الان وبعد ان وضعنا للقاريء الكريم ما احتضنته كتب القوم ، وما يصرون على صحته ابن عبد الوهاب واتباعه لابد من سؤال : ما علاقة الشيعة بهذه القصة ؟ السيدة عائشة تقول انها وعند عودة الجيش الى المدينة لمّا انقضت غزوة بني المصطلق وفي الطريق اتخذوا منازل لهم للراحة ، ولما استأنف الجيش رحلته كانت السيدة عائشة ذاهبة لقضاء حاجتها في الغائط ولمّا شعرت ان عقد لها على صدرها قد انقطع فعادت للبحث عنه ، فشغلها البحث وتأخرت ، ثم صدر الامر بالرحيل فجاء المكلفون بحمل هودجها وحملوه ووضعوه على الجمل وساقوه والتحقوا بالركب ، ولم يعلموا بالسيدة عائشة انها لم تكن قد عادت من خلوتها وان الهودج يخلو منها ، ولانها بالاصل وزنها خفيف لا يشعرون بوجودها او عدمه بسبب خفة الوزن ووهن الجسم والنحافة التي كانت عليها السيدة ، ولم يفتقدها زوجها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، ولا اهلها من الرجال ولا صحابي من الصحابة ظنا منهم انها في هودجها . فجلست السيدة آملة منهم ان يفتقدوها ويعودوا اليها الا ان ذلك لم يحصل ، فجلست السيدة وانتظرت في مكان استراحتها طويلا حتى جاءتها غفوة فنامت وقد كانت كثيرة النوم حتى انها تنام عن عجين اهلها فتأكله الداجن ، وكان هناك من الصحابة من تأخر ايضا لتفقد ضائعات الجيش وجمعها وكان هذا الصحابي هو ( صفوان بن المعطل ) فراى سوادة نائمة ، اقترب منها فاذا هي السيدة عائشة فاسترجع هذا الصحابي وسمعت استرجاعه فانتبهت وغطت وجهها عنه ، فاناخ الصحابي هذا جمله وركبت السيدة عائشة دون ان تكلمه او يكلمها وذهبا ملتحقين بالجيش ، هنا : بدء المنافقون بحديثهم الذي يطعنون به بالسيدة عائشة وبشرفها وعفتها دون ان يصونوا حرمة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا لابي بكر ، واتهموها بالفاحشة مع هذا الصحابي الجليل ، هؤلاء الصحابة الذين يشير التاريخ الى انهم ليس اقل من عشرة كما هو ثابت في بطون كتبهم الصحيحة الاّ انهم لم يذكروا اسماءهم جميعا بل اكتفوا بثلاثة او اربعة ، واتهام الصحابة للسيدة عائشة جاء نتيجة لسببين : الاول هو غياب السيدة عائشة عن الركب مدة طويلة والتحاقها برفقة صحابي اخر تأخرا هو ايضا مصادفة والالتحاق سوية وهذا الامر يثير الشبهة والشك في قلوب من لم يلامس صدورهم الايمان بعد واليقين بان الله تعالى يرعى رسوله ونبيه الكريم وان لا يمكن صدور الفحش هذا من زوجة نبي .. والسبب الثاني هو وجود منافقين بين صفوف الصحابة يحاولون اثارة هكذا شبهات بين الناس للاطاحة بالدين الجديد الذي سلب منهم عنفوانهم وجبروتهم وساوى بينهم وبين عبيدهم فلا يمكن لهم بمثل هذه الحال الا ان يثأروا من محمد صلى الله عليه واله وسلم ، هؤلاء هم الصحابة العدول الذين يقطعون بعدالتهم ونزاهتهم الشيخ محمد عبد الوهاب واتباعه بل واشياخه ومعلميه وائمته . الى هنا انتهى الفصل الاول والرئيس من القصة التي روتها السيدة عائشة ، فما دخل الشيعة بها وما علاقتهم حتى يتهمهم ابن عبد الوهاب بانهم يطعنون بالسيدة عائشة ؟ الراوي عائشة والناقل أئمة وعلماء وثقات وتابعي ومتبوعي القوم ، فما دخل الشيعة بالامر ؟ الذي يصر على صحة القصة وثبوتها هم السنة ، فما علاقة الشيعة بالامر ؟ بل الشيعة ينفون هذه القصة جملة وتفصيلا ولم يقروا بصحتها ويعتبرونها اساءة للسيدة عائشة والى مقام النبوة . ابن عبد الوهاب يؤيد ما اقوله ويؤكد ان الشيعة لم يعتبروا بصحة هذه القصة ولم يعترفوا بوثاقتها ورغم ذلك يتهم الشيعة بانهم يسيؤن ويسبون ويتهمون السيدة عائشة . أي عقول تلك التي تاخذ منه ما يقول ؟ اسلافكم يتهمون ويظنون السوء بالسيدة عائشة وانتم تؤكدون الامر ، اذن انتم من يسيء الى النبي صلى الله عليه واله وسلم والى عائشة وابي بكر بل والى المسلمين كافة . فلماذا اذن تلصقون هذه التهمة بالشيعة ؟ الا اذا كان اصراركم هذا وراءه قصد او تبرير لامر آخر او للتغطية على شيء ما ، او قلب للحقيقة التي سنبثتها لكم لاحقا .
وقبل ان نذكر راي الشيعة بقصة الافك الصحيحة وهل هي تختلف عن قصة ابن عبد الوهاب واتباعه واسلافه وأئمتهم لابد من دراسة بسيطة وسريعة لما ورد بقصة الافك المزعومة وحسب الرواية التي يوثقها ابن عبد الوهاب .
وهذا ما سنتناوله لاحقا ان شاء الله تعالى .