|
شيعي حسني
|
رقم العضوية : 24389
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 5,056
|
بمعدل : 0.86 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حيدر القرشي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 22-02-2009 الساعة : 10:15 PM
ما قدمه عمر بن الخطاب للعلم والعلماء
كتاب معرفة الامام جزء12
وأخرج السيوطيّ، وابن كثير، عن البزّاز، والدارقطنيّ في « الافراد »، وابن مردويه، وابن عساكر عن سعيد بن المسيّب قال: جاء صُبَيْغ التميميّ إلی عمربن الخطّاب فقال: أخبرني عن الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا. قال: هي الرياح، ولولا أ نّي سمعت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم يقوله ما قلتُه. قال: فأخبرني عن الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا. قال: هي الرياح: ولولا أ نّي سمعت رسولالله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم يقوله ما قلتُه. قال: فأخبرني عن الْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا. قال: هي السفن، ولولا أ نّي سمعت رسولالله صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم يقول ما قلتُه. قال: فأخبرني عن الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا. قال: الملائكة، ولولا أ نّي سمعت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم يقوله ما قلتُه.
ثمّ أمر به، فضُرب مائة، وجُعل في بيت. فلمّا برأ، دعاه فضربه مائة أُخري وحمله علی قتب، ونفاه إلی البصرة، وكتب إلی أبي موسي الاشعريّ: امنع الناس من مجالسته، فلم يزالوا كذلك حتّي أتي أباموسي فحلف له بالايمان المغلّظة ما يجد في نفسه ممّا كان يجد شيئاً. فكتب ( أبوموسي ) في ذلك إلی عمر، فكتب عمر: ما أخاله إلاّ قد صدق. فخلِّ بينه وبين مجالسة الناس. [23]
وأخرج السيوطيّ عن الفريابيّ، عن الحسن قال: سأل صُبَيْغبن عسل التميميّ عمربن الخطّاب عن الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا، و وَالمُرْسَلَـ'تِ عُرْفًا، و وَالنَّـ'زِعَـ'تِ غَرْقًا. فقال له عمر: اكشف رأسك. فإذا له ضفيرتان. فقال عمر: والله لو وجدتُك محلوقاً، لضربتُ عنقك. ثمّ كتب إلی أبيموسي الاشعريّ أن لا يجالسه مسلم ولايكلّمه. [24]
إنّ سؤال صُبَيْغ عمر، وضربه بجريد النخل وعراجينه حتّي جرح بدنه وورم كالدُّمَّل، ثمّ حبسه حتّي برأ، وضربه مرّة أُخري بعراجين النخل، وسائر جزئيّات القضيّة من المسلّمات في التأريخ. وقال ابن كثير في ذيل هذه الرواية التي نقلناه أخيراً عنه: ذكر الحافظ ابنعساكر هذه القضيّة في ترجمة صُبَيْغ مفصّلاً.
ونقل العلاّمة الامينيّ هذه القضيّة في باب نوادر الاثر في علم عمر تحت عنوان: اجتهاد الخليفة في السؤال عن مشكلات القرآن، وذلك بعبارات ومضامين مختلفة تتحدّث كلّها عن قضيّة واحدة. ورواها الامينيّ عن « سنن الدارميّ »، و « تاريخ ابن عساكر »، و « سيرة عمر » لابنالجوزيّ، و « تفسير ابنكثير »، و « الإتقان » للسيوطيّ، و « كنز العمّال » نقلاً عن الدارميّ، ونصر المقدسيّ، والإصفهانيّ، وابن الانباريّ، والكانيّ، وابنعساكر. ورواها أيضاً عن تفسير « الدرّ المنثور »، و « فتح الباري »، و « الفتوحات المكّيّة »، وفيها أنّ سليمان بن يسار روي أنّ رجلاً يقال له: صبيغ، قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن. فأرسل إليه عمر، وقد أعدّ له عراجين[25] النخل، فقال: مَن أنت؟ قال: أنا عبدالله صُبَيغ. فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر. فجعل يضربه ضرباً حتّي دميَ رأسه. فقال صُبَيغ: يا أمير المؤمنين! حسبك، قد ذهب الذي كنتُ أجد في رأسي.
وعن نافع مولي عبد الله أنّ صُبَيْغ العراقيّ جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين، حتّي قدم مصر. فبعث به عمروبن العاص إلی عمربن الخطّاب. فلمّا أتاه الرسول بالكتاب فقرأه، فقال: أين الرجل؟ فقال الرسول: في الرحل. قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك منّي العقوبة الموجعة. فأتاه به.
فقال عمر: تسأل محدثة! فأرسل عمر إلی رطائب من جريد فضربه بها حتّي ترك ظهره دبـرة، ثمّ تـركه حتّي برأ. ثمّ عاد له، ثمّ تركه حتّي برأ. فدعا به ليعـود له، قال صُـبَيْغ: إن كنت تريـد قتلـي، فاقتلني قتلاً جميلاً. وإن كنت تريد أن تداويني، فقد والله برئت.
فأذِنَ له عمر إلی أرضه، وكتب إلی أبي موسي الاشعريّ أن لايجالسه أحد من المسلمين. فاشتدّ ذلك علی الرجل، فكتب أبوموسي إلی عمر: أن قد حسنت توبته. فكتب عمر أن يأذن الناس بمجالسته.
وعن السائب بن يزيد قال: أُتي عمر بن الخطّاب فقيل: يا أميرالمؤمنين! إنّا لقِينا رجلاً يسأل عن تأويل مشكل القرآن، فقال عمر: اللَهُمَّ مَكِّنِّي مِنْهُ. فبينما عمر ذات يوم جالساً يُغدي الناس، إذ جاء ( الرجل ) وعليه ثياب وعمامة صفدي حتّي إذا فرغ، قال: يا أميرالمؤمنين! وَالذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا* فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا؟
فقال عمر: أنت هو؟ فقام إليه وحسر عن ذراعيه، فلميزل يجلده حتّي سقطت عمامته.
فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك. ألبسوه ثياباً واحملوه علی قتب وأخرجوه حتّي تقدموا به بلاده. ثمّ ليقم خطيب، ثمّ يقول: إنّ صبيغاً ابتغي العلم فأخطأه. فلميزل صُبيغ وضيعاً في قومه حتّي هلك، وكان سيّد قومه. [26]
وعن أنس: أنّ عمر بن الخطّاب جلد صُبيغاً الكوفيّ في مسألة عن حرف من القرآن حتّي اضطربت الدماء في ظهره.
وعن الزُّهْريّ: أنّ عمر جلد صُبيغاً لكثرة مساءلته عن حروف القرآن حتّي اضطربت الدماء في ظهره.
قال الغزّاليّ في « إحياء العلوم » ج 1، ص 30: و ] عمر [ هو الذي سدّ باب الكلام والجدل، وضرب صبيغاً بالدرّة لما أورد عليه سؤالاً في تعارض آيتين في كتاب الله وهجره، وأمر الناس بهجرهـانتهي.
وصبيغ هذا هو صُبَيْغ بن عَسَل. ويقال: ابن عَسيل. ويقال: صبيغ ابنشريك من بني عسيل. [27]
إنّ العامّة يسوّغون فعل عمر بقولهم: إنّ صبيغاً سأل عن متشابه القرآن، وقد ورد النهي عن هذا السؤال. فلهذا أدّبه عمر بالضرب، والحبس، والتعذيب، والنفي، ونهي الناس عن مجالسته.
وذكر السيوطيّ في « الإتقان » روايتين في هذا الموضوع عن صُبيغ ضمن الباب المتعلّق بعدم جواز العمل بمتشابهات القرآن: الاُولي: رواية الدارميّ عن سليمانبن يسار وقد ذكرناها في هذا البحث. الثانية: رواية نافع مولي عبدالله، وقد أوردناها بعد الرواية الاُولي، وعرضها السيوطيّ بقوله: وَفِي رِوَايةٍ. [28]
وقال ابن كثير بعد رواية سعيد بن المسيِّب التي ننقلها عنه: قصّة صُبَيغبن عَسَل مشهورة مع عمر، وَإنَّمَا ضَرَبَهُ لاِ نَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ فِيمَا يَسْأَلُ تَعَنُّتَاً وَعِنَادَاً. وَاللَهُ أَعْلَمُ. [29]
لقد منع عمر الناس من السؤال عن معاني القرآن ومفاهيمه، وكان يقول: علی الناس أن يقرأوا ظاهر القرآن. وكذلك حظر عليهم ذكر الاحاديث وسنّة رسولالله صلّي الله عليه وآله وسيرته. وأمر ولاته وعمّاله في الامصار أن ينهوا الناس عن الخوض في الاحاديث النبويّة. وكلّ من كان ينقل حديثاً عن رسول الله، لم يسلم منه. وكانت درّته قويّة، وسريعة في ضربتها بحيث لم تدع لاحد مجالاً للسؤال، ذلك أ نّها لمتعرف من تقع عليه، ولاتشخّص الرأس، والوجه، والعنق، والجذع. ومسكين هو السائل، فما إن يسأل عن مسألة، حتّي يضرب بالدرّة فيَرِمَ رأسُه، وينزف الدم من أنفه وفمه.
وقال ابن أبي الحديد في « شرح نهج البلاغة »: دِرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبُ مِنْ سَيْفِ الحَجَّاجِ. [30]
وقد علمنا أنّ عبد الله بن عبّاس كان يريد سؤال عمر عن معني الآية الآتية ومصداقها: إِن تَتُوبَا إلی اللَهِ فَقَد صَغَتْ قُلُوبُكُمَا، ولميزل حريصاً علی ذلك، بَيدَ أ نّه لم يجرأ حتّي رافقه في سفر. فأخذ منه الإبريق في الطريق ليسـكب علی يده الماء فيتوضّـأ. فاسـتثمر الفرصـة، فقال: ياأميرالمؤمنين! من هما المرأتان المقصودتان في هذه الآية: إِن تَتُوبَآ إلی اللَهِ؟ قال ابن عبّاس: فتأمّل عمر ـكأ نّه كره ما سألته عنهـ ثمّ رفع رأسه وقال: حفصة وعائشة. [31]
وكذلك علمنا في مسألة العول أنّ ابن عبّاس لمّا بيّن هذه المسألة لزُفَر وأوضح له أنّ العول باطل وخطأ، قال له زُفر: هلاّ قلتَ هذا وعمر حيّ؟ قال: إنَّما كُنْتُ أَهِيبُهُ. [32]
|
|
|
|
|