(( وأما ما رواه محمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبي الجوزا عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : حرّم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبـر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة )) وهذه هي نفس الرواية الواردة عند أهل السنة وتخبطوا فيها واختلفوا كما ذكرنا قـبل قليل ، فإذا كانوا هم قد اختلفوا في هذه الرواية و لم يتفقوا عليها فكيف نقبلها نحن ؟!!
ففي كتاب التهذيب جاء بعد الرواية مباشرة هذا التعليق لشيخ الطائفة الطوسي جامع الكتاب قال (( فإن هذه الرواية وردت مورد التقية وعلى ما يذهب إليه مخالفوا الشيعة ، والعلم حاصل لكل من سمع الأخبار أن من ديـن أئمتنا عليهم السلام إباحة المتعة فلا يحتاج إلى الإطناب فيه ))
وفي كتاب الاستبصار جاء التعليق التالي بعد ذكر الرواية مباشرة (( فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقية لأنها موافقة لمذاهب العامة ، والأخبار الأولة موافقة لظاهر الكتاب وإجماع الفرقة المحقة على موجبها فيجب أن يكون العمل بها دون هذه الرواية الشاذة ))
وأظن أن هذين التعليقيـن كفيانا مؤونة الكلام في متن هذه الرواية اليتيمة التي تشبث بها غلمان الوهابية ، ثم إن هذه الرواية كما قال شيخ الطائفة مخالفة لكتاب الله وما خالف كتاب الله لا نقبل به مهما كان .
هذا بالنسبة للمتن وأما سند الرواية ففيه الحسين بن علوان وهو عامي كما قال الطوسي نفسه في كتاب الاستبصار ج 1 في باب وجوب المسح على الرجلين ، وكما جاء في رجال الكشي ص 453 ، ورجال النجاشي ص 52 ، ومعجم الرجال ج7 ص 34 ، وفي قاموس الرجال ج3 ص 486 وغيرهم فهذا الراوي عامي أي من أهل السنة ، وقال بعضهم انه من الزيدية وعلى كلا الأمرين فهو ليس من الشيعة ، وعند الشيعة أن العامي أو غيره من المذاهب الأخرى إذا كان ثقة فتقبل روايته ولكنها لا تعتبر رواية صحيحة بل هي موثقة ، وإذا لم يوثق فلا تقبل روايتـه ..
ولكن هل وُثّـق الحسين بن علوان ؟ نقرأ في الموسوعة الرجالية الميسرة والتـي كتبت تحت إشراف ومراجـعـة آية الله الشـيخ جـعـفـر السبحـاني
وآية الله السيد محمود البغدادي نجد في المجلد الأول ص 272 ط الأولى :في ترجمة الحسين بن علوان (( اضطربت كلمات المتأخرين فيه ولهذا قال المامقاني رحمه الله : (في الحسين بن علوان) عامي لم يوثـق ))
كما يوجد في الإسناد راو آخر ليس من الشيعة هو أبو الجوزا المنبه بن عبدالله كما أشار شيخ الطائفة الطوسي في كتاب الاستبصار ج 1 ، في باب وجـوب المسح على الرجلين ، وقد قال آية الله الشيخ التستري في قاموس الرجال ج10 ص237 في ترجمتـه (( منبه بن عبدالله أبو الجوزاء .... غير صحيح الحديـث ))
فمتن الرواية سني وفي إسنادها راو أو اثنان من أهـل السنة وأحدهما لم يوثق واخـتلف فيه العلماء والآخر غير صحيح الحديث ، بالإضافة لمخالفتها ما ثبت من الكتاب والسنة المتواترة ، لذلك لا تـقـبل هذه الرواية وهي ساقطة من الاعتبار متـناً و سنداً
واما بالنسبة الى روايات التي تخاطب المكلف معين بانه لا يدنس نفسه بها يوضح الفكرة الامام الباقر انه عندما سئل انه هل يرضى المتعة لبنات عمه رفض ذلك مع انه في صدر الرواية حلل ذلك للعوام يفهم من ان حكم المتعة لقشر وطبقة اجتماعية خاصة ولا يقربه الاشراف واصحاب العليا ومن كفاه الله بالزواج الدائم وليس كل حلال يؤتى واحكام الشرعية لم يوضعها الله لطبقة خاصة فهذا نقص وخلل واضح لان المجتمع متكون من طبقات اجتماعية متنوعة مختلفة لكل منهم حكمه الخاص حسب ظروفه وهذا واضح ويمكن تمثيل ذلك بالافتاء والجهاد فانه واجب كفائي خاص بطبقة خاصة وليس واجب على الجميع ولمن تمكن ذلك