عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
العصمة /اسئلة واجوبة
بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:19 AM
العصمة /اسئلة واجوبة
السؤال: حدود العصمة
انا من السنّة ولست شيعي ولكن اريد ان اعرف بعض الامور عن اخواني من هذا المذهب من مصادرهم هم وليس من غيرهم .
ما هي حدود العصمة ؟
الجواب:
.
نحن نعتقد أنّ العصمة هي ملكة تعصم صاحبها من مقارفة المعاصي ، وفي نفس الوقت باعتبار الحجية للحجج سواء كانوا أولياء أم أوصياء لابد أن يكونوا معصومين من الخطأ سواء كان ذلك في تلقّي أحكام الشريعة عن الله تعالى أو في إلقائها الى الناس، أو في تطبيقاتها لان التطبيقات نحو من أنحاء التبليغ ، والكل متفقون على عصمته (ص) في التبليغ، وكما يكون التبليغ بالقول يكون بالتقرير والفعل وعليه لا يخطأ النبي (ص) في فعله أيضاً .
السؤال: الأدلة العقلية على العصمة
ما الدليل العقلي على عصمة الائمة عليهم السلام ؟
الجواب:
إن الأدلة العقلية كثيرة نقتصر على اثني عشر دليلاً :
الأوّل : الإمام يجب أن يكون حافظاً للشّرع فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الزّيادة والنّقصان في الشريعة .
الثاني : يجب أن يكون متولّياً لسياسة الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الظّلم والجور والتّعدّي في الحدود والتّعزيرات .
الثالث : الإمام يجب أن يكون معصوماً بعد النّبي لوجوب الحاجة إلى النّبيّ ، فهو في مقام النّبيّ ورتبته ما عدا النّبوة تجب فيه العصمة فتجب في الإمام فما دلّ على عصمة النّبيّ دلّ على عصمة الإمام ؛ لأنّ النّبوّة والإمامة من الله تعالى ، فلا يجوز بعث غير المعصوم في النّبوّة ولانصب غير المعصوم في الإمامة لأنّه قبيح عقلاً وهو لا يفعل قبيحاً .
الرّابع : الإمام يجب أن يكون غير جائز الخطأ وإلاّ لاحتاج إلى مدد ، فيجب أن يكون معصوماً ؛ وإلاّ تسلسل .
الخامس : الإمام يجب أن يكون غير مداهن في الرّعيّة ، وإلاّ وقع الهرج والمرج ، وغير المعصوم يجوز فيه ذلك فتنتفي فائدة نصبه فيجب أن يكون معصوماً .
السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر ، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه ، وخروجه عن أن يكون إماماً ، بل ومأموماً ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
السّابع : الإمام يجب أن يكون مقتدى به في أقواله وأفعاله على الإطلاق ، فيجب أن يكون معصوماً .
الثّامن : الإمام يجب أن يكون صادقاً على الإطلاق ليحصل الوثوق بأخباره ، فيجب أن يكون معصوماً .
التّاسع : الإمام يجب أن لا يفعل قبيحاً ولا ينحل بواجب ، وإلاّ لارتفع محلّه من القلوب ؛ فيجب أن يكون معصوماً .
العاشر : الإمام يجب طاعته على الإطلاق وغير المعصوم لا يجب طاعته ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً ، لقوله : (( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... )) (النساء:59).
الحادي عشر : الإمام يجب أن يكون أعلى رتبة في الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ انحط عن رتبة ساير الرّعية عند فعله المعصية لعلمه بموجب الطّاعة والمعصية ، فاقدامه على ترك الطاعة وفعل المعصية مع علمه انحطاط رتبته عند الخلق والمخلوق .
الثّاني عشر : الإمام يجب أن يكون منزّهاً عن جميع الذّنوب والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، لأنّه أقرب إلى الخالق تعالى في الرّعيّة ؛ فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ ساوى المأموم والإمام ، والتابع والمتبوع ، والله سبحانه يقول : (( ... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب )) (الزّمر:9) .
تعليق على الجواب (1)
السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
لم أفهم (( إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً )) .
فممكن أن توضحوا لي .. ؟
الجواب:
معنى ذلك: ان فعل الامام منكرا فقد وجب طبقا لمبدا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان ينكر على الامام ذلك المنكر الذي فعله لان النهي عن المنكر واجب وترك الواجب حرام وبفعل المنكر فقد خرج الامام عن ان يكون اماما لان الامام لا يفعل المنكرات وهو ايضا يخرج عن ان يكون اماما لانك لا تقتدي به حال اتيانه المنكر واما انه لا يكون ماموماً فلأن المأموم هو الذي عليه امام والمفروض انه لا امام عليه. فالامام ليس من شأنه ان يكون مأموماً فظهر انه يجب ان يكون معصوما والأ لزم عن عدم عصمته المحذورات المتقدمة.
السؤال: بعض الأدلة على العصمة
أرجو منكم ان تعطوني أدلة نقلية من كتب السنة على عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام جميعا
الجواب:
عذراً فهذا السؤال غير صحيح, حيث أنه لا يمكن طلب أدلة على كل المذهب أي مذهب بتفاصيله من كتب مخالفيه فهذا أمر غير ممكن وغير صحيح وغير منهجي.
نعم, يمكن طلب الدليل على صحة دين أو مذهب ما من كتب خصومه أو من العقل الذي يشترك فيه البشر جميعاً, فهذا ممكن وصحيح ومنهجي وعلمي.
ولكن طلب الدليل على كل مفردة وكل تفاصيل دين أو مذهب من كتب خصومه ومخالفيه فهو غير مقبول البتة ولا يقبل به عاقل.
ونعرف أن الوهابية هم من يطلبون منك ذلك ولكن لا يمكن النزول إلى كل ما يطلبه الخصوم حتى لو كان طلباً غير عقلائي!
أما بالنسبة للمشتركات فيمكن أن نوضح ذلك وهي مسألة عصمة الأنبياء (عليهم السلام) والنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) على الخصوص فنقول:
1ـ قال تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى )) (النجم:3-5).
2ـ وقال تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ )) (الحجر:42).
3ـ وقال تعالى على لسان إبليس اللعين: (( وَلأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ )) (الحجر:39-40).
4ـ قوله تعالى: (( إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ )) (الأنعام:50).
5ـ قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري 8/101) في شرح حديث الرزية: وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضوع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصاً حسناً ثم لخصته من كلامه وحاصله:
أن قوله (هجر) الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحها على أنه فعل ماض قال: ولبعضهم أهُجر بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر: أي قال: أهُجراً,والهُجر بالضم ثم السكون الهذيان, والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه, لقوله تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3). ولقوله (صلى الله عليه وآله): (إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقاً).
6ـ قوله (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو بن العاصي حينما نهته قريش عن كتابة كل ما يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله), كما ورد في الحديث الذي رواه أحمد في (مسنده 2/ 162 و 192) والدارمي في سننه أيضاً (1/125) وأبو داود كذلك (2/176) والحاكم في مستدركه (1/106) وذكره الشيخ الألباني المحدث السلفي الوهابي في سلسلته الصحيحة (ح 1532)أكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) حينما قال ابن عمرو: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الغضب والرضى! فأمسكت عن الكتاب فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال: ... الحديث. ثم قال الألباني معلقاً على رأي الحاكم: كذا قال وإنما هو الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث مولى بني الدار حجازي وهو ثقة كما قال ابن معين وابن حبان.
فيجب بعد ثبوت كل هذه النصوص سقوط كل ظهور يخالف هذا النصوص الصحيحة التي توافق وتطابق حكم العقل ولا يمكن قبول أي ظاهر يخالف هذه الحقائق الظاهرة الواضحة التي لا تقبل الشك.
أما بالنسبة لأهل البيت من أصحاب الكساء والأئمة الاثنى عشر(عليه السلام) فيكفيهم بعض ما هو متفق عليه أو ما يروونه هم على الأقل ومنه:
1ـ قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) (النساء:59).
وهنا أمر بالطاعة المطلقة وقرن طاعة ولي الأمر بطاعة الله والرسول ولا يمكن الأمر بالطاعة المطلقة لغير المعصوم.
2ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55).
حيث تخبر الآية تأمر باتخاذ الله ورسوله ووليه أولياء بصورة مطلقة ولا يستقيم مثل هذا الأمر بالولاية المطلقة إلا مع العصمة المطلقة وموافقة الحق المطلق.
3ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33).
والتي ذكر القاصي والداني أنها نزلت في أصحاب الكساء وهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته الزهراء وعلي والحسنين (عليهم السلام).
فإذهاب الرجس من الله تعالى وتطهير محمد وأهل بيته تطهيراً يدل على العصمة لهم جميعاً حيث لا يمكن إذهاب الرجس والتطهير الكلي لبعض دون بعض والتمايز بينهم ومع ثبوت إرادة الله تعالى لذلك التطهير وإذهاب الرجس ببيان واحد ولفظ واحد وحالة واحدة وكساء واحد وآية واحدة دون وجود فرق ملحوظ في النص والظرف والحادثة.
4ـ قوله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار).
و(علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).
و(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
و(لا يستقيم أمر الناس حتى يليهم إثنا عشر كلهم من قريش).
و(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
وقوله (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب).
وقوله (صلى الله عليه وآله) : ( من آذى عليّاً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) و ( من سبّ عليّاً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله عزّ وجلّ ).
وغيرها الكثير كلّها تدلّ أو تشير إلى الحجيّة المطلقة والعصمة عن الخطأ والمعاصي والضلال.
ومن السيرة: ثبوت الحق مع علي (عليه السلام) في جميع مواقفه وإجماع الأمة على أحقيته في كل تصرفاته وخلافاته ومنها حروبه الثلاثة التي أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بها من قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: (إني قاتلت على تنزيله وستقاتل يا علي على تأويله).
وغير ذلك من أدلة على العصمة ومن الشواهد الشيء الكثير ولكن نكتفي بهذا القدر, لأننا كما قلنا غير ملزمين بأخذ عقائدنا وتفاصيل ديننا عمن يخالفنا ولكن ذكرنا ذلك للإلزام وإقامة الحجة ليس إلا.
وللتفصيل في أدلة العصمة, ارجع إلى موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان: (الأسئلة العقائدية/ العصمة).
السؤال: مراتب العصمة
الأنبياء هم صفوة البشر, وهم أكرم الخلق على الله تعالى, اصطفاهم الله تعالى لتبليغ الناس دعوة لا إله إلا الله, وجعلهم الله تعالى الواسطة بينه وبين خلقه في تبليغ الشرائع, وهم مأمورون بالتبليغ عن الله تعالى, قال الله تعالى : (( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين )) (الأنعام:89).
والأنبياء وظيفتهم التبليغ عن الله تعالى مع كونهم بشرا, ولذلك فهم بالنسبة للأمر المتعلق بالعصمة على حالين :
1- العصمة في تبيلغ الدين .
2- العصمة من الأخطاء البشرية .
أولاً : أما بالنسبة للأمر الأول, فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى, فلا يكتمون شيئاً مما أوحاه الله إليهم, ولا يزيدون عليه من عند أنفسهم, قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه) : (( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) (المائدة:67), وقال تعالى : (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين )) (الحاقة:44-47).
وقال تعالى : (( وما هو على الغيب بضنين )) (التكوير:24), قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (رحمه الله) في تفسير هذه الآية (( وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيح, يكتم بعضه, بل هو (صلى الله عليه وسلم) أمين أهل السماء, وأهل الأرض, الذي بلغ رسالات ربه, البلاغ المبين, فلم يشح بشيء منه, عن غني ولا فقير, ولا رئيس ولا مرؤوس, ولا ذكر ولا أنثى, ولا حضري ولا بدوي, ولذلك بعثه الله في أمة أمية جاهلة جهلاء, فلم يمت (صلى الله عليه وسلم) حتى كانوا علماء ربانيين, إليهم الغاية في العلوم ... )) انتهى
فالنبي في تبليغه لدين ربه وشريعته لا يخطأ في شيء البتة لا كبير ولا قليل, بل هو معصوم دائماً من الله تعالى .
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) ( فتاوى ابن باز ج6/371 ):
(( قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ولاسيما محمد (صلى الله عليه وسلم) معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل, قال تعالى : (( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى )) (النجم:1-5), فنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) معصوم في كل ما يبلغ عن الله قولاً وعملاً وتقريراً, هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم )) انتهى .
وقد اتفقت الأمة على أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة, فلا ينسون شيئا مما أوحاه الله إليهم, إلا شيئا قد نسخ, وقد تكفل الله جل وعلا لرسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يقرئه فلا ينسى, إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه إياه وتكفل له بأن يجمع له القرآن في صدره . قال تعالى (( سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله )) (الأعلى:7), وقال تعالى : (( إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )) (القيامة:17-18).
قال شيخ الإسلام رحمه الله ( مجموع الفتاوى ج18 / 7 ) :
(( فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقاً وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه )) انتهى .
ثانيا : بالنسبة للأنبياء كأناس يصدر منهم الخطأ, فهو على حالات :
1- عدم الخطأ بصدور الكبائر منهم :
أما كبائر الذنوب فلا تصدر من الأنبياء أبدا وهم معصومون من الكبائر, سواء قبل بعثتهم أم بعدها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى : ج4 / 319 ) :
(( إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام, وجميع الطوائف ... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء, بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول )) انتهى .
2- الأمور التي لا تتعلق بتبيلغ الرسالة والوحي .
وأما صغائر الذنوب فربما تقع منهم أو من بعضهم, ولهذا ذهب أكثر أهل العلم إلى أنهم غير معصومين منها, وإذا وقعت منهم فإنهم لا يُقرون عليها بل ينبههم الله تبارك وتعالى عليها فيبادرون بالتوبة منها .
والدليل على وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها :
- قوله تعالى عن آدم : (( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) (طه:121-122), وهذا دليل على وقوع المعصية من آدم (عليه الصلاة والسلام), وعدم إقراره عليها, مع توبته إلى الله منها .
- قوله تعالى (( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضلٌ مبين* قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم )) (القصص:15-16) . فموسى (عليه الصلاة والسلام) اعترف بذنبه وطلب المغفرة من الله بعد قتله القبطي, وقد غفر الله له ذنبه .
- قوله تعالى : (( فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )) (ص:23-24), وكانت معصية داود هي التسرع في الحكم قبل أن يسمع من الخصم الثاني .
وهذا نبينا محمد يعاتبه ربه سبحانه وتعالى في أمور ذكرت في القرآن, منها :
- قوله تعالى (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم )) (التحريم:1), وذلك في القصة المشهورة مع بعض أزواجه.
- كذا عتاب الله تعالى للنبي في أسرى بدر :
فقد روى مسلم في صحيحه ( 4588 ) قال ابن عباس : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر وعمر : ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة, أرى أن تأخذ منهم فدية, فتكون لنا قوة على الكفار, فعسى الله أن يهديهم للإسلام, فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما ترى يا ابن الخطاب ؟! قال : قلت لا, والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر, ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم, فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه, وتمكني من فلان - نسيبا لعمر - فأضرب عنقه, فإن هء ?لاء أئمة الكفر وصناديدها, فهوي رسول الله ما قال أبو بكر, ولم يهو ما قلت, فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان, قلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت, وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما, فقال رسول الله (ص): (( أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُك من أخذهم الفداء, لقد عُرِض عليّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة )) - شجرة قريبة من نبي الله (ص) وأنزل الله عز وجل : (( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض )) إلى قوله (( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا )) (الأنفال:67-69), فأحل الله الغنيمة لهم .
الجواب:
تقسم مراتب العصمة إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: المصونية من الذنب ومخالفة الأوامر المولوية.
المرتبة الثانية: المصونية في تلقي الوحي ووعيه وابلاغه إلى الناس .
المرتبة الثالثة: المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والامور الفردية والاجتماعية.
وانت قسمت العصمة إلى قسمين بدمج الأولى والثالثة ولا مشكله في ذلك ولكن وضحنا ذلك لكي يتضح دليلنا على كل قسم.
المرتبة الأولى:
فأنت قلت أنهم معصومون من الكبائر دون الصغائر ونحن نقول أنهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل البعثة وبعدها وهناك من يجوز ارتكاب الكبائر على الأنبياء كالحشوية بل ان بعضهم يجوز الكفر عليهم كالازارقة من الخوارج ومنهم من يجوز الكبيرة قبل البعثة ولا يجوزها بعدها كبعض المعتزلة ومنهم من لم يجوز الصغائر إذا كانت منفرّة عند بعض المعتزلة.
ونحن نورد والدليل على قولنا وهو:
الدليل الأول: ان ثقه الناس بالانبياء وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم إنما هو رهن الاعتقاد لصحة مقالهم وسلامة افعالهم وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السر والعلن من غير فرق بين معصية وأخرى ولا بين فترة من فترات حياتهم واخرى. وذلك لأن المبعوث إليه إذا جوز الكذب على النبي أو جوز المعصية على وجه الاطلاق جوز ذلك أيضاً في امره ونهيه وافعاله التي أمره باتباعه فيها ومع هذا الاحتمال لا ينقاد إلى امتثال اوامره فلا يحصل الغرض من البعثة لانه ـ بحكم عدم عصمته ـ يحتمل ان يكون كاذباً في اوامره ونواهيه وان يتقول على الله ما لم يأمر به. ومع هذا الاحتمال لا يجد المبعوث إليه في قرارة نفسه حافزاً إلى الامتثال.
الدليل الثاني: ان الهدف العام الذي بعث لأجله الأنبياء هو تزكيه الناس وتربيتهم وان التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وان كانت مؤثرة إلا أن تأثير التربية بالعمل اشد واعمق وآكد وذلك أن التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيس في إذعان الآخرين بأحقية تعاليم المصلح والمربي ولو كان هناك انفكاك بينهما لانفض الناس من حوله وفقدت دعوته إي اثر في القلوب.
هذان دليلان عقليان أوردناهما لاثبات عصمة الانبياء وما ذكرته انت من قول ابن تيميه لا يعد دليلاً على العصمة لأن العقائد لا تأخذ عندنا من التقليد .
وانما لم نرد دليلاً نقلياً من القرآن والسنة على العصمة من الكذب (وهو احد الذنوب) حذراً من الوقوع في الدور المحال,ذلك ان إثبات العصمة من الكذب يتوقف على صدقهم وصدقهم يتوقف على العصمة واما عدم عصمتهم من الصغائر فغير صحيح وان قول اكثر اهل العلم لا يصحح ذلك لعدم جواز التقليد في العقائد وان الاجماع غير تام مع مخالفة الشيعة في ذلك.
وأما الآيات القرآنية التي ذكرتها فقد اجبنا عليها فارجع إلى الموقع الاسئلة العقائدية: العصمة: 1ـ التوفيق بين ترك الأولى لآدم وتوبته 2ـ الادلة على عصمة الانبياء عليهم السلام.
وارجع كذلك إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله : 1ـ معنى قوله تعالى: (( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )) (التحريم:1) 2ـ موقفه من أسرى بدر.
وأما ما توصلت إليه من صدور ذنب من نبي الله داود عليه السلام من خلال استغفاره فإنه غير صحيح, وذلك :
1- ان قضاءه لم يكن قضاء باتاً خاتماً للشكوى بل كان قضاءاً على فرض السؤال وان كان الاولى هو انه إذا سمع الدعوى من احد الخصمين ان يسأل الآخر فاستغفاره كان تداركاً لما صدر منه مما كان الاولى تركه وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبه.
2- ان من الممكن ان يكون قضاؤه قبل سماع كلام المدعي عليه لاجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وان الحق مع المدعي فقضى بلا استماع لكلام المدعي عليه وان استغفاره كان لترك الاولى هو عدم التسرع في اصدار الحكم وترك الاولى لا يعد ذنباً قادحاً بالعصمة.
المرتبة الثانية:
وهي العصمة في التبليغ فانك وافقتنا في ذلك فلا داعي لإطالة الكلام فيها.
المرتبة الثالثة:
وهي العصمة من الخطأ والاشتباه فانت وافقتنا ايضاً في عدم الخطأ ولا النسيان في التبليغ واجزت غير ذلك ولكنا نقول بعصمة الأنبياء من الخطأ والسهو في تطبيق الشريعة في الامور الفردية والاجتماعية فهو لا يسهو في صلاته ولا يخطأ في إجراء الحدود ولا يخطأ في مقدار دينه وغير ذلك .
وقد دلت على ذلك مجموعة من الآيات منها: (( إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخَائِنِينَ خَصِيماً )) (النساء:105) ومنها: (( وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُم وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113).
وهذه الآية القرآنية نزلت في شكوى رفعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان كل من المتخاصمين يسعى ليبرء نفسه ويلقي التهمة على الآخر فجاءت الآية لتصونه من الضلال وانه لا يصدر في حال قضائه الا عن التعليم الإلهي ولا يتم القضاء بالحق إلا بتميز الصغريات فجاء قوله: (( وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ )) (النساء:113),فيكون المراد ان النبي صلى الله عليه وآله لأجل عميم فضله سبحانه مصون في مقام القضاء من الخطأ والسهو ولما كان هنا موضع توهم وهو ان رعاية الله لنبيه تختص بمورد دون مورد دفع ذلك التوهم بالفقرة الرابعة وقال: (( وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113) حتى لا يتوهم اختصاص فضله عليه بواقعه دون اخرى بل مقتضى عظمة الفضل سعة شموله لكل الوقائع والحوادث سواء أكانت من باب المرافعات ام من الامور العادية الشخصية.
ومن الآيات التي دلت على عصمته من الخطأ والاشتباه قوله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً )) (البقرة:143), فالرسول صلى الله عليه وآله شاهد على العباد وكذلك الانبياء وان الشهادة هنا ليست على صور الاعمال والافعال فانها غير كافيه في القضاء الاخروي بل المشهور عليه هو حقائق اعمال الامة: الإيمان والكفر والنفاق والرياء والاخلاص ومن المعلوم ان هذه المشهودات لا يمكن تشخيصها والشهادة عليها عن طريق الحواس الخمس لأنها لا يمكنها ان تستكشف حقائق الأعمال وما يستبطنه الإنسان فيجب أن يكون الأنبياء مجهزين بحس خاص يقدرون معه على الشهادة على ما لا يدرك بالبصر ولا بسائر الحواس وهذا هو الذي نسميه بحبل العصمة وكل ذلك بأمر من الله سبحانه وإذنه والمجهز بهذا الحس لا يخطئ ولا يسهو.
وان شئت قلت: ان الشهادة هنا لو كانت خاطئة للزم عقاب المطيع أو إثابة المجرم وهو قبيح لا سيما الاول فيجب ان تكون شهادة الشاهد مصونة عن الخطأ والاشتباه حتى تكون منزهة عما يترتب عليها من القبيح,وللمزيد راجع الإلهيات ج3 ص155 ـ 211
وكذلك اعتراف إبليس بأنّه لا يمكنه أن يغوي العباد المخلَصين: (( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) (الحجر:39-40).
والمخلـَصين هم من اختارهم الله من الانبياء والأوصياء, قال تعالى: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون )) (القصص:68).
السؤال: هل مفهوم العصمة متواطئ أم مشكك
هل ان العصمة متواطئ أم مشككه؟ باعتبار ان عصمة الأنبياء والأئمة (ع) تختلف فيما بينهما.
الجواب:
لا اختلاف في عصمة الأنبياء والأئمة، إذ أن من عقائد الامامية أن الأنبياء جميعاً من آدمهم إلى خاتمهم وكذلك الأئمة من أولهم إلى قائمهم معصومون من جميع الذنوب والمعاصي والرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من أول حياتهم إلى حين وفاتهم عمداً وسهواً، كما يجب ان يكونوا معصومين من الخطأ والنسيان، والتنزه عما ينافي المروة ويدعو إلى الاستهجان.
والدليل على وجوب العصمة انه لو جاز أن يفعل النبي المعصية أو الخطأ وينسى، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإما أن يجب إتّباعه في فعله الصادر منه خطأ أو نسياناً أو لا يجب، فإن وجب إتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى، بل أوجبنا ذلك! وهذا باطل بضرورة الدين والعقل، وإن لم يجب إتّباعه فذلك ينافي النبوة التي لابد أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا،ً والإمام في ذلك كالنبي ، لأنه الحافظ للشريعة، المبيّن لها، والقائم عليها.
وما ذكرناه هنا صرّح به أعلام الطائفة كالشيخ المفيد والشريف المرتضى وغيرهم... فالعصمة حسب ما تقدم متواطئة بالحد الأدنى، وهو عدم الأتيان بالذنوب صغيرة كانت أو كبيرة خطأ أو نسياناً ، وليست مشككة أو متفاوتة، وهذا تمام الدليل بالنسبة للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) على حد سواء، ويمكن تسميته (البيان الفقهي للعصمة)...
نعم، هي متفاوته أو مشككة في نفس مقام الفعل من حيث كمالاته، بل في نفس التروكات والأفعال، وان كانت مباحة، إلا أن لها دلالة على مقامات كمالية في نفس المعصومين هي غير المعنى الأول أو الحد الأدنى الذي تكلمنا عنه... والله العالم.
السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (1)
ما الأدلة على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) . من كتب أهل السنة الذين يقولون بعدم عصمتهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .
الجواب:
من الادلة على عصمتهم ( عليهم السلام ) من القرآن الكريم كثيرة نذكر أهمها 1) قوله تعالى : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الاحزاب:33). هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء وهم : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وعلى هذا تواترت روايات كثيرة من السنة والشيعة، واذا أردت الوقوف على ما ندّعيه فعليك بمراجعة كتاب (البرهان في تفسير القرآن 3 / 209). وممن ذكر نزول هذه الآية المباركة في أهل البيت (عليهم السلام) من أهل السنة :
1 ـ الطبري / جامع البيان 22 / 6 .
2 ـ الحاكم الحسكاني / شواهد التنزيل 2 / 36 .
3 ـ ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 3 / 458 .
4 ـ الحمويني / فرائد السمطين 1 / 376 .
5 ـ ابن حجر / الصواعق المحرقة ص80 .
6 ـ البلاذري / انساب الاشراف 2 / 104 .
7 ـ السيوطي / الدر المنثور 5 / 198 .
8 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
9 ـ ابن عساكر / تاريخ مدينة دمشق 1 / 250 .
وغيرهم من علماء السنة .
وهذه الآية صريحة في عصمة أصحاب الكساء، بدليل إذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم على الاطلاق.(2) قوله تعالى : (( فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) (آل عمران:61). وهذه الآية الشريفة نزلت في حق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ بإجماع علماء الفريقين ، لاحظ :
1 ـ البرهان في تفسير القرآن 1 / 286 .
2 ـ النيسابوري في صحيحه 7 / 120 .
3 ـ الطبري / جامع البيان 3 / 192 .
4 ـ مسند أحمد 1 / 185 .
5 ـ الجصّاص / أحكام القرآن 2 / 16 .
6 ـ الاصبهاني / دلائل النبوة ص297 .
7 ـ الواحدي النيسابوري / اسباب النزول ص74 .
8 ـ الزمخشري / الكشّاف 1 / 193 .
9 ـ الرازي / التفسير الكبير 8 / 85 .
10 ـ ابن أثير / افسد الغابة 4 / 25 .
وآخرون من العلماء .
حيت جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول معصوم بالاتفاق، اذن علي كذلك.(3) قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم… )) (النساء:59). والمرا د من أولي الامر في الآية الشريفة هم الائمة الإثنا عشر من آل محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ للروايات الكثيرة المروية عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام) والمذكورة في عدة كتب منها كتاب : ( البرهان في تفسير القرآن 1 / 381). وهذه الاية دلت على عصمة اولي الامر ، بدليل ان طاعتهم مقرونة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله (ص) والطاعة لا تكون إلا لذوي العصمة والطهارة . وقد ذكر جمهرة من علماء أهل السنة نزول هذه الآية المباركة في شأن الامام علي (ع) وان المقصود من أولي الامر هو علي بن أبي طالب (ع) ، منهم :
1 ـ الحسكاني / شواهد التنزيل 1 / 149 .
2 ـ أبي حيّان الاندلسي / تفسير البحر المحيط 3 / 278 .
3 ـ الكشفي الترمذي / مناقب المرتضوية / 56 .
4 ـ القندوزي / ينابيع المودة : 116 . وأما الآيات الاخرى الدالة على عصمتهم فنذكر لك أرقامها، وللوقوف على الحقيقة والواقع راجع كتاب (عمدة النظر) للسيد هاشم البحراني وكتب التفاسير الشيعيّة :
4 ـ التوبة 119 .
5 ـ المائدة 55 .
6 ـ الرعد 43 .
7 ـ النساء 41 .
8 ـ الحج 77 ـ 78 .
9 ـ النحل 43 .
10 ـ الانبياء 73 .
11 ـ السجدة 24 .
12 ـ النور 55 . وأما الادلة الدالة على عصمتهم (عليهم السلام) من السنة الشريفة، فكثيرة جداً نذكر بعضها:
(1) قال عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( أهل بيتي أمان لاهل الارض ، كما ان النجوم أمان لاهل السماء ، قيل : يا رسول الله الائمة بعدك من أهل بيتك ؟ قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، امناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ، ما بال اقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي ) . (الحمويني/ فرائد السمطين 2 / 133 الرقم 430) .(2) قال جابر بن عبد الله الانصاري : كان رسول الله (ص) في الشكاة التي قبض فيها ، فإذا فاطمة (عليها السلام) عند رأسه ، فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول الله طرفه اليها فقال : حبيبتي فاطمة ، ما الذي يبكيك ؟ قالت : أخشى الضيعة من بعدك ، قال : يا حبيبتي لا تبكين ، فنحن أهل بيت اعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحداً قبلنا ولا يعطيها أحداً بعدنا : أنا خاتم النبيين ، …… ، ومنّا سبطا هذه الامة ، وهما ابناك الحسن والحسين ، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعة من الائمة أمناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ..
روى هذا الحديث من علماء السنة :
1 ـ ابن عساكر / تاريخ دمشق 1 / 239 ح303 .
2 ـ الحمويني / فرائد السمطين 2 / 84 .
3 ـ الطبراني / المعجم الكبير ص135 .
4 ـ الطبري / ذخائر العقبى ص135 .
5 ـ البدخشي / مفتاح النجا ص263 .(3) حديث الثقلين ، فقد ورد عن رسول الله (ص) متواتراً قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). رواه وأخرجه أكثر من ( 180 ) عالم سني منهم :
1 ـ صحيح مسلم 2 / 238 .
2 ـ مسند أحمد 5 / 181 ، 3 / 26 .
3 ـ صحيح الترمذي 2 / 220 .
4 ـ الطبقات الكبرى 1 / 194 .
5 ـ المعجم الصغير 1 / 131 .
6 ـ سنن الدارمي 2 / 431 .
7 ـ كنز العمال 15 / 122 .
8 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
دلّ هذا الحديث على عصمة أهل البيت (ع) لانهم عدل القران ، وبما أن القران محفوظ من الزلل ومعصوم من الخطأ لانه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمّد (ص) وإلاّ لما صحت المقارنة .
نكتفي بهذا المقدار من الاحاديث للاختصار ، وعليكم بمراجعة كتاب ( عمدة النظر ) للبحراني حيث ذكر (45) حديثا على عصمتهم (عليهم السلام) كما ذكر اثنا عشر دليلا عقليا على عصمتهم (عليهم السلام) .
السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (2)
مسألة العصمة من اختراعات الشيعة بعد زمان علي عليه السلام
الجواب:
مسألة العصمة واشتراطها في الأئمة (ع) قد أوضحتها بإسهاب كتب الكلام والعقائد, فأوجبتها الشيعة الإمامية مستندين إلى أدلة عقلية ونقلية نكتفي بذكر دليل عقلي وآخر نقلي رعاية للمقام:
الدليل العقلي: إن الإمامة إنما وجبت للقيام بشطر من وظائف النبوة فهي امتداد لمقامها واستمرارية لحكومتها, فإذا كان الإمام هو القائم بحفظ الشريعة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المسؤول عن إقامة السنّة فحاله كحال النبيّ في اشتراط العصمة, وإلاّ فيكف يؤتمن مَن كان فاقداً لها على إقامة الشرائع وحفظ السنن وهو غير مأمون من ارتكاب الخطأ والزيغ عن الطريق, ومتى كان كذلك كان محتاجاً في نفسه إلى إمام آخر يسدّده ويهديه، والثاني كذلك إذا لم يكن معصوماً احتاج إلى من يقومّه ويعلّمه وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى إمام معصوم - فذلك هو الإمام الذي تجب طاعته - وإلاّ بقي التسلسل بحاله وهو باطلٌ, لذلك اشترط في الإمام - العصمة - في نفسه حتى لا يرتكب القبيح ولا يخالف الشريعة في حفظه لها علماً وعملاً.
الدليل النقلي: قوله تعالى: ((إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))[البقرة:124] فهذه الآية دلت بوضوح أن الإمامة عهدٌ من الله وبجعل منه, وانها لا ينالها من كان ظالماً, ومعلوم أن غير المعصوم من ارتكاب الخطأ والزلل هو ظالم إما لنفسه أو لغيره, وهو عاص بادعائه ما ليس له لأن كل عاص ظالم لقوله تعالى: ((ومن يتعدّ حدود الله فاولئك هم الظالمون))[لبقرة:229].
وقد روى السيوطي في تفسير الآية المذكورة نقلاً عن ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((معناها انه كائن لا ينال عهده مَن هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يولّيه شيئاً من أمره)) ، كما روى عن وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد - وهؤلاء من أعاظم المحدّثين والحفّاظ وهم من غير الشيعة - قال: ((المعنى لا أجعل إماماً ظالماً يقتدى به)).
إذن فمن لم يكن معصوماً فلا تجوز إمامته لأنه إما ظالم لنفسه أو ظالم لغيره لجواز ارتكابه الصغائر أو الكبائر, أما المعصوم فلا يرتكب شيئاً من ذلك.
ولما كانت العصمة من الامور الخفية, لأنها ملكة تقضي عدم مخالفة التكاليف اللزومية عمداً أو خطأً مع القدرة على الخلاف, لذلك كان تعيين الإمام بجعل من الله تعالى لأن الإمامة عهده كما في الآية السابقة, فليس للناس أن يختاروا من شاؤا ((وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة))[القصص:68] .
السؤال: عصمة الأربعة عشر ثابتة بأدلة خاصة
قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات) باب (القول في عصمة الأئمة): إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأتديب ألانام معصومون كعصمة الأنبياء ولا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة.. ولا سهو في شيء من الدين ولا ينسون شيئاً من ألاحكام.
ويقول الشيخ المظفر: ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي (صلى الله عليه وآله).
طيب لو توصلنا إلى عدم تحقق العصمة بمفهومها الشيعي في الأنبياء فهل يكفي ذلك لإبطال عصمة الأئمة خاصة وان دواعي وجوب العصمة في الأثنين واحدة؟
الجواب:
إن الادلة العامة التي تثبت العصمة للانبياء والأئمة على حد سواء هي أدلة عقلية ثابتة ومسلمة وعليه، فلا ترد على العصمة نقوض من باب الموارد والامثلة، بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي.
وإذا أمكن الاتيان بدليل قاطع يعارض تلك الأدلة ويسقطها عن الاعتبار فان عصمة الانبياء والأئمة (عليهم السلام) سوف تبطل لو كانت العصمة مستندة الى ذلك الدليل فقط, أما إذا كان هناك أكثر من دليل غير معارض فتبقى العصمة باقية بتلك الأدلة. ولو سلمنا بإمكان القدح بكل الأدلة التي تثبت العصمة للانبياء (عليهم السلام) فانه تبقى عصمة الأئمة (عليهم السلام) ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة (عليها السلام) ثابتة، لأن هناك أدلة خاصة تثبت العصمة لخصوص الائمة (عليهم السلام).
السؤال: عصمة الأئمة (عليهم السلام) مطلقة
ماهو الدليل على عصمة الائمة عليهم السلام في غير ما يرتبط بالشريعة
الجواب:
هنالك عدة أدلة لبيان عصمتهم بشكل عام غير مختصة بالعصمة في التشريع. ونكتفي ببيان بعضها:
من القرآن الكريم:
(1) قال تعالى: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الأحزاب:33).
إن تحلية الرجس بـ(ال) دليل على الشمولية والعموم كما قرر في محله من علم اللغة سواء أريد منها الاستغراق أو الجنس، ولا يمكن جعلها عهدية لعدم تقدم ذكر أو إشارة إلى الرجس حتى تكون عهدية. وهذه الشمولية تعني نفي الرجس عن هؤلاء البررة نفياً عاماً شاملاً لجميع مستويات الرجس سواء على مستوى الاعتقاد، أم الأعمال، أم الأخلاق والسلوك، أم التعلق بغير الله . فكل رجس وكل قذارة قد أذهبها الله تعالى عنهم . وأثبت مكانها الطهارة المؤكدة.
(2) قال تعالى: (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )) (البقرة:124) . حيث تفيد هذه الآية المباركة إن كل ظلم ـ وبجميع أقسامه ـ ممنوع عن منصب الإمامة . والمعروف في اللغة ان الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه . وتكون النتيجة ممنوعية كل فرد من أفراد الظلمة عن الارتقاء لمنصب الإمامة سواء كان ظالما في فترة من عمره ثم تاب أو لا .
من السنة النبوية :
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواترا قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). وبما أن القرآن الكريم محفوظ من الزلل والخطأ لأنه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمد (صلى الله عليه وآله) وسلم . وإلا لما صحت المقارنة . وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول شيئا من عنده (( إن هو إلا وحي يوحى )) (النجم:4).
تعليق على الجواب (1)
ان آل البيت والصحابة جميعهم دفنوا في مقابر واحدة وهي البقيع و لايجوز دفن المسلم مع الكافر صح؟
السؤال هو هل علم اهل البيت بكفر الصحابة؟
اذا كانت الاجابة بنعم فقد خرقتم عصمة آل البيت لانهم خالفو امر الله و اذا كانت الاجابة لا كيف علمتم امر لم يعلمه اهل البيت؟!
الجواب:
1- نحن لا نقول بكفر الصحابة بل نقول باسلامهم الظاهري فكل من يتشهد الشهادتين يحكم عليه بالاسلام وبالتالي يدفن في مقابر المسلمين .
2- على فرض كفر بعض الصحابة فلا شك ان الائمة يعلمون بذلك ولكن ليس هم من امر بدفن هؤلاء الكفار في البقيع بل كان ذلك رغما عن ارادتهم فالبقيع ليس ملكا للائمة حتى يتحكموا فيه بدفن هذا او عدم دفن ذاك .
3- لما حكم المسلمون على عثمان بالكفر لم يسمحوا بدفنه في مقبرة المسلمين وهي البقيع بل دفن في حش كوكب وهي مقبرة اليهود فالامر اذن يعود للمسلمين فهم الذين يجيزون لهذا بالدفن وللكفار بعدم الدفن ولايستطيع الائمة عليهم السلام ان يعملوا بعلمهم دون ان يقبل المسلمون بذلك .
السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) ليست جبرية
هناك من يقول ان عصمة الانبياء جبرية وذلك لعلمهم بخفايا الامور وحقيقة الاشياء مثلا: قول الامام: (والله لا اراه الا قيحا) وذلك اشارة الى طعام ما، فهو بناء على علمه يكون مجبر على عدم الاكل مثلاً.
ما مدى صحة هذه المقولة ؟
الجواب:
.
ان كان المراد من الجبر ان الائمة (عليهم السلام) لعلمهم بحقائق الاشياء فهم غير قادرين على ارتكاب المعصية والخطأ ، فمن الواضح ان العلم بحقيقة الشيء لا يستلزم عدم القدرة على المخالفة ، والعلم بحقيقة الشيء لا يسلب من الانسان اختياره ، ولا منافاة بين ان يكون الانسان عالماً بحقيقة شيء وان يرتكب ذلك الشيء ، الا ان أئمتنا (عليهم السلام) كانوا عالمين بحقائق الاشياء ، ومع ذلك كانوا يجتنبون ولا يرتكبون المعاصي والخطايا ولا يصدر عنهم السهو ولا النسيان عن اختيار .
تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
يذهب البعض بتشبيه الأئمة عليهم السلام بحواري محمد (ص) مثل حواري عيسى (ع) مع أن المراجع التاريخية تأكد بأن عيسى قد أبدل إحدى حوارييه وهو يهوذا فكيف يمكن أن يحدث الخطىء من قبل هؤلاء.
الجواب:
لم يكن النقل التاريخي عن حواريي عيسى صحيحاً وما نقوله عن الحواريين انهم كانوا مخلصين في انفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير كما ورد ذلك عن الرضا (عليه السلام) وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سأل عن حواري عيسى فقال: كانوا من صفوته وخيرته وكانوا اثني عشر مجردين مكنسين في نصرة الله ورسوله لازهو فيهم ولا ضعف ولا شك كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاد وجد وعناء.
ثم إن الأئمة (عليهم السلام) ليسوا بحواريين مخلصين لنبي الله بل أعلى مرتبة فهم أوصياء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) اصطفاهم الله
السؤال: عصمة الإمام ليست جبرية
هل عصمة الإمام ذاتية ام من الله؟
وهل الاية الكريمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ....) تدل على ان العصمة من الله حيث ان جميع العلماء يستدلون بالآية على العصمة.
الجواب:
ما نفهمه من سؤالك: تريد السؤال عن منشأ العصمة هل هي من الله تعالى؟ أي أنها تكوينية فيتبادر الى الذهن لزوم الجبر وعدم فضل الإمام (عليه السلام) في شيء فلا يستحق الثناء أو الثواب عليها. أم إنها ذاتية أي هي إلتزام من الإمام بأوامر الله تعالى التشريعية فهي إذن باختيار الإمام ويستحق عليها الثناء والثواب.
ولكن استدلالنا بآية التطهير على أنها إرادة تكوينية من الله سبحانه يلزم منها عندك إشكال الجبر والاضطرار. فنقول:
عَرَّف علماؤنا العصمة: بأنها لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما. قال تعالى: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)) (النساء:113).
فهذا اللطف والفضل والرحمة هو نحوٌ من العلم اليقيني الذي إطلعوا من خلاله على عالم الملكوت والغيب فهو علم شهودي حضوري لا حصولي كعلومنا والفرق بين العلمين بأن هنالك فرقاً بين أن تعلم بأن النار محرقة وبين ان تحس بالاحراق وتحترق مثلاً، وكذلك هناك فرق بين أن تعلم شيئاً عن الجنة وبين دخولك فيها ولذلك يؤثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: (والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)، وهذا العلم اليقيني ثابت للإمام وهو العصمة، قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)) (الأنعام:75)، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).
والذي يصل من حيث العلم إلى مقام اليقين فهو يصل يقيناً من حيث العمل الى مقام الصبر، ومن ثَمَّ لن يكون هناك إنفكاك بين هذا السنخ من العلم والعمل، هذا هو جوهر العصمة مختصراً .
وأما الاستحالة ذاتية ووقوعية: فامتناع وقوع المعصية واستحالتها ليست ذاتية للإمام نتيجة عصمته المفاضة من الله (أي أن ذاته لا تقع منها المعصية) حتى يلزم منها الجبر والاضطرار فلا تكون باختيار الإمام وجهده فلا يستحق عليها الثناء والثواب، وإنما يكون إمتناع وقوع المعصية من الإمام (مع علمه اليقيني) بنحو ما نعبّر عنه بالاستحالة الوقوعية أي أنه لا يمكن أن يصدر عنه ذلك مع قدرته عليه، كما أثبت سبحانه ذلك في حق الانبياء (عليهم السلام) بقوله للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (الزمر:65).
وهذا الخطاب للأنبياء يدل على إمكان صدور الشرك منهم (عليهم السلام) ذاتاً وعقلاً لكونهم فاعلين مختارين، وإنما الواقع يقول بأن أحداً من الانبياء (عليهم السلام) لم ولن يرتكب شركاً قط لعلمه اليقيني بالله الواحد الاحد، ومعرفته الحضورية به تعالى وبحقائق الاعمال الحسنة والسيئة وحقيقة التوحيد والشرك فلا يتخلف حينئذ عملهم عن علمهم مع إختيارهم الكامل وعدم جبرهم او اضطرارهم لتركه وإلا لما نهاهم تعالى عن الشرك المجبرين على تركه فإنه لا معنى للنهي عما لا يُستطاع فعله أصلاً.
فالانسان المعصوم إنما ينصرف عن المعصية بنفسه ومن اختياره وإرادته، ونسبة الصرف إلى عصمته تعالى كنسبة إنصراف غير المعصوم عن المعصية إلى توفيقه تعالى، فتنبه
السؤال: الجبر والاختيار في العصمة
هل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مجبرين في عصمتهم أم وارد احتمال الخطأ منهم وهم يمتنعون لسموّ أرواحهم الطاهرة ؟
الجواب:
العصمة تارة تكون من الذنب , فهي باختيار المعصوم , يتجنبها المعصوم بإرادته , ويكون الذنب أمام المعصوم واجتنابه عنه , كما ينظر أحدنا للعذرة ويتجنب عن أكلها , مع قدرته على أكلها .
وتارة تكون عن السهو والنسيان , فانها جبرية , متعلّقة بعلم الله بأن هؤلاء سيكونون من أفضل البشر , فاصطفاهم وطهرهم تطهيراً .
السؤال: عصمة النبي بالإرادة وليس بالجبر
(( لَا تحَرّك به لسَانَكَ لتَعجَلَ به )) هذه الاية توحي بان النبي ليس بمعصوم وانما الذي يعصمه هو وحي الله تعالى من السماء فما قولكم فيها
ولكم الشكر؟؟؟
الجواب:
هذه الآية الكريمة كأختها: (( وَلا تَعجَل بالقرآن من قَبل أَن يقضَى إلَيكَ وَحيه وَقل رَبّ زدني علماً )) (طـه:114), بالضبط فهما يحكيان حال النبي (ص) في كيفية تلقيه للوحي وتعامله معه وما صاحب ذلك من حرصه الشديد على تعجل تلقي الوحي وحبه له وشوقه إليه لانه خير يحب أن يضبطه ليعمل به ومن ثم يبلغه للناس لأنه (ص) كان حريصاً على الخير له وللجميع، وأكثر علمائناً قالوا على أن فعل النبي (ص) كان عن علم ومعرفة لأنه (ص) قد نزل عليه القرآن الكريم دفعة واحدة في ليلة القدر أو في ليلة مباركة ثم نزل القرآن الكريم على دفعات بحسب الحاجة والوقائع، فكان النبي (ص) يتذكر النزول الأول عند النزول الثاني فيتسابق مع الوحي ويبادر لترديده معه أو قبله ليستذكر ويحفظ أسرع وأتقن لسبق علمه بما يوحى إليه في الجملة، فنهي (ص) عن تلك المبادرة وأمره تعالى بالتأني والتروي ولا شيء عليه إن تأخرّ وأنصت واستمع ثم قرأه وتلاه (ص) وتعهّد له تعالى بأن يحفظه إيّاه (( سَنقرئكَ فلا تَنسَى )) (الأعلى:6) حتى مع عدم الإسراع بالتلقي.
وهذا لا محذور فيه ولا نقص ولا إشارة لعدم عصمته (ص) أبداً وقد قال (ص): (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، فقد كان الله تعالى يربيه ويؤدبه بأحسن الأخلاق والتصرفات وأحكم وأكمل وأمثل صورة، فلماذا نصر نحن المسلمون على سوء الظن برسول الله (ص) وشخصيته العظيمة ونحاول ازدرائها من هنا وهناك، ونغفل وننسى أو نتناسى ما قاله تعالى فيه وما امتدحه سبحانه به حيث قال تعالى: (( وَإنَّكَ لَعَلَى خلق عَظيم )) (القلم:4) ,وقال عز من قائل: (( وَمَا يَنطق عَن الهَوَى * إن هوَ إلَّا وَحيٌ يوحَى * عَلَّمَه شَديد القوَى * ذو مرَّة فاستَوَى ))[النجم:3 ـ 6].
ويشهد لهذا المعنى ـ وأن النبي (ص) معصوم وبإرادته لا بالجبر والوحي فقط دون اختيار وإرادة وجدارة ذاتية مع تأييد إلهي ولطف وتسديد بالوحي وغيره ـ وهو كونه (ص) كان يراجع ويعرض تلاوته وما حفظه من القرآن على جبريل في كل عام مرة وفي آخر عام له (ص) راجعه معه مرتان!!
وهذه الآية تشبه قوله تعالى: (( يَا أَيّهَا الرَّسول بَلّغ مَا أنزلَ إلَيكَ من رَبّكَ وَإن لَم تَفعَل فمَا بَلَّغتَ رسَالَتَه وَاللَّه يَعصمكَ منَ النَّاس )) (المائدة: من الآية67), لأنها تأمر النبي (ص) بالتبليغ وعدم خوف الناس وتعهد الله تعالى بحفظه منهم مع أن النبي(ص) لم يقصّر في الدعوة لحظة واحدة ولم يتوقف عنها أبداً ، وبالتالي فهذه الآيات مربية ومادحة لإطاعته وقادحة فلا تتصادم مع العصمة بل تؤكدها, هدانا الله وإيّاكم إلى سواء السبيل.
السؤال: العصمة لا تعني الجبر على الفعل
هل يخلق المعصوم معصوما من الخطا بمعنى ان تكوينه وخلقه لا يدعانه يرتكب الذنوب الا يتعارض هذا مع الجبر والتفويض ومع الثواب والعقاب
الجواب:
العصمة لا تعني الجبر على الفعل, وإنما هي تعني قوة العقل بحيث لا يغلب, وهي لا تتنافى مع التكليف والثواب والعقاب, فالمعصوم حاله كحال الناس في التعامل مع الشهوات والحالات الإنسانية من الانفعال والغضب وما شابه ذلك إلا أن الفرق بيننا نحن - أي غير المعصومين - والمعصوم ان الوضوح الذي يراه بقبح الأشياء المحرمة والمكروهة أكثر مما نراه نحن, وهذا الوضوح هو الذي يدفعه إلى عدم ارتكاب الحرام أو فعل المكروه .. وهذا ليس من الجبر بمكان بل هو زيادة ألطاف للقوى العقلية والروحية للمعصوم مع وجود الحالة الشهوية وبقية القوى الأخرى من الغضبية وغيرها عنده.
السؤال: الفرق بين اختيار المعصوم بالامكان الذاتي وحتمية العصمة بالامكان الوقوعي
ارجو منكم توضيح الفارق : بين اختيار المعصوم بالإمكان الذاتي وحتمية العصمة بالإمكان الوقوعي .
وببيان آخر: أن المعصوم في ذاتة يمكن أن يصدر منه الخطأ , فعدم ارتكابه للمعصية هو عن اختيار, وذلك يرجع لانكشاف الواقع له كما هو, أما بالإمكان الوقوعي فهو لا يمكن أن يعصي , وذلك للزوم المحال في صدور المعصية منه خارجا .
أرجو من سماحتكم بيان وجه المحالية بالشرح والتوضيح مع ضرب الأمثلة ، وهل يلزم من القول بمحالية وقوع المعصية منه خارجا على نحو الإمكان الوقوعي كون الإمام مجبورا وغير قادر على فعل المعصية خارجا ؟
هذا هو سؤالي , أرجو التوضيح التام للمسألة يخرج منه اللبس والإيهام .
الجواب:
نعم , العصمة هي مناعة وصيانة عن الوقوع في الخطأ والمعصية , ولكن ليست هذه الحصانة تنفي قدرة واختيار المعصوم (ع) , بل صدور الخطأ ممكن منه (ع) من حيث الفرض , ولكن لا يقع عملاً , وهذا ما يسمى بالامكان الوقوعي , أي أن الزلل ممكن منه (ع) وقوعاً ـ وليس ممتنع ذاتاً ـ ولكن لا يرتكب المعصية , وذلك وفقاً لأدلة العصمة .
والمقصود من الاستحالة في المقام هي الاستحالة الوقوعية لا الذاتية , وهذه الاستحالة الوقوعية هي نتيجة الاعتماد على أدلة العصمة .
فالترتيب المنطقي للموضوع هكذا : إن صدور السلبيات من المعصوم (ع) ممكن نظرياً بالامكان الوقوعي , ولكن نظراً الى أدلة العصمة نلتزم باستحالة ذلك بالاستحالة الوقوعية .
فترى أن هذه الاستحالة لا تفرض حالة جبرية على المعصوم (ع) , بل هي نتيجة الأخذ بأدلة العصمة .
وإن شئت عبّرت عن الموضوع بأن المعصوم (ع) لا يصدر منه الخطأ والمعصية في الخارج , وإن كان صدورها منه (ع) ممكن الوقوع عقلاً .
السؤال: العصمة المكتسبة
لدينا عدة أسئلة نرجو الإجابة عليها لو سمحتم :
1- فهمنا من بعض أسئلة الموقع " هنا " أن الشخص إذا لم يذنب طيلة حياته فقد وصل لمقام العصمة الاكتسابية , فهلا ذكرتم الأدلة العقلية والنقلية على ذلك .
2- البعض من الشيعة يقول : إن مقام العصمة الاكتسابية أو النسبية لانستطيع إطلاقها على أحد من المراجع أو العلماء إلا بتوافر معايير ثلاثة وهي :
أ- شهادة المعصوم عصمة جعلية كما شهد المعصوم عصمة جعلية للعباس بن علي عليه السلام .
ب-تحمل المسؤولية في حفظ الشريعة .
ج-السيرة الكريمة والخالصة .
وهؤلاء الناس يريدون القول أن لاعصمة صغرى لأحد من المراجع الأتقياء إلا بتوافر هذه المعايير الثلاثة علمًا أننا نعيش في زمن الغيبة فكيف نقول عن مرجع أو عالم أو فقيه أن لديهم عصمة صغرى ولم يحظوا بشهادة من المعصوم عصمة جعلية ؟
3- يقول هؤلاء الناس كذلك أن هذه المعايير متفق عليها عند أغلب فقهاء الشيعة والعلماء فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
إن اطلاق تسميه العصمة الاكتسابية او الثبوتية او النسبية او الالتزامية بمعنى الالتزام بأوامر الشريعة ما هو الا اصطلاح يفسر بحسب مراد واضع الاصطلاح فالبعض سمن من لم يقترف الذنوب والتزم بجميع الاوامر الألهيه والاحكام الشرعية بالعصمة الألتزامية والبعض سمى من لم يفارق طريق العدل والطاعه وعدم السلوك في طريق القبيح والمعصيه بالعصمه الثبوتية وهكذا في بقيه الاصطلاحات ومشاحة في الاصطلاح.
وهذه العصمة المصطلحه تختلف عن العصمه الثابته للانبياء ولاوصياء (عليهم السلام).
ثم انه ما يذكر من المعايير الثلاثه ما هي الاطريق يوصلنا لفهم عدم مفارقة العباس مثلاً لطريق العدل والطاعة وعدم سلوك طريق القبيح والمعصيه فمن قول الامام نستكشف ذلك أو من السيره أو من اعطائه المسؤوليه في قيادة الامه وحفظ الشريعة، فهذه الطرق التي ذكروها ترشدنا الى عصمتة المصطلحة ولا يعني هذا عدم ثبوت العصمة من طريق آخر فلو دل الدليل القاطع على عدم مقارقة شخص للذنوب والتزامه بجميع الطاعات فما المانع من أطلاق الاصطلاح عليه.
وكذلك الحال بالنسبة لاطلاق العصمه الصغرى على بعض العلماء فهو اصطلاح ما يراد به الا تحقق العداله عند هؤلاء العلماء ولا يراد بها اكثر من ذلك.
السؤال: بين العصمة الالتزامية والعصمة الجعلية
لو أن شخصا منذ ولادتة إلى حين وفاته لم يرتكب لم يعص الله تعالى فهل يعتبر معصوما كعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام معذكر الاسباب
الجواب:
إن الحالة الواردة في مفروض السؤال تسمى العصمة الإلتزامية، أي الناتجة من الالتزام بأحكام الشريعة وتطبيقها وفق ما أراده المولى سبحانه وتعالى، ولكنها ليست كالعصمة الجعلية للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فهذه أدق منها وأعمق لما فيها من عوامل اللطف الإلهي ومعاضدة الوحي أو الإلهام للشخص المعصوم بالجعل.
السؤال: كيف عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)
هل عصمة النبي والائمة (عليهم السلام) بأمر من الله اي ان الله خلقهم من غير ان يخطأوا ام ان تكوينهم الذاتي والنفسي وارتباطهم الدائم بالله جعلهم رساليون فعصمتهم من عمق رسالتهم ؟
الجواب:
العصمة تارة تكون من الذنب , فهي من مجاهدتهم (عليهم السلام) , إذ بإرادتهم لم يذنبوا مع مقدرتهم على الذنب , ويكون حال الذنب وابتعادهم عنه , كحال ابتعاد أحدنا عن أكل العذرة مع قدرته على الأكل . وتارة تكون العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فهي عصمة الهية بأمر من الله, أي : أن الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله بأن هؤلاء خلص عباده فعصمهم. فمقدمات العصمة في هذا القسم كسبية وكانت النتيجة الهية وهبها لعباده المخلصين .
تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
معنى كلامكم: أن الله سبحانه وتعالى اختارهم أئمة لعلمه المسبق بأنهم لا يعصونه بإرادتهم.وهنا أطرح سؤالين :
كيف نفسر بأن أهل البيت (عليهم السلام) قد وجدوا أنوارا حول العرش قبل خلق آدم ؟
السؤال الثاني: كيف نفسر قول الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) للمسلمين ما مضمونه : ألا وإنكم لا تقدروا على ذلك ولكن أعينونا بورع منكم ؟
هل يمكنكم إعطاء توضيح أكثر في التوفيق بين العصمة و بين الإختيار؟
الجواب:
قلنا العصمة عن الذنب هي عن مجاهدة منهم , وأنهم يستطيعون أن يذنبوا , ولكن لا يذنبون بإرادة منهم , وأما العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فان الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله. ومقصودنا من سبق علم الله قبل أن يوجدهم أنواراً حول العرش , إذ لم يقل أحد بقدم هذه الأنوار .
وأما عن السؤال الثاني , فنقول : ما هو مقصود أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : ( لا تقدروا على ذلك) ؟ فاذا كان قصده لا تقدروا على ما يقدر عليه أهل البيت (عليهم السلام) المعصومون بالعصمة الالهية والعصمة التي هي بارادتهم , فانه لا يرد عليه اي اشكال .
السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (1)
ما المانع من أن يكون النبي غير معصوم حيث من الممكن أن نتصور أن النبي معصوم فقط في تلقي الوحي وإبلاغه وما عدا ذلك غير لازم وأما شبهة أن الثقة تنعدم في النبي مندفعة بكون النبي عندما يحدث عن الوحي فهو معصوم من جهة ومن جهة ثانية نحن نعرف بأن الضرر المحتمل واجب دفعه فهذا يكفي في أن يكون محرك للالتزام بأوامر الرسول حتى لو لم تكن قطعية بالنسبة إلينا
الجواب:
إذا قلنا بعصمة النبي الأقوال التي يبلغ بها عن الوصي فكيف نقتدي بأفعال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وكيف يكون لنا أسوة حسنة ونحن نجيز المعصية في أفعاله!!
ولا مجال هنا لبقاء الثقة بالسببين الذين ذكرتهما: أما العصمة في التبليغ فهي لا تعطي العصمة في الأفعال حسب ما فرضنا, وأما الضرر المحتمل الواجب دفعه فاننا نحتمل إذا اقتدينا بأفعال الرسول والرسول يحتمل فيه العصيان في الأفعال, فنكون قد وقعنا في العصيان, وهذا الاحتمال يولد عندنا الخوف فيدفعنا إلى عدم الاقتداء بسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم), فتضعف ثقتنا بأفعاله. فليس دائماً الضرر المحتمل يزيد ثقتنا, بل يكون في بعض الأحيان عكس ذلك كما عرفت.
ثم كيف لا تضعف الثقة بالنبي وهم يشاهدونه يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها أو يغلط في أموره الفردية والاجتماعية؟! بل سوف لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلاّ وتطرقه علامات الاستفهام.
وان التفكيك بين صيانة النبي في مجال الوحي وصيانته في سائر المجالات وإن كان أمراً ممكناً عقلاً لكنه بالنسبة الى عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية, وأما عامة الناس ورعاعهم الذين يشكلون أغلبية المجتمع فانهم غير قادرين على التفكيك بينهما, بل يجعلون السهو في الامور الفردية دليلاً على امكان تسرب السهو الى مرحلة التبليغ.
ولسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من ارسال الرسل لابد من أن يكون النبي معصوماً من الخطأ في عامة المراحل، سواء في حقل الوحي، أم تطبيق الشريعة، أم في الامور الفردية والاجتماعية.
السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (2)
ما مدى صحة الرواية المذكورة عن الامام الصادق (عليه السلام) حيث جاء عن رجل عن رجل عنه (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يطلي فيتبول وهو قائم قال:لا بأس به. الكافي ج6 كما ان اهل السنة يزعمون بأن الرسول (ص) قد (بال قائماً) أليس في ذلك إنتقاص له صلى الله عليه وآله وسلم ؟
الجواب:
لقد ثبتت عصمة الانبياء بدليلي العقل و النقل ، و يكفي ان نذكر هنا قوله تعالى في حقّهم (عليهم السلام) : (( واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم )) (الانعام:87) ، ثم نرده بقوله جلّ وعلا : (( ومن يهد الله فما له من مضل )) (الزمر:37) ، لنعرف ان الذي يهديه الله لا يقدر على إضلاله أحد .. وفي هذا علينا ان نعرف أن الغرض من بعثة الانبياء (عليهم السلام) كما هو معلوم هو تبليغ رسالات الله سبحانه الى الناس ، و الشرط المهم في تحقق هذا الغرض هو الوثوق بالمبلّغ و الاعتماد عليه وإلا أعرض الناس عن المبلغ ولم يأخذوا بكلامه لانتفاء صفة الوثوق. ومن هنا وجب القول بعصمة النبي في جميع الحالات سواء قلنا في مجال التبليغ والوحي أو في الأقوال و الأفعال العادية . و يمكن توضيح ذلك في البيان التالي :
بعد التعرف على أن صفة الوثوق بالمبلّغ والاعتماد عليه شرط أساس في تقبل الرسالة و الايمان بها نتساءل هنا : ما قولك فيما لو شاهد الناس نبيّهم يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها ، أو يغلط في أموره الفردية و الاجتماعية ؟ هل من ريب في أن الشك سيجد طريقا رحبة للتسرب إلى أذهان الناس فيما يدخل في مجال الوحي و الرسالة ، بل لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلا و تطرقه علامات الاستفهام ، ولسان حاله يقول : هل ما يحكيه عن الله تعالى من الوظائف ، هي وظائف الهية حقا ؟ أم انها مزيج من الاخطاء والاشتباهات وباي دليل هو لا يخطيء في مجال الوحي ، إن كان يخطئ و يسهو في المجالين الآخرين ؟ و هذا الحديث النفسي و الشعور الداخلي اذا تعمّق في أذهان الناس سوف يسلب اعتمادهم على النبي وتنتفي بالتالي النتيجة المطلوبة من بعثة .. فلا بدّ .. لسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من إرسال الرسل .. من أن يكون النبي مصونا عن الخطأ في عامة المراحل ، سواء في حقل الوحي أم تطبيق الشريعة أم في الأمور الفردية. ومن هنا نعلم أن لا دليل عقلي أو نقلي يدلل على ارتكاب الانبياء للصغائر و يحصر عصمتهم في نقل الوحي وعدم فعلهم للكبائر فقط كما هو الوارد في سؤالك. وأما الآيات التي يستدل بها المجوّزون لوقوع الاخطاء من الانبياء (عليهم السلام) عامة أو من النبي (ص) خاصة، فقد ناقشها العلماء ببيانات وافية ودحضوا الاستدلال بها على مراد المجوزين هذا ، و يمكن الرجوع الى كتاب (الالهيات/ للشيخ جعفر السبحاني ج3 ص 197) للوقوف على تلك البيانات الوافية .
وفي نفس السياق السابق نقول: ان من مراتب العصمة أن لا تحصل من الانبياء أمور توجب النفرة منهم لان ذلك ينافي الغرض من بعثتهم و هو ابلاغ الرسالات السماوية بواسطتهم الى الناس ، ومن ذلك مسألة البول قائما التي توجب النفر ، من فاعلها و قلة مروءته بين الناس ، والتي لا نتصور نحن البشر العاديّون ان أحدا من الناس المحترمين فضلا عن ذوي الشأن و السمو يفعل ذلك ، ومن هنا يذكر ابن قدامة في (المغني ج6 ص 500) عن أبي مسعود قوله : من الجفاء أنه تبول و أنت قائم ، بل ينقل عن سعد بن ابراهيم انه لا يجيز شهادة من بال قائما ، و يروي ـ أي ابن قدامة ـ عن عائشة أنها قالت : من حدّثكم أنّ رسول الله (ص) كان يبول قائما فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً ، قال : قال الترمذي هذا أصح شيء في الباب (فليراجع ثمة) . وأما عن الرواية المنقولة عن (الكافي) في الرجل يطلي فيتبول وهو قائم ، قال الامام الصادق (ع) : (لا بأس به) ، فهي تدل على الجواز لا على رجحان الفعل ، وموردها مورد المعذور عن القعود للتبول لوجود علّة وهي الطلاء من النورة ، مع أن الكلام في نسبة ذلك الى النبي (ص) و انه ينافي المروءة لا في جواز الفعل منا فالرواية اجنبية عن محل الكلام .
وأما رواية الجاريتين و الجارية السوداء وأمثالها، فهما باطلتان ومردودتان على ناقليها ، لأن فيها انتقاصاً واضحاً لشخص النبي الأعظم (ص) و انحطاطه ـ حاشاه ـ الى مستويات ترفع عنها أبو بكر وعمر كما نصت عليه تلك الروايات . أعاذنا الله من زلل الأقدام وزيغ الأفهام و أعاننا على ديننا و فهم عقيدتنا بجاه محمد وآله الطيبين الكرام.
يتبع
|