انتاج المسلسلات التي تجسد عظماء الامة يعد من الدراما الرائعة والتي ترسخ الصورة الحية في اذهان المشاهدين والشرط المهم فيها هو كتابة السيناريو بدقة وصدق وبامانة طبقا لما تحدث عنه التاريخ الحقيقي الغير مزيف .
نعم قد يكون الكاتب او المنتج لهذه المسلسلات لا هدف له سوى الربح وقد يكون غايته تثبيت باطل ، ولو اراد عرض الحقائق كما هي في صفحات التاريخ فان الشركة المنتجة لذلك لا بد لها من مراعاة الاجندة المؤثرة فيها .
تناقلت الاخبار مؤخرا عن قيام شركة المها الكويتية برصد مبلغ من المال لانتاج مسلسل الاسباط الذي يجسد شخصية الحسين عليه السلام والشخصيات التي لها تاثير في مسيرة حياة سيد الشهداء ومنهم معاوية ويزيد .
في اغلب البلدان العربية تترضى على معاوية وولده فكيف سيتم التوافق في عرض سيرة حياتهما والنقاط التي تتعارض مع سيرة الامام الحسين عليه السلام ؟والاخطر من وجهة نظرهم واقعة الطف ، ماذا سيقولون عنها؟
ومن هنا عندما عرضت شركة المها على سوريا انتاج المسلسل فقد جاء الرفض السوري بعد دراسة دقيقة للنص وكانت اجابتهم شافية وكافية وتستحق التعليق والاستنتاج فقد أجابت وزارة الإعلام على طلب تصوير مسلسل " الأسباط" بالرفض . وعن سبب منع المسلسل في سوريا قال مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ممتاز الشيخ أن اللجنة المتخصصة في رقابة النصوص والمؤلفة من قراء يتم انتقائهم بشكل خاص ليكونوا مؤهلين لقبول او رفض النص وجدت أن العمل سيثير إشكالات نحن بغنى عنها ".وأوضح "الشيخ " أن موضوع الإمام الحسين بالذات هو موضوع كبير وحساس ، له جذوره في التاريخ "ولا نريد الخوض بها " .
واضاف أنهم لا يودون الدخول بقضايا تؤدي الى اثارة المشاكل و التفرقة بل يريدون "البحث عن نقاط للالتقاء"
الاستنتاج هو الاشكالات التي سيثيرها المسلسل وهذه الاشكالات اما ان فيها نصوص غير صحيحة تمس شخصية الحسين عليه السلام او ان فيها نصوص توضح مواقف معاوية ويزيد المتعارضة مع مواقف الامام الحسين عليه السلام ، واما ايجاد تحريف بالترضي على الحسين ويزيد معا فهذا لايمكن للانسان البسيط ان يعقل ذلك .
ولكن جاء تعقيب مفتي حلب على هذا المسلسل تعقيبا حقا رائعا حيث قال الدكتور الشيخ محمد عكام مفتي حلب : أن "تشخيص الصحابة ليس محرم دينيا ولا يوجد أي نص أو آية تحرم هذا التشخيص ، لكنه محرم اجتماعيا وتقديريا ، ويجب أن يمنع من منطلق الاحترام لشخصية الإمام الحسين المقدسة رضي الله عنه عند المسلمين والطائفة الشيعية والتي يعتبرونها منعطفا أساسيا في تكوينهم وبالتالي يفضلون ان لا تشخص خوفا من أن ينتابها أي شيء يمس قدسيتها".
وأضاف د.الشيخ "عكام" أن الإمام الحسين هو سبط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أي حفيده من ابنته فاطمة ، ويعتبر امتدادا له ، فكما انه لا يجوز تشخيص النبي فبالتالي لا يجوز تشخيص حفيده ،مستشهدا بحديث للرسول الكريم "حسين مني وأنا من حسين " .
واحلى اجابة هي الفقرة الاخيرة والتي تدل على ان في المسلسل ما يتعارض ومكانة الامام الحسين عليه السلام والذي هو شخص النبي صلى الله عليه واله وسلم بعينه وتمامه وكماله وهذا اقرار يرد كل من يحاول ان يبخس او يغمط حق الحسين عليه السلام في فترة معايشته لحكم معاوية ويزيد ، فالف تحية لهذا الشيخ المنصف في قوله هذا .