قال السيد صادق الشيرازي دام ظله في إحدى محاضراته:
كان الخطيب الحسيني الشهير المرحوم الشيخ عبد الزهرة الكعبي رحمة الله عليه، رجلاً مخلصاً لله تعالى، لم يُر مثله خطيب لا يُبَحُّ صوته رغم خطابته المستمرة والمتعددة.
قال لي مباشرة وكنت ضمن جمعٍ من المؤمنين: قد أرتقي في كلّ يوم من أيام عاشوراء ثمانية عشر منبراً، وحينما يدعوني أشخاص آخرون للخطابة في مجلس أهل البيت عليهم الصلاة والسلام الخاصة بهم، وأعتذر لهم في البداية، يعودون عليَّ بالإصرار والتأكيد على أن أقطع من كل مجلس أخطب فيه قليلاً من الوقت ليتوفر في النهاية وقت خاص بمجلسهم.. فأقوم بتلبية طلبهم المبارك هذا.
وذات مرّة؛ قصده الشيخ رديف وكان خطيباً منبرياً وسأله قائلاًَ: ماذا تعمل لكي لا يُبحّ صوتك، لاسيما في ليلة عاشوراء حيث تكون حنجرتك في أفضل حال؟
فأجابه الشيخ الكعبي: إنني أذهب إلى السوق في يوم تاسوعاء لأشتري شيئاً من الخل وأشربه، ثم أقصد ضريح الإمام الحسين سلام الله عليه، وأمرّ بحنجرتي على الضريح المقدس..
فقام الشيخ رديف بما قاله الشيخ الكعبي في يوم تاسوعاء، ولكن صوته اضطرب أيما اضطراب وعجز عن القراءة والخطابة في مجالسه طيلة السنة تلك.
ثم إن الشيخ عبد الزهرة الكعبي كان على درجة عالية وعجيبة من الإيمان والإخلاص اللذين كانا سبب سلامة صوته الدائمة.
وقد كان من فضائل هذا الخطيب الحسيني أنه ولد في يوم ذكرى ولادة الصديقة الزهراء سلام الله عليها. كما رحل عن الدنيا في يوم استشهادها، وهو الأمر الذي لم أسمع به ولم أعرفه لشخص آخر.
وحينما توفي الشيخ الكعبي لم يكن يملك أكثر من بيت واحد كان مَديناً بنصف قيمته، مع ما كان يتسلم من أموال طائلة كمكافأة على خطابته، ولكنه كان ينفق جميع أمواله في سبيل الله تعالى سرّاً وعلانية.
ولعلنا سنرى المقام العظيم لخادم أهل البيت عليهم السلام الشيخ الكعبي في الجنان لما قدّمه من أعمال فذة وبنيّة مخلصة قامت على حبّ الله تعالى وحبّ أهل بيت نبيه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.