بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السؤال الأوّل: لماذا تنشرون؟
أتوجّه بالسؤال أوّلاً إلى كلِّ شخصٍ طَبعَ أو نَشرَ، كَتبَ أو سَطَّر، من كتابٍ، أو كتيِّبٍ، أو بَحثٍ، أو مَقالٍ استهدف من خلاله مخاطبة عموم النّاس.
ثمَّ أتوجَّه بالسؤال نفسه إلى كلِّ مؤسّسة قامت بالعمل ذاته في صورة مجلّة، أو صحيفة، أو ورقة مطويّة، أو غير ذلك.
وأقول لجميع هؤلاء: لماذا تبذلون الأوقات الثمينة، والأموال الطّائلة في مثل ذلك؟
وكم من الرّجال، والنّساء قد عملوا ليلاً ونهارًا حتّى طُبِعت تلك المجلّة، وصَدر هذا الكتاب، ونُشر ذلك المقال؟
أعبثًا تطبعون؟!، أم لهوًا تنشرون؟!
ما قيمة كلّ هذا الجهد حين يكون المُخاطَب به عموم النّاس، وكثير منهم، أو أكثرهم لا يقرؤون؟
إذًا، فلتتوقّف كثيرٌ من تلك المؤسّسات، وكثيرٌ من أولئك الأشخاص، أو فليتوقّف أكثرهم عن هدر الطّاقات والإمكانات.. ولكن هل يا ترى سيقبلون؟
البعض لن يقبل؛ لأنَّ غرضه الرّبح الدّنيويّ: من مالٍ، أو جاهٍ، ولا يهمُّه أقرأ النّاس، أم لم يكونوا يقرؤون.
وأمّا الرّساليّون، فبماذا سيجيبون؟
لا مفرّ لهم – كمؤسّسات إسلاميّة فاعلة في المجتمع، وشخصيّات تمتلك الفكر، والمقدرة، والنّفوذ في المجتمع، وتحمل الإسلام همًّا دائمًا – من أنْ يكون لهم موقفٌ واضحٌ، وجهدٌ ملموسٌ في حثِّ النّاس على القراءة، والمطالعة للكتابات الإسلاميّة الواعية.
فبدون هذا الجهد المتزامن مع حركة الطّبع والنّشر الواسعة، لن تكون هذه الحركة الواسعة سوى ضربٍ من الإسراف والتّبذير الذي كان من الممكن أنْ يُصرف في برامج توعويّة أخرى.
وهذه فرصة سانحة إذ مدّ المجلس الإسلاميّ العلمائيّ يده – عبر شعار اقرأ إسلامك – ولا يزال ينتظر من يعاضد هذه المبادرة، ويمُدَّ لها يد العون والمؤازرة فهل تُستثمر هذه الفرصة؟
السّؤال الثّاني: لِمَ لا نقدِّر؟
سؤالٌ للنّاس كافّة، وأبدأ بسؤال نفسي أوّلاً: كم بذل العُلماء من أعمارهم، وأوقاتهم، ودمائهم؛ من أجل أنْ يخطّوا كتابًا يحفظ الحقيقة، لتصل إلى كلِّ جيل؟
وكم بذل المؤلِّفون، والكتَّاب، والمؤسّسات، من جهود هائلة؛ من أجل توضيح ونشر تلك الحقائق العظمى التي أُرسِل بها خاتم الأنبياء والمُرسلين (صلّى الله عليه وآله)؟
وكم هي الكتابات التي نُشِرَت من أجلي، ومن أجلك، وما أكثر ما يُوزَّع منها بالمجَّان؟ فباذِلوها لا يريدون منِّي ولا منك جزاءً ولا شكورًا، وإنّما أرادوا أنْ نقرأها، ونتدبَّر مضمونها، ونأخذ بأحسن ما جاء فيها!
فما أفظع ما نصنع حين نذهب إلى المسجد، أو الحسينيّة، أو أيّ محفل، فنأخذ هذه النّشرة، أو تلك المجلّة، أو ذلك الكتاب، فنكتفي بمشاهدة الصّور، مع لمحةٍ أسرع من البرق الخاطف لبعض العناوين العريضة، ثمّ ربَّما قرأ المهتمُّون منَّا بعض السّطور التي تقع في دائرة اهتماماتهم الخاصّة، ولا أدري بعد ذلك: هل يجد هذا المطبوع رفًّا في المنزل؛ ليستريح عليه، أم تتلاقفه أيدي الأطفال والصِّبية قبل أنْ يُلقى به في سلَّة المهملات.
أقول لنفسي، ولإخوتي، وأخواتي، وأهلي: كم من التّعب والعناء قد بُذِل في ذلك من أجلنا، فلِمَ لا نقدِّر؟!