شيعي حسني
|
رقم العضوية : 24389
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 5,056
|
بمعدل : 0.86 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بيان أحوال علماء السوء وأنّهم أضر على شيعتنا من جيش يزيد
بتاريخ : 03-06-2009 الساعة : 06:44 PM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة مختصرة عن حياة الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه
طبقاً للرواية المشهورة, فاليوم يوم ولادة حضرة الإمام الحسن العسكري أبو محمد، ابن الإمام الهادي, علي بن محمد. وُلد الإمام العسكري سنة 231 أو 232 هجري في المدينة المنورة, وجميع آبائه قد ولدوا في المدينة المنورة عدا أمير المؤمنين عليه السلام, الذي ولد في مكة في داخل الكعبة, كذلك عدا الإمام صاحب الزمان الذي وٌلِد في سامرا, فإن بقية الأئمة عليهم بما فيهم الإمام الحسن العسكري قد وُلدوا جميعاً في المدينة.
ففي سنة 236 هجري, عمد الخليفة العباسي إلى إبعاد الإمام العسكري مع والده الإمام علي النقي عليه السلام إلى سامراء, حيث كان عمر الإمام الحسن العسكري يناهز الأربع سنين. وطوال المدة التي قضاها الإمام الحسن العسكري مع والده في سامراء كانت تحت سطوة الرقابة والملاحقة من قبل السلطات, حيث أنّ سامراء آنذاك كانت هي العاصمة لبني العباس ومركزاً لجيوش بني العباس في تلك الفترة, فبغية إطفاء مشاعر الناس وعدم إثارة تضامنهم وتحركاتهم المحتملة, عمدت السلطات إلى إبعاد الإمامين العسكري والهادي إلى سامراء. وكما لا يخفى فإنّ المراد بالإبعاد هو الإمام الهادي وليس الإمام الحسن العسكري, ولكن حيث أنّ الإمام الحسن العسكري كان طفلاً صغيراً, وكان الإمام الهادي مبعداً حتى سنة 254 هجري أي ثمانية عشر سنة كاملة, وبقي تحت الرقابة والحصار حتى أنّ تعاطيه مع الناس كان محدوداً جداً, فلم يكن هناك تردّد إلى منزل الإمام, واستمرّ ذلك إلى سنة 254 هجري حيث ارتحل الإمام الهادي عن دار الدنيا, وانتقلت أزمّة الإمامة والولاية إلى ولده حضرة الإمام العسكري, والذي كان سنه آنذاك يناهز الاثنتين والعشرين سنة. واستمرت إمامته إلى سنة 260 هجرية حتى ارتحل عن دار الدنيا عن عمر يقارب الـ 28 سنة, جراء السمّ الذي دسّه له المعتمد.
يعني أحد أئمتنا الذين كانت حياتهم قصيرة هو حضرة الإمام الحسن العسكري, الذي كان سِنّه وقت وفاته 28 سنة, كذلك الإمام الجواد ـ حضرة الإمام محمد التقي ـ حيث كان عمره حين وفاته يناهز الـ 25 سنة.
كانت الفترة التي عايشها الإمامان الهادي والحسن العسكري صعبةً جداً, وبالأخص الحقبة المتصلة بإمامة الإمام الحسن العسكري, فلم يكن باستطاعته لقاء حتى خواص شيعته, فكانوا يخافون من ذلك, وكانوا ينتهزون الفرص النادرة, وذلك حينما يخرج الإمام من منزله إلى دار الإمارة, حينما يأمره الخليفة ليصطحبه معه أو يجلس معه, فكان الشيعة يلتقون بالإمام أثناء ذهابه, وإلا فلم يكن الإمام طليقاً حراً كي يتمكّن الناس من اللقاء به والنهل منه, اللهم إلا الأفراد النادرين من العلماء والكبار الذين ذكرت و دوّنت أسماؤهم في كتب التراجم بعنوانهم خواصّ الإمام وحواريّيه.
وبعضهم يفسّر ذلك بوجود مصلحة وتقدير إلهيّين اقتضيا ابتعاد الإمام؛ والوجه فيه هو التمهيد لزمن الغيبة الكبرى, لذلك قدّر الله هذا النوع من السلوك كي يبدأ الشيعة بالاعتياد و التمرّس على الغيبة بشكل تدريجي.
ففي زمان الإمام الهادي, بدأت فرصة اللقاء مع الإمام الهادي تقلّ وتتقلّص, وفي زمن الإمام العسكري ـ بالنسبة إلى الإمام السابق ـ كانت أقلّ أيضاً, وفي زمن إمام الزمان فترة غيبته الصغرى, انحسرت فرصة اللقاء به بشكل كبير, وأما في زمان الغيبة الكبرى فصارت شبه نادرة.
فبشكل تدريجي بداءً من زمان الإمام التاسع, أصبحت الأمور تسير باتجاه التهيئة للغيبة, يعني: صار اللقاء بالأئمة والاستفادة من محضرهم بشكل شخصيٍ ومباشرٍ منحسراً وقليلاً. فالمعتمد العباسي قد دسّ السم للإمام الحسن العسكري وقتله, وقد بينّا تفاصيل استشهاده سلام الله عليه في الجلسة السابقة بشكل مفصل في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول. فالخليفة العباسي المتوكل عمد إلى حبس الإمام, وبقي الإمام العسكري مدّة طويلة في الحبس, والذريعة التي كان قد حبس الإمام بسببها ليست واضحة, يعني لم تذكر التواريخ سبب حبس الإمام! ولكن من المعلوم أنّه ذاك الحسد, وحقد بني العباس اتجاه العلويين, ووشايات بعض الأفراد, وإخبارات الجواسيس ودسائسهم, وتلفيقات النمامين التي كانوا يختلقونها, ممّا استوجب إدخال الإمام إلى سجن المتوكل. ثم أعقب المتوكّل من الخلفاء العباسيين المعتصم, وبعده المعتزّ ثم المهتدي ثم المعتمد, حيث استخلف كلّ واحد منهم الآخر, والإمام العسكري عاين كل هذه الفترة التي اتسمت بالتعقيد والصعوبة خلال حقباتها المؤلمة.
كان الإمام الحسن العسكري كسائر الأئمة, رجل وقور ومتّزن ومحترم وهادئ ولديه سكون, و كان عاقلاً ومفكّراً, حتى أعداء الإمام مثل عبيد الله بن أحمد بن خاقان, كانوا يبيّنون في كتب التاريخ فضائل الإمام وأحواله, فمع كونه ناصبياً ومعادياً لأهل البيت إلا أنّه يمدح الإمام ويثني عليه فيقول: كان في سامرّاء رجل من العلويين يتّصف بهذه الصفات؛ كان مقدّما على الجميع, وكان أكثر الناس احتراماً, وكان ذا سكون ووقار, كان أعقل الناس وأحزمهم فكرا, وكانت هيأته كالجبل من شدّة والوقار, وكان العلماء والوزراء والكبار يحترمونه, كذلك الشيعة كانوا يحترمونه, وكان مقدّما على جميع العلويين, وكانوا ينعتوه بأنّه سيّدهم ورئيسهم, والحال أنّه كان هناك من أكبر منه سنّا في أوساطهم.
والآن حينما تذهبون إلى قبر الإمام, فإنّ منزل الإمام في سامراء هو مكان قبر الإمام علي النقي والإمام العسكري, وحضرة السيد حسين ولد الإمام الحسن العسكري حيث أنّه مدفون في الحضرة نفسها, كذلك حضرة السيد حكيمة خاتون وحضرة السيدة نرجس خاتون, فهؤلاء جميعا قد دفنوا في نفس منزلهم. وبعد ذلك تبدّل المنزل إلى رواق وضريح وصحن و... وهو قبر نوراني جداً, وفضاء نوراني، ومشهود جداً أنّه فضاء رحب ورفيع وعالي. وجميع ذلك من بركات وتجليّات الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وقد ذكر العلماء أحوال هذا الإمام بشكل مفصل, نعم بالنسبة لنا لم ينقل شيء معتدّ به عن الإمام ممّا يتوقّع نقله مفصلاً عن الإمام الحسن العسكري, وذلك ـ أولاً: ـ لأنّ عمر الإمام كان قصيرا, ثانياً: كان الإمام مبعداً و محجوراً عليه غالباً, ولم يكن بمقدور جميع الشيعة أن يصلوا إليه, لذلك فإنّ المقدار الذي نقله العلماء والمؤرخين من بيانات الإمام وكلماته قد نقلوه بشكل مفصّل ضمن كتبهم ومؤلفاتهم, وللعلماء شواهد على بيانات الإمام من جملتها بعض الروايات التي كنّا قد بينّاها سابقاً في المسجد وفي المنزل, وأذكر أنّه في السنة الماضية قد بينّا العديد من كلماته ورواياته بشكل مفصل.
ضرورة رعاية الدقة في الوقت حين الحضور والذهاب إلى مجالس أهل البيت عليهم السلام
واليوم, أودّ طرح على مسامعكم بعض كلمات الإمام عليه السلام, فيما يتعلّق بتفسير الآية الشريفة, والحقيقة أنّه لم يكن لديّ نيّة في التحدّث اليوم, وذلك أنّ ترتيب المجلس وفتح الباب وتنظيم الكتب وترتيبها من هنا إلى هناك وتجميعها ونقلها من هذا المكان إلى ذاك، وتسخين ((السماور)) ورفع الستائر وفتحها, وكنس الغرف، مضافاً إلى جميع الأعمال المرتبطة بالمجلس ممّا لا بدّ من فعله، ثمّ بعد ذلك لديّ العديد من الأعمال الأخرى, ولا أستطيع القيام بها جميعاً, فيجب أن أقوم بها, وبعد ذلك أتوجه إلى المسجد ليلاً, ثم بعد المسجد أذهب إلى منزل فلان الفلاني, وبعد ذلك أرجع إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل, ثم ننام ونستيقظ باكراً ونقوم بجميع الأعمال، لذلك ليس لدي القدرة على المحاضرة, كما وإنّي ألتمس من الإخوة, أنّه أيّ يوم يكون في هذا المكان مجلس, فما أن تصبح الساعة التاسعة على الإخوة أن يذهبوا ويتفرّقوا, ويأخذوا عوائلهم معهم, لأنّ المجلس محدود ما بين الساعة السابعة إلى التاسعة صباحاً. وبقاء الإخوة والأصدقاء وكذلك عيالهم إلى ما بعد الساعة التاسعة, موجب للتعب والإنهاك، وإذا ما استمرّ الأمر بهذه الطريقة فسوف نضطّر إلى تعطيل المجلس بشكل كلّي. لذا اقتضى التنبيه من الأول ولفت نظر السادة كي يلتزموا بهذه المسألة. فينبغي أن تنتهي الجلسة على رأس الساعة التاسعة, وأن تبدأ عند الساعة السابعة, نعم من الجيّد أن تتفضلوا أبكر من ذلك كي تتكرّموا بتناول الفطور, لا أنّ يأتي أحدكم الساعة الثامنة، ثم آخر عند الثامنة والنصف، وآخر عند التاسعة، و آخر عند التاسعة و النصف، و آخر عند العاشرة؛ فالنهج الذي نمشي عليه حالياً ليس عملياً, المؤمن هو المنضبط, وهو المنظّم, وأعماله تبتني على قواعد وأسس متينة.
لذلك فأنا لست جاهزاً للتكلم, ففي البارحة رأيت رؤيا جيّدة, وقد طمأنتني وأدخلت السرور على قلبي وها أنقل لكم, رأيت رؤيا مفصّلة ومبسوطة, وخلاصة مفادها أنّه يجب علينا أن نسعى ونعمل, كانت رؤيا جيّدة وكانت شاملة لجميع الإخوة أيضاً, فالإخوة شركاء في مضمون هذه الرؤيا.
ولكن حيث أنّ هذه الرؤيا لها علامات تدلّ على ارتباطها بهذا اليوم, وكذلك حضرة الإمام الحسن العسكري عليه السلام مع ما هو عليه من الخصوصيات التي منها أنّه والد صاحب الزمان, ومن جهة ثانية نحن مفتقرون ومحتاجون من جهة المنبر, يعني: نحن نريد شخصاً منبريّا ندعوه ليتحدّث ويخطب بنا, وأنا واقعاً متحيّر، يعني هناك شخص أو اثنان أو ثلاثة, يخطبون بعين عبارات الآيات القرآنيّة والروايات و... وهؤلاء غالباً مرتبطون بمجالسهم لعشرة أيام, ولديهم جلسات وارتباطات, وكلّما اتّصلُ بهم يقولون: أنا لا استطيع المجيء في هذا الوقت، وهناك البعض الآخر أصلاً نحن لا نرغب بهم. يأتون يتكلمون ساعة كاملة, ولا يفيدون شيئاً, فلا آية، ولا رواية، ولا خبر، ولا تفسير، يلقون بعض الحروف والكلمات وينتهي المطلب ويبقى الإنسان خالي اليد.
يعني صدقوني حينما أقول لكم: أنا محتاج جداً لأن أسمع موعظة؛ يعني: الإنسان يستمع واقعاً للموعظة، أو يذهب إلى منبر ويستقي من ذكر الله؛ فآنس وأسعد, وأستمع وأصغي وأطرب وآنس وألتذ, حيث أصغي إلى شخص محاضر يتلو القرآن, ويقرأ موعظة وأنا أصغي وأستمع. لذلك فإني محتاج أيضاً. وأما لو كان الخطيب لا يلقي مطالب مناسبة, فإني أشعر بالتعب, أصلاً كأنّه جبل يلقى على رأسي، فأشعر بالإنهاك والتعب، مثل حجر الطاحونة، هل رأيتم حينما يديرون حجر الطاحونة؟ فالقمح [المحترم] و [حضرة] الشعير وأمثال ذلك, كيف تطحن وتحدث صوتا! كذلك نحن ندق ونطحن تحت وطأة هذه المطحنة ولكن دون أن نتفوّه بحرف! وهو ما يسبّب التعب... وأما حينما ويشرع الخطيب ببيان الدعوة، الآخرة، يحركهم نحو الله، نحو الإمام، رواية، حكاية، سيرة الإمام، حينئذ يشعر الإنسان بالحياة. لذلك فإن هذه الرؤيا التي رأيتها جعلتني أقوى, حيث قلت حينما استيقظت: لا بدّ وأن أحاضر وأحقّق هذا المنام. لذلك نويت أن أتحدّث بشكل مختصر عن أحوال الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
شرح قوله تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون...}
فمن جملة بياناته الشريفة, ما ورد من تفسير للآية الشريفة:
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ـ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[
فللإمام الحسن العسكري عليه السلام بيانات حول تفسير هذه الآية, ونحن نخصّ مجلسنا اليوم بتفسير هذه الآية.
إنّ نص الحديث الذي ذكره كبار العلماء من أنّ الإمام العسكري عليه السلام رواه عن الإمام الصادق هو: ((وأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه تاركاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه)) فتلك الفئة من الفقهاء الذين يرتقون بأنفسهم إلى مقام المصونية والعصمة ويقومون بحفظ دينهم ويهجرون هوى أنفسهم مطيعين بنحو تام أمر مولاهم، هؤلاء يمكن لعوام الناس أن يقلّدوهم.
ما أكثر ما تطالعنا هذه الجملة في الكتب الفقهية وفي العديد من الكتب الأصولية، وهي إحدى الأدلة التي استُدل بها على وجوب التقليد في باب الاجتهاد والتقليد....!
هذا هو الحديث الذي تدور حوله أبحاث مفصلة وكثيرة عند الفقهاء....!
وهذه هي الرواية التي يذكرها المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي في مقدمة العروة الوثقى حيث يتعرض لباب الاجتهاد والتقليد...!
ولهذه الرواية معان راقية رغم ما يزعمه البعض من أنّها لا تدل على أكثر من العدالة، أي أن على المجتهد أن يكون عادلاً فحسب، وأن المراد من: "صائناً لنفسه حافظاً لدينه تاركاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه" هو شرطية العدالة، كما يستفيد ذلك المرحوم آية الله البروجردي وآخرون كالمرحوم السيد أبو الحسن الأصفهاني وأمثالهم حيث كانوا يقولون: لا يمكن أن يستفاد منها أكثر من العدالة.
إلا أنّ المسألة ليست كذلك، فبالتأمل فيها يمكن أن نستفيد منها معنى أرقى، لا مجرّد العدالة المتعارفة! ولا بدّ لمن يكون مفتياً ومقلَّداً أن يكون ذا نور إلهي مشرق في عقله، وأن يكون مصوناً منزّهاً عن كل المشتهيات التي تخالف رضا الله تعالى، أي عليه أن يدوس تحت قدميه كافة الأهواء ويصير بكله مطيعاً لأمر الله، هذا من يجب عليه أن يفتي، ومن لم يصل إلى هذه المرتبة فليس من حقه أن يتصدى لمقام الإفتاء.
لقد وردت هذه الرواية في سياق تفسير قوله تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب} والتي سأقرؤها عليكم اليوم، وقد ذكرها الشيخ الأنصاري في باب الظن للاستدلال على حجية خبر الواحد حيث يقول: إنّ آثار الصدق والواقعية مشهودة من مضامين هذه الرواية.
والرواية طويلة وسوف أنقلها لكم من مصدرها الأصلي: يروي الشيخ الطبرسي هذه الرواية في الاحتجاج حينما يصل إلى أحوال الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وهي من جملة ما ينقله بسنده المتصل عنه عليه السلام.
والآن أنصتوا جيداً إلى متنها حتى نصل إلى استشهاد حضرة الإمام العسكري عليه السلام بكلام الإمام الصادق عليه السلام في قوله: ((وأما من كان من الفقهاء))
وبالإسناد الذي مضى ذكره عن أبي محمد العسكري عليه السلام في قوله تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} وهذه الآية تتحدث عن اليهود وتقول إنّ طائفة منهم أميون لم يدرسوا وليس لهم نصيب من العلم وهم طبقة عوام الناس، وليس لهم أي اطلاع على التوراة سوى خيالات وأماني ألقاها إليهم علماؤهم وقد تعلّقوا بها واعتقدوا أنها كتاب الله وأنها التوراة على أساس من التلقين الباطل الذي أخذوه عن علمائهم. {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} يقول حضرة الإمام: ((إن الأمّي منسوب إلى أمّه أي هو كما خرج من بطن أمّه لا يقرأ ولا يكتب)) ويبقى علمه كذلك بلا زيادة أو نقيصة، لا يتعلم شيئاً ولا يطالع ولا يبحث، الأميون هم الجاهلون الذين ((لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء ولا المتكذّب به ولا يميزون بينهما))لايميزون بين التوراة الواقعية والتوراة المجعولة والمنسوبة كذباً إلى الله، لا يميزون بين الآيات التي أنزلها الله على حضرة موسى وبين الآيات التي يحرّفها علماء اليهود ويقدّمونها لهم، وكل ما يقال لهم أنه من عند الله يقبلون به. والله تعالى هنا يبين حقيقة هؤلاء الأميين ويقول: ما لهؤلاء العوام يقبلون كلام علمائهم دون أي تأمل وبحث!.
التفتوا جيداً, فلا نغفل عن استخلاص النتيجة.
إلا أماني؛ أي: ((إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم: إنّ هذا كتاب الله وكلامه)) فهؤلاء لا يعرفون شيئا من الكتاب إلا أماني!! ما المراد بالأماني؟ يعني: تلك الأقاويل التي يلقيها عليهم علماؤهم وكبراؤهم بما ينسجم مع سليقتهم وأفكارهم, فعلماؤهم يقولون لهم: هذا كتاب الله.. هذا كلام الله.
((لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه)) أي لو يُقرأ عليهم خلاف ما في كتاب الله فلا يلتفتون, ولا يفهمون أنّه على العكس من كتاب الله..
((وإن هم إلا يظنون أي ما يقرأ عليهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى الله عليه وآله في نبوّته وإمامة عليّ عليه السلام سيّد عترته. وهم يقلدونهم مع أنّه محرم عليهم تقليدهم)).
{وإنّ هم إلا يظنون}. ما المراد بذلك؟
يعني: ما يقوله لهم كبراؤهم ورؤساؤهم من تكذيب محمد من أنّ محمدا هذا الذي يدعي أنه مرسل من عند الله هو كاذب.. وذاك الذي وعد به موسى ليس هذا.. محمد ذاك شخص غير هذا, فمع كونهم يعلمون أنّه هو هذا بعينه, إلا أنّهم يقولون لعوامّهم: ما يدّعيه محمّد ليس صحيحا, ليس هو ذاك النبيّ الموعود. ما وعدنا به موسى والتوراة هو محمّد آخر وله صفات أخرى لا تنطبق على هذا الرجل, والحال أنّ محمد الذي أخبر به موسى والتوراة هو بعينه هذا النبي وتنطبق عليه كل الصفات والخصائص. ولكنّهم يحرّفون التوراة ويغيّرون تفسيرها بما يؤدي إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونفي نبوّته ((وإمامة عليّ عليه السلام سيّد عترته)) فـ عليّ عليه السلام عظيم عترته وسيّدها وأمير كل عترة النبي ((وهم يقلّدونهم مع أنّه محرّم عليهم)) فهم يقلدون علماءهم هؤلاء والحال أنّ تقليد هؤلاء العلماء حرام.
|