إن النصوص المروية عن رسول الله (ص) في إمامة أهل البيت على الأمة من بعده كثيرة ، نورد هنا أشهرها :
فمن صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل علي ج5 ص272 ط دار الشعب بشرح النووي .
2408 حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا عن بن علية قال زهير حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حيان قال ثم انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال ومن هم قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم .
ومن صحيح الترمذي ج2 ، بسنده عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله (ص) في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب ، فسمعته يقول : يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي .
وهذا الحديث لو لم يوجد غيره لكفى في إثبات أحقية مذهب الشيعة الذي يوجب التمسك بأهل البيت عليهم السلام بالإضافة إلى كتاب الله ، حيث نجد في هذا الحديث أمر رسول الله (ص) واضحاً في أتم صور الوضوح بالتمسك بأهل البيت عليهم السلام من بعده ، وإن هذا التمسك بالإضافة إلى الأخذ بالقرآن الكريم هو شرط النجاة وعدم الضلال .
وبالرغم من أن مسلم وكثير غيره من علماء الحديث من أهل السنة قد أخرجوا هذا الحديث في صحاحهم ومسانيدهم ، إلا أنه ولدهشتي الكبيرة أجد معظم أهل السنة يجهلونه بل وينكرونه عند سماعهم به وكأنه غير موجود ، ومحتجين بأن الصحيح في ذلك هو ما رواه أبو هريرة في المستدرك ج1 :
319 أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ محمد بن عيسى بن الموطأ الواسطي ثنا داود بن عمرو الضبي ثنا صالح بن موسى الطلحي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قد شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض .
وعند التقصي عن مصدر هذه الرواية ، وجدت أنها لم تروى في أي من الصحاح ، وقد ضعفها كل من البخاري والنسائي والذهبي وغيرهم لوجود صالح بن موسى الطلحي فقال فيه الذهبي :ضعيف ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك .
وعلى فرض عدم تعارض الروايتين ، فإنه لابد من التسليم بأن المقصود بكلمة (سنتي ) في رواية الحاكم هو السنة المأخوذة عن طريق أهل البيت النبوي وليس غيرهم كما يتبين بوضوح في رواية مسلم .
والتمسك برواية الحاكم ( ...كتاب الله وسنتي ) وترك رواية مسلم ( .. كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) فإن في ذلك مخالفة ليس فقط لما أجمع عليه علماء الحديث من أهل السنة بتقديم أحاديث مسلم على أحاديث الحاكم ، بل ومخالف أيضا للمنطق والعقل ، ذلك أن كلمة ( سنتي) مجردة كما في رواية الحاكم لا تفيد علماً ، فجميع الطوائف الإسلامية تزعم أنها تتبع سنة النبي صلى الله عليه وآله ، وبالنظر إلىوجود الاختلافات الكثيرة بين هذه الطوائف ، والتي غالباً يكون سببها الاختلاف في السنة النبوية المنقولة إليها عبر طرق مختلفة والتي تعتبر مفسرة ومكملة للقرآن الكريم الذي أجمعت جميع طوائف المسلمين على صحة نقله ، وهكذا فإن الاختلاف في الحديث المنقول - والذي أدى إلى الاختلاف أيضا في تفسير القرآن - أصبحت السنة النبوية سنناً متعددة والمسلمون تبعاً لذلك أصبحوا مذاهب وفرق متعددة أيضاً ، روي أن عددها 73 فرقة ... فأي سنة من تلك السنن أحق بالإتباع ؟ وإنه لسؤال فطري يدور في خلد كل من يتمعن في هذا الاختلاف والذي جاء الحديث أعلاه ليجيب عليه حتى لا يترك المسلمون هكذا يحيرون في إسلامهم بعد رحيل مبلغه ، فكانت التوجيهات النبوية المقدسة تقضي بأخذ السنة النبوية المطهرة عن طريق أهل البيت النبوي الذي نطق القرآن بتطهيرهم ، وهي بذلك واضحة لا تحتمل ألفاظها أي معنى آخر ، وإن ذلك الأخذ هو وحدة الأمان من الفتنة والضلال .
وهنا يطرح سؤالان لا تكتمل الصورة وضوحاً إلا بالإجابة عليهما :
1 - من هم أهل البيت المقصودون في الحديث السابق ؟
2 - لماذا خصص الحديث الأخذ عن أهل البيت فقط وليس عموم الصحابة كما يقول أهل السنة ؟