لقد اعترف جمهور علماء الإسلام من الفريقين: بأن النبي صلى الله عليه وآله في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في العام العاشر من الهجرة النبوية عند رجوعه من حجة الوداع إلى المدينة المنوّرة، نزل عند غديرٍ في أرض تسمى «خمّ» وأمر برجوع من تقدَّم عليه وانتظر وصول من تخلّف عنه، حتى اجتمع كلّ من كان معه صلى الله عليه وآله وكان عددهم سبعين ألفاً أو أكثر، ففي تفسير الثعلبي وتذكرة سبط ابن الجوزي وغيرهما: كان عددهم يومئذ مائة وعشرين ألفاً وكلهم حضروا عند غدير خم.
فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله منبراً من أحداج الإبل، وخطب فيهم خطبة عظيمة، ذكرها أكثر علماء المسلمين والمحدثين في مسانيدهم وكتبهم الجامعة، وذَكَرَ في شطرٍ منها بعض الآيات القرآنية التي نزلت في شأن أخيه علي بن أبي طالب سلام الله عليه، وبيّن فضله ومقامه على الأمة، ثم قال:
معاشر الناس! أَلَستُ أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى.
قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه.
ثم رفع يده نحو السماء ودعا له ولمن ينصره ويتولاّه فقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.
ثم أمر صلى الله عليه وآله، فنصبوا خيمة وأجلس علياً سلام الله عليه فيها وأمر جميع من كان معه أن يحضروا عنده جماعات وأفراداً ليسلِّموا عليه بإمرة المؤمنين ويبايعوه، وقال صلى الله عليه وآله: لقد أمرني ربّي بذلك، وأمركم بالبيعة لعلي سلام الله عليه.
ولقد بايع في من بايع أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، فأقام ثلاثة أيام في ذلك المكان، حتّى تمّت البيعة لعلي سلام الله عليه، حيث بايعه جميع من كان مع النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، ثم ارتحل من خُم وتابع سفره إلى المدينة المنوّرة.
وقد روى هذا الحديث الكثير من العلماء الأعلام من أهل العامة وأشهر محدثيهم ومنهم:
1. الفخر الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب.
2. الثعلبي في تفسيره كشف البيان.
3. جلال الدين السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور.
4. الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي سلام الله عليه – وحلية الأولياء -.
5. أبو الحسن الواحدي النيسابوري في أسباب النزول.
6. الطبري في تفسيره الكبير.
7. نظام الدين النيسابوري في تفسير غرائب القرآن.
كلهم ذكروا الحديث في تفسير الآية الكريمة: «يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته».
8. محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه ج 1 / 375 .
9. مسلم بن الحجاج في صحيحه ، ج 2 / 325
10. أبو داود السجستاني في سننه.
11. محمد بن عيسى الترمذي في سننه.
12. ابن كثير الدمشقي في تاريخه.
13. الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، ج 4 ، 281 و 371 .
14. أبو حامد الغزّالي في كتابه سرّ العالمين.
15. أبن عبد البر في الاستيعاب.
16. محمد بن طلحة في مطالب السؤل.
17. ابن المغازلي في «المناقب».
18. ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة: ص 24 .
19. البغوي في مصابيح السنة.
20. الخطيب الخوارزمي في المناقب.
21. ابن الأثير الشيباني في جامع الأصول.
22. الحافظ النسائي في الخصائص وفي سننه.
23. الحافظ الشيخ سليمان الحنفي القندوزي في ينابيع المودة.
24. ابن حجر في الصواعق المحرقة، بعدما ذكر الحديث في الباب الأول ص 25 ط الميمنية بمصر، قال – على تعصبه الشديد الذي اشتهر به -: إنه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنّسائي وأحمد، وطرقه كثيرة جداً.
وذكر ابن حجر – الحديث – في كتابه الآخر «المنح الملكية».
25. الحافظ محمد بن يزيد المشهور بابن ماجة القزويني في سننه.
26. الحاكم النيسابوري في مستدركه.
27. الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني في الأوسط.
28. ابن الأثير الجزري في كتابه أسد الغابة.
29. سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة: 17
30. ابن عبد ربه في العقد الفريد.
31. العلامة السمهودي في جواهر العقدين.
32. ابن تيمية في كتابه مناهج السنّة.
33. ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب وفي فتح الباري.
34. جار الله الزمخشري في ربيع الأبرار.
35. أبو سعيد السجستاني في كتاب الدراية في حديث الولاية.
36. عبد الله الحسكاني في كتاب دعاة الهدى إلى أداء حق المولى.
37. العلامة العبدري في كتاب الجمع بين الصحاح الستة.
38. الفخر الرازي في كتاب الأربعين، قال: أجمعت الأمة على هذا الحديث الشريف.
39. العلامة المقبلي في كتاب الأحاديث المتواترة.
40. السيوطي في تاريخ الخلفاء.
41. المير علي الهمداني في كتاب مودة القربى.
42. أبو الفتح النطنزي في كتابه الخصائص العلوية.
43. خواجه بارسا البخاري في كتابه فصل الخطاب.
44. جمال الدين الشيرازي في كتابه الأربعين.
45. المناوي في فيض القدير في شرح الجامع الصغير.
46. العلامة الكنجي في كتابه كفاية الطالب / الباب الأول.
47. العلامة النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللّغات.
48. شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين.
49. القاضي ابن روزبهان في كتاب إبطال الباطل.
50. شمس الدين الشربيني في السراج المنير.
51. ابو الفتح الشهرستاني الشافعي في الملل والنحل.
52. الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
53. ابن عساكر في تاريخه الكبير.
54. ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.
55. علاء الدين السمناني في العروة لأهل الخلوة.
56. ابن خلدون في مقدمته.
57. المتقي الهندي في كتابه كنز العمال.
58. شمس الدين الدمشقي في كتاب أسنى المطالب.
59. الشريف الجرجاني الحنفي في شرح المواقف.
60. الحافظ ابن عقدة في كتاب الولاية.
هذه بعض المدارك والمصادر التي جاءت في الخاطر وحضرت في الذهن ولو راجعنا كل مصادر هذا الحديث لوصلت إلى ثلاثمائة مصدر من كبار أعلام العامة ومحدثيهم، رووه بطرق شتى عن أكثر من مائة صحابي من أصحاب النبي سلام الله عليه.
ولو جمعناها لاحتاجت إلى مجلّدات عديدة، كما أن بعض علمائهم قام بهذا الأمر الهام وألف كتاباً مستقلاً في حديث الولاية، منهم ابن جرير الطبري، المفسّر والمؤرخ المشهور من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري، رَوَى حديث الولاية عن خمس وسبعين طريقاً في كتاب أسماه «الولاية».
والحافظ ابن عقدة أيضاً من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري ألّف كتاباً في الموضوع، أسماه: «الولاية» جمع فيه مائة وخمس وعشرين طريقاً نقلاً عن مائة وخمسة وعشرين صحابياً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مع تحقيقات وتعليقات قيّمة.
والحافظ ابن حداد الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري ألّف كتاباً أسماه: «الولاية» تطرّق فيه على الحديث وإلى واقعة الغدير بالتفصيل.
وذكر كثير من محدثيهم الأعلام: أن عمر بن الخطاب كان يظهر أو يتظاهر بالفرج ذلك اليوم فصافح علياً سلام الله عليه وقال: بخّ بخّ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.