عظّم الله أجوركم جميعا باستشهاد الصدّيقة الزكية المطهّرة بضعة الحبيب المصطفى الزهراء عليها و على أبيها و زوجها و بنيها أفضل الصلاة و السلام
نكمل بحول الله ما بدأناه علّ و عسى وجدنا للنقاش مناقشا :
استدلّت الزهراء عليها السلام خلال ردّها على ابي بكر في دعواه أنّه سمع رسول الله ( عليه و على آله اشرف الصلاة والسلام ) يقول : " نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " بدعاء زكريا عليه السلام لربّه في قوله تعالى : " يرثني و يرث من آل يعقوب " .... فأجاب العامة أنّ الميراث المقصود هنا هو ميراث العلم ليوافق دعوى ابا بكر ....
كما ذكرنا فقد احتجّت الزهراء و الأئمة من بنيها بهذه الآيات على أنّ الأنبياء يورثون المال , و ان المذكور فيها انما هو المال لا العلم و النبوة , و تبعهم في ذلك أولياؤهم من أعلام الإمامية كافة , فقالوا : إنّ لفظ الميراث في اللغة و الشريعة لا يطلق إلّا على ما ينتقل من الموروث إلى الوارث كالأموال , و لا يستعمل في غير المال إلا على طريق المجاز و التوسع , و لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دلالة ( اشارة واضحة ) ...
و أيضا فإنّ زكريا عليه السلام قال في دعائه : ( و اجعله ربِّ رضيّا ) أي اجعل يا ربِّ ذلك الولي الذي يرثني مرضيا عندك , ممتثلا لأمرك , و متى حملنا الإرث على النبوة لم يكن لذلك معنى و كان لغوا عبثا ... ألا ترى أنّه لا يحسن أن يقول أحد : اللهم ابعث لنا نبيّا و اجعله عاقلا مرضيا في أخلاقه ... لأنّه إذا كان نبيا فقد دخل الرضا و ما هو أعظم من الرضا في النبوة , و يقوّي ما قلناه أنّ زكريا عليه السلام صرح بأنّه يخاف بني عمه بعده ( النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ) , بقوله :
( إني خفت الموالي من ورائي ) .... لماذا خاف الموالي ؟؟؟ و ما المقصود بالموالي ؟؟؟
المولى : أصله من الولي ... و الموالي هم أقارب الرجل من جهة الأب ... و للمولى معان عديدة منها : الجار و الصهر و الحليف ...
إذا لماذا يخاف منهم أن يرثوه ؟؟؟ هل خاف أن يختار الله منهم من لا يليق به مقام النبوّة و العلم ( حاشى لله ) فآثر الطلب بأن يكون الوارث من صلبه ؟؟؟
من جهة أخرى نرى في دعاء زكريا لربّه في سورة آل عمران في قوله تعالى : " ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة " ذكر طلب الذريّة الطيبة دون ذكر الميراث !!!!
لنحاول الوقوف عند الأمر أكثر ...
في سورة مريم كان الدعاء في قوله تعالى :" وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن ورائي و َكَانَتِ امرأتي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً "
ربط عليه السلام طلبه من الله بالولد الصالح بخوفه من مواليه ( اولاد عمومته و اقاربه ) >>> لم يختلف في هذا تفسير السنّة عن تفسير الشيعة ....
فقال أهل السنّة : أنّه خاف من مواليه ان يضيّعوا الدين >>> فطلب من الله ولدا يرثه في النبوّة للحفاظ على الدين..
و قال علماء الشيعة : خاف من مواليه ان يرثوه فيتصرفوا في ماله ( و ان لم يكن كثيرا ) في اعمال الشر و الفساد ... فهو لا يريد أن يكون عونا لهم في اعمال الضلال >>> لذلك طلب من الله ولدا يرثه في ماله ...
اذا حاولنا التماشي مع تفسير السنّة ...
1- فهل يعقل أن يكون في طلبه خائفا على دين الله في الآيات في سورة مريم ... و لا يكون كذلك في الآيات في سورة عمران ؟؟؟ فيطلب النبي في الأولى و لا يطلبه في الثانية ؟؟؟
2- النبوّة تشمل لفظ ( رضيا ) ... فإذا كان نبيا فهو رضيّا ... و العكس ليس ضروري ... فليس كل رضي نبي ... لو كان تفسيرهم صحيحا لما اسقط طلبه بالنبوّة في آيات سورة آل عمران ... فما هو الرضا بجانب النبوّة و كيف يتم اسقاط الأكبر امام الأصغر ؟؟؟ و هل يتقدّم الأمر الممدوح على الأمر العظيم الجلل ؟؟؟
3- هل شكّ زكريا عليه السلام في الله ( حاشاه ) ... لقد أعطى زكريا عليه السلام علمه و بلّغ الأمانة ... و الله قادر على أن يجعل أحد تلاميذه وارثا لعلمه و نبوّته ليحافظ على الدين ... فما هو ظنّ زكريا عليه السلام بالله لو لم يرزقه بالولد ؟؟؟ هل كان دين الله سيضيع بسبب مواليه ان لم يُرزق بالولد الذي يرث نبوّته ؟؟؟ هل كان هذا هو تفكير زكريا ؟؟؟ و هل كان هذا ظنّه بالله تعالى ( حاشاه ) ؟؟؟
و للحديث بقيّة بإذن الله تعالى
التعديل الأخير تم بواسطة ** مسلمة سنية ** ; 08-05-2009 الساعة 08:02 PM.