ليس غريباً أن يكون أسم المكان خلاف لحقيقته ولكنك وبالرغم من معرفتك السابقة بهذه الحقيقة لا تملك إلا أن تدهش وتستغرب بل وربما تصاب بالذهول لشدة ما أغواك اسم المكان. في أرض الزنوج مثلاً لا تتوقع إلا أن ترى زنوجاً إلا أن هذه ليست حقيقة ولكنك وبالرغم من معرفة ذلك تستغرب وجود غيرهم، وهذا ما حدث لي تماماً ففي رحلة بحث كنت قد بدأتها قبل مدة عن الشيعة في أفريقيا فوقعت تحت يدي الصورة التالية
تمعنت في الصورة جيداً فقلت في نفسي لا شك بأنها مسيرة عزاء خمسينية في زقاق من أزقة المنامة ولربما كان قد التقطها أحد الأفارقة عندما زار البحرين وهكذا انتقلت لأرشيفهم هناك، إلا أن صورة أخرى تبعت هذه أوقتني في حيرة أكبر فوجوه الأطفال في الصورة كانت شرق أوسطية بامتياز بالرغم من أن التعليق تحتها يقول بأنها التقطت في الزنجبار (اسمها مشتق من الفارسية "زنج بار" بمعنى أرض الزنوج)!!!0
بعد رؤية الصورة السابقة تأكدت من أن جالية شرق أوسطية شيعية كانت قد هاجرت للزنجبار ولم تكن تلك الصور إلا لمراسم عزاء حسينية تقيمها تلك الجالية سنوياً (ربما كان ذلك زفاف القاسم) فتوارد إلى ذهني كما قد يتوارد إلى أذهان القراء بأنهم لا بد وأن يكونوا من العمانيين إذ أن تلك البلاد كانت تحت حكم سلاطينهم حتى 1964 عندما ثار السود وحرروها. إلا أن الاستقصاء أوصلني إلى أن من تبقى من العمانيين هناك هم مسلمون يدينون بالأباضية مع بعض الشوافع وقليل من الوهابية وليس لهؤلاء مراسم كالتي يقيمها الشيعة ما تطلب مني جهد آخر لمعرفة أصل تلك الجالية الشيعية الشرق أوسطية الأصول التي تسكن الزنجبار،،، بعد بحث ومحاولات اتصال عديدة بمسلمين شيعة في الزنجبار استطعت التعرف على أحدهم ومراسلته فأخبرني بأن الشيعة هناك إما هنود اسماعيلية تحولوا للإثني عشرية بعد قدوم علماء عرب من بلدان خليجية (البحرين والإحساء بالتحديد) أو شيعة إثني عشرية عرب من أصول بحرانية يقيمون مآتمهم في مأتم يسمى "ماتم البحراني" أو "ماتمنه" (بكسر النون وبلهجة أقرب للمنامية).
أحدث صورة استطعت الحصول عليها وهي لمجموعة من البحارنة تصعد السلالم لدخول المأتم ويبدو بأن المأتم قد اغلقت أبوابه بعد الإبادة الجماعية التي مارسها السود ضد المسلمين والهنود والعرب في الجزيرة سنة 1964 عندما دخلت قوات الثوار للجزيرة قادمة من تنزانيا وقتلت ما لا يقل عن 12000 عربي ومسلم انتقاماً من تجارة العبيد التي كان يمارسها بعض العرب هناك.
يذكر أن من أعلام الجالية البحرانية هناك أحمد بن نعمان بن محسن الكعبي البحراني الذي يقال بأنه أول عربي سافر إلى أميركا في العام 1839 ووصل إلى نيويورك في العام التالي على رأس بعثة من السلطان السيد سعيد للمفاوضة مع تجار نيويورك حول تجارة التوابل.(في الأسفل صورة أحمد بن نعمان بن محسن الكعبي البحراني كانت قد رسمت له في نيويورك لشدة اعجابهم
واحتفائهم به)0
كلما اقرأ في التاريخ ازداد غضبا ، وكلما يحدثني الكبار عن ما جرى ازداد حنقا ، الكبار لا يعرفون من أين يبدأون ولا من أين ينتهون ، ولا أين يتوقفون ليأخذوا راحة وبعدها يكملون ، وعلينا ان نعظم الطغاة وتاريخهم الحافل بالظلم والقهر والسخرة ليصبح تاريخا ساطعا مملوءا بالكذب والغش والنفاق .
نعم أحفظ روايات أبي عن أباه عن السخرة ، كيف كانوا يقودون جدي مكرها مظلوما مغلوبا على امره في "السخرة " وعلي ان اشكر الظالم على ظلمه
عودا على نفس الموضوع ، نقل لي احد مدراء الاقسام في طيران الخليج بانه واثناء اعداداتهم لفتح فرع جديد لمكتب الشركة في زنجبار قام هو بجولة سياحية في تلك المدينة ، وفوجأ أثناء تجوله باحد بلدانها انه رأى عبارات من قبيل ، "السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين" كتبت بنفس الطريقة البحرانية ورأى أيضا "مأتم فلان بن فلان البحراني" ، رآها تتكرر كثير وكثيرا في تلك البلدة فسائل المرشد السياحي عن هذه البلدة فأخبره بأن أهلها سكنوا هذه المنطقة قادمين من عمان منذ اكثر من مائة سنة وأن أصولهم بحرانية تعود الى البحرين
كنت اتحدث مع صديق لي عماني واخذ يسترسل لي في اصول عمان حتى وصل الى الحالة الشيعية واخذ يصنف بضع آلاف تعود أصولهم الى البحرين هربوا من الظلم والخوف على الاعراض ليسكنوا عمان ، هؤلاء الآن محترمين في عمان ولكن لو كانوا بيننا لربما كانوا بدون
في احدى زياراتي لمنطقة القديح بالقطيف التابعة للمنطقة الشرقية في شبه الجزيرة العربية اخذت اتسامر مع كبار السن واخذوا يعددون لي النسب والفواصل بينهم وبين البحرين ويسألوني عن ابن فلان وعلان وانسابه ، وانه ابن عم او ابن خال او قريب لأحدهم يسكن في قرانا ، أخذوني في جولة الى معالمهم وذهبت الى المقبرة فرأيت بعض القبور لعلماء بحارنة من ضمنهم الشاعر الفقيه الشيخ حسن الدمستاني ، صاحب قصيدة احرم الحجاج
نقل السماهيجي الموجود في برلمان الحكم ان أهالي السنابس المتواجدين بالقطيف اصولهم في الاصل ترجع الى البحرين وان هجرتهم كانت بسبب الظلم ، فتذكرت صديقي عبدالرضا البحراني (وهذا لقبه هناك ) واسترجعت ذاكرتي وسألتها لماذا كان يتمنى الزواج ببحرانية ويسعى لذلك وكان سعيه في كل مرة يفشل
اكثر من شخص من طلبة الحوزة في قم نقلوا لي ان هناك قرية في المحمرة مسكونة بالبحارنة وان تعدادها يفوق المائة والخمسين ألفا حاليا ، يتكلمون البحرانية وامتداداتهم في كثير منها معروفة وقد هاجروا في خلال المائتين عام الماضية
كعادتي سنويا احب زيارة الامام الرضا ولكن بالشتاء وكعادتي في الشتاء الفائت كنت هناك وكان سائق التاكسي من عرب عبادان ولما عرف أننا من البحرين أخذ يروي لنا ( أنا واصدقائي ) حول بعض العائلات البحرانية التي سكنت عبادان وأن أكبر عالم محترم لديهم اسمه "السيد الغريفي " وان امتداداته لازالت تزوره وذكر أيضا "المحفوظ" من قرية بني جمرة
نقل لي أحدهم عن عديله المهتم بالتاريخ انه ذهب الى جزيرة "لنجة " واستعجب اكثر عندما رآهم يتكلمون البحرانية في جزيرة فارسية وان مآتمهم وكل ما فيهم مشابه لما هو موجود لدينا في البحرين
تكلمت مرة مع احد ابناء الفردان فأخبرني عن اصول بعض العوائل الشيعية والمحترمة لدى الحكم في الامارات وامتداداتها فأخبرني أنها قادمة من لنجة وقبل لنجة كانوا بالبحرين
أبي وعمي نقلا لنا أن أحد أولاد جدنا هاجر الى البصرة خوفا من الظلم والبطش الذي مورس في حق البحارنة في تلك الفترة ، وسمعنا أخبار ان هناك عائلة من امتدادات عبدالامام في البصرة
كنت استغرب ان يكون في قطر زقاق يسمى (فريج البحارنة) وبعد ذلك اكتشفت انه اضافة الى ان لفظة البحارنة تطلق على الشيعة في الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية ، إلا أن اولئك كانت اصولهم تنتمي الى البحرين
استغربت وأنا أقرأ في تاريخ ثورة المستبدة والمشروطة أن أحد الفقهاء الثلاثة الذين ساهموا في تأجيج الثورة هو بحراني كان قد ذهب الى ايران هربا من الظلم
اتذكر اني كنت طفلا أخذوني الى مقبرة الشاه جراغ في شيراز وأروني قبرا قالوا لي أنه قبر لعالم شيعي بحراني ، عرفت فيما بعد أنه السيد ماجد الصادقي البحراني صاحب مدارس آل الصادقي العريقة في منطقة الشاري في جدحفص
عندما كنا نهم بزيارة العراق كانت الوصايا لا تنسى زيارة الشيخ يوسف البحراني في كربلاء والوصف الدقيق الى مكان قبره
أتذكر في عام 1991 في احدى زياراتي الى ايران كيف رأيت في "بازار حجي آغا " مأتم كتب عليه "مأتم البحارنة" ولازلت أتذكر ذلك الكبير في السن الذي كان يدير المأتم من اكل وعزاء كما هو لدى البحارنة
الآن أسمع أخبارا غير متأكد منها أن هناك قرية بحرانية في احدى الجمهوريات المتحررة من الاتحاد السوفييتي اصولهم بحرانية ولكنهم هناك متواجدون
بعض العوائل التجارية في المنامة كانت ولا زلات تحكي عن هجرات وسكن في الهند وبومباي من قبل ابناء التجار ، كمنديل والعريض ، وبالصدفة اكتشفت احدى الباحثات كتاب مرمي على الطريق في احدى معارض الكتب المنتشرة في الهند اسمه " أرض النخيل" فقامت بترجمته وكان وثيقة تاريخية اعتقد الجميع انها ضاعت
الكويت ينقل لي من درس هناك ان هناك عائلة كبيرة اسمها عائلة البحراني وفي الحقيقة هي "العصفور"
وايضا عودة على زيارتي للعراق ، في كل منطقة حططنا رحلنا فيها كنا نسمع عن عوائل من اصول بحرانية تسكن ، النجف وكربلاء ومن أتى من النجف اخبرنا عن بعض العوائل الموجودة هناك تحمل صفة بحراني
كنت اسائل نفسي لماذا في كل مدينة امضي ارى فندق البحرين ، رأيته في الإمارات وفي شيراز وفي مشهد وفي طهران وفي قم ، ورأيت زقاقا كانوا يسمونه سوق البحرين في سوق طهران الكبير والآن يسمونه سوق الخليج ،
لما أن طلب عبدالله المدني من الحكم انشاء مستشفى ومدرسة في منطقة جدحفص قام الحكم باعطائهم ارض مغصوبة تعود الى عائلة السيد ماجد الصادقي ، فاضطر العلماء الى السفر الى القطيف لاخذ اجازة من اولاده لانه كان قد طرد من البحرين قبل مائتين عام تقريبا
ينقل لي احد طلبة قم ان جزيرة كيش التجارية الإيرانية حكامها هم من آل كيش وهم عائلة بحرانية واصلها (القيسي) وعائلة القيسي الموجودة هنا هما امتداد متواصل
كل ما ذكرته هو تم نقله لي او شاهدته بعيني وانا فرد واحد لم ابلغ الثلاثين بعد ، اي انني لازلت صغيرا ، وما خفي عني مما لا شك فيه أعظم ، ولازلت اسأل ماذا بقي اكثر لم اعرفه عن هجرات البحارنة ، أبي يتذكر ان احد اهم اسباب الهجرة هو الحفاظ على العرض ولازالوا يتذكرون اسماء لنساء عجائز في منطقتنا كانوا قد هربوا بهم الى القطيف
ماذا يجب ان اعرف من ظلم آخر
...
أخبرتني جدتي أنها سمعت عن جدتها أنهن رحلو ا في ظلام ومن ضمنهم جدتي أيضا وكان عمرها سبع سنوات
إلى لنجة في إيران , وتحكي لي أن أهل البحرين والنسب إلى البحرين بحراني هذا نحويا وليس بحريني لأن حرف الراء عليه فتحة ومد الفتحة هو الألف وليس الياء ولدى نرى صعوبة في اللسان عندما ننطق بحريني فالبحارنة أي الشيعة هم الأصل وعندما جاء آل خليفة أدخلوا السنة معهم وتقول جدتي أن عليا عليه السلام يوصي أصحابه بالمجيء للبحرين . تقول جدتي أن جميع أهلها من توبلي وجدي وأهلها يعرفون البحر ويعملون في التجارة ويذهبون للهند وسواحل إيران وشواطيء الخليج العربي حتى أفريقيا . وعندما جاء آل خليفة إلى الآباء والأجداد ويعتون على شرفهم وعرضهم فيأتون للعالم وجلّ أهل البحرين علماء ورجال دين فيخبرون هذا العالم بأننا معزومون في بيتك أي المراد نريد الاعتاء على شرفك . مما جعل العائلات وكلهم لهم باع في البحر ويمتلكون سفنا ويسمونها محملا وكان جدي ينسب لعائلة البنادرة في توبلي والبندر معناه الميناء فهربت عائلة جدي إلى لنجة حيث الحكم شيعي وبعد أن جاء والد الشاه المقبور شاه إيران فأجبرهم بخلع الحجاب والجلوس في المقاهي مع الرجال والتدخين ولبس القبعات والرجال أجبرهم بخلع العمائم ولبس القمصان وربطات العنق فعند ذلك اضطروا مع عائلات بحرانية كثيرة كالسماهيجي والفردان والشيبة وغيرهم الكثير وقطنوا دبي وبعضهم قطر وعمان والساحل الأفريقي فخالتي تزوجت من عمان من أهلنا وعندما زرناهم اخبروننا أن الملاح الكبير أحمد بن ماجد الذي أرشد المكتشف كرستوفر كولمبس إلى طريق الرجاء الصالح هو من عائلتهم وينتسب لأبناء خالتي وجوازهم مكتوب فيه فلان بن فلان البحراني ولدي أخت من أمي تقطن سلطنة عمان فوالدها عماني ولديهم أهل في زنجبار حيث رأيت جدهم بشرته بيضاء وعنده أولاد كالأفارقة فأخبروني أن إحدى زوجاته سوداء فعم أختي أسمر وزوج أمي السابق أبيض ولدي أخوال في دبي ويعيشون هناك وجنسياتهم إمارتية وأمي وخالاتي يسكنون البحرين وجنسياتهم بحرانية .
....
صورة زنجبارية التقطت في الستينيات
أليست هذه هوسة بحرانية؟
وهل تعرفون من يؤدي شعائر عاشوراء بهذه الطريقة غير البحارنة؟
أخبرتني صديقتي التي كانت تسكن منطقة النعيم ومنذ عام 1980 صارت تسكن في دبي بعد وفاة والدها الذي أصله من النعيم وحصلت على فرصة الدراسة الجامعية والعمل هناك وما أخبرتني به أن في سيرلانكا قرية بكاملها من البحارنة وسألتها كيف حصل ذلك ؟ لقد سمعنا عن هجرات إلى الهند وجاليات بحرانية كثيرة فيها ولكن لم نسمع عن سيرلانكا . فأخبرتني أنه لما جاء الحكم الخليفي ليعتدي على أعراض الناس فروا في هجرات متتابعة خشية من انتهاك العرض وكانت السفن تسير في البحر وعوامل الجو من ضباب وغيره حالت الرؤيا عن بعضهم وضلوا الطريق - حيث كانت وجهتهم الهند لأنهم على علم بها حيث كانوا تجارا - فوصلت سفنهم إلى سيرلانكا وكانت تسمى سرنديب وبعدها سيلان والآن سيرلانكا فاستقر بهم المقام هناك .
ربما نجد البحارنة في سنغافورة والفلبين والصين ولا عجب فشيعة أهل البيت مثلهم مشردون في جميع الأصقاع.
لقد سمعت من إذاعة طهران أن ابنا للإمام الكاظم عليه السلام مدفونا في سنغافورة وله ضريح هناك واسمه سيد حبيب .
...
ان النسبة الكبير هاجرت من البحرين بسبب الظلم معظمهم هاجر الى المحمرة والبصرة وقد تفوق النسبة العددية سكان البحرين ماهم متواجدين في العاق لوحده .
نحن عائلتين ال البلادي والمحاري ، كان جدنا لامنا حاج منصور الشيخ علي واولاد عمه موجودين بالمحمرة وهو تاجر كبير ، ولنا اتصال مع عائلة الحاج عباس السماك في المنامة وقد كان احد اولاد عمنا من ال البلاديس يتواصل معهم ويزور البحرين وهم كانونا عند قدومهم لزيارة العتباة تالمقدسة اواسط الستينات يزوروننا وكنا في عهد الشباب ولكن مع الاسف لم يواصلنا الاهل معهم ، ونحن قبل خمسة سنوات اتصلنا مع البعض بالقديح ولا نزال نتواصل معهم .
....
ينقل لي احد طلبة قم ان جزيرة كيش التجارية الإيرانية حكامها هم من آل كيش وهم عائلة بحرانية واصلها (القيسي) وعائلة القيسي الموجودة هنا هما امتداد متواصل
في قرية سماهيج يعيش عدد من عائلة المعتوق كانوا لفترة من الفترات في جزيرة قيس او كما يسميها الفرس كيش
و يحكي لي احد كبار هذه العائلة بأنه لازال عدد كبير من افراد عائلتهم يعيشون في تلك الجزيرة
اصولهم بحرانية و هاجروا الى قيس و استقروا فيها و لهم فيها مزارع و املاك لكن بسبب مضايقات الشاه البهلوي لهم عاد جزء كبير منهم الى البحرين و بقى الجزء الاخر
و فعلا ، قبل عام زار بعض ابناء عائلتهم ممن لازالوا يعيشون هناك و كان مع احدهم الجواز البحريني القديم ذو الحجم الكبير
و يقول بأن لديهم مأتم معروف في الجزيرة يسمى مأتم البحارنة و ايضا هناك سوق بأسمهم