العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتدى الجهاد الكفائي

منتدى الجهاد الكفائي المنتدى مخصص للجهاد الكفائي الذي أطلق فتواه المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية فتى ســيهات
فتى ســيهات
عضو جديد
رقم العضوية : 16342
الإنتساب : Jan 2008
المشاركات : 61
بمعدل : 0.01 يوميا

فتى ســيهات غير متصل

 عرض البوم صور فتى ســيهات

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
Exclamation ما قيـل عن الـدكـتور/ باسـم احمد ال أبراهيم عضو مجلس ا
قديم بتاريخ : 03-02-2008 الساعة : 02:30 PM


الدكتور باسم آل إبراهيم.. «الجزء الأول»
فـريـــــــــداً في شــخـصـه وشــخـصيتـه
الدكتور/ محمد بن حمد القنيـبط - عضو مجلس الشورى

أجزم بأنَّ كل من عَرَفَ الدكتور باسم بن أحمد آل إبراهيم -يرحمه الله- يخرج بنتيجة واحدة مفادها عدم حبّه للمديح والثناء لشخصه، بل يكره بشـدة عبارات التفخيم والتبجيل، لذلك، وعلى الرغم من استحقاق الفقيد الدكتور باسم آل إبراهيم لقدر كبير وكبير جداً من الثناء والمديح لشخصه وشخصيته، إلاَّ أنَّ الاقتصار على مثل هذا النهج في التعريف به، لن يكون كافياً للقارئ حتى يتمكن من رسم صورة شبه قريبة لشخصه وشخصيته؛ ذلك أنه من المستحيل لمن لا يعرفه أن يقف على الجوانب الأخرى التي جعلت شخص وشخصية الدكتور باسم آل إبراهيم فريدة جداً، كما هو عنوان هذا الرثاء المتأخر.
ليس هذا فحسب، بل لا خيار لأي منصف بحق الدكتور باسم آل إبراهيم سوى الإطالة والإسهاب عند الكتابة عن الجوانب العديدة التي تصف شـخصه وشخصيته، لعلَّ وعسى يتمكن القارئ الكريم الذي لا يعرفه أن يتخيل هذا الرمز الوطني الذي فقدناه وهو في قمة نشاطه وحيويته، يرحمه الله.
لذلك ،فإن اقتصار رثاء باسم، كما يحب أن ينادى بهذا الاسم دون أية ألقاب تسبقه، على خصاله المتعارف عليها في الرثاء التقليدي من تعليم وعمل وإنجاز علمي سيمثل ما لا يزيد عن 10% من شخص وشخصية باسم الفريدة، وبالتالي يجب، بل من الضرورة بمكان الحديث عن الخصال الأخرى غير التقليدية للفقيد باسم والتي تمثل بالفعل تفرداً لشخصه وشخصيته، وذلك حتى نقف على حقيقة هذا «السحر» الذي امتلكه -يرحمه الله- بدرجة جعلت المئات ممن عرفوه ينسحرون بشخصه وشخصيته بعد لقاء واحد معه.
طفولته وتعليمه وعمله
ولد الدكتور باسم بن أحمد بن علي آل إبراهيم عام 1375هـ/1956م في مدينة صفوى بالمنطقة الشرقية، وتلقى تعليمه العام بمدارس صفوى. بعد إنهائه الثانوية العامة (علمي) عام 1393هـ، درس عاماً كاملاً في برنامج أرامكو للإلمام باللغة الإنجليزية، حيث كان ينوي دراسة الطب في مصر. وبالفعل ذهب صيف عام 1394هـ إلى القاهرة لدراسة الطب، ولكنه عاد بعد أسابيع قليلة بسبب شعوره بالوحدة هناك. وكان يقول: إنه كان يبكي ليلياً منذ وصوله القاهره، بسبب وحدته وانقطاعه عن أهله وأحبابه. وقد كتب لوالده -يرحمهما الله- يقول :إنه يرغب بالعودة إلى السعودية والدراسة بها. وانتظر أسبوعين لعلَّ يصله رد والده الإيجابي، ولكنه لم يستطع الانتظار أكثر، فسافر عائداً إلى المملكة ليصل صفوى قبل رسالته ! ثم سافر من صفوى إلى الرياض وسجل بكلية الزراعة بجامعة الملك سعود عام 1394هـ، ليتخرج عام 1398هـ بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في تخصص الاقتصاد الزراعي. وقد كان الأوَّل على دفعته بكلية الزراعة بجامعة الملك سعود لأربع سنوات متتالية، حيث عُيِّن معيداً بقسم الاقتصاد الزراعي والمجتمع الريفي بعد تخرجه. وقد كان الوحيد بهذا القسم الذي حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي دون المرور بدرجة الماجستير من جامعة ولاية واشنطن الأمريكية في شوال 1407هـ، وهو أول دكتور بالقسم يترقى إلى درجة أستاذ بتميز في فترة زمنية قياسية.
أما على مستوى البحث العلمي فحدث ولا حرج، حيث كتب ما يزيد عن ثلاثين بحثا مُحكَّما في الاقتصاد الزراعي والموارد الطبيعية، وأشرف على ما يزيد عن عشرين طالب ماجستير في الاقتصاد الزراعي، وناقَـشَ (حكَّمَ) ما يزيد عن عشرين رسالة ماجستير ودكتوراه في الاقتصاد والاقتصاد الزراعي؛ ورأس تحرير مجلة (دراسات اقتصادية) التي تصدرها جمعية الاقتصاد السعودية لأكثر من ست سنوات حتى لقائه بالرفيق الأعلى. ومنذ عودته من أمريكا في شوال 1407هـ، عمل مستشاراً غير متفرغ لدى الدار السعودية للخدمات الاستشارية ثم البنك الزراعي العربي السعودي حتى تاريخ تعيينه عضواً بمجلس الشورى في الدورة الرابعة في 3/3/1426هـ، كذلك جُدِّدَ له ثلاث مرات في عضوية الهيئة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الأعلى، وشارك في العديد من اللجان الفرعية المنبثقة عن هذين المجلسين حتى وفاته، يرحمه الله.

زميل، صديق وأخ !؟
قبل عدة سنوات سألت زميلنا السابق بمجلس الشورى معالي الدكتور راشد الراجح عن الفرق بين الصديق والزميل، وقد أفادني بما معناه أنَّ الزميل هو (من بينك وبينه رفقة عمل أو دراسة)؛ أما الصديق فهو (من تربطك به علاقة حميمة دون وجود رابط عمل أو دراسة). من جهة أخرى لا يخفى على القارئ الكريم معنى أخ، وبالتالي فكان يشغل فكري دائماً، هل توجد كلمة واحدة تجمع هذه الكلمات الثلاث: زميل، صديق، أخ ؟
ولسوء حظي، أنَّ هذا السؤال ظهر بقوة حوالي الساعة الثانية من ظهر يوم السبت 12 يناير 2008م (3 محرم 1429هـ)، وهو الزمن الذي اختار القدر أن يأخذ على غفلة وبدون سابق إنذار زميلي وصديقي وأخي الدكتور باسم بن أحمد بن علي آل إبراهيم، عضو مجلس الشورى وعضو الهيئة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الأعلى والأستاذ غير المتفرغ بجامعة الملك سعود. فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، والله أسأل أن يلهم والدته الفاضلة وزوجته الكريمة وأبناءه بدر وأحمد وعبدالله وعلي ومحمد وأحبابه الصبر والسلوان.
زمالة وأخوَّة اشتباك إداري !
قد يتساءل القارئ الفاضل: ما هي العلاقة التي تربط بين باسم بن أحمد آل إبراهيم ومحمد بن حمد القنيبط ؟ لو أردت أن أجيب بأمانه على هذا السؤال لاستغرق مني آلاف الصفحات. لـمــاذا ؟ لأنَّ علاقتي بفقيدنا الغالي باسم تمتد لأكثر من إثنين وعشرين عاما، حيث كانت بدايتها غير تقليدية مطلقاً، وها أنا أكتبها بل أحكيها لأول مرة؛ ولا أذكر أنني ناقشتها معه- يرحمه الله- بعد أن تجاوزنا ذلك «الاشتباك الإداري»، على غير العادة في علاقتنا خلال هذه السنوات الطويلة، حيث نعيد مناقشة كثير من أمور قديمة مرات عديدة.
لقد بدأت علاقتي بالفقيد الغالي باسم بالتحديد في شوال 1407هـ، حين رجعت لقسم الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة بجامعة الملك سعود بعد إعارة عام ونيِّف للقطاع الخاص. وقد كانت العلاقة في البداية أكاديمية رسمية، بحكم عدم التقائنا قبل هذا التاريخ بسبب الفارق الزمني في التخرج بيننا (3 سنوات)، وكذلك البعد المكاني في جامعة الدراسة بأمريكا (واشنطن وأوريجن). وبسبب هذه العلاقة الأكاديمية شبه الرسمية، وكذلك ـ وهو الأخطر ـ قوة شخصية كلّ منا، كانت الأجواء مثالية جداً لحدوث «اشتباك إداري» مع باسم بعد أن توليت رئاسة قسم الاقتصاد الزراعي.
لذلك حدث «اشتباك إداري» بسبب سؤالي الدكتور باسم عن موضوع إداري، فَســَّره ـ يرحمه الله ـ على أنه نوع من التسلط الإداري المرفوض تماماً في الحرم الجامعي، ناهيك من أستاذ أكاديمي متميز جداً في علمه يحمل إسم باسم ! وحيث إنني حديث عهد بالعمل الإداري، ذهبت لعميد الكلية لأخبره بالموضوع، حيث قال: إنه لا يستطيع التدخل الرسمي إلا إذا كتبت خطابا رسميا أشرح فيه هذا «الاشتباك الإداري»، وذلك بصفتي رئيس القسم !
لقد فكرت كثيراً آنذاك في موضوع كتابة خطاب رسمي يتعلق بزميل في القسم، سواء كان الحق معي أو معه، ذلك أنني حينئذ وإلى الآن، أكره أن يكون لدي خلاف مع شخص أراه بصفة يومية، مهما كان السـبب. لذلك ذهبت لزميل أكاديمي يكبرنا سناً وخبرة إدارية بالكلية ،مرَّ بنفس التجربة، أو بالأحرى «الاشتباك الإداري» في قسمه الأكاديمي، وعرضت عليه الموضوع؛ فكانت إجابته كالتالي: هل لدي الاستعداد لفتح ملف كبير للشكاوى والشكاوى المضادة بيني وبين باسم ؟! فكانت إجابتي بالنفي القاطع، فقال: إذاً نصيحتي أن تحتوي الموضوع.
خرجت من مكتب زميلنا المخضرم (أبا خالد ) وذهبت إلى مكتب باسم، وأقفلت الباب خلفي. استغرب باسم دخولي عليه ونحن في حالة قصوى من «الاستنفار»، وبالتالي كان- يرحمه الله- متجهم الوجه. تحدثت معه عن موضوع «الاشتباك الإداري»، وأخبرته بأنَّي لم أهدف من هذا التدخل والتدقيق سوى المصلحة الشخصية لباسم ليس إلاَّ، وطلبت منه مراقبة أفعالي وأقوالي المستقبلية بشأنه ليتأكد من صحة كلامي.
ويا لهول ما حدث بعد ذلك اللقاء الذي بقي طيّ الكتمان حتى هذه اللحظة. فقد انقلبت تلك العلاقة الرسمية الجافة تماماً بيننا إلى زمالة وصداقة وأخوَّة، يغبطنا عليها الكثير من الزملاء والأصدقاء، استمرت حتى رحيله المفاجئ، حتى أنه يصعب أن ترى باسم آل إبراهيم في مناسبة علمية أو اجتماعية مشتركة في الرياض دون أن ترى محمدا القنيبط، والعكس صحيح، وذلك طوال العشرين سنة التي أعقبت ذلك اللقاء «التصالحي» مع صاحب الشخصية الساحرة الفقيد الغالي الدكتور باسم بن أحمد آل إبراهيم. بل في مرات كثيرة جداً كان يُصرِّ على أن نذهب سوياً إلى المناسبات الرسمية والاجتماعية من ولائم وحفلات زفاف أو عزاء بحيث نلتقي في مكان معين لننطلق سوياً؛ وكنت أقول له دائماً: بالفعل أنت صاحب معالي، لا تستطيع التنقل إلا بسائق، وأبو حمد تحت الخدمة يا بيه !
ليس هذا فحسب، فالله أُشـهِد أنني وطوال تلك السنوات العشرين لم أسمع منه ما يُكدِّر خاطري، ولم أدخل معه في جدل حاد أو حتى عُشر حاد، ولم يكن ينظر لي إلا بعين الاحترام والتقدير الكبيرين، بل وأكثر من ذلك فكان لا يناديني إلا باللقب المحبب إلى قلبه: (سـيادة الرئيـس !؟) إشارة لأيام رئاستي لقسم الاقتصاد الزراعي، وأرد عليه بالقول: (وأنت رئيس الرئيس !؟). وليته توقف عند هذا المستوى الرفيع والنادر من الاحترام، بل كان لا يملّ ولا يكلّ من السؤال عن أحوال عائلتي فرداً فردا، خاصة والدتي الغالية، الذي أصبح اهتمامه وسؤاله عنها يتم بصفة يومية بعد سفري معها قبل أكثر من عامين لزراعة كِلية لها في أمريكا. حيث كان- يرحمه الله- يتصل بي في أمريكا مرة أو مرتين على الأقل في الأسبوع ليطمئن على صحة الوالدة.

باسم، مغناطيس أكاديمي
طوال فترة رئاستي لقسم الاقتصاد الزراعي بجامعة الملك سعود التي استمرت ست سنوات، كان مكتب رئيس القسم هو مكتب باسم، حيث بمجرد أن ينتهي باسم من محاضراته أو ساعاته المكتبية يأتي مباشرة لمكتب رئيس القسم ونجلس فيه حتى قرب صلاة المغرب، ليذهب كل منا إلى منزله.
قد يقول قائل: إنَّ في ذلك تضييعا للعمل الأكاديمي، وإهمالا لشئون القسم ؟! والرد على هذا الاتهام المؤلم، يتمثل في أنه خلال هذه السنوات الست كان قسم الاقتصاد الزراعي يحتل مركز الصدارة في عدد رسائل الماجستير بالكلية، إضافة إلى سرعة ترقية منسوبي القسم إلى درجة أستاذ مشارك وأستاذ. والله يشهد بأنَّ أغلب هذا الإنجاز العلمي والبحثي لقسم الاقتصاد الزراعي لم يكن ليتم لولا توفيق الله ثم التميز العلمي لمنسوبي القسم، وكذلك ـ وهو الأهم ـ الجو الأخوي والمرح الذي ما كان ليسود في القسم بدون الحضور أو بالأحرى الشخصية الطاغية ـ بمعناها الإيجابي ـ لفقيدنا الغالي باسم. فكان هو «المغناطيس» الذي يجذب جميع أعضاء القسم، بل ومن أقسام أخرى.
ولكن هذا ليس كل شيء عن الجانب غير التقليدي في شخصية الفقيد الكبير باسم. فكان حرصه على أهمية تميز الجانب العلمي للقسم، وبالتالي للكلية، لا يجاريه فيه أحد. وأما حبه لكلية الزراعة فكان عجيباً على الرغم من أنه ليس من عائلة زراعية، حيث كان يقول مراراً وتكراراً لو عادت عقارب الزمن إلى أيام الثانوية فسيدخل كلية الزراعة ويتخصص في الاقتصاد الزراعي فقط لا غير. وبالتالي لا غرابة أن يكون ـ يرحمه الله ـ أهم علماء الاقتصاد الزراعي السعودي، وهذا حق اكتسبه بيمينه نتيجة تميزه العلمي الذي جعله يترأس الفريق البحثي الذي أعد دراسة لوزارة الزراعة عن (آثار انضمام المملكة إلى اتفاقية الجات على القطاع الزراعي السعودي)، ثم إشرافه على أضخم وأهم دراسة قامت بها كلية الزراعة لصالح وزارة الزراعة بعنوان (الاستراتيجية الزراعية السعودية). في هاتين الدراستين، ظهرت عبقرية باسم في إدارة وقيادة فرق البحث العلمي، وكذلك ـ وهو الأهم ـ قدرته السحرية على توفير مناخ علمي بحثي متميز ممزوج بالمرح، أجبر جميع أعضاء الفريق البحثي على إعطاء أقصى ما لديهم من طاقة بحثية أنتجت هذه الدراسات المتخصصة المهمة والمتميزة.
ولكن مهلاً، فما ذكرت إلى الآن هو في أغلبه من الرثاء الكلاسيكي الذي وعدت بعدم الإطالة فيه، فأين هي تلك الخصال الفريدة في باسم ؟!

صفــات غـير تقليدية
تُرى ما هو الجانب الآخر غير التقليدي للفقيد الغالي باسم، الذي «سَـحَرَ» كل من التقى به في جلسة بساط أحمدي ؟ حقيقة، والله يشهد، أنَّي لا أعرف ما هي بالضبط، ولا أستطيع أن أحدد أو أُعدِّد هذه الصفات وماهيتها، إلا أنني أؤكد بأنني أول هؤلاء المسحورين بهذه الشخصية الفريدة جداً جداً.
ولكن مهلاً، فشهادتي في باسم ستكون مجروحة، لأنني لست زميله فحسب، ولست كذلك صديقه فقط، وآخراً وليس أخيراً لست أيضاً أخاه فقط، فأنا زميله وصديقه وأخوه. والله يشهد أنَّ هناك العشرات إن لم يكن المئات الذين سيحلفون بالأيمان المغلظة بأنهم أيضاً زملاء وأصدقاء وإخوة باسم.
حقيقة لو أردت أن أكتب جميع الخصال الفريدة للفقيد الدكتور باسم آل إبراهيم لتطلب ذلك آلاف الصفحات، حيث إنَّي عملت مع باسم بمعدل خمسة أيام في الأسبوع لمدة عشر سنوات، وبعد دخولي مجلس الشورى منذ إحدى عشرة سنة كنت ألقاه على الأقل أربعة أيام في الأسبوع؛ بمعنى آخر فقد زاملت باسم أكثر من 4000 يوم عمل، وهو أكثر من الوقت التي قضيته مع عائلتي. لذلك سأحاول الاختصار على المهم فالأهم.
أبدأ وأقول: إنَّ ما يميز فقيدنا الغالي باسم عن غيره هو شخصيته الشفافة تماماً، فكل من التقاه ولو لدقائق قليلة يخرج بانطباع واحد لا غير: أنه يعرف باسم منذ سنوات طويلة، بل سيقول لنفسه أنا الصديق الوحيد لباسم. لذلك لا غرابة أن يمتلئ مكتب باسم بكلية الزراعة بجامعة الملك سعود بزملائه وطلبته على مدار اليوم، وفي أحيان كثيرة لا يجد بعضهم كرسيا يجلس عليه، فيضطر للوقوف لأنه لا يستطيع أن يهرب من قوة جذب «مغناطيس» باسم، فيظل واقفاً مُعتقداً أنها ستكون وقفة لدقائق معدودة، ليفاجأ بأنه وقف لساعة أو أكثر. ونفس الكلام ينطبق فيما لو التقيت باسم في أي مكان آخر؛ فهو باسم، صاحب القوة المغنطيسية المستحيل مقاومتها أو الهروب منها. ولكل مشكك في ذلك أن يسأل زملاء الفقيد باسم في كلية الزراعة بجامعة الملك سعود ومجلس الشورى، بل حتى زملاءه البرلمانيين العرب في اتحاد البرلمان العربي، والذي لم يلتقيهم سوى ساعات محدودة وبصفة رسمية كاملة.
ولكن ماذا عن باسم خارج المباني الرسمية ؟! هناك، خارج المباني والأجواء الرسمية تظهر الشخصية الفريدة للفقيد باسم، وتزداد قوة الجذب المغنطيسية بدرجة يستحيل لكل من التقاه أن ينفك منها، ومن يشك في ذلك يسأل كل من شارك في مجلس آل إبراهيم في صفوى، أو في جلسات (استراحة باسم) التي كانت تنعقد مساء كل يوم إثنين بالرياض منذ أكثر من إثنتي عشرة سنة؛ سواء كان ضيفاً أو عضواً رسمياً بالاستراحة. وقصة ما يدور في «استراحة باسم» تحتاج هي الأخرى مئات الصفحات لكتابتها، ولكن سنتحدث عن بعض منها.
ففي هذه الاستراحة بمدينة الرياض على طريق الدمام، التي تقوم على أساس (القَطَه) برئاسة باسم، والقنيبط أمين الصندوق، وتبدأ التاسعة مساء كل يوم إثنين. في هذه الاستراحة يكون الجو مأساويا بل أقرب ما يكون لجو العزاء حتى يدلف باسم إلى الاستراحة، فينقلب الجو فوراً إلى جو من المرح والأنس والمناقشات الحيوية، ولا يستطيع أحد أن يغادر الاستراحة إلا بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين. في هذه الاستراحة يكون البساط أحمديا بتميز، ويكون باسم هو الحكم والقاضي والمايسترو، وفي أحيان كثيرة عندما يتجرأ أحد ويجادل باسم في موضوع أو أمر ما، سواء كان اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً أو سياسياً، يفاجأ بإلقاء باسم لورقة من فئة خمسمائة ريال قائلاً: إذا إنك متأكد من كلامك، «قط» خمسمئة ريال ! وحين تشير الأجواء إلى احتمال انهزام باسم في هذا الجدل، تراه يخطف الخمسمئة ريال بسرعة البرق قائلاً: الرهان حرام ! لذلك لا يتجرأ أحد على أن يدخل في جدال مع أبي بدر- يرحمه الله- وظل هو سيد الموقف منذ أن أجبرنا بشخصيته الساحرة على الالتزام في حضور هذه الاستراحة منذ أكثر من 12 سنة مرت وكأنها إثنتي عشرة دقيقة.
ومن خصال باسم الفريدة قدرته على التحكم بزمام أمور أي جدال أو مماحكة أو مناكفة مع أحد أعضاء أو ضيوف الاستراحة، بل إنَّ استدراجه لبعض «أركان حرب» الاستراحة لمناكفته أو مماحكته هو ديدن باسم مساء كل إثنين، لأنه يعلم تمام العلم أنه الفائز لا محالة، والآخر خاسر دون أدنى شك ! وقد كان اهتمامه بالاستراحة والالتزام بحضورها يفوق أي فرد من أفراد الاستراحة الإثني عشر أو يزيد. فقد كان -يرحمه الله- أثناء فترات الإجازة الصيفية يأتي من مسقط رأسه مدينة صفوى بالمنطقة الشرقية،( يمتطي) سيارته بمفرده أربع ساعات لحضور الاستراحة لأربع ساعات ثم يعود اليوم التالي إلى صفوى؛ وقد كنا والله نتشوق لتلك الأمسية أكثر من تشوقنا لأي شيء آخر، ولكن بشرط وجود باسم؛ أما إذا كان غائباً ،فمن هو العاقل الذي يذهب إلى مجلس عزاء لمدة أربع ساعات؟
من أشهر الذين يدخلون في مماحكات مع باسم كان أبو يزيد وأبو ماجد الصغير وأبو ماجد الكبير وأبو فهد الكبير وأبو زياد وأبو منصور وأبو شايع وأبو تميم وغيرهم كثير، وكانوا كلهم لا يستمرون لأكثر من جولة واحدة، لتلحق بهم الهزيمة النكراء في أي جدل يدخلون فيه مع باسم؛ أما بقية الحضور فيكتفون بالمراقبة والضحك على ضحايا باسم، وقبل ذلك السلامة على أنفسهم من شر الهزيمة !
كذلك من إحدى الصفات الفريدة لباسم قدرته العجيبة على إخراج المعلومات أو القصص التي يحاول أصدقاؤه المقربون إخفاءها أو تحوير محتواها، وفي هذا الخصوص كان يتبع استراتيجية أسماها «جمع الكلمات المتقاطعة» ! حيث يقوم، كما كان يحكي لنا ونشاهد ذلك، «بحلحلة مركز المعلومات» لذلك الصديق أو الزميل، لعل كلمة أو عبارة تنزلق دون علم صاحبها، ليقوم ـ يرحمه الله ـ بجمع هذه العبارة أو الكلمة مع أخريات جمعها في «جلسات نفسية» أخرى كما كان يسميها، ثم يجمع ويحل هذه الكلمات المتقاطعة ليخرج بالقصة أو الحدث الذي حاول ذلك المسكين إخفاءه عن «الساحر» باسم ! والويل والثبور لمن يقع في هذا الفخ، فالفضح في الاستراحة نصيبه، والضحك غير المتوقف مكافأته على عدم قدرته كتم أسراره!!

باسم توأم حاتم الطائي
أكاد أجزم بأنَّ كل من التقى باسم في مطعم أو مقهى في المملكة أو خارجها، فإنه لم يستطع دفع فاتورة الطعام أو القهوة والشاي، وهذا الأمر لا يتوقف على من التقاهم باسم لأول مرة أو حتى في رحلة رسمية، بل يشملنا نحن من عرفناه لأكثر من عشرين سنة. ويبدو أنَّ واقع الأمر يؤكد أن أبا بدر ـ يرحمه الله ـ هو الشقيق التوأم لحاتم الطائي، خاصة وأن كليهما يعود إلى نفس منطقة عروس الشمال (حائل). وفي الحقيقة كنا ننزعج كثيراً من حاتمية باسم، ونغضب لعدم سماحه لنا بتحمل فاتورة الأكل أو الشاي والقهوة ولو على نظام (القَطَه)، ولكننا في نفس الوقت لا نستطيع مقاطعة مجلس باسم، وانتهى الأمر بنا ـ وعلى مضض ـ قبول كرم باسم تجنباً لخسارة جلسته التي لا تُفوَّت.
وهذه ليست كل الحكاية مع صاحب الشخصية الساحرة باسم، يرحمه الله. فقد كان يحرص دائماً على إهدائي وأفراد عائلتي أشياء متميزة في المناسبات، وأخرى يعلم اهتمامي أو محبتي لها سواء كانت من الأغذية أو غيرها. وآخر ما أهداني قبل وفاته بأيام كرتون ونصف من زجاجات زبدة الفول السوداني (العضوي)، الذي يعلم ـ يرحمه الله ـ محبتي لها وفي نفس الوقت ندرة وجودها في الرياض، وقال لي حينئذ: هذا كل الموجود على الرف في سوبرماركت سيفوي، وكأنَّ القدر يقول هذه آخر هدية من الشهم الكريم باسم. وكنت أعتقد أنَّ هذه المعاملة خاصة بأبي حمد بحكم زمالة عشرين سنة، لكني كنت مخطئاً في تصوري أنَّ باسما رجل عادي له صديق أو اثنان، أو أنَّ كرمه مقصور على شخص بعينه. فقد أخبرني عضو مجلس الشورى الزميل والصديق الدكتور محمد الغامدي بعد وفاة باسم -يرحمه الله -بأنَّ زملاءه في البرلمان العربي كانوا يجدون صعوبة في التصدي لحاتميته وكرمه، حتى أنَّ بعضهم عندما يبحث عن أمور أو وصايا شخصية ويسألون باسم عن رأيه في كيفية توفيرها، يجدونه وعلى غفلة منهم قد قام بتأمينها ويقدمها كهدية لهم؛ وقد حدث هذا مع الدكتور محمد الغامدي شخصياً.
أما تعامل باسم مع طلبته أو أصدقائه الذين سافروا للدراسة خارج المملكة، فهو غريب جداً. والغرابة ليست في أنه يتصل بهم بصفة دورية للإطمئنان على مسيرتهم الدراسية وأحوالهم الاجتماعية، ولكن الغرابة في تصرف خاص بباسم دون سواه. فعند قيام هؤلاء الطلبة والأصدقاء الاتصال بباسم كرد جميل على اتصالاته المتكررة، يبلغهم عندما يتصلون أنه مضطر لقطع المكالمة لأن الوقت غير مناسب؛ ليفاجأوا بقيامه فوراً بإعادة الاتصال بهم والتحدث معهم دقائق طويلة، وذلك ليتحمل هو تكلفة المكالمة الدولية. هل رأيتم بالله عليكم شخصاً مثل باسم ؟
ولو انتقلنا إلى الحديث عن شفاعات باسم لمن يعرفه شخصياً أو مرسل إليه، فهذه تحتاج إلى صفحات عديدة. حيث يندر أن يخلو مكتبه بالكلية من شخص لا نعرفه من قبل، ليتبين أنه جاء ليستعين بباسم ليشفع له في الجامعة وكلياتها أو خارج الجامعة في الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص.

من مواضيع : فتى ســيهات 0 لا تـقـول لـطـفـلـك الـصـغــــير ...؟؟؟؟
0 عواقب شرب الماء بعد البندول ...
0 أنصاف مواطناً شيعياً في قضيه صلاة في مسجد سنه ..؟؟؟
0 حياة الفهد و سعاد العبدالله مع سماحة السيد حسن نصر الله ..؟؟؟
0 الحمام وملكات جمال الحمام ..؟؟؟
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 07:05 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية