قال تعالى في محكم كتابه( ...ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توّاباً رحيم )) [ النساء:64 ].
وقال تعالى حكاية عن أولاد يعقوب( قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الرحيم )) [ يوسف:97ـ98 ].
وربما يقول قائل: إنّ هذا جائز في حال الحياة, أما بعد الممات فلا, لكونه شركاً بالله تعالى.
فيقال: إن الشيء لا ينقلب عما هو عليه, وإذا كان جائزاً فلا فرق سواء كان في حياته أو بعد مماته, إذ أن النبي أتاه الله الدرجة الرفيعة, وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة, فلا بدع لو توسل به المؤمن في كل يوم وقال: يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله.
وروي عن عثمان بن حنيف أنه قال: إن رجلاً ضريراً أتى النبي(ص) فقال: أدع الله أن يعافيني, فقال(ص):(( إن شئتَ دعوتُ, وإن شئتَ صبرتَ وهو خير )), قال:
فادعه, فأمره (ص)أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء( اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة, يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي لتُقضى, اللهم شفّعه فيّ )).
قال ابن حنيف: فوالله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ.
[ سنن ابن ماجة 1/441 الرقم 1385, مسند أحمد 4/138, مستدرك الحاكم 1/313, الجامع الصغير:59, تلخيص المستدرك للذهبي: بهامش نفس مستدرك الحاكم ].
قال الرفاعي الوهابي المعاصر: لا شك أن هذا الحديث صحيح ومشهور, وقد ثبت فيه بلا شك ولا ريب ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول الله.
[ التوصّل إلى حقيقة التوسّل:158 ].
وروى الحاكم في المستدرك 2/615, والسيوطي في الدرّ المنثور 1/59 عن الطبراني وأبي نعيم والبيهقي والآلوسي في روح المعاني 1/217: عن عمر بن الخطاب, عن رسول الله(ص) أنه قال( لما أذنب آدم الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال:أسألك بحق محمد إلا غفرت لي ... )).
هذا, وقد جرت سيرة المسلمين في حياة النبي(ص) وبعد وفاته على التوسل بالنبي (ص) والأولياء الصالحين والاستشفاع بمنزلتهم وجاههم عند الله.