((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))
(( وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ))
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) :
إن للمؤمن في نفسه شغلا والناس منه في راحة ، إذا جنّ عليه اللّيل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه ، يناجي الّذي خلقه في فكاك رقبته ، ألا فهكذا فكونوا.
الالتزام في الاسلام يكون في السوق لافي البيت
من الأمور المعلومات والمؤكد أن مجمل السلوك العام للأنسان في البيت ,في المدرسه,في المعمل في كل مكان يرتكز بشكل أرادي أو لا أرادي على ما يختزنه من رؤيا في نفسه وما يمتلك من نظره الى نفسه والعالم الذي من حوله.فمثلاً السلوك العبثي لفرد ما هو أنعكاس لرؤيه عبثيه يتبناها ذلك الفرد أو قد تكون أنعكاس لحاله لا أنتماء لهذا الفرد واللاأنتماء هو كذلك موقف وأن كان لا أرادياً,وكذلك الفرد المتميز بالسلوك الأستهلاكي المفرط هو تعبير عن أنتماء لأتجاه يحكمه مبدأ (اللذه) وهو أتجاه لا يؤمن الأ بهذه الحياة والتي ليس لغيرها وجود وما عليه الأ التمتع بأقصى درجات اللذه الممكنه. وغالباً ما يكون هذا الأنسان جسماني مادي النظره حيث يكرس كل حياته لملذاته وحسب بل ويذعن لكل ما يصدر له من نداء اللذه, فهو يفضل اللذه الأنيه على اللذه الأجله, فترى مثل هؤلاء الناس منغمسه حياتهم باللهو والترف والأستغراق بكل ما يجلب اللذه للنفس والجسد , وأعلى درجات هذا الأتجاه يتمثل (بالهيبيه) حيث يتواجد هذا النوع في أوربا وأمريكا .
أما الدرجات الأقل حده فهو موجود كثيراً في مجتمعاتنا ويتمثلون بالأشخاص الذين يتركزون حول ذاتهم محاولين الأستغراق ما أمكن في سلوك يظنون يجلب لهم الكثير من المتعه وأن كانت على حساب عوائلهم وحتى حياتهم المستقبليه , وهذا أتجاه أسقط في حبائله الكثير من الناس ليؤول مصائر أكثرهم الى السقوط المذل.
وهناك صنف أخر من الناس ينحو سلوكه الشخصي الى جمع الماده وتكاثرها فيكون جل نشاطه وغائيته هو جمع المال لا غير وكأنه خُلق للتراكم فقط وهذا الأنسان وأن أدعى في مجتمعاتنا الأسلاميه أنه مسلم ولكنه في الحقيقه رأسمالي المبدأ لا يؤمن الأ بالمنفعه ,فترى هؤلاء الناس تتغلب على سلوكهم مجموعه من القيم الأقتصاديه ذات الطابع المادي ,مثل الطمع والجشع والقرصنه والتي تتغلب عندهم على العلاقات الأنسانيه كافه واحلال الوظيفه الأقتصاديه والمصالح الشخصيه محل العوامل الوديه والأخلاقيه والمعنويه والأنسانيه ,وما أكثر هذا النوع من الناس في مجتمعاتنا الأسلاميه .
وهذا النوع من البشر يدعي أنه مسلم حقيقي ويحترم الأسلام والقيم المعنوبه فيه وهو بالحقيقه لا ينتمي الى الأسلام في قيمه الحقيقيه في شئ ,وفي هذه الأيام كُشفت الكثير من السلوكيات التي كانت تدعي الزهد والتعفف والأعراض عن زخرف الدنيا وما أن وقعت الدنيا بيده سوى كان في الخط الرسمي او غير الرسمي من الأعمال والتي تضع بين ايديهم الكثير من الفرص سواء كانت ماديه او ترفيهيه او وجاهيه تراه يسئ استخدامها بل يسرف في الأستغلال حتى انك تشعر امام غول لا يشبع.
فالقسم الأول من الناس الذي يرتكز على اللذه في سلوكه ,فهو ذو نمط أستهلاكي حاد ولو سار الأغلبيه على منواله لأصاب المجتمع أنهيار عام أخلاقي وأقتصادي لأنه يمنع على الأقل أي تراكم للثروه والتي هي الأساس لرأس المال الضروري للنشاط الأقتصادي التنموي .
أما القسم الأخر من البشر ذو الطابع التراكمي فقط لو ساد في المجتمع مثل هذا اللون من النشاط لتوقفت كل الأنشطه التجاريه ولساد المجتمع ركود أقتصادي عام ولكانت العلاقات الأجتماعيه علاقات وظيفيه تعاقديه خاليه من كل المعاني الأنسانيه.
أما الأنسان المسلم وأقصد بالمسلم ,ذلك الأنسان الذي يجعل من الأسلام منطلقاً ومرتكزاً لسلوكه العام والخاص في كل مفاصل الحياة فهو أنسان يتميز بالترشيد الأقتصادي ,هذا الترشيد تحكمه قاعده (لا تجعل يدك مغلوله الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا)
هذا الأنسان لا يحكم نشاطه الأقتصادي دافع المنفعه الخالصه ولا اللذه الخالصه بل يدفعه بشكل أساس وظيفته في الأرض كخليفه الى الله يؤدي وظيفه الأعماروالتطور والذي تختزل في حيثياتها العمل الجاد والمثابر والمفيد للأنسانيه والذي من أحدى ميزاته التراكم الذي يقود الى التنميه (الأقتصادية وأجتماعيه) لأن المسلم الحقيقي هو ذلك الأنسان الذي يمارس عبادته في العمل (السوق) لا في أماكن العباده لأن الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) يقول( أنما الدين المعامله) لأن أماكن العباده هي أماكن الحث على العمل الجاد والمثمر , أي محطات دفع للمسلم لكي يقوم بواجبه في بناء الحياة وترشيدها نحو ما يُريد الله ويبذل قصارى جهده ليعيد صياغة العالم بما يُريد ويُرضي الله وهي عمارة الأرض وهذا هو العمل الذي يكون الهدف الحقيقي منه لحياة الأنسان المسلم لأنها جزء أساسي من واجب العباده لله وممارسه تصلح كوسيله على رضاء الله عنه وهو جانب السلوك التي يشعر بها المسلم بالطمأنينه وأن الله يرضى عليه .
فالرسول(صلى الله عليه واله وسلم) قَبلَ يد العامل او الفلاح في العمل ولم نسمع أنه قَبل يد العابد في أماكن العباده.
وبذلك يصبح العمل الدؤوب صفه أيمانيه وطريق الرض الألهي عن الأنسان,فلننظر في قوله تعالى(وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوه.....)فالله سبحانه لم يحدد نوع القوه وهذا جيد لأن لكل زمان ومكان نوع من القوه وفي يومنا هذا تتجسد القوه في الثروه والثروه أساس للصناعه والرفاه الأجتماعي ونتيجه له أيضاً والمفرده الأساس اليوم في طريق القوه(الصناعه) العمل المثابر والمهنه فالرسول (صلى الله عليه واله وسلم)
يقول (تعلموا المهن.......)
فأذن تعلم المهنه أستجابه لنداء مقدس ومن ثم فهي رساله أو تكليف وهو بنفس الوقت تكليف يجد فيه الأنسان نفسه وهويته , بل يحقق به كينونته ,فثمة هنا ترابط بين الدين والدنيا,واالتكليف الخارجي والألتزام الداخلي. وحسب هذا المفهوم فالعمل ليس لعنه وأنما هو أستجابه لدعوه الهيه ,بحيث يصبح أداء الأنسان لعمله في الدنيا نوع من العباده يؤديها يومياً, ولكن أي عمل . العمل الجاد والمخلص والمسؤول لأن الأسلام حدد لنا غائية العمل والذي يجب أن يكون ذو جوانب أنسانيه ومخلصه لأن الرسول(صلى الله عليه واله وسلم) ينادينا (رحمَ الله أمراً عمل عملاً صالحاُ فأتقنه)
هذه هي أخلاق العمل في الأسلام. فالأسلام من أكثر المبادئ في الأرض دمجاً للأخلاق في الأقتصاد وهو على العكس من الأتجاه الأمبريالي المادي ذات البعد الواحد والذي لا يفهم الأ الفائده المتسمه بالعلاقات التعاقديه الوظيفيه الخاليه من أي مبدأ أنساني ومعنوي.
مجتمعنا العربي والاسلام اليوم أحوج ما يكون بأن يأخذ بلأتجاه الأسلامي في العمل الأقتصادي الداعي الى العمل الدؤوب المؤدي الى تراكم الثروه والتي تشكل مرتكز قوي في بناء الصناعه والتي هي مظهر من مظاهر القوه في مجتمعنا اليوم.
فالثروه التي تكون ثمره جهد مخلص هي منحه من الخالق ودليل خير, وهي شر ان أََنفقت في العبث واللهو,فأن العمل وبناء الثروه للبلد أعمال خيره ووطنيه بل واجبه لحماية البلد وكرامة الأنسان.
بهذا السياق احذر من أي تبديد للثروه بلادك وأن كانت من الجانب الشخصي في مجالات الترف غير البرئ الذي ربما سيحدث في بلادنا قادماً من خارج الحدود ومن أيادي ظاهرها أفشاء البهجه والفرح في الشارع الاسلامي وباطنها أفلاس هذا الشعب وأستنزاف قواه لكي يبقى في حاجة الغير ولتراكم الثروات في أيدي أعداءه من القوى الخارجيه أو المحليه التي لا تعنيها حياة هذا الشعب ومسقبل هذا البلد بقدر ما تعنيها مصالحها الخاصه.
نحن اليوم ولكي نسابق الزمن أحوج ما نكون الى العباده في ساحات العمل متخذين من أماكن العباده محطات للتزود بطاقه العمل الخلاق لبناء مجتمع قوي لأن الله سبحانه وتعالى يحب المؤمن القوي ولا يحب المؤمن الضعيف.