و جملة القول أن الحديث صحيح الإسناد ، و لا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذ
الأفغاني ، فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب كان عليها
أن ترجع ، و الحديث يدل أنها لم ترجع ! و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين
.
و جوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقا بهم ، إذ لا عصمة إلا
لله وحده .
و السني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة
المعصومين ! و لا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذلك همت بالرجوع
حين علمت بتحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب ، و لكن الزبير رضي
الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله " عسى الله أن يصلح بك بين الناس " و لا نشك
أنه كان مخطئا في ذلك أيضا .
و العقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين
وقع فيهما مئات القتلى و لا شك أن عائشة رضي الله عنها المخطئة لأسباب كثيرة
و أدلة واضحة ، و منها ندمها على خروجها ، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها ،
و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور .
السلسلة الصحيحة ج 1 ص 473
و قال أيضا :
" إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : قالت عائشة و كانت تحدث نفسها أن تدفن في
بيتها ، فقالت : إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ، ادفنوني
مع أزواجه ، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها .
قلت : تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل ، فإنها ندمت ندامة كلية ، و تابت من ذلك .
على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير ، كما اجتهد طلحة بن عبد الله
و الزبير بن العوام و جماعة من الكبار رضي الله عن الجميع " .
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 12-07-2020 الساعة 01:11 AM.