القول الفصل فی نزول الملائكة على الزهراء علیها السلام
بتاريخ : 23-03-2009 الساعة : 10:28 PM
السلام علیکم
لا توجد عندنا روايات تنفي نزول الملائكة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، بل العكس هناك روايات تثبت نزول الملائكة عليها (عليها السلام) وتكلمها معها ، ومن هنا ورد في الروايات أن من ألقابها (عليها السلام) محدّثة ، أي أن الملائكة كانت تحدّثها بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
وهذا ليس ببعيد بعدما نقل لنا القرآن الكريم نماذج من النساء تحدّثن وتكلّمن مع الملائكة ، وهن لسن بنبيّات ولا وصيّات ، وإنما كنّ وليات من أولياء الله منهن :
1- مريم (عليها السلام) قال تعالى : (( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين ))
(آل عمران:42) .
2- سارة (عليها السلام) قال تعالى : (( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى ... وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله ... ))
(هود:69 ـ 72) .
3- أم موسى (عليها السلام) قال تعالى : (( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه ... ))
(القصص:7) .
والإعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء (عليها السلام) لا يعد غلّوا ، ولا مبالغة في فضلها
، فهي (عليها السلام) سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وأفضل من مريم بنت عمران ، ومن سارة امراة إبراهيم (عليه السلام) ، ومن أم موسى (عليه السلام) ، وقد ثبت بالنصوص القرآنية مشاهدتهن للملائكة وتكليمهن لهم ، فأي غلو في نسبة مثل ذلك لمن هي أفضل منهن ؟!
ثم إن الإيحاء لم يقتصر على الأنبياء والمرسلين وعلى من ذكرناهم من النساء ! فقد أوحى الله تعالى إلى كل من :
1- النحل ، قال تعالى : (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخدي من الجبال بيوتا ... ))
(النحل:68) .
2- الحواريون ـ أصحاب عيسى ـ قال تعالى : (( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بي وبرسولي ... ))
(المائدة:111) .
3- السماوات ، قال تعالى : (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها ... ))
(فصلت:12) .
4- الأرض ، قال تعالى : (( بأن ربك أوحى لها ))
(الزلزلة:5) .
ويظهر من خلال هذه الآيات القرآنية وآيات أخرى ، أن الوحي ليس مختص بالأنبياء والرسل فقط ! بل هو يتعدى إلى أولياء الله تعالى .
نعم، الوحي هنا في هذه الآيات المفهوم منه غير الوحي في إبلاغ الرسالات إلى الأنبياء ، بل هو شأن آخر من الوحي .
فالوحي لغة: الإعلام الخفي السريع ، واصطلاحاً: الطريقة الخاصة التي يتصل بها الله تعالى برسله وأنبيائه لاعلامهم ألوان الهداية والعلم.
وإنما جاء تعبير الوحي عن هذه الطريقة باعتبارها خفية عن الآخرين ، ولذا عبّر الله تعالى عن اتصاله برسوله الكريم بالوحي ، قال تعالى : (( إنا أوحينا اليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ... ))
(النساء:163)،
وقال تعالى : (( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليّ حكيم )) (الشورى:51) .
وهذه الآية الآخيرة حدّدت معنى الوحي الذي يختص بالأنبياء والمرسلين ، أما الآيات الاخرى المتقدمة الذكر فلها معاني آخر للوحي ، والذي نقول به أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) إنما كانت محدّثة من قبل الملائكة بنحو من أنحاء الوحي الذي بينته الآيات الآنفة الذكر ، فلا محالة أن تكون قد حدثت من قبل الملائكة كما دلّ القرآن على إمكان وقوع ذلك .