هكذا يصنع لمن يجب أن يناط إليه المركز الأعلى لقيادة الأمة،
وهل تجد غير علي (عليه السلام) فهو رغم صغره، الأسبق للإيمان والأتقى والأعلم والأشجع والأحلم والأعدل والأحب لله ولرسوله والأقرب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، من لحمه لحمه ودمه دمه بل نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آيات المباهلة والطهارة والولاية، وكما يعرف ذلك بمراجعة الوقائع كيوم خيبر وحديث الطير
). وإذا عدنا لحكومة الطبيعة في الجسم الإنساني ففيه حقيقة ناصعة، وهي إننا عندما نفقد عضوا فعلينا إبداله بعضو يحاكيه ومن جنسه بحيث يحمل نفس صفاته ومميزاته، فمن هو أقرب من علي (عليه السلام) ليشغل محل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
وقد أثبتت آية المباهلة (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...) () إن عليا نفس محمد، وفيه آية الولاية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ).
له (عليه السلام) نفس صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنزلته، وقد أيدتها الأحاديث،
فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه باب علمه وأعلم وأتقى الأمة، وقد وصى به رسول الله في حديث الثقلين: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا ، وحديث المنزلة إن عليا مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ،
والأحاديث الكثيرة الجمة التي قال في بعضها: علي مني وأنا من علي، لحمه لحمي ودمه دمي. وكم كرر (صلى الله عليه وآله) قوله بلزوم اتباعه إن شئتم أن لا تضلوا،
وكم قال إنه أخي ووزيري، فهل هناك من هو أولى وأنسب من علي (عليه السلام) ليحل محل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مادة ومعنى،
وقد نزلت فيه الآيات المارة الذكر وغيرها حتى بلغت الثلثمائة آية. فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحيد بين قومه الذي تتزعزع إثر موته الأمة،
وهذا ما نطقت به الآية (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...)
وحفظا من هذا الانقلاب والانهيار إلى الضلال، فقد دلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهداهم إلى السبيل القويم الذي إن تمسكوا به ما كانوا ليضلوا أبدا، وهو التمسك بالثقلين، واتباع أخيه في حديث الغدير، وقبله يوم الدار وغيرها وغيرها