العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية زائرة الدنيا
زائرة الدنيا
عضو برونزي
رقم العضوية : 31086
الإنتساب : Feb 2009
المشاركات : 687
بمعدل : 0.12 يوميا

زائرة الدنيا غير متصل

 عرض البوم صور زائرة الدنيا

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي المستبصر في القرآن ..!
قديم بتاريخ : 08-03-2009 الساعة : 01:06 PM



بسم الله الحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

إلى كل مستبصر ترك داره وأهله ووطنه ووطأت قدماه على الشوك والجمر واللظى ولفحت وجهه رياح التهم والتشكيك وأحاط به النبذ والقذف و اللهيب من أجل السير على خطى ( محمد وآل محمد ) صلوات الله عليهم أجمعين أقدم هذه الورقة البالية تعبيرا عن صدق ( حبنا وإعجابنا ) بنفوسهم الطاهرة النقية ..!

مع التبرك بكل نـَـفـَس ِ وآهـة ودمعــة وزفــرة خرجت من أعماق نفوسهم وقلوبهم الزكية في هذه الرحلة
( الإلهية )..!

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
...في الدر المنثور ....عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ص حين نزلت هذه الآية ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قال :
إذا أدخل الله النور القلب انشرح وانفسح . قالوا : فهل لذلك آية يعرف بها ؟
قال :
الإنابة عن دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
الميزان /ج7/ 348

( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) الزمر 23
وهذه الهداية هي انبساط خاص في القلب يعي به القول الحق والعمل الصالح من غير أن يتضّيق به
وتهيؤ مخصوص لا يأبى به التسليم لأمر الله ولايتحرج عن حكمه / الميزان ج/7/ 347

أخي الكريم /
أرى أن مثل هذه الدراسة قيمتها تكمن في أنها تقدم تعريفا قيما للخصائص النفسية التي يتمتع بها هؤلاء ( المستبصرون ) ..!

وقيمة هذه الخصائص في التكوين الذاتي لهم ...فأمثال هؤلاء هم منارات شاخصة تقف أقدامهم بثبات على الصراط المستقيم مما يجعلهم نماذج صالحة للاقتداء والاتباع ...!
وأرى أن مثل هذه الدراسة هي جديرة بأن تعطي مثل هؤلاء هويتهم الأصيلة في وطن الحقيقة ..!
فالحقيقة وطن لها أرض وسماء وماء ونبات لاتقيم على أرضها ولا تستظل تحت سمائها ولاتحيا بمائها ونباتها إلا النفوس الطاهرة ..!

فهم ليسوا دخلاء على أحد في وطن الحقيقة بل هم أصيلون في انتمائهم ولربما كان غيرهم هو الدخيل في انتمائه ..!
فهم لم يصلوا إلى الحقيقة من خلال البيئة ..أ والوراثة ..!

بل لقد حملوا أرواحهم على أكفهم في مسيرة البحث ..!
فقد تحركوا من أرض وطأت أقدامهم فيها على الشوك والجمر واللظى ..!

وانطلقوا من بيئة لاتعرف فيها للحقيقة أهلا ولاأصحابا ..!
وكان سعيهم إلى الحقيقة يمثل السعي نحو الفقر والحرمان ..!
وليس سعيا نحو الغنى والظفر بشئ من متاع الدنيا ..!

وهذا مايؤكد مفهوم ( الأصالة ) في الانتماء ..!
فبين الحقيقة والمنتمين إليها تطابق من حيث ( الجمال الباطني ) ..!
فالحقيقة في طبيعتها تنطوي على جمال أصيل ..!
وفي هذه النفوس جمال أصيل ... !
والشئ منجذب إلى نظيره ..!


...............................

ولقد وجدت القرآن الكريم حينما يذكر (المهتدين) ..أجده يبرز فيهم ( الملكات الذاتية ) والجوانب النفسية التي يتمتعون بها والتي تنطوي عليها تركيبتهم النفسية ولاتخلو هذه اللفتة القرآنية من حكمة لها قيمتها على صعيدين :

1ـ إيجاد النموذج (الحجة ) على الناس ..!
حيث تحصيل الإنسان للهداية يأتي من خلال اندفاع داخلي يبرز فيه الاختيار
والا ستجابة لنداء الحق .

2ـ وإيجاد القدوة الصالحة
حيث يقف هؤلاء على مفترق طريق صعب لكنهم لايختارون غير سبيل الحق سبيلا مهما كانت التضحيات . وتتساقط على أعتاب إرادتهم كل مطامع الحياة ..!

من هنا يسير البحث للوصول إلى مجموعة من الحقائق المفيدة في ساحة ( الاستبصار )
أرجو من القارئ الكريم أن يغض الطرف عن التطويل فيه فقد اردت استيفاء أهم العناوين في هذا الميدان ... وسأختصر في بعضها وسأفصّل في البعض الآخر بحسب ما يخدم الموضوع مستعينا في ذلك بتوفيق الله تعالى ... ومتنورا ببعض الآراء العلمية التي لها شأن في مثل هذه الأبحاث .


عناوين الموضوع :
1ـ كيف تنسب الهداية إلى الله تعالى ؟
2ـ ما هي أسباب التوفيق للهداية .؟
3ـ ماهي الرابطة الوجودية بين الإنسان وعمله ؟
4ـ لماذا يحرص القرآن الكريم على إبراز الملكات الروحية عند المؤمن ؟
5ـ كيف أصبح المستبصر قدوة للمؤمنين .


الحديث هو عن ( المستبصر ) ... وللوصول إلى تحقيق مناسب في هذا الميدان كان من الضروري الوقوف على بعض العناوين التي لها صلة بتحقق الهداية للإنسان وصلتها بالإرادة وما تعكسه من ملكات روحية متميزة في قوتها وسلامتها .

ونحن هنا نريد أن نقف على استخلاص حقيقة جديرة بالقراءة والدرس ..!
تتلخص في ( المستبصر ) ..!

ففي هذا المصطلح تعبير عن ( حصول إنسان على بصيرة نافذة ) وبالتالي تحقق له الوصول إلى ( الهدى ) !

وهنا يجدر بنا أن نأخذ من التواصل كفايته على صعيد المعنويات ...

فماهي قصة ( الهداية ) ؟

التمهيد :::

إن القصة تحكي عن مجموعة من الحقائق تجمعها تجربة / المستبصر ..!

لكن أحداث هذه القصة لن نستمع فيها إلى ( المستبصر) ومامر خلالها من معاناة ..!
فإن لذلك أهمية لكنها من جهة التجربة الذاتية ( للمستبصر) والتي يستطيع فيها (المستبصر ) أن يدرك أحداثها جملة وتفصيلا ..!


ولكن أحداث القصة سنستمع فيها إلى القرآن الكريم ليحدثنا عن مسيرة ( الاستبصار ) ..!

حيث سنرى ماهي التفاصيل الدقيقة لهذه التجربة والتي في الغالب تغيب أحداثها عن ( المستبصر ) نفسه ..!

ففي حديث القرآن الكريم المتحدث ليس ( المستبصر ) وإنما هو الله تعالى العالم بدقائق الأمور وتقلبات القلوب ..!

وعرض القرآن الكريم لأحداث هذه المسيرة ... مسيرة الهداية ... والتي تتمثل أحداثها جليا في من نسميهم نحن ( بالمستبصرين )... يوقفنا القرآن على الحقائق الهامة التي تحدد نجاح أو فشل الإنسان أمام خيار ( الهدى أو الضلال ) ..!

لذلك نحن أمام عرض القرآن الكريم لهذه التجربة نجد القرآن يعطينا إشارات مهمة تركز على دور هذا الإنسان ( المستبصر ) في تحصيل الهداية ..!

أي أن الهداية التي نقرأ عنها في القرآن الكريم تقدم لنا من ضمن ماتقدمه هذا الجانب المهم ويتمثل في دور الإرادة النابعة من عمق الإنسان وما تأتي به هذه الإرادة من
نتائج عظيمة ...



ولعل القرآن الكريم حينما يعرض لنا هذه الحقائق ليلقي أمام أبصارنا وأنظارنا كثيرا من ( القيم الروحية والنفسية ) ستتبين لنا خلال الموضوع إن شاء الله تعالى .
فالمقال لايخلو من آراء ( فلسفية ) وآراء ( نفسية ) حاولت بسفينتي الخرقاء أن أركب موجها مستعينا بالله تعالى الذي لايخيب من استعان به .

كيف تنسب الهداية إلى الله تعالى
؟

من المعروف عند كل قارئ للقرآن الكريم أن أمر الهداية منسوب أساس تحصيله إلى الله تعالى ... أي أن الله تعالى هو ( الهادي ) وبإرادته يتم وصول الإنسان إلى الهداية .
وجاءت هذه الحقيقة مبثوثة في كثير من آيات القرآن الكريم منها :
قوله تعالى :
( ونوحا هدينا ..) الأنعام 84
( واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) 87 الأنعام
( إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) القصص 56
( من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ) 178الأعراف


وإلى جانبها نجد بعض الآيات التي تنسب أمر الهداية إلى الإنسان !
ومنها قوله تعالى :
( فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ) الإسراء 15
( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) طه 82
( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ) الزمر 41
( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) البقرة 135

ففي الآيات التي تتحدث عن أمر الهداية نجد أن الآيات بعضها يجعل سبب الهداية هو الله وتنفي أي سبب آخر يؤثر في جلب الهداية لأحد من الناس ..!


#
ولكن !!

= كيف تنسب الهداية إلى الله تعالى مرة ؟ ومرة تنسب للعبد ؟

= سأحاول الإجابة على هذه الأسئلة في حدود مايكشف عن دور ( الإنسان ــ المستبصر ) في تحقيق وجلب هذه الهداية إلى نفسه ..

= وماتوفيقي الإ بالله تعالى .


# إن من يبحث في موضوع الهداية في القرآن الكريم يجد ( الهداية ) متنوعة ومتعددة لاتكاد تنحصر في هداية أو هدايتين ... بل يبدو أن هناك هدايات عدة ... لاتتوقف عند حد معين ...( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
فبما أن طريق الوصول إلى الكمالات طويل ليست له حدود ... حيث لاحدود للكمال المطلق .. والإنسان في تلقيه للكمالات هو سائر ومبحر في معرفة ذات الله تعالى ...وهي ذات غير محدودة ... وبالتالي فالتزود في الطريق يوصل السائر إلى مرحلة لا ليقف عندها مكتفيا ..!
بل ليستعد لمواصلة المعرفة ...والانتقال في سعيه إلى هداية أخرى وهكذا ... ولن ينتهي ... ولكنه في كل سيره هو محتاج لـ ( هداية ) تسير به إلى المرحلة التي بعدها .

=
وفي هذا المقام أذكر نوعين من الهداية :

((= الهداية ــ الأولى ــ هداية ( عامة ) لكل البشر وتنقسم إلى هدايتن :
1ـ هداية تكوينية وهي هداية داخلية مودعة في باطن الإنسان : ومنه قوله تعالى ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) طه 50
وومن مظاهر هذه الهداية أن جعل الله تعالى للإنسان ( العقل ) , ( الفطرة ) ... وهنا يتساوى بنو البشر في هذه الهداية .

2ـ الهداية العامة التشريعية :
وهي هداية خاضعة لعوامل خارجية كإرسال الرسل والأنبياء ( ع) .
( ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) الحديد 25.
( وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا ) الإسراء 15


= الهداية ــ الثانية ــ هداية ( خاصة ) :
وتختص بجملة من الأفراد الذين استضاؤا بنور ( الهداية العامة ) ( التكوينية والتشريعية ) ... ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة للتزود بصالح الأعمال ))
# مفاهيم القرآن ج/ 6 جعفر السبحاني .

= من خلال ما تقدم تجد نوعين للهداية وتجد أن ( الإنسان ) واقع بين هدايتين !!
( ويزيد الله الذين أهتدوا هدى ) 76 مريم
الذين اهتدوا أولا ....وثانيا زادهم هدى ..!

=
ولكن كيف يتحرك ( الإنسان ــ وأخص ــ المستبصر ) لأنه نموذجنا في التطبيق !! بل أراه أبرز مصاديق المتحصلين على الهداية ..؟!

= فكيف له أن يتحرك بين هاتين الهدايتين .؟!

ــ أي كيف ينتقل من حدود ( الهداية العامة ليدخل في رحاب الهداية الخاصة ) ؟!
بصيغة أخرى :
2ـ ما هي أسباب التوفيق للهداية .؟

= لماذا نحن نطرح مثل هذا السؤال ..؟!

= الجواب :
لأننا نرى أن الناس أمام الهدية الخاصة مختلفون في تحصيلها ..!
فمنهم من يوفق لها ... ومنهم من يحجب عنها .!
والمحجوب عن الهداية الخاصة هو الذي يعبر عنه القرآن الكريم :
( والله لايهدي القوم الظالمين ) الجمعة 5
( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) إبراهيم 27

فيأتي السؤال عن الهداية الخاصة :
ــ
لماذا هدى الله فريقاً وأضل فريقا آخر ..؟!

هنا يدلنا القرآن الكريم على دور الإنسان ــ المستبصر ــ في التوفيق للهداية الثانية كما أن هناك دورا للإنسان (الضال) والمحروم في عدم توفيقه للهداية الخاصة .!

وفي الحقيقة إن الباحث في هذا الموضوع يجد القرآن الكريم كتاب ( العدل ..والقسط ... والإنصاف ) فهو لايبخس الناس أشياءهم ولو مثقال ذرة ..!!!
وهو مايهمني الحديث عنه هنا .

إننا نجد القرآن في معادلة
(دقيقة وصعبة ) جدا جدا ... يبرز شخصية الإنسان ــ المستبصر ــ في دورها الفاعل والمؤثر في تحقيق النجاح على مستوى ( الهداية ) !

فالمسألة لاتنحصر في الهداية التي هي من الله تعالى دون أن يكون هناك حضور مؤثر من قِـبَل المستبصر نفسه ..!
فالهداية لم تكن أمرا عشوائيا في اختياراتها للنزول على البعض دون البعض الآخر .!

وهنا أنقل لك كلاما جميلا عن العلاقة بين ( الإنسان وعمله ) :

ماهي الرابطة الوجودية بين الإنسان وعمله ؟

= هناك علاقة دقيقة ولطيفة تكاد تختفي كليا بسبب تمازجها واختلاطها المعقد والمتشابك في تفاعلاتها الخفية والمحجوبة عن الأنظار ...
هذه العلاقة الخفية هي علاقة بين ( الله تعالى ) في ألطافه النازلة ..
والإنسان ( المستبصر ) في تفاعله الخفي والمكنون في أعماقه مع تلك الألطاف النازلة ..!

=
فالمسألة في تعقيداتها تكاد تختفي حتى عن أهلها !!!

وهنا يمكننا أن ندون بحثا فيما يعرف بــ ( الشاكلة ) !
أستفدته من التفسير الجليل كتاب (الميزان ):

الشاكلة :
قال تعالى :
(
وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خسارا *وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونــأى بجانبه وإذا مسّه الشر كان يؤسا * قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا
) الإسراء 84

# (
قل كل يعمل على شاكلته
) !!

=
وهذا يعكس حقيقة هامة جدا وهي أن بين الفاعل وفعله علاقة وجودية
كما يقول ــ الطباطبائي في ميزانه ــ :
( وقد تحقق بالتجارب والبحث العلمي أن بين الملكات والأحوال النفسانية وبين الأعمال رابطة خاصة فليس يتساوى عمل الشجاع الباسل والجبان إذا حضرا موقفا هائلا
..)

وقد ذكر الحكماء أن بين الفعل وفاعله سنخية وجودية ورابطة ذاتية يصير بها وجود الفعل كأنه مرتبة نازلة من وجود فاعله ووجود الفاعل كأنه مرتبة عالية من وجود فعله .
= وقالوا :
بأنه لو لم يكن بين الفعل المعلول و علته الفاعلة مناسبة ذاتية وخصوصية واقعية بها يختص أحدهما عن الآخر كانت نسبة الفاعل إلى فعله كنسبته إلى غيره ... فلم يكن لاستناد صدور الفعل إلى فاعله معنى
) . ج / 3 1 / الميزان .

= وهنا يجدر الإشارة إلى أن الشاكلة لاتعني الخلقة التي تحجب إرادة الإنسان فتمنع منه حرية الاختيار !!! فليس هذا المراد !!

ففي قوله تعالى : ( أهدى سبيلا ) يقول الميزان :
( ...
أن الشاكلة غير ملزمة في الدعوة إلى مايلائمها فالشاكلة الظالمة وإن كانت مضلة داعية إلى العمل الطالح غير أنها لاتحتم الضلال ففيها أثر من الهدى وإن كان ضعيفا , والشاكلة العادلة ( أهدى ) منها فافهم
. ( الميزان ج / 13)


ولكن الشاكلة تتكون للإنسان تساهم فيها عدة عوامل ( داخلية وخارجية ) أي مايتصل بخلقته وتركيبته البدنية ..وخارجية ما يتأثر فيه بعوامل مثل التربية والبيئة والوراثة ...!

والآية السابقة تشير إلى هذه الحقيقة فهي تشير إلى أن نوعية التأثر بـ ( القرآن الكريم ) ــ إن كان شفاءً أو مرضاً ــ
بل هي كما يقول الميزان :
( ...
أي إن أعمالكم تصدر على طبق ما عندكم من الشاكلة والفعلية الموجودة فمن كانت عنده شاكلة عادلة سهل اهتداؤه إلى كلمة الحق والعمل الصالح وانتفع بالدعوة الحقة ,
ومن كانت عنده شاكلة ظالمة صعب عليه التلبس بالقول الحق والعمل الصالح ولم يزد من استماع الحق إلا خساراً
...) الميزان ج / 13

"
ونفس الإنسان مع أنها خارجة عن قيد الجسمية والمادية لكنها معبّأة بمختلف القوى التي أودعت فيها كحبة صغيرة بذرت في الأرض فيتحرر ما استترر فيها من القوى والاستعدادات حالما يتوفر المحيط المناسب وعوامل التغذية , فتصبح بعد مدة شجرة قوية كثيفة الأغصان نضرة الأوراق معطاءً للفاكهة , وكذلك نفس الإنسان فهي ذات استعدادت مختلفة تظهر بالتدريج في الموقع المناسب وبتأثير التعليم والتربية , لكنها لاتتجاوز حدود وزمان ومكان الجسم البشري , لأنها بمنزلة مقدمات وآلات ظهور الطاقات والأفعال النفسية , ونظراً لمحدوديتها فإن كون فعالية النفس محدودة أمر بديهي كذلك ,
فالرسام الماهر الذي يرسم بريشته في كل يوم رسما جديدا لاشك أنّ فنّه هذا محدود بنوع أدوات الرسم وجودَتـِـها , وهكذا نفس الإنسان فإنها تظهر في كل لحظة آثارا جديدة عن طريق البدن والدماغ لكنها ىتخرج عن إطار الزمان والمكان وهما محصورين كذلك .
ويجب أن نلتفت إلى أن هذه المحدودية الزمانية والمكانية التي ذكرت لنفس الإنسان منحصرة بالأفراد العاديين أما ما يخص ذوي النفوس النقية المتألقة المتحررة من القيود فلا وجود لهذه المحدوديات فيها أبدا حيث تمتنع مقارنتها مع غيرها "

علم النفس التحليلي بمنظار إسلامي .د/ محمد حسن ضيائي .

أخي الكريم / قد يقصد هذا الكاتب بقوله الأخير ( النفوس المتألقة ) نفوس الأولياء والمعصومين ...لكنه لم يوضح ولم يفصل القول في مساحة هذا التحرر وماهو نصيب كل مؤمن صالح من هذا التحرر وهل خاص بالأولياء أم ينال السالكين أيضا ؟
على كل حال لابد من وجود مساحة شاسعة ممتدة يتوزع فيها المؤمنون والسالكون والمعصومون كل في موقعه المناسب ...والله تعالى أعلم .


بعد هذا نكون قد وصلنا إلى حقيقة هامة في هذا الميدان وهي أن أفعال الإنسان الظاهرية هي :
( أفعال نفسية ) !

وهذا يعني أن (الفعل الخارجي ) إذا كان جميلا فهو في الحقيقة يعبر عن جمال ( باطني نفسي )
لماذا ؟
لأن الفعل الخارجي لايمكنه أن يتم إلا إذا تسلطت عليه النفس ودفعته نحو الخارج :

"
والنفس في الحقيقة هي التي تقوم بتلك الأفعال , ولهذا تحمل الأفعال جميع صفات الغرائز النفسية حيث لايعثر على أثر لها في الأفعال البدنية , فكثيرا ما يحدث أن تتجه العين إلى طرف ما ولم ( تتم عملية الإبصار ) يحصل هذا عندما يكون الإنسان منشغلا بشئ آخر , لذا يجب ( حضور الإرادة والإنتباه ) معاً وهما (عملان نفسيان ) حتى تقوم العين بعملية الرؤية فور التوجه إلى الشئ الذي يـُـراد رؤيته
"

علم النفس التحليلي بمنظار إسلامي / د. محمد حسين ضيائي .

مما تقدم نفهم لماذا يحرص القرآن الكريم على إبراز الملكات الروحية عند المؤمن
؟

= وهنا القرآن الكريم هو من يدلنا على تلك الحقائق ويهدينا إلى مواقع النجاح النابعة من عمق الشخصيات .. :

= (
إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى
) الكهف 13

= تأمل في تعبير الآية الكريمة ...
فتية آمنوا بربهم
..!
فالآية تشير إلى ( إيمان ) كامن في تلك النفوس ..
هذا الإيمان كان توطئة ( لزيادة للهدى ) ..!

والآية الكريمة أرادت أن تنسب السبب في ( زيادة الهدى ) إلى وجود حالة من الإيمان في تلك النفوس ...!


وهذا مانفهمه من إشارات القرآن الكريم حينما يتحدث عن الهداية أو الضلال نجده يومئ لنا بإشارة تدلنا على وجود ( ملكة خاصة ) تنطوي عليها الشخصية ..

= فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يذكر هدايته للإنسان علقها بأمر يتصل بتلك ( الملكة أو الموهبة ) ..!
قال تعالى :
( الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من*
ينيب
* ) الشورى 13
وقال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع
المحسنين
) العنكبوت 29
وقال تعالى : ( إنهم فتية
آمنوا
بربهم وزدنهم هدى ) الكهف 13

= فمع التأمل في الآيات تجد ما قلته لك سابقا إن القرآن كتاب الإنصاف والقسط لايبخس الناس أشياءهم ...
فقد نبَّه القرآن وأشار إلى أمور عظيمة تنطوي عليها سريرة ( هؤلاء) فقد ذكر في الآية الأولى : أنهم ( منيبون ) وفي الآية الثانية ذكر صفة ( الجهاد والإحسان ) وفي الثالثة ذكر ( الإيمان ) ..

= فهذه المواهب كلها أسباب في نزول الهداية ( الخاصة ) على هؤلاء ..!!

= وفي المقابل هناك صفات تجد عند ( الفئة الضالة ) صفات خبيثة حجبت عنهم الهداية الخاصة ( كالظلم والفسوق والكفر والزيغ ) :
قال تعالى :
= ( والله لايهدي القوم الظالمين ) الجمعة 5
= ( ومايضل به إلا الفاسقين ) البقرة 26
= ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) الصف 5

=
ونمضي قدما في البحث لنسبر ونغوص في الأعماق ففي عمق (المستبصر) تكمن الحقيقة الجميلة في نيله التوفيق للهداية ...!!!

= فلازالت بعض الأسئلة قائمة ..:......:.....:
فقد علمنا مما سبق أن هناك عوامل ومؤثرات تنبع من عمق المستبصر تؤهله لنيل الهداية الخاصة ...!

=
ولكن ما المؤثرات الحقيقية أيضا في هذا التهيؤ المعنوي للمستبصر
؟؟

= وبمعنى دقيق ...
= أقول :
=
كيف يفترق ويتباين المهتدي من الضال في الاختيار ؟!
= وبمعنى آخر : ما الذي يؤثر في تحديد نوعية الاختيار ؟


= أي كيف انجذب المهتدي نحو الهداية ؟
= وكيف انصرف عنها الضال ؟


فالفارق بينهما كبير جدا جدا ...فذاك منجذب.مندفع بقوة نحوها .!
وهذا شارد هارب عنها ..!


إلى هنا نصل إلى حقيقة ( الاستبصار ) وهو القدرة على ( الابصار ) وهو ما يفترق فيه ( المستبصر ) عن غيره في لحظات تلقي أمر الهداية ..!

ففي هذه اللحظات تكون القدرة على الابصار كاملة وواضحة فهي ترى وتتأثر وتـُـقـبل على الأمر
(
وما يستوي الأعمى ولا البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات
) فاطر 22

# وفي هذه اللحظات تبرز حقيقة ( المستبصر) حيث تأتي مواقفه معبرة عن شاكلته وهي الشخصية الخلقية الحاصلة للإنسان من مجموع غرائزه والعوامل الخارجية الفاعلة فيه هذه الشاكلة التي يعبر عنها القرآن الكريم :

=
فمالذي جعل للمهتدي ( بصيرة ) ولم يكن للضال مثلها ؟!؟

ومن كل ماسبق يمكن الانتهاء إلى نتيجة واحدة :

وهي أن سلامة الفطرة في باطن المستبصر هي المؤهل الأول في تحقيق هدايته وانتقاله وحصوله على الهداية الخاصة !!

فبقاء الفطرة على سلامتها ( وبقاء ) أدوات البصيرة ( السمع والبصر والفؤاد ) في حالة سليمة لم يطرأ عليها التحول أو الاندثار ..!

من هنا فإن هذه القنوات ( السمع والبصر والفؤاد ) فاعلة ومقتدرة على حمل ( نداء الهدى ) مصحوبا بتأييد من عمق ( الفطرة السليمة ) فتستبشر ( النفس ) بما جاءها من ( الهدى ) ..!

فمثال ذلك ... مثل البئر الصافية ... تقع في قاعها ... درة جميلة ... فإن الدرة تتألق وضوحا بصفاء البئر ...!

هكذا الحال في وقوع الهدى في القلب السليم ..!

فهذه القنوات هي في حالة فطرية سليمة
فهم يسمعون
:
(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ) الحاقة 12
(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) الزمر 18

وهم يبصرون
:
( وما يستوي الأعمى ولا البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) فاطر 22

وقلوبهم لاتقبل مودة غير مودة الله
:
3(لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) !

فمادامت كل هذه القنوات صحيحة وسليمة فإن نداء الحق سرعان ما يستقر فيها فهي تنجذب إليه بشكل فطري والهدى ينساب فيها كما ينساب الماء على الزجاجة المصقولة ..!
وتفاعلها مع ( الهدى ) بشكل سليم يدل على سلامة في وجود القوى النفسية (العقلية والقلبية ) .

البلاء :

ولعلّ لحظات القبول بالنداء وتقبل الهداية تكون مصحوبة بحالة من الصراع النفسي والذهني يعكس حالة من حالات الوقوع في ( الامتحان والبلاء ) التي تساير الإنسان في حياته ولكنها تختلف من إنسان إلى إنسان ..!
فليس الناس سواء في نوع البلاء وحجمه ومقداره ..!
فلكل إنسان بلاء يأتي مطابقا لملكاته النفسية بحسب علم الله تعالى بها ..!

فيكون البلاء في فلسفته وحكمته مخرجا لتلك الاستعدادت والملكات من القوة إلى الفعل (
ليبلوكم أيكم أحسن عملا
) هود 7

= فدخول ( المستبصر ) في دائرة الجدل والحوار لايخلو من تدبير ( إلهي ) تكون الحكمة من ورائه ــ والله تعالى أعلم ــ أن يخرج تلك الملكات ( الطيبة والصالحة ) لنفس الإنسان الذي لايعلم عنها شيئا لولا هذا البلاء وهذاالاختبار ..!

وهذا مانراه ومانلمسه في التدبر في سيرة هؤلاء ( المستبصرين ) حيث نسمع ونقرأ منهم أنهم ماكان يخطر على تصور أحدهم أنه وضع قدمه على هذا الطريق عالما بما ينتهى إليه أمره ..!

القدوة :

ولايعلم هذا الإنسان ماذا تخطط له يد الغيب من مستقبل مختلف في شكله ومضمونه ... وفي موقعه ودوره عما كان يتصوره ..!

ليصبح من حيث لايعلم ولايدرك أنه أصبح ( دليلا وهاديا ومرشدا ) إلى الله تعالى ..!!!
من موقع مختلف وبلسان مختلف وبهداية مختلفة
(
وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء
) 140 آل عمران

وهنا يتحول ( المستبصر ) إلى قدوة صالحة للرشاد , وموضع ( القدوة ) في أبعاد شخصياتهم يستتر خلف ( التضحيات ) التي عبروا على جسرها تاركين خلفهم كل مطمع ولذة مهما حسن طعمها ...ومستقبلين كل هول وخطر مهما بلغ شأنه ..!

وهنا نجد القرآن الكريم يقدم لنا مثل هذه النماذج ( السالكة ) طريقها إلى ( الله تعالى ) عبر الأشواك والخوف والجزع لكنها في تلك اللحظة لاتلتفت إلا إلى ( الله ) ..!

إن أبرز نموذج يقدمه القرآن الكريم لمثل هؤلاء الواطئين طريق الأشواك والجمر واللظى هو
(
امرأة فرعون
) عليها السلام ..!
(
وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون
) التحريم 11

فإننا نجد القرآن الكريم يقدم لنا هذه ( المرأة العظيمة) التي لم تكن( نبياً ولاإماماً ) ..لكنها بملكاتها الروحية العالية أصبحت ( قدوة ) لكل المؤمنين إلى يوم القيامة ..!

ولكن أين تكمن سر عظمة هذه الشخصية وأين تلتقي (شخصية المستبصر) بها ؟!

= إن سر عظمة شخصية ( امرأة فرعون ) عليها السلام يكمن في أنها ( زوجة ملك عظيم ) فكانت الدنيا كلها تحت سطوتها وتصرفها لو أرادت ذلك !!

وفي المقابل هي في أخطر موقع لو انحرفت عن ( عبودية فرعون ) !

ولكن لا هذا ولاهذا يصدها عن الطريق إلى الله تعالى ..!

(
ربابن ِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ) التحريم 11




توقيع : زائرة الدنيا
من مواضيع : زائرة الدنيا 0 تَغْطِيَة مصورة: طامة ستكون سَنَوِيَّة يَسُنُّها "الأكرف" بالمحرَّق !
0 الحمد لله رجعت لكم بــ السلامة
0 سأشتاق لكم...
0 لغــة الهدايــا,,,
0 كلمات لو خطت بماء الذهب ما وفتها من الجمال والروعة
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:49 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية