والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اهل بيتة الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هناك من يطبل على تهمة التحريف وينسبها للشيعة الامامية ولكن الشيعة نفوا ذالك وردو جميع الروايات الى القرءان الكريم فضربو بها عرض الحائط وهم لا يعلمون ان اكثر الروايات ضعيفة
وحتى ان قالت بالتحريف ليس التحريف بالنقصان او الزيادة ولكن حمل الايات على غير معانيها وتحويلها عن مقاصدها الاصلية
تفضلو لكي نشرح الموضوع اكثر
سنورد هنا شطراً من الروايات الموجودة في كتب الشيعة الاِمامية، والتي أدّعى البعض ظهورها في النقصان أو دلالتها عليه، ونبيّن ماورد في تأويلها وعدم صلاحيتها للدلالة على النقصان، وما قيل في بطلانها وردّها، وعلى هذه النماذج يقاس ما سواها، وهي على طوائف:
الطائفة الاَولى: الروايات التي ورد فيها لفظ التحريف، ومنها:
1 ـ ما رُوي في (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد، قال: كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام، إلى أن قال: ـ «أُؤتمنوا على كتاب الله، فحرّفوه وبدّلوه» (1).
2 ـ ما رواه ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد عليه السلام في يوم عاشوراء وفيها: «إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرّفي الكتاب» (2)
فمن الواضح أنّ المراد بالتحريف هنا حمل الآيات على غير معانيها، وتحويلها عن مقاصدها الاَصلية بضروبٍ من التأويلات الباطلة والوجوه الفاسدة دون دليلٍ قاطعٍ، أو حجةٍ واضحةٍ، أو برهان ساطع، ومكاتبة الاِمام الباقر عليه السلام لسعد الخير صريحةٌ في الدلالة على أنّ المراد بالتحريف
هنا التأويل الباطل والتلاعب بالمعاني، قال عليه السلام: «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه، وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه...» (1)أي إنّهم حافظوا على ألفاظه وعباراته، لكنّهم أساءوا التأويل في معاني آياته.
الطائفة الثانية: الروايات الدالّة على أنّ بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذُكِرت فيها أسماء الائمة عليهم السلام، ومنها:
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وسلم هكذا: (وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا ـفي عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ). (البقرة2: 23)
2 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: (من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً) (الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت (2).
3 ـ ما رُوي في (الكافي) عن منخل، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: «نزل جبرئيل على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا (يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً).(4)
ويكفي في سقوط هذه الروايات عن درجة الاعتبار نصّ العلاّمة المجلسي في (مرآة العقول) على تضعيفها، ويغنينا عن النظر في
(1) الكافي 8: 53 | 16.
(2) الكافي 1: 417 | 26.
(3) الكافي 1: 414 | 8.
(4) الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا (يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم...) وأما آخرها (نور مبيناً) فهو في نفس السورة آية: 147 هكذا (يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا) ولعله سقط من الخبر شيء.
أسانيدها واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحّتها (1)، وقول الشيخ البهائي: «ما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن في بعض المواضع.. غير معتبرٍ عند العلماء» (2)، وعلى فرض صحّته يمكن حمل قوله: «هكذا نزلت» وقوله: «نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا» على أنّه بهذا المعنى نزلت، وليس المراد أنّ الزيادة كانت في أصل القرآن ثمّ حُذِفت.
قال السيد الخوئي: «إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الاَئمّة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتمّ هذا الحمل فلابدّ من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسُنّة والاَدلّة المتقدّمة على نفي التحريف» (3).
وعلى فرض عدم الحمل على التفسير، فإنّ هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في (الكافي)، قال: سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنواأطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الاَمر مِنْكُم) (النساء4: 59). قال: فقال: «نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام». فقلت له: إنّ الناس يقولون: فما له لم يسمّ علياً وأهل بيته في كتاب الله ؟ قال عليهما السلام: «فقولوا لهم: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو
(1) الوافي 2: 273.
(2) آلاء الرحمن 1: 26.
(3) البيان في تفسير القرآن: 230.
الذي فسّر لهم ذلك» (1). فتكون هذه الرواية حاكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها، ويضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجّوا بذكر اسم الامام عليّ عليه السلام في القرآن، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة، فهذا من الاَدلّة الواضحة على عدم ذكره في الآيات. ومما يُضاف لهذه الطائفة من الروايات أيضاً:
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام» (2).
2 ـ ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق عليه السلام، قال: «لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين» (3).
وقد صرّح العلاّمة المجلسي رحمه الله بأنّ الحديث الاَوّل مجهول، أمّا الحديث الثاني فقد رواه العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد، عمّن أخبره، عنه عليه السلام، وواضح ضعف هذا الاسناد، وعلى فرض صحّته فإنّ المراد بالتسمية هنا هو كون أسمائهم عليهم السلام مثبتة فيه على وجه التفسير، لا أنّها نزلت في أصل القرآن، أي لولا حذف بعض ما جاء من التأويل لآياته، وحذف ما أنزله الله تعالى تفسيراً له، وحذف موارد النزول وغيرها، لاَلفيتنا فيه مُسمّين، أو لو أُوّل كما أنزله الله تعالى وبدون كَدَر الاَوهام وتلبيسات أهل الزيغ والباطل لاَلفيتنا فيه مُسمّين.
الطائفة الثالثة: الروايات الموهمة بوقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان، ومنها:
1 ـ ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه، ما خفي حقّنا على ذي حجا، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن» (1).
2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام» (2).
3 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، أنّه قال: «ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء» (3).
وهذه الطائفة قاصرةٌ أيضاً عن الدلالة على تحريف القرآن، فالحديث الاَول من مراسيل العياشي، وهو مخالف للكتاب والسُنّة ولاِجماع المسلمين على عدم الزيادة في القران ولا حرف واحد، وقد أدعى الاجماع جماعة كثيرون من الاَئمة الاَعلام منهم السيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي وغيرهم. أمّا النقص المشار إليه في الحديث الاَول فالمراد به نقصه من حيث عدم المعرفة بتأويله وعدم الاطلاع على
باطنه، لا نقص آياته وكلماته وسوره، وقوله(عليه السلام)«ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن» فإنّ الذي يصدّق القائم (صلوات الله عليه) هو هذا القرآن الفعلي الموجود بين أيدي الناس، ولو كان محرفاً حقّاً لم يصدقه القرآن، فمعنى ذلك أنّ الاِمام الحجة (صلوات الله عليه) سوف يُظهر معاني القرآن على حقيقتها بحيث لا يبقى فيها أي لبسٍ أو غموض، فيدرك كلّ ذي حجا أنّ القرآن يصدّقه، فالمراد من الحديث الاَول ـ على فرض صحّته ـ أنّهم قد حرّفوا معانيه ونقصوها وأدخلوا فيها ما ليس منها حتى ضاع الاَمر على ذي الحجا.
أمّا الرواية الثانية ففي سندها عمرو بن أبي المقدام، وقد ضعّفه ابن الغضائري (1)، وفي سند الرواية الثالثة المنخّل بن جميل الاَسدي، وقد قال عنه علماء الرجال: ضعيف، فاسد الرواية، متّهم بالغلوّ، أضاف إليه الغلاة أحاديث كثيرة (2).
وعلى فرض صحّة الحديثين فإنّه يمكن توجيههما بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما، قال السيد الطباطبائي: «قوله عليه السلام: إنّ عنده جميع القرآن؛ إلى آخره، الجملة وإن كانت ظاهرةً في لفظ القرآن، ومشعرة بوقوع التحريف فيه، لكن تقييدها بقوله: «ظاهره وباطنه» يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن، من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي، ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي» (3).
(1) أُنظر مجمع الرجال 4: 257 و 6: 139، رجال ابن داود: 281 | 516.
(2) أُنظر مجمع الرجال 4: 257 و 6: 139، رجال ابن داود: 281 | 516.
(3) التحقيق في نفي التحريف: 62.
يا اهل السنة انصحكم بقراء كتاب ألاء الرحمن للشيخ البلاغي