الشباب ياسيدي كما تعلم له حق عليك وعلينا في كل الأحوال, وكل امريء لابد وأن يمر بهذه الفترة الحرجة والقلقة والمضطربة من حياته ولكن الرجل الرجل ياسيدي هو من يغادر هذه المحطة الصعبة ولايترك في قلوب الناس من حوله جروحا لاتندمل أو ندوبا لايمحى اثرها ونرجو أن تكون قد وعيت الدرس جيدا ياسيدي عندما رايت بعينيك وسمعت باذنيك ما فعله افراد يهتفون بأسمك ويسرقون ويخطفون ويبتزون ويغتصبون ويقتلون الناس مدّعين اتّباعك وتنفيذ اوامرك بعد أن أسست لهم وبهم جيشا من السرّاق لا يحكمهم قانون ولايمسكهم عرف ولا يتبعون نظاما أو منهجا ولا يفقهون كلاما أو نصحا ولايعتبرون مباديء أو قيما فنرجو ياسيدي ان كنت تنوي العودة للعراق كما سمعنا و بعد أن أعطيتنا فترة راحة لا بأس بها, نرجوأن تكون قد تجاوزت حالة التخبط التي عشتها فترة شبابك وافرزت ماأفرزت من مشاكل وتركت في قلوب الناس من الأسى والألم ماتركت. فكما تعلم ياسيدي أنه لاخير في أمة شبابها يقودون شيوخها , فنرجو أن تكون تلك التجربة المريرة ودراستك الدينية قد أكسبتك حكمة الشيوخ والبستك ثوب التعقل ونقلتك من طيش الشباب الى رزانة الشيوخ .
أكثرنا يعلم وأعتقد أنك أيضا تعلم أن الدولة الديمقراطية التي تبنى في العراق الان لها استحقاقات وشروط لابد من توفرها و يجب الأيمان بها ويجب احترامها وتطويرها باستمرار والاّ فلا دولة ولا ديمقراطية وانما مجاميع متناحرة من العصابات تؤول في النهاية الى التقاتل والتطارد وتقود البلد الى الأنهيار والتشتت . أهم هذه الشروط هي وجود دستور قوي يحدد الحقوق والواجبات للمواطن ويحدد دور الحكومة لقيادة البلد واتخاذ القرارات الحاسمة وتوفير الخدمات للمواطن .هذا الدستور يدخل حيز التنفيذ من خلال الوزارات والهيئات والمجالس وغيرها والتي يجب ان تكون خاضعة لقوانين مستمدة من الدستور وقوية بما يكفي لصيانة الحقوق ووضع حد لأنتهاكاتها. لذا اذا اردنا بناء نظام ديمقراطي قوي ومتين وناجح لابد أن نحترم هذا الدستور ونقدّر من يقوم على تنفيذه وأن نبتعد عن منطق القوة والرفض وتوتير الأجواء .
ان التحديات التي يواجهها العراق كبيرة وخطيرة فلا تزيد أنت وأصحابك من خطورتها لا لشيء سوى لمبدأ العناد والرفض والتوتر الذي أخذه عنك اتباعك وأخذته عنك الأناث المحجبات المشاركات في مجلس النواب يمثلن تيارك ويعبرن عن أفكارك . فوالله ياسيدي كان في بالي بارقة ضعيفة من الأمل أن يعتدل أصحابك يوما ما ولكني عندما رأيت بعض اتباعك ومنهم السيدة مها الدوري وهي ترتعد وترتجف وتنفث السموم كالأفعى على شاشات التلفاز فأني قد فقدت الأمل بأن يعتدل تيارك لا بل وفقدت الأمل أن تعود الأمور في العراق لطبيعتها في القريب. أرجوك ياسيدي ان قررت العودة للعراق أرجوك أن تقرر معها عدم ترديدك لعبارة (احتلال .. حبيبي ) التي صارت لازمة بغيضة لك ولأصحابك تعبر عن جهل شديد بالسياسة وقصور مريع بالتحليل لديك ولديهم . وأرجو أن تعلم وقد يكون أحدهم قد أعلمك أن الحكومة العراقية قد اتفقت مع المحتل على الأنسحاب من العراق بخطوات منهجية وغير مستعجله بغية تهيئة قوات عراقية قوية تحل محلها وأن جميع العراقيين مقتنعين بهذا لا بل أن بعضهم يعتقد أن الأوان لم يحن بعد لمغادرة المحتل ، وان احتمالات تفجر الوضع واردة بعد انسحابهم في ظل التعبئة والتهيؤ الذي نلمسه من البعثيين ومن القاعدة وباقي العصابات المسلحة ..
ان واحدا من أهم مايعانيه النظام الديمقراطي الحديث في العراق حاليا هو وجود تيارات سياسية ذات قيم ومباديء فكرية خاصة تريد فرضها بالقوة هذه التيارات تعتقد بأن العملية السياسية برمتها قد بنيت في ظرف احتلال البلد وبالتالي لايجب احترامها وان كل التشريعات يجب أن تخرق وان خرقها حسنة وطاعتها مثلبة وتتنافس هذه التيارات في عدم احترام القوانين وفي خرق الأداب المترتبة عليها وتتفنن في اهانة النظام والقائمين على تنفيذ القوانين وحفظها وتعتقد ان أهانتهم وتجاوزهم هو الوطنية بذاتها, وهم واهمون طبعا لأن الدول تبنى بالتفاهم والأتفاق وليس بالفرض والقوة, ان واحدا من أهم هذه التيارات هو تياركم سيدي.
لذا فأنكم ياسيدي وباقي الصدريين مطالبون اليوم ومن باب المسؤولية أمام الله أولا وأمام الشعب ثانيا أن تعيدوا تقييم مواقفكم من النظام السياسي الجديد في العراق وأن تكونوا أكثر مرونة وتواصل وحب لباقي القوى السياسية في العراق وأن تتخلوا عن تشنجكم الواضح للجميع وأن تندمجوا بالعملية السياسية لا أن تقفوا جانبا متحفزين للأنقضاض عليها وتدميرها وأن تعوا بأن العملية السياسية بنيت بناء صحيحا الى حد كبير وأن تصحيح الأخطاء يكون بالكلمة الطيبة وليس بأهانة الناس واتهامهم بالعمالة.
وانكم مطالبون ايضا باستعمال اسلوب التسامح والود مع الأصدقاء المشاركين في العملية السياسية والتشدد مع الأعداء من البعثيين والقاعدة وغيرهم وان هذا الأسلوب هو ممارسة رائعة تحقق قدرا مهما من التناسق التي لايمكن للمجتمعات العيش بدونها والنجاح ببناء انظمة حرة قوية. كما وأنكم مطالبون اليوم قبل الغد بتبديل اسلوبكم اللاحضاري في التعامل عبر وسائل الأعلام لأن السلوك اللاحضاري سيقوض مبدأ التحاور الديمقراطي ويشنج الأجواء مما سيترتب عليه اتخاذ مواقف متشنجة من الأخرين ويعود على الدولة والمجتمع بالضرر.!
العراق بلدك ياسيدي ولا أحد يستطيع منعك العيش فيه ولكننا نرجو منك لخاطر العراق الذي طالما أحببته وأحببناه أن تكون ماءا يطفيء النيران المستعرة في البلد لامحراث تنور يهيج الجمرات ويذكي النار المختبئة تحت الرماد .
والسلام عليكم.