وجد 13 شابا بعد أكثر من عامين من الدراسة والتدريب المنتهي بالتوظيف بمعهد تدريب تابع لمستشفى المانع بالخبر، أنفسهم مديونين للمعهد الذي تعاقد معهم، ومطالبين بدفع تكاليف التدريب كشرط لتوظيفهم والتي قدرت ب 780 ألف ريال بمقدار 60 ألف ريال لكل منهم، بل والتنازل عن مكافآت مدة تدريبهم، شرط استمرارهم في العمل بالمستشفى.
ورغم حسم اللجنة الابتدائية بمكتب العمل بالدمام في جمادى الأولى الماضي القضية لصالح الشبان الـ13 ورفض مطالبات المعهد، إلا أنه لم يكن هناك أيّ أثر عملي على المشكلة التي بدأت قبل ثلاث سنوات وتفاقمت بالتهديد بتوقيفهم عن العمل.
وطبقاً لإفادات الطلاب وقرار مكتب العمل ووثائق اطلعت عليها "الوطن"؛ فإن ثلاثة أطراف رئيسة شكلت مثلث القضية.
أول الأطراف هو مستشفى المانع بالدمام الذي أسس معهداً للتدريب وتعاقد مع الشبان الـ13 ليتدربوا فيه وبعد تخرجهم يتمّ تعيينهم في المستشفى ذاته.
والطرف الثاني هو صندوق دعم الموارد البشرية الذي تفاهم معه المستشفى على دعم البرنامج مادياً.
أما الطرف الثالث فهو الطلاب أنفسهم الذين وقعوا ضحية الخلاف بين المستشفى وبين صندوق الموارد البشرية، وأضاعوا عامين في التدريب وتخرجوا، ومع ذلك لا يحق لهم ممارسة المهنة بسبب امتناع المستشفى عن منحهم شهادات التخرج واستصدار رخص ممارسة المهنة التي تدربوا عليها "فني صيدلة".
وفوق ذلك المشكلة المادية التي وقعوا فيها بمطالبة المستشفى إياهم بدفع تكاليف تدريبهم من الرواتب التي سوف يمنحها إياهم المستشفى في حال توظيفهم.
وقال حسن العقيلي، وهو أحد الشبّان الـ13، إنه وزملاءه تعاقدوا مع المعهد على أن يخضعوا للتدريب مدة 24 شهراً يتلقون خلالها مكافأة شهرية قدرها 2000 ريال، وبعد التخرج يُعيّن كل منهم على وظيفة "فني صيدلة" مقابل راتب أساسي قدره 1929 ريالاً وبدل سكن 321 ريالاً وبدل مواصلات 250 ريالاً.
وأضاف العقيلي: لكن مدة التدريب انتهت من دون أن يستلم أي من المتدربين ريالاً واحداً، بل إنه وزملاءه فوجئوا بمطالبة المستشفى إياهم بدفع 60 ألف ريال عن كل واحد منهم لقاء تدريبهم.
والقصة نفسها يذكرها زملاؤه عبدالله الحاجي وجعفر السعيد وعبدالمجيب الموسى وحسن العبكري ومانع العباس الذين قالوا لـ"الوطن" إن المعهد حاصرهم من كلّ الجهات، فهو يحتفظ بشهادات الثانوية التي تمّ التعاقد على أساسها، كما يحتفظ بشهادات تخرجهم من المعهد وكشوف الدرجات، فضلاً عن امتناعه عن استصدار شهادات ممارسة المهنة، رغم التزامه صراحة بذلك في العقود التي حصلت "الوطن" على نسخ منها.
وأضافوا أن المستشفى طالبتهم بتوقيع عقود يتعهدون فيها بالالتزام بأقساط التدريب.
وقد وجدت القضية طريقها إلى مكتب العمل في الدمام، وتعاطت اللجنة الابتدائية معها بحضور طرفيها، الطلاب ووكيل المستشفى.
وفي الجلسة الثانية اعترف الوكيل بالتعاقد مع الشبّان، لكنه قال إن "العقود صورية"، بهدف "استكمال جميع الإجراءات الرسمية مع صندوق الموارد البشرية".
وأوضح الوكيل أن الصندوق اشترط التعاقد مع الطلاب وتسجيلهم في التأمينات الاجتماعية.
وعلى هذا الأساس تمّ الاتفاق مع الطلاب على أن تكاليف الدراسة تبلغ 60 ألف ريال، يدفع صندوق الموارد البشرية منها 45 ألفاً والمتبقي 15 ألفاً يسددها الطلاب أقساطاً شهرية ميسّرة من رواتبهم بعد التوظيف.
وأوضح الوكيل أن صندوق الموارد البشرية لم يدعم البرنامج الأمر الذي أوقع المعهد في مشكلة، ومع ذلك لم يوقف المستشفى برنامج التدريب. وبعد النظر في القضية وتداولها ومناقشتها مع طرفيها، أكدت اللجنة أن العقود الموقعة مع الطلاب هي عقود نظامية ولا أهمية لوصفها بـ"الصورية"، وتوصلت اللجنة إلى قرار ألزم المستشفى بدفع أجور التدريب لكل مدع بواقع 2000 ريال عن كل شهر لمدة 24 شهراً، وخصم 15 ألف ريال من رسوم التدريب، كما قررت ردّ ما لم يُحكم به في القضية.
وعلى الرغم من وضوح القرار ودقته؛ فإن الشبّان يعيشون قلقاً جدياً وعميقاً استناداً إلى واقع القضايا العمّالية، فالقرار يُعتبر "ابتدائياً" قابلاً للاستئناف، وهو ما يعني أن هناك ما يُقارب ثلاث سنوات أخرى لتطبيقه في حال تأييده من اللجنة العليا.
ويطالب حسن العقيلي ومانع العباس وعبدالله حجي وجعفر السعيد وحسن العبكري وعبدالمجيب الموسى باختصار معاناتهم التي مضى عليها قرابة ثلاث سنوات، خاصة أنهم موقوفون عن العمل ولا يحمل أي منهم أيّ وثيقة نظامية تدلّ على مؤهله، بل إن شهادات الثانوية لا يحتفظون بها أيضاً. وهو ما يعني بقاءهم عاطلين عن العمل إلى أن تحسم اللجنة العليا القضية، ومن ثمّ تأخذ طريقها إلى التنفيذ عبر إجراءات مطوّلة.
من جهته دافع مدير مستشفيات المانع منصور المانع عن موقفه في القضية، وقال لـ "الوطن": إن الطلاب الموقوفين عن العمل لم يوقعوا العقد الجديد ويتوجب عليهم دفع أقساط التدريب وسبق أن تعهدوا بذلك لدى معهد المانع، لكنهم لم يُكملوا إجراءات التقسيط.