هل التيار الصدري صورة مستنسخة من نظام صدام؟ للقراءة فقط
بتاريخ : 04-12-2008 الساعة : 04:34 PM
هل التيار الصدري صورة مستنسخة من نظام صدام؟
منـار عبدالله
03/12/2008
هذا السؤال مطروح ٌ للقاريء الكريم وهوَ الذي سيجيبُ عليه. ولأجل اعانته على الأجابة أوضحُ له أوجهَ التشابه بين هذا التيار ونظام صدام من خلال النقاط التالية والتي لمْ أنسجها من خيوط الأفتراء وانما تناولتها كما هي، وأعتقد أنها لم تكنْ خافية على أحد من العراقيين والبعض من غير العراقيين.
كما أنني واثق تمام الثقة بأن أنصار هذا التيار سوف لا يروق لهم هذا الكلام لأنهم قد صيــّروا أدمغتهم وفق قالب ٍ واحد لا يقبل ُ الجدل َ والحوار، ولكني قصدت ُ بسؤالي هذا العراقيين الأصلاء الشرفاء والله من وراء القصد:
أولا: لقد مهدّ ّ نظام صدام لفكرة القائد المطلق والقائد الضرورة ونفذها وأعطى لها القدسية الكاملة وجعلها الخط الأحمر الذي لايحق لأحد أن يتجاوزه، وقد وضع أقسى العقوبات لمن يحاول المساس بهذه الفكرة المقدسة. ولأجل اضفاء القدسية المتناهية لفكرة القائد المطلق سعى صدام بكل ما أوتي من مكر وخداع وتضليل لأقناع العالم بأنه العبقري في كل شيء من علوم عسكرية وسياسية وهندسية وطب وأدب وفنون وفقه وحتى علم التنجيم والروحانيات، ولا أحد أعلمُ منه في هذه الأرض المترامية الأطراف. وهذه الصورة قد استنسخها التيار الصدري مائة بالمائة ليهبها بكل تفاصيلها الى الزعيم الأوحد الذي أصبح عندهم القائد فوق المطلق، كما وضعوا له خطوطا حمراء وليس خطا واحدا وربما وصل الأمر عند البعض من أنصاره حدا من الولاء المطلق ليظنوا أن (مولانا) معصوم بالفطرة أو بالعصمة الذاتية.
ثانيا: ولكي تكتمل فكرة القائد المطلق والقائد الضرورة لدى صدام ونظامه فكان لابد له من السعي الحثيث المتواصل في اسقاط أعلمية كل من في الساحة من خلال التنكيل بها والصاق شتى التهم والنعوت الرخيصة بأي عالم أو مثقف لا يؤمن بفكرة القائد الضرورة. وتمادى في هذا الأمر أكثر عندما أسقط صفة الوطنية عمن لا يحلو له هذا المفهوم لأن الوطنية وفق اجتهاده هو منبعها وعلى الجميع أن يرتووا من عذب مائه لكي يصبحوا وطنيين وأحرار. وهذا نفس الذي فعله ولا زال يفعله التيار الصدري من أجل أنضاج فكرة قائدهم الأوحد، فكل المرجعيات الدينية في نظرهم اما صامتة (كالشيطان الأخرس) أو فاسقة وأن الشخصيات السياسية التي تتقاطع مع طروحاتهم فهي في رأيهم شخصيات عميلة مرتبطة بالأجنبي أو أنها جاءت لسرقة ما تستطيع سرقته... وليس في هذا الوطن الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من
( 27 مليون) نسمة قائد مؤهل غير (مولانا) لقيادة العراق نحو شاطيء الأمان وتخليص العالم الأسلامي من الظلم والأستبداد.
ثالثا: من الأمور التي اضحكتنا كثيرا في زمن صدام هي استفتاآته التي بلغت نسبة (نعم) فيها الى درجة الكمال (100 %) اضافة الى خطبه وأحاديث أعوانه في كل مناسبة ومناسبة على أن العراقيين جميعا دون استثناء مع صدام قلبا ً وقالبا حتى أن المنافقين من أعوانه طرحوا وقت الأستفتاء شعارا مضحكا مفاده (لا ثلث ولا ثلثين كلنه نحب صدام حسين). وهذا مانراه ونسمعه اليوم من جميع المتحدثين باسم التيار الصدري على أن الشارع العراقي يقف معهم في كل صغيرة وكبيرة، وأن المظاهرات المليونية قد قالت كلمتها في اعطاء الولاية المطلقة لتيارهم، أما الذين خرجوا الى الشارع تعبيرا عن الرأي المضاد فهم ليسوا في نظرهم الا (الأقزام السبعة) وقد هبطوا علينا من المريخ وهم (ليسوا عراقيين بكل تأكيد) وكما كان صدام يقول عن معارضيه بعد أن يسقط عنهم الجنسية العراقية بأنهم أتباع الأجنبي.
رابعا: ولأجل استكمال بناء فكرة القائد المطلق والقائد الضرورة كان لابد لصدام وجلاوزته أن يلجموا الأفواه ويكتموا الكلمة الحرة النزيهة بشتى أساليب القمع والتنكيل وبحجج وذرائع ما أنزل الله بها من سلطان وانما كانت مجرد أكاذيب الغرض منها تصفية كل من يعترض على مفهوم القائد المطلق ولم ينجُ من العقاب حتى أقرب المقربين لصدام ونظامه وحتى أبرز البعثيين من أمثال محمد عايش ورياض الحمداني وعبد الخالق السامرائي. وهذا هو حال التيار الصدري في مواجهة كل منْ تسول له نفسه أن يتفوه ولو بكلمة واحدة ويقول (لا) لقائدهم الضرورة... بالتأكيد سوف يكون القتل بانتظاره آجلا أم عاجلا ولا أحد يعلم كيف ستداهمهُ يدُ الغدر ومن أين ستأتي (من سوق العورة أم من سوق مريدي) وبأيادي من ْ ستنفَذ ُجريمة القتل والأنتقام (ستار أبو قامة لو جاسم توثية) ناهيك عن داره الذي سيوضع في القائمة السوداء لتكون ضمن الدور الواجب ازالتها عن بكرة أبيها بعبوة من عبوات .
خامسا: عندما كان يواجه أعوان صدام رأيا معينا في الكثير من المؤتمرات الخارجية يتقاطع مع مفهوم فكرة القائد الضرورة، سرعان ما تأخذهم الحمية البربرية على هيبة ووقار قائدهم الأوحد وعلى (سمو أفكاره) ويعتبرونها كفرا بالقيم والمباديء الأنسانية دون أن يفهموا أو يعطوا مجالا لأنفسهم في فهم جوهر ومضمون الرأي المطروح للمداولة والمناقشة لأن الأمر عندهم لا يحمل الا مضمونا واحدا هو (اذا قالتْ حذامُ فصدقوها) وخلاف ذلك لايمكن القبول بأي رأي مطروح للمداولة. وهذا ما فعله (علي كيمياوي) في مؤتمر الطائف قبل الغزو الظالم للكويت عندما هاجم الوفد الكويتي (بنفاضات السكائر وقناني الماء) وما فعله (عزت الدوري) في مؤتمر القمة العربي المنعقد في الدوحة حين هاجم ممثل الكويت بالسب والشتم والكثير من التصرفات التي لا تخفى على القاريء الكريم. وهذا هو السلوك بعينه الذي قدمه لنا ممثلوا التيار الصدري في البرلمان العراقي من خلال عنتريات (شنشول أبو قناني الماء) ومن خلال آخر مشهد كوميدي قدموه للمشاهد وهم يضربون المناضد بأيديهم ويزعقون كما كان يزعق المجيد والدوري اضافة الى خطب الجمعة التي (حدث ولا حرج) مما حملت من كلمات يندى لها جبين الجمعة.
سادسا: لا أحد منا قد نسيَ الأرهاصات الفكرية المتناقضة التي كانت تسيّرُ صدام حسين والتي كان يسترشدُ بها وفق ما يحلم ُ به عندما ينام ليلته ليستيقظ صباحا على رأي جديد وطرح ٍ جديد يفاجيء به العالم دهشة واستغرابا ً. حتى بلغ به الأمر أنه صار مدافعا عن حقوق الزنوج في أمريكا ليعطيهم جزءا ً من واردات النفط ٍ أو أنه فكر لبيع النفط العراقي بثمن زهيد جدا لدول العالم الثالث (لأنهم المستضعفون في الأرض) كما رسم طريقا (معبدا) لتحرير فلسطين مرورا بالكويت ودول الخليج العربي ومن ثم الدوران باتجاه عقارب الساعة نحو القدس وباقي المدن الفلسطينية اضافة الى الكثير من أفكاره وقراراته المرتجلة التي دوخت الدنيا لظرافتها وغرابتها. واليوم نجد (مولانا المقدس) بنفس ارهاصات صدام الفكرية دون أن يعرف أحد منا من الذي يضمره هذا (المولى المقدس) ومن الذي يريد أن يفعله لمستقبل تياره لعدم وضوح معالم أديولوجيته في اتخاذ القرارات السريعة والمربكة بنفس الوقت. فتارة تراه يطلق الوعيد والتهديد من خلال مليشيته المعروفة بجيش ( المهدي ) وتارة يجمد هذا الجيش ثم يعود مهددا باعادة نشطاه لو اقتضى الأمر ثم يرجع مجمدا نشاطه الدموي وبعدها يفز ّ من نوم عميق ليأمر جيشه برمي أسلحتهم والأتجاه الى تثقيف أنفسهم (وهذا اعتراف ضمني بأنهم لا يملكون الثقافة) وهكذا ترى (مولانا) متخبطا ً - من حيث يعلم أو لا يعلم - في طريق أكبر من حجمه بكثير مما جعله في ورطة حقيقية من أمره. ونتيجة الى هذه الورطة حاول الرجل ُ أن ينفذ بجلده متجها صوب الحوزة العلمية في قم تاركا الأمر لببغاواته يرددون ما ترد أسماعهم من وصايا وتوجيهات (القائد الملهم). وأخيرا خرج علينا (مولانا) بفكرة نصرة المظلومين والمستضعفين في بلدان العالم الأسلامي وتحريرهم من ظلم واستبداد الطغاة.
سابعا: وبنفس الطريقة التي عمل بها صدام على ارهاب وترعيب العراقيين من خلال العديد من المسميات القمعية والتي اشتهرت بضراوتها وقساوتها في تركيع العراقيين ولجم أفواههم، سلك التيار الصدري النهج والسلوك ذاته ان لم نقل قد فاقه كثيرا. وقد شهدت مدن العراق وخصوصا التي تحتضن أنصارهم مذابحا وحشية قد أبكت الضمير الأنساني وداست بخستها ودنسها على القيم الأنسانية، ولا أريد هنا الخوض في تفاصيل هذه النقطة لأنها باتت معروفة للجميع.
***
الموضوع يعبر عن رأي كاتبه وهو للأطلاع فقط
البغدادي