أعلم أن الإمام والخليفة والملك منصب واختيار إلهي لا من تنصيب واختيار الناس
والقرآن المجيد قد بين ذلك من خلال آياته البينات
فلا يغرنك صراخ القوم حول الاتيان بدليل على الإمامة في القرآن المجيد فهؤلاء كالانعام بل هم اضل سبيلا
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة
هذه الآية أصل في نصب امام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة
ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة وبين الائمة إلا ما روي عن الأصم(١) حيث كان عن الشريعة أصم (٢)
قال محمد الأمين الشنقيطي (٣) : من الواضح والمعلوم من ضرورة الدين ان المسلمين يجب عليهم نصب امام
تجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الله في أرضه ولم يخالف هذا إلا من لا يعتد به ... وأكثر العلماء على أن وجوب
الإمامة الكبرى بطريق الشرع كما دلت عليه الآية المتقدمة (٤) .
اذن الإمامة اصل من أصول الدين وإن أصلها في القرآن الكريم كما قال القرطبي والشنقيطي
أعلم ايها القارئ الكريم ان كليم الله موسى عليه السلام لم يقم بتنصيب أخاه هارون عليه السلام وزيرا له باختياره
بل طلب ذلك من الله عز وجل وقد استجاب الله لدعاءه لانه عليه السلام يعلم أن الخليفة باختيار من الله عز وجل
وليس باختياره هو او باختيار الناس .
فلو كان يحق له ان يختار لقام بتنصيب أخاه هارون وزيرا وخليفة له من دون طلب ذلك من الله عز وجل (٥)
وفي قصة الملاء من بني إسرائيل التي ذكرها القرآن المجيد
انهم طلبوا من نبيهم ان يبعث لهم ملكا ليقاتلوا في سبيل الله ...فماذا كان جواب نبيهم ؟
قال : ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا ...
إذن ان الله عز وجل هو الذي جعل طالوت ملكا عليهم وليس نبيهم .. مع انهم طلبوا ذلك من نبيهم ولم يطلبوا
من الله عز وجل (٦) ففهم ..
ويوسف عليه السلام قد اختاره الله عز وجل من بين إخوته الأحد عشر ولم يكن باختيار ابيه يعقوب عليه السلام
او باختيار إخوته وعشيرته ..
وعليه ان النبوةو الخلافة والامامة والملك جميعها من اختيار الله عز وجل وأمر منه
وليس باختيار من الناس ..
================================
١) الأصم: من كبار علماء المعتزلة واسمه ابو بكر
٢) تفسير الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ج١ ص ٢٦٤
٣) محمد الأمين الشنقيطي علامة سعودي من أصل مورتاني فقيه ومفسر وعضو هيئة كبار العلماء السعودية
٤) كتاب جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف لعبد العزيز الطويان ج٢ ص ٦٠٠
٥) اقرأ سورة طه من الآية رقم ٢٥ إلى ٣٦
٦) اقرأ سورة البقرة من الآية رقم ٢٤٦ إلى ٢٥٢