ورد تسجيل للمرجع الفياض حول موضوع المرجع السياسي الديني وقرأنا جانبا من التعليقات التي جانبت وابتعدت في تحليلها عن مضمون الخطاب الذي القي بلسان عربي فصيح مع لكنة اخرى زادته ايقاعا في الاسماع قبل القلوب .
وقبل التحليل نذكر توطئة مفيدة استعيرها من مشاركة سابقة لاستثمار الوقت والجهد :
ان علم السياسة مفهوما وموضوعا ومنهجا ونشأة وتطورا وغرضا قديم قدم الحياة السياسية ذاتها وجميع ما كتب من الكتابات في هذا المجال انما استمد جذوره من الافكار والممارسات القديمة .
لقد وضعت نظريات في علم السياسة منذ الفكر اليوناني حتى عصرنا الراهن منها النظريات السياسية عند الاغريق والنظريات خلال العصر الروماني والعصور الوسطى فتبرز اهم ملامح الفكر السياسي في كتابات شيشرون وسينيكا زاوغسطين وتوما ، ثم النظريات في عصر النهضة والعصر الحديث . وددت لو استرسل اكثر الا ان خير الكلام ما قل ودل .
فالسياسة كعلم سبق الاسلام كدين ، الا ان الاسلام اضاف واسبغ عليه الصبغة والطابع الاسلامي ليميزه عن السمات والصفات الغير اسلامية .
ان الاسلام جاء ليكمل مكارم الاخلاق واتمام النعمة وطرح المعارف وتعديل الموجود ورفدها بالجديد والانفتاح على الحضارات والثقافات الاخرى ودعا الى طلب العلم ولو في الصين وفق ضوابط ومعايير .
واحترم نتاج العقل البشري فيما اصاب من المعارف والعلوم واقره وجعل العقل من مصادر التشريع واعطاه دورا مهما في ذلك فقال ما حكم به العقل وفق المنطق الصحيح حكم به الشرع والعكس صحيح .
فالسياسة علم قديم له تعريفاته ونظرياته وعلمائه في العصور المختلفة الى عصرنا الراهن .
من هنا نأتي الى تحليل خطاب الشيخ الفياض :
لقد ذكر الشيخ ان السياسة كما تمارس الان لا تخلوا من الخداع والمكر والشيطنة والكذب فأصبحت هذه الملامح العامة والصفات الملازمة لها الان وبهذا اللحاظ لا يمكن للمرجع الديني ان يمارس هذه الانشطة والفعاليات لانها تتعارض مع القيم والمبادىء الاسلامية .
اذكركم حينما سالوا الامام عليه السلام عن الذي عند معاوية ؟ فقال تلك النكراء والشيطنة
وفي موضع اخر حينما وصف الامام معاوية انه يغدر ويفجر .
بينما ميز الشيخ بين هذه السياسة التي تختلف من فترة الى اخرى وبين السياسة الاسلامية التي يمكن تمثيلها بسياسة امير المؤمنين في عصره والائمة من بعده . فقبل ان يقبل الامام علي عليه السلام بالخلافة قال دعوني والتمسوا غيري ، حيث مضى على سياسة القوم الغير اسلامية اكثر من عشرين سنه اسست اساس الظلم والجور فلا بد للسياسة الاسلامية ان تهدم هذا البناء وكذلك فعل الامام ما ادى الى استشهاده عليه السلام .
فتحصل ان ثمة فرق كبير وجوهري بين السياسة التي تمارس من قبل الناس بشكل عام وبين السياسة التي يمارسها الاسلام وينقيها من شوائبها .
واذكركم في موضوع قد طرحته سابقا بعنوان الاسلام السياسي والسياسة الاسلامية وحيث ان الاسلام السياسي الذي تمارسه الاحزاب بعيد عن السياسة الاسلامية ولا يمت اليها بصلة .
فهذا مضمون كلام الشيخ الجليل ولا يحمل وجه اخر كما يتوهم ويشتبه البعض .