تعريف
الشيخ جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهُذَلي الحلّي، أبو القاسم نجم الدين المشهور بـ « المحقّق الحلّي ».
وُلد سنة 602هـ، والده الشيخ حسن، كان عالماً فاضلاً يروي عنه ولده الشيخ جعفر، وكذا جدّه يحيى كان عالماً محقّقاً من فقهاء عصره .
قالوا فيه
• قال تلميذه الفاضل الآبي وهو يحكي وروده إلى مدينة الحلّة في كتابه ( كشف الرموز ): وكان صدر جريدتها وبيت قصيدتها، جمال كمالها وكمال جمالها، الشيخ الفاضل عين أعيان العلماء، ورأس رؤساء الفضلاء، نجم الدين حجّة الإسلام والمسلمين أبا القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد.
• وقال ابن داود الحلّي في رجاله: شيخنا نجم الدين، المحقّق المدقّق العلاّمة، واحد عصره، كان ألسنَ زمانه وأقومهم بالحجّة وأسرعهم استحضاراً.. له تصانيف حسنة محقَّقة محرَّره عذبة.. وله تلاميذ فقهاء فضلاء .
• وقال العلامة الحلّي: هذا الشيخ كان أفضلَ أهل عصره في الفقه .
• وقال الشهيد الثاني: لا أرى في فقهائنا مِثلَه على الإطلاق .
• وعبرّ عنه فخر المحقّقين ابن العلاّمة الحلّي بشيخ مشايخ الإسلام .
• كما عبرّ عنه الشهيد الأوّل بفخر المذهب ومحقّق الحقائق .
• وقال فيه ابن فهد الحلّي: عين الأعيان، ونادرة الزمان، قدوة المحقّقين، وأعظم الفقهاء المتبحّرين .
• وكتب الشيخ علي الكَرَكي في إحدى إجازاته ذاكراً المحقّق الحلّي بقوله: شيخ الإسلام، فقيه أهل البيت في زمانه، ناهج سبل التحقيق والتدقيق في العلوم الشرعيّة .
• وكتب الميرزا عبدالله الأفندي: كان محقّق الفقهاء، ومدقّقَ العلماء، وحاله في الفضل والنبالة والعلم والثقة والفصاحة والجلالة والشعر والأدب والإنشاء والبلاغة، أشهر من أن يُذكر، وأكثر من أن يُسطر .
• وترجم له الشيخ الحرّ العامليّ فقال: حاله في جميع العلوم والفضائل والمحاسن أشهر من أن يذكر، وكان عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة، لا نظير له في زمانه. وله شعرٌ جيّد وإنشاء حسن بديع .
• وكتب المحقّق التستري: الشيخ الرفيع الشأن، اللامع البرهان، كشّاف حقائق الشريعة بطرائف من البيان، رئيس العلماء، حكيم الفقهاء.. الوارث لعلوم الأئمّة المعصومين .
• وفي ( أعيان الشيعة ) كتب السيّد محسن الأمين: كفاه في جلالة قدره اشتهاره بـ « المحقّق »، فلم يشتهر من علماء الإماميّة على كثرتهم في كلّ عصر بهذا اللقب غيره وغير الشيخ عليّ بن عبدالعالي الكركي، وما أُخِذ هذا اللقب إلاّ بجدارةٍ واستحقاق، وقد رُزِق في مؤلّفاته حظّاً عظيماً .
• وعلّق الشيخ محمد تقي التستري على منهجه فقال: هو أوّل مَن جعل الكتب الفقهيّة بترتيب المتأخرين، فجمع في شرائعه ( شرائع الإسلام ) لُبَّ ما في ( نهاية ) الشيخ الطوسي وما في « مبسوطه » و « خلافه »..
• وعرّف به الزركلي فكتب: فقيه إمامي، من أهل الحلّة في العراق، كان مرجع الشيعة الإمامية في عصره، له علمٌ بالأدب وشعرٌ جيّد .
• وأخيراً مع المحدّث الشيخ عباس القمّي حيث كتب: أبو القاسم جعفر بن الحسن.. الملقّب بالمحقّق على الإطلاق، الرافع أعلام تحقيقاته في الآفاق، هو أعلى وأجلّ من أن يصفَه مِثلي .
مشايخه وتلاميذه
من أشهر مشايخه: والده الشيخ حسن بن يحيى الحلّي. ثمّ محمد بن عبدالله بن زُهرة الحسيني صاحب ( كتاب الأربعين في حقوق الإخوان ). وابن نما الحلي ( ت 645 هـ ) قيل: هو أعلم مشايخه بفقه أهل البيت عليهم السّلام. وفَخار بن معدّ الموسويّ صاحب كتاب ( الحُجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ). وسديد الدين سالم بن محفوظ، وهو من مشايخ السيّد ابن طاووس .
أمّا تلامذته فأشهرهم: العلاّمة الحلّي ( ت 726هـ )، وابن داوود صاحب الرجال ( ت 707هـ )، والآبي صاحب ( كشف الرموز )، ونجيب الدين يحيى بن أحمد الحلّي ـ ابن عمه ـ صاحب كتاب ( الجامع للشرائع )، وجمال الدين يوسف بن حاتم الشامي صاحب كتاب ( الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم )، ورضيّ الدين علي بن يوسف الحلّي صاحب كتاب ( العُدَد القويّة ).
تأليفاته
هي عشرات.. كان منها:
1. شرائع الإسلام ـ له شروح كثيرة، أشهرها: جواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفي، ومسالك الأفهام للشهيد الثاني..
2. المختصر النافع ـ كذا له شروح عديدة، من أهمها: المهذّب البارع لابن فهد الحلّي، والتنقيح الرائع للفاضل المقداد السيوري، ورياض المسائل للسيّد علي الطباطبائي، وجامع المدارك للسيّد أحمد الخوانساري.
3. المعتبر.
4. نَكْت النهاية ـ حاشية على نهاية الشيخ الطوسي.
5. معارج الأصول.
6. المسلك ـ في الكلام.. وعدد من الرسائل والمسائل.
وفاته
نَقَل الشيخ أبو علي الحائري عن إجازة الشيخ يوسف البحراني أنّ بعض الأجلاء رأى بخطّ بعض الأفاضل أنّ تاريخ وفاة المحقق الحلّي كان يوم الثالث عشر من ربيع الآخر سنة 676هـ، فتفجّع الناس لوفاته واجتمع لجنازته خلق كثير، وحُمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السّلام بالنجف الأشرف. وسُئل عن مولده فقال سنة 602هـ، فيكون عمره أربعاً وستّين سنةً تقريباً.
والشائع أنّ قبره بالحلة، وهو مزارٌ معروف وعليه قبة، وقد خُربت عمارته فأمر العلامة الحلّي بعضَ أهل الحلّة فعمروها .
وهنا تكون للشيخ عبدالله المامقاني تعليقة حول قبر المحقّق الحلي حيث يقول: إنّ قبره في الحلة كما ذكره، إلاّ أنّ المطّلع على سيرة القدماء يعلم أنهم ـ من باب التقيّة من العامة ـ كانوا يدفنون الميّت ببلد موته، ثمّ ينقلون جنازته خِفْيةً إلى مشهدٍ من المشاهد، وقد دفنوا الشيخ المفيد في داره ببغداد، ثمّ حُمِل بعد سنين إلى الكاظمية ودُفن تحت رِجْل الجواد عليه السّلام، ودفنوا السيّد الرضيّ والمرتضى وأباهما بالكاظمية، ثمّ نقلوهم خفيةً إلى كربلاء ودفنوهم بجنب قبر جدّهم السيّد إبراهيم ( المجاب ) في رواق سيّد الشهداد عليه السّلام، كما صرّح بذلك العلامة الطباطبائي ( السيّد بحر العلوم ) في رجاله، وكذا صرّح في حقّ المحقّق ـ على ما ببالي ـ بنقل جنازته بعد حين إلى النجف الأشرف، وقبره هنا ( أي في النجف ) وإن كان غير معروف، إلاّ أنّ المنقول عن السيّد بحر العلوم أنّه كان يقف بين الرواق وبابَي الحرم المطهَّر ( لأمير المؤمنين عليه السّلام ) في وسط الرواق، فسُئل فقال: إنّي أقرأ الفاتحة للمحقّق؛ فإنّه مدفون هنا. أي في وسط الرواق بين الباب الأولى وبين الأسطوانة التي بين باب الحضرة المقدّسة، والله العالم .
رحمه الله، ونفع بعلومه المسلمين.