١ - قال : إن جملة "يالثارات الحسين" غير واردة عن المعصومين عليهم السلام ، فنفى أصل الورود وليس الصحة.بالرغم من أن الرواية واردة عن الأئمة (ع) في عدة روايات، بل وبعضها معتبر عند جمع غفير من علمائنا كرواية الشيخ الصدوق في كتابيه الأمالي ص١٩٢ والعيون ص٢٦٨ بسنده إلى الريان بن شبيب، إذ ليس فيها من يتكلم فيه سوى شيخ الصدوق محمد بن علي ماجيلويه، وقد قال بحسنه أو وثاقته جمع من علمائنا لترضي الشيخ الصدوق وترحمه عليه أو لكونه من مشايخ الإجازة. وبلغني أنه وفي محاولة لترقيع هذا الخطأ قال أنا قصدي أنه لم يرد عن المعصومين بسند صحيح.
وفي تبريره هذا كشف عن عدم معرفة بالمصطلح ، فإن مصطلح ورد يستخدم مع الحديث الضعيف لا الصحيح!! (الرعاية في علم الدراية ص١٦٥، الرواشح السماوية للداماد ص٢٠٤ الراشحة رقم ٣٧، مقباس الهداية ج١ ص٤١٨). فعندما يقول إن الحديث لم يرد فمعناه أنه لم يرد بسند ضعيف!! وهو خلاف الواقع.
٢ - إن حصر القبول بالصحة السندية المتشددة يقتضي ان تكون المسطرة واحدة في كل ما يتعلق بسيد الشهداء عليه السلام، ولكنه يغض الطرف عن عشرات الموارد الأخرى في أحداث كربلاء التي وردت بسند ضعيف، ولا يكتفي بذلك بل يجزم بصدورها ككثير من كلمات سيد الشهداء (ع) التي وردت بسند ضعيف كقوله: "هيهات منا الذلة"(الاحتجاج ج٢ ٢٤) وغيرها من عبارات لا ننكر صدورها ولكن ننكر التعامل الازدواجي معها ومع غيرها.فإن كان الملاك محصورا بالصحة السندية الدقيقة فلم يرفض ويشكك في مورد "يالثارات الحسين" ويجزم ويقطع في "هيهات منا الذلة"؟! وإن كان الملاك غير محصور بها فلم يقتصر في الإثبات على الصحة السندية المتشددة؟!وإذا ما نظرنا إلى فقرة "يالثارات الحسين" فقد وردت في بعض كتب الصدوق عن الامام الرضا عليه السلام وكما أشرت إلى ذلك ، وكذا في كتاب الانوار المضيئة للنيلي النجفي عن الصادق عليه السلام. (عنه البحار ج٥٢ ص٣٠٨) فهذا المضمون صحيح بملاحظة تعدد رواياته بنص "يالثارات الحسين" وبملاحظة وجود روايات مستفيضة توافقه مضمونا كعبارة :"ثأر الله" (يراجع كتاب كامل الزيارة لابن قولويه)، ومن الروايات المستفيضة ما هو معتبر سندا عند جمع من علمائنا كالسيد الخوئي والشيخ الوحيد في القاسم بن يحيى والحسن بن راشد.(الكافي ج٤ ص٥٧٦ ح٢) ومن ثم فلا محذور في القول ان الروايات المعتبرة دلت على جملة "يالثارات الحسين"، وبنفس الوجه الذي حكم به الفقهاء بصحة زيارة عاشوراء.وعلى كل حال فقد اعترف المتحدث بأن جملة "ثأر الله" واردة عنهم عليهم السلام، وفي ذلك الكفاية.
٣- المتحدث عند نفيه ورود هذا التعبير أثبت ورود تعبير :"ثأر الله" ، ومثل هذا الإثبات بعد ذلك النفي يفيد وجود نوع تغاير بين الشعارين والعبارتين، ولم يذكر ما هو هذا الفارق.والحق أن التعبيرين لهما مغزى واحد فالإمام الحسين عليه السلام هو ثأر الله ، وهو يقتضي الأخذ بثأره ، والثأر لا يكون إلا بالانتقام الإلهي ممن قتله ورضي بقتله، وفي الرواية المعتبرة في علل الشرائع ص٢٢٩ ما يفيد ان الله تعالى ينتقم من ذراري قتلة الحسين عليه السلام لرضاها بفعل آبائهم. وإذا لم يكن هناك فارق بين التعبيرين في الدلالة كان ينبغي له ان يقول إن تعبير "يا لثارات الحسين" وإن ورد في رواية ضعيفة ولكن جاء ما يوافقه في المضمون في روايات معتبرة أخرى.
٤ - إنه فسر "ثأر الله" بتفسير غير صحيح، فقد فسره بأن معناه أن الإمام الحسين عليه السلام ظلم ظلما شديدا، مع أن هناك العشرات بل المئات من الصالحين ممن ظلم ظلما شديدا ولكنه لم يكن أي واحد منهم ثأرا مختصا بالله عز وجل ، فهذا كاشف عن عدم وجود ملازمة بين الظلم وبين اختصاص الثأر بالله.والثأر هو الدم والطلب بالدم، وثأر الله يعني الدم الذي يطلب الله عز وجل الانتقام له.
٥- فسر عبارة "يالثارات الحسين" اي ان نثأر لكل مظلوم ولكل من قتل مظلوما، يعني نثأر من إسرائيل ومن أمريكا!!إن هذا التفسير السطحي بل الذي لاعلاقة له بثأر سيد الشهداء عليه السلام فيه خلط وعدم تفريق بين المسؤولية والتكليف في مواجهة الأعداء الفعليين كإسرائيل وبين الثأر للامام الحسين عليه السلام.فالمتكلم يظن انه بمجرد محاربة اسرائيل فقد تحقق الأخذ بثأر سيد الشهداء (ع)!! مع أن الأخذ بالثأر لا يكون إلا على يد الطالب بالثأر مولانا الحجة بن الحسن عليه السلام.فالروايات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام تثبت وجود وجوه شبه كثيرة بين يحيى بن زكريا وبين سيد الشهداء عليهما السلام، ولكنها تخص الإمام الحسين (ع) بأمر لايوجد في غيره، فيحيى عليه السلام انتقم الله لدمه ببخت النصر وسيثأر الله عز وجل لدم الحسين عليه السلام بالطالب بدمه الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف.روى القطب الراوندي في قصص الأنبياء ص٢٢٠ عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:"إن الله عز وجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه، وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه ، ولقد انتصر ليحيى بن زكريا (ع) ببخت النصر".وفي كامل الزيارة ص٣٥٩ في زيارته عليه السلام وضمن الرواية المعتبرة عند جمع من علمائنا (في يزيد بن إسحاق) عن الصادق عليه السلام:"أشهد أنك ثار الله في الأرض من الدم الذي لا يدرك ثأره من الأرض إلا بأوليائك".وفي كامل الزيارة ص٣٨٦ عن الإمام الصادق عليه السلام في زيارة أخرى له: "وأنك ثأر الله في الأرض والدم الذي لايدرك ترته أحد من أهل الأرض إلا الله وحده".
أسأل الله أن يوفقنا في أن نشهد ثأره وأن نكون من أنصار الطالب بدمه عجل الله تعالى فرجه.