، فالواقع‏ الملموس يشير إلى أن الغني يتضاعف غناه والقوي تتضاعف قوته ، فيما الفقير يزداد فقراً والضعيف يتكرس ضعفه‏ باستمرار . وأن التطور العلمي والاكتشافات الحديثة لم تساعد في حل هذه المشكلة ، إن لم نقل إنها سبب رئيسي في‏ وجودها واستفحالها . فلقد أصبح مَثل الجسم البشري مَثل الشاحنة المتطور تقنياً ولكن تعوزها الكوابح ، فالعالم اليوم‏ تعوزه القيادة الحكيمة والحازمة لضبط هذه الحركة هائلة السرعة لتتحكم بها وتوصلها إلى شاطئ الأمن والسلام .
إن البشرية اليوم تتسابق مع الزمن لمجرد السباق ، إذ هي تفتقر كل الافتقار إلى وجود غاية تسير باتجاهها وإليها ؛ بمعنى ‏أن حركة البشرية أضحت كحركة كرة الثلج الهابطة من قمة الجبل ، فهي كلما هوت إلى الأسفل كلما تضاعفت سرعتها و كبر حجمها ، ولكنها لا تعي مصيرها ، فالوعي هنا سالب بانتفاء الحياة والروح لديها .
فقد تقدم الإنسان في العصر الراهن تقدماً هائلاً في عالم الماديات ، ولكنه تضاءل وتراجع في عالم الروحانيات . ومما لا يخفى أن الروح هي الضابط الأوحد للمادة ، وهذه الروح إن لم تؤدي وظيفتها على الشكل الصحيح فإن المادة تكون‏ ذات مردود سلبي على الإنسان . والرسول‏ صلى الله عليه وآله وسلم يقول بهذا الخصوص : ( إن العقل عِقال من الجهل‏ ) 2 ؛ أي ‏إن الإنسان لا يعدو كونه كتلة من الجهل ما لم يستعن بسلاح العقل الذي يمنعه من الاندفاع نحو الخطأ ، ويقول ‏صلى الله عليه وآله وسلم ‏أيضاً : ( والنفس مثل أخبث الدواب ، فإن لم تُعقل حارت‏ ) 3 ؛ بمعنى أن النفس البشرية حيوان هائج ، والعقل والروح والحكمة هو ما يدبّر أمورها .
بينما اليوم نجد الأسلحة الفتاكة التي تصرف لها الأموال الطائلة وتهدر لها الطاقات العلمية الجبارة يطول عنها الحديث ‏ويطول حتى ليحس المتحدث والمستمع والكاتب والقارئ بالاشمئزاز منها . فالعلم الحديث استطاع أن يسخر الجراثيم‏ لقتل وإبادة الناس ، وهذا السلاح بطبيعة الحال ليس سلاحاً دفاعياً أو رادعاً كما يحلو للبعض أن يقدّم تبريراته الكاذبة في إطار صناعة ونشر واستخدام الأسلحة الذرية ، حيث ضحكت الدول المالكة لهذا السلاح على بعضها البعض وعلى‏بقية الدول طيلة ما كان يسمى الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ، حيث كانوا ولا يزالون يعتصرون‏جذوة الجهود البشرية والإمكانات الطبيعية المتاحة في سبيل إحكام سيطرتهم على مقدرات هذا العالم . هذه هي الحياة التي نعيشها في الحقبة الراهنة مع بالغ الأسف والحسرة! .
والسؤال الهام جداً هنا ، هو : كيف نقاوم هذا التوجه ؟ وكيف نستطيع أن نوجّه العالم ونقوده إلى الأمن والسلام ؟
والجواب يكمن في مسألة واحدة ، وهي العودة إلى الروح وتنمية المعنويات لدى الإنسان . فالمعادلة الطبيعية واليسيرة لدى الإنسان تقول بلزوم الحفاظ على الحالة المعنوية العالية لتتم السيطرة على الجسم والمادة فيه . ولا ريب أن الشريعة الإسلامية مليئة بالوصفات الروحية التي تؤدي دورها في هذا الإطار ، من قبيل الصوم والصلاة المستحبين ودفع‏الصدقات ومساعدة المساكين والفقراء . . وبالأخص في أشهر رجب وشعبان و رمضان ؛ الأشهر التي جعلها اللَّه بمثابة الفرصة المثالية والهدية للناس .
وهناك أمر على غاية في الأهمية ، ألا وهو ضرورة الانتباه إلى الطريقة التي نؤدي بها عباداتنا ؛ بمعنى أننا لابد وأن نسعى ‏إلى ممارسة العبادات على الوجه الصحيح والكامل .
إن الدين الإسلامي يرشدنا ـ في هذا المجال ـ إلى طريقة ذكية جداً ، تتمثل في أن ننظر في تأدية العمل والعبادة إلى من‏هو فوقنا في ممارسته للعبادة ، ليكون بذلك تحريضاً على عزمنا ورغبتنا في الأعمال الصالحة التي من جملتها العبادة ، وأن‏ ننظر إلى من هو دوننا من حيث الإمكانات المادية لتتأصل فينا القناعة والرضا بما قسم الرب جل وعلا .
ثم إن الإسلام يقول كما جاء عن الإمام جعفر الصادق‏ عليه السلام : ( من لم يهتم بأمور المسلمين فليس ‏بمسلم‏ ) 4 ويقول أيضاً كما جاء عن رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما آمن باللَّه واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جايع‏ ) 5 ، بمعنى أن الشريعة الإلهية تحرضنا وتوجب علينا متابعة ما يجري من حولنا من تطورات ، ومن ‏ثم نمارس اهتمامنا ونقدم يد المساعدة للمحتاجين . وفي هذا الزمن بالذات ، حيث المسلمون أحوج الناس من الجانب‏ المادي والمعنوي ، فان ثقل المسؤولية يتضاعف ويتضاعف حتى نؤدي ما علينا من توفير الروح المعنوية في الناس ‏ونضمن انتفاء انحرافهم ، بالإضافة إلى ما نقدم لهم من يد مساعدة مادية منتظمة وهادفة لاستئصال الجوع والفقر من‏ بينهم .
إن في الآيات الشريفة السالفة الذكر تصور لنا حالة من حالات ما بعد دخول المؤمنين الجنة ، ودخول الكافرين ‏والمنافقين النار ؛ حيث تتحول أعمال المؤمنين إلى نور يسعى بين أيديهم ، يتنعمون في جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، مبشرين من الملائكة برضوان اللَّه الذي هو أكبر وأشرف من الجنان وما فيها . أما الكفار والمنافقون‏ فتتحول أعمالهم الدنيوية إلى عقد نفسية وظلمات ، حتى ليستغيثوا بالمؤمنين ليتزودوا من نورهم ، ولكن هيهات أن‏ يكون لهم ذلك ، فالملائكة تواجههم بأشد التقريع ، فيقال لهم تعجيزاً : ارجعوا إلى ورائكم ـ دنياكم ـ لعلكم تلتمسون‏ نوراً . وحين يعترف المنافقون والكفار بالعجز عن ذلك يضرب بينهم وبين المؤمنين حجاب ؛ جهة منه فيه الرحمة لأهل‏ الجنة ، وأخرى فيها العذاب لأهل النار .
إن اللَّه سبحانه وتعالى يستعرض في هذه الآيات جملة من الأعمال التي أدت بالمنافقين الى النار ، وهي : فتنة النفس ،والريبة بالحقائق ، والغرور بالأماني ، والتعويل على المادة ، وعدم الإيمان والتصديق بالغيب ، وقسوة القلب ، والفسق في ‏الممارسات والمعتقدات ، والتسويف بالتوبة مع معرفة الحق .
وعلى هذا الأساس ؛ فإن المنافقين سيعيشون ـ فوق ما يعيشونه ويعانونه من عذاب النار ـ حالة من العزلة والاحتقار حتى لتكون النار مولىً لهم ؛ أي ملجأً يلجؤون منها إليها ؛ بمعنى أنهم يدورون في حلقة متكاملة من العذاب الإلهي الدائم ‏والشديد . وقد أصابهم هذا كله بداعي رفضهم للروح واكتفائهم بالمادة ؛ المادة التي ما أن يستغنى بها عن الروح حتى‏ تضيّع الإنسان وتكتب على مصيره العقاب . . 6 .




1. القران الكريم : سورة الحديد ( 57 ) ، الآيات : 11 - 16 ، الصفحة : 538 .
2. بحار الأنوار : ‏1 / ‏117 .
3. المصدر السابق .
4. بحار الأنوار : ‏71 / ‏338 .
5. بحار الأنوار : ‏74 / ‏191 .
6. من كتاب : الحضارة الإسلامية ، آفاق و تطلعات ، الفصل الرابع : حضارتان متقابلتان .


توقيع : حسين ال دخيل
حسين منجل العكيلي
من مواضيع : حسين ال دخيل 0 من أسباب النسيان
0 مامعنى نفخة الصور المذكورة في الفرآن الكريم؟؟
0 لؤلؤة بين القمامة
0 قالوا عن المرأة المسلمة
0 لاتحدثوا انفسكم بالزنا
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:07 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية