روي عن عيسى بن مريم (عليه السلام) : داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله ، وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله ، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله ، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه ، فقيل : يا روح الله وما الأحمق ؟.. قال : المعجب برأيه ونفسه ، الذي يرى الفضل كله له لا عليه ، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقاً ، فذاك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته
والاحمق هو من لن يعرف اين السعاده
ان السعاده هي من نفحات الله لعباده المؤمنين
إن مما نفهمه من مقالكم الكريم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها، ولا تعرضوا عنها)، أو (... ألا ترصدوا لها)، هو: إن البعض رزقه من النفحات في كل ليلة مرة واحدة، والبعض في أيام دهره له بعض النفحات.. وشتان ما بين هذا المرزوق في كل ليلة، وبين ذلك الذي لا يرزق إلا بين الفترة والفترة!.. وإن معنى (ألا فترصدوا لها): أي أن هناك حالة من حالات الانتظار، ليصل الإنسان إلى هذه النفحة من قبل الله عزوجل.
وهنيئاً لمن رزق النفحة كلما شاء ذلك!.. بجلوس في المحراب، يفترش سجادة العبادة، ويأخذ كتاب الدعاء ويقرأ، وإذا بدموعه تجري على خديه.. هنالك صنف من الناس كلما وقف للصلاة، أو قرأ الدعاء، أو كلمات من القرآن الكريم؛ فإنه يعيش هذا الجو من دون تكلف.. فهنيئاً لهذا الإنسان الذي يعيش هذه الحالة!.. ولا يخفى أن هذه ثمرة مجاهدات طويلة.. وفقنا الله وإياكم، لأن نكون من عباده الصالحين.فان الذة العباده هي جوهر السعاده الدائمة في شعور الانسان
إن العبادة لله - تعالى - ومناجاته، وبالخصوص في جوف الليل ؛ فإنها من أعظم اللذات التي لا تقاس بشيء، وفيها طعم لو ذاقه الناس ؛ لماتركوا قيام الليل.
فإن أولياء الله - تعالى - وأحباء ه الذين نالوا هذه النعم الروحية ببركة صلاة الليل، لأنها تخلق عندهم الاستهانة بالدنيا وملذاتها، فتكون الدنيا عندهم أحقر وأدنى قيمة من التراب الذي يطأونه بأقدامهم.. يقول الإمام الصادق (ع):
(لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله - تعالى - مامدوا أعينهم إلى ما متع به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها، وكانت دنياهم أقل عندهم مما يطأونه بأرجلهم، ولنعموا بمعرفة الله - تعالى - وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله.. إن معرفة الله أنس من كل وحشة، وصاحب من كل وحدة، ونور من كل ظلمة، وقوة من كل ضعف، وشفاء من كل سقم).
وكما ورد عن الإمام زين العابدين (ع): (قد كشف الغطاء عن أبصارهم، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم، وطاب في مجلس الأنس سرهم، واطمأنت بالرجوع إلى رب الأرباب أنفسهم، وقرّت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم، وربحت في بيع الدنيا بالآخرة تجارتهم).
ونريد ان نقول لمن لايعرف طرق السعاده عليه ان يتغير في سلوكه المخالفه لله تعالى
لا تظنن أن الرذائل النفسانية والأخلاق النفسية غير ممكنة الزوال.. إن ظنونا باطلة، توحيها إليك النفس الأمارة والشيطان، لكي تنحرف عن سلوك الآخرة وإصلاح النفس..
فما دام الإنسان في دار الزوال وعالم التبدل هذا, فمن الممكن أن يتغير في جميع صفاته وأخلاقه.. ومهما تكن صفاته متمكنة, فإنها قابلة للزوال مادام حياً في هذه الدنيا.. وإنما تختلف صعوبة التصفية وسهولتها، نتيجة شدة هذه الصفات وخفتها..
ومن المعلوم أن إزالة صفة حديثة الظهور في النفس، إنما يتحقق بقليل من الجهد والترويض, كالنبتة في أيامها الأولى التي لم ترسل جذورها إلى الأعماق بعد، ولم تتمكن من التربة.. ولكن إذا تمكنت تلك الصفة من النفس وأصبحت من الملكات المستقرة فيها، فإنه يصعب إزالتها, ورغم أن إزالتها ممكنه كاقتلاع شجرة ضخمة معمرة ضربت بجذورها في أعماق التربة.. فكلما تقاعست وأبطأت في مساعيك لاقتلاع جذور المفاسد من قلبك وروحك, ازداد تعبك وعناؤك يوم اجتثاثها
إن النظرية القرآنية تجعل لنيل السعادة الأخروية ركنين :
الأول : هو الروح الطاهرة.. وهذا ما يسمى بالحسن الفاعلي، الذي يدفع الإنسان نحو الخير..
والثاني : هو العمل الصالح.. وهذا ما يسمى بالحسن الفعلي.. وكلاهما يتبعا الاعتقاد الصحيح، فتأمل جيداً.عندما تكون مستعدا للتغيير فقل لب العزة عندما تكون مشرقاً في قلبي، تذرف دموع من عيني..
لا أدري؟!..
أهي دموع من خشيتك؟..
أم خجلة من ذنوبي، راجية مغفرتك؟..
أم فرحٌ بلقاء ك؟..
أم تعبٌ من البحث عنك فأجدك؟..
أو قد تكون حسرة على تلك اللحظة النادرة التي أحياها من أجلك؟..
يا أيها النور!.. أمكث في قلبي.. إني أتوسلك!..
إنها اللحظة التي أتذوق فيها السعادة الأبدية السرمدية!.. كلها بسبب حضرتك!..
إلهي!.. إني أكاد أذوب من عشقك!..
نسال الله ان يرزقكم السعاده في عز طاعته ويبعد عنك ذل معصيته انه لطيف خبير بالعباد