إن عدالة الصحابي أو عدمها تتبع أعماله وتصرفاته في حياته , فلا أصل في المقام لعدالتهم بدون قيد أو شرط , بل يدخل جميعهم في دائرة التعديل والتجريح .
ثم إن تصرفات كل شخص وتقلباته في مختلف شؤون حياته خير دليل على الحكم عليه ,و احدى مناقبه , وهي شربه للخمر بعد تحريمه ورثائه قتلى المشركين في بدر [ فتح الباري 10/37 , عمدة القاري 21/168 , ومصادر أخرى ] .
نعم , قد حاول البعض تبرير هذا العمل بأنه كان قبل نزول التحريم .
ولكن يرده أولاً : أن التحقيق يدلنا على أن التحريم قد نزل قبله بمدة , فإن عملية شرب الخمر قد حصلت في عام الفتح ـ سنة ثمانية من الهجرة ـ باتفاق أهل الحديث والسير , والتحريم قد نزل :
إما في أوائل البعثة أو الهجرة [ المعجم الكبير للطبراني 20/83 ـ ح 157 , تاريخ الخطيب 8/358 , الدر المنثور 1/252 (606) , الجامع لاحكام القرآن للقرطبي 3/41 (60) , احكام القرآن للجصاص 1/322 , التفسير الكبير للرازي 6/41 ـ 44 ] .
وإما في سنة أربع من الهجرة [ الامتاع للمقريزي 193 , فتح الباري 10/24 (31) , عمدة القاري 10/82 (21/166) , سيرة ابن هشام 2/192 ( 3/200 ) , عيون الاثر لابن سيد الناس 2/24 (48) , تفسير الشوكاني 2/71 (75) ] .
وإما في سنة الحديبية سنة ست من الهجرة [ فتح الباري 10/24 (31) , عمدة القاري 10/82 (21/166) ] .
وأما القول بنزول التحريم في سنة الفتح عام ثمانية من الهجرة يوم الشرب المذكور , فلا يدعمه ـ على قول البعض ـ إلا حديث أحمد [ مسند أحمد 1/381 ـ ح 2042 ] الذي جاء فيه أن رسول الله (ص) قد اعرض على شخص كان بصدد إهداء الخمر أو بيعه .
وقصارى ما يستفاد من هذا الحديث أن التحريم بلغ هذا الرجل عام الفتح , لا أن التحريم قد نزل فيه , فلا يعارض الاقوال التي تصرح بنزول التحريم قبله , خصوصاً أن الرجل المذكور ـ على ما في حديث احمد ـ كان من أعراب البوادي , فيحتمل قوياً عدم وصول التحريم اليه .
ثانياً ان ذيل رواية شرب الخمر المذكورة خير شاهد على نزول التحريم قبل تلك الواقعة , إذ جاء فيه أن الأمر قد بلغ رسول الله (ص) , فقام يجر إزاره حتى دخل عليهم مغضباً وهمّ أن يضرب بعضهم .
وهنا نتسائل بأن التحريم لولم يسبق هذه الواقعة , فما هو معنى غضب الرسول (ص) في المسألة ؟ إذ لو كان مباحاً لم يتأثر النبي (ص) بهذا الشكل .
وبالجملة , فلا ينبغي التأمل في صدق ارتكاب الفواحش والموبقات بالنسبة إليه في حياة الرسول (ص) .
وأما بعد الرسول (ص) , فمخالفته الوصية بإمامة وخلافة امير المؤمنين علي (ع) لهو دليل واضح لانحراف الشخص وعدوله عن الخط المستقيم , ومن ثم زلة لا تغتفر , أضف إلى ذلك مبادرته وتأييده الاعتداء على بيت الزهراء ( عليها السلام ) وضربها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها خير شاهد على فسق الرجل , مما أدى ذلك الى غضب فاطمة ( عليها السلام ) عليه ـ بصريح البخاري وغيره ـ .
فمن مجموع هذه الموارد ـ وموارد أخرى لم يسعنا التطرق اليها في هذا المختصر ـ لا يبقى لدينا أي شكّ أو ريب في ثبوت عدم عدالته .
الجزء الثاني
(1) إن أبابكر قد أغضب فاطمة عليها السلام, فهجرته حتى توفيت, رواه البخاري في صحيحه: باب فرض الخمس ـ كتاب الفرائض: باب قول النبي لا نورث, ومسلم في صحيحه: باب قول النبي لا نورث , واحمد في المسند 1/6ـ9, حتى روى ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1/13ـ14 قول فاطمة عليها السلام لأبي بكر: (( والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها )).
(2) إن أبابكر لا يعرف معنى قوله تعالى: (( وفاكهة وأباً )) [ كنز العمال 1/274 ].
(3) إن أبابكر لسانه قد أورده الموارد[ الموطأ لمالك كما عنه في الجامع, الطبقات الكبرى 5/5, كنز العمال 2/173, حلية الأولياء 9/17, الدر المنثور 2/221, مجمع الزوائد 10/302 ].
(4) إن أبابكر وعمر انهزما يوم خيبر وأحد [ المستدرك 3/37, كنز العمال 6/394و مجمع الزوائد 9/124 ].
(5) إن أبابكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبي حتى نزل النهي [ صحيح البخاري 6/46ـ47, سنن الترمذي 5/387, صحيح النسائي 2/304 ].
(6) روى مالك في الموطأ 2/460 كتاب الجهاد, عن النبي (ص) أنه قال لشهداء أحد( هؤلاء أشهد لهم )), فقال أبوبكر: السنا يا رسول الله اخوانهم اسلمنا كما اسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ))؟ فقال رسول الله (ص)( بلى, ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي )), فبكى أبوبكر ثم بكى ثم قال: أئنّا لكائنون بعدك.
(7) إن النبي (ص) اعطى فدكاً لفاطمة وقد غصبه أبوبكر وعمر[ الدر المنثور 4/177, كنز العمال 2/158, ميزان الاعتدال 2/228, مجمع الزوائد 9/39 ].
(8) إن فاطمة قد دفنت ليلاً وصلى عليها علي ولم يؤذن بها أبوبكر [ صحيح البخاري 2/186 و3/55, صحيح مسلم 5/153, السنن الكبرى 6/300, مشكل الآثار 1/47, المستدرك 3/162 ].
منقول و معدل
التعديل الأخير تم بواسطة أبو شهاب ; 20-12-2007 الساعة 02:40 AM.